مع دخول الساحة السياسية الفلسطينية في حالة تجاذب وتوتر متصاعد بعد تأجيل الانتخابات، نسلط ” الضوء على إمكانية الاستفادة من هذا القرار في بناء برنامج ورؤية وطنية فلسطينية شاملة لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي وترتيب البيت الفلسطيني الداخلي.
ومساء الخميس الماضي، قرر رئيس السلطة محمود عباس تأجيل الانتخابات الفلسطينية العامة؛ التي سبق أن أعلن عن تنظيمها في مرسوم رئاسي صدر بتاريخ 15 كانون الثاني/ يناير 2021، بعد مرور نحو 15 عاما على الانتخابات الفلسطينية العامة الأخيرة.
واعتمدت لجنة الانتخابات المركزية، 36 قائمة انتخابية متنوعة، حزبية وعشائرية ومستقلة، سجلت من أجل التنافس لخوض الانتخابات التشريعية الفلسطينية التي كانت مقررة في 22 مايو/ أيار 2021.
رؤية فلسطينية
وعن إمكانية وكيفية الاستفادة من قرار تأجيل أو إلغاء الانتخابات العامة للتوافق على برنامج وطني فلسطيني لمواجهة الاحتلال، قال رئيس مركز القدس للدراسات المستقبلية التابع لجامعة القدس، أحمد عوض: “هذه قضية مهمة جدا، وسؤال وطني كبير، وعلينا أن نجعل من تأجيل الانتخابات، بداية جديدة ونقطة انطلاقة لبناء برنامج وطني؛ داخلي وخارجي”.
وشدد في حديثه ، على ضرورة “فتح الباب أمام مشاركة سياسية واسعة، وعدم إغلاق الباب أمام هذه المشاركة، خاصة أن هناك تعددا في المجتمع الفلسطيني، إضافة للدعوة إلى وحدة وطنية من أجل الذهاب على الأقل لرسم المستقبل القريب لشعبنا”.
ونبه عوض إلى أهمية “الاتفاق على العديد من القضايا منها؛ المقاومة الشعبية، ترميم منظمة التحرير الفلسطينية وإدخال كل أطياف الشعب الفلسطيني إليها؛ وكأنها بديل عن الانتخابات، والعمل على دمج كافة الأطر السياسية والمجتمعية من أجل إشراك الجميع في العمل الوطني”.
ولفت إلى أن “تأجيل الانتخابات، من الممكن أن يساهم في إعادة ترتيب الأوراق من جديد والبيت الداخلي لكل الفصائل؛ فتح وحماس وغيرها”، منوها إلى أهمية “عقد اجتماع وطني كبير للمجلس الوطني بمشاركة كافة الجهات في أي مكان في العالم، من أجل إعادة الانطلاق ورسم المستقبل وطرق العمل الفلسطيني”.
وأضاف: “من ناحية حركة فتح؛ لماذا لا تعقد مؤتمرها الثامن، وتعمل على ترتيب أوراقها جيدا؟”، منوها إلى أهمية التوجه لدول العالم والدول العربية المطبعة مع الاحتلال، “الذين ظهر نفاقهم جميعا، لأنهم لم يقوموا بالضغط الكافي على إسرائيل، وبالتالي عليهم تحمل مسؤولية عدم إتمام العملية الديمقراطية الفلسطينية”، بحسب رأيه.
من جانبه، قال الباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية منصور أبو كريم: “دائما كانت قضية الاتفاق على البرنامج الوطني والاستراتيجية من القضايا الجوهرية، التي يجب الاتفاق عليها لتحديد الخطوط العريضة في إطار البحث عن القواسم المشتركة بين الفصائل والقوى السياسية الفلسطينية لمواجهة الاحتلال وإجراءاته، وتمهيد الطريق لحل باقي الخلافات الأخرى”.
ومن أجل تحقيق ذلك، رأى أبو كريم في حديثه ، أنه يمكن أن يتم من خلال “حوار وطني جاد وشامل يشارك فيه الأمناء العامون، لوضع رؤية فلسطينية وطنية شاملة، تجيب على التساؤلات الرئيسية”.
فرص متاحة
وأوضح أن من بين تلك التساؤلات والقضايا، “ما هو الهدف العام للنضال الوطني الفلسطيني؟ وما هي الأدوات والأساليب المناسبة لتحقيقه؟ وكيفية تطوير وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير؟ وما هو دور ووظيفة السلطة الفلسطينية؟ وشكل وطبيعة العلاقة مع الاحتلال؟ وكيفية الخروج من المرحلة الانتقالية؟ والعلاقة بين مكونات الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج؟”.
وأكد الباحث، أن “الإجابة عن كل هذه التساؤلات، يمكن أن تساهم في الاتفاق على رؤية وطنية وبرنامج عمل، ووضع استراتيجية تحدد الأدوات والأساليب المناسبة في ضوء الواقع الدولي والإقليمي”.
ونبه أن “الاتفاق على برنامج وطني ورؤية وطنية للمرحلة المقبلة، بحاجة إلى حوار وطني جاد وشامل وبحاجة إلى إرادة سياسية حقيقية، وإلى عدم رهن الموقف الفلسطيني للوضع الإقليمي خاصة في ظل اشتداد صراع المحاور”.
من جهته، أكد الكاتب والمحلل السياسي، حسام الدجني، أن “الكتل المشاركة في الانتخابات والتي تعتبر أجساما شرعية، تستطيع أن تفرض نفسها على المعادلة السياسية، ويكون لها دور في رسم الخارطة السياسية المستقبلية، وأيضا البحث في كافة الخيارات التي تصب في صالح مشروعنا الوطني”.
وأوضح في حديثه، أنه “لا يوجد أحد يتوافق على ربط الانتخابات بإرادة الاحتلال، وهذا يعني أنه لا يوجد انتخابات، وإنما سنبقى أمام حكم الفرد؛ وهذا مرفوض، ولذلك كل الخيارات مطروحة إذا كانت تصب في الصالح العام، ولكن هذا يخضع لحالة التوافق ما بين القوى الفلسطينية”
ورأى الدجني، أن قرار عباس تأجيل الانتخابات هو في الحقيقة “إلغاء، بدليل قرار رئيس الوزراء (محمد اشتيه) عودة الموظفين لأماكن عملهم، إضافة لعدم إمكانية موافقة الاحتلال على إجراء الانتخابات، حتى لو ضمنت إسرائيل فوز حركة فتح والرئيس عباس، وحتى إن شكلت حكومة إسرائيلية؛ وهذا تقدير من المهم أن يبنى عليه”.
وعن كيفية الاستفادة وطنيا من تأجيل أو إلغاء الانتخابات، قال: “عندما نتحدث عن أكثر من 20 كتلة انتخابية ترفض التأجيل وترفض قرار الرئيس، وعندما نرى أن معظم الفصائل الفلسطينية الفاعلة باستثناء الصغيرة منها؛ ترفض التأجيل، يتضح أن هناك فرصة حقيقية لصناعة تكتل وطني لمواجهة الاحتلال وأي احتكار للسلطة وفرض إرادة الشخص على إرادة الشعب، وهذا يتطلب تنسيق المواقف وتغليب الجميع للصالح الوطني على الحزبي الخاص”.
عربي ٢١