حرامي الأرض وما عليها

سرقات الاحتلال من الفلسطينيين خلال معركة “طوفان الأقصى” حلقة في تاريخ نهبه الأرض والتراث والهوية

تطال السرقات الإسرائيلية كل ما هو مادي وحتى معنوي في فلسطين، ولا يسلم الفلسطينيون منها أحياءً أو أمواتاً، فأرضهم تُسرق، وأموالهم تسرق، وحتى جثثهم تسرق، وهذا ما يشهده قطاع غزة خلال العدوان الإسرائيلي على سكانه. يرصد “عربي بوست” في هذا التقرير السرقات الإسرائيلية التي تمت منذ بداية عدوان الاحتلال على قطاع غزة، في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بعد عملية طوفان الأقصى، مستعرضاً إياها، وكيف تأتي في سياق سرقاته منذ النكبة 1948، وإعلانه “دولته” على أراضي الفلسطينيين

سرقة الأموال والذهب

قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بسرقة أموال ومصاغ ذهبية من غزة، قُدّرت قيمتها بنحو 25 مليون دولار، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وذلك بحسب المكتب الإعلامي الحكومي في القطاع.

عمليات السرقة جاءت على أكثر من طريقة، إذ كانت الأولى أقرب بصورة قطاع الطرق، على الحواجز، مثل شارع صلاح الدين، ليسرق جنود الاحتلال من النازحين الفارين من شمال وادي غزة نحو الجنوب، حقائبهم التي تحتوي على ممتلكاتهم الثمينة، مثل الأموال والذهب والمصاغات.

تمثلت الطريقة الثانية، وفق المكتب الحكومي، في السطو على المنازل التي طلبوا من سكانها الخروج منها. عدد من الصحف العبرية وثقت هذه الجريمة، لتصفها صحيفة “يديعوت أحرونوت” بـ”السرقة الممنهجة لأموال الغزيين”، التي قالت إنه منذ بداية الاجتياح البري للقطاع، استولى الجيش الإسرائيلي على 5 ملايين شيكل (أكثر من مليون و300 ألف دولار)، تم تحويلها إلى القسم المالي في وزارة الحرب، لكنها حذفت التقرير في وقت لاحق

سرقة أعضاء الشهداء

وثّق كذلك المكتب الإعلامي الحكومي في غزة سرقة الاحتلال أعضاء من جثامين شهداء فلسطينيين من شمالي القطاع، داعياً إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة.

استند في اتهامه لقوات الاحتلال إلى جثامين نحو 80 فلسطينياً قتلهم الجيش الإسرائيلي واحتجزهم لفترة خلال عمليته البرية المتواصلة في شمالي القطاع، منذ 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وقام بتسليمها بالتنسيق مع الأمم المتحدة.

وأكد أنه “بعد معاينة الجثامين، تبين أن ملامح الشهداء مُتغيرة بشكل كبير، بسبب سرقة الاحتلال أعضاء حيوية من أجساد هؤلاء الشهداء”.

كرر الاحتلال احتجاز جثامين الشهداء أكثر من مرة خلال حرب الإبادة الجماعية في غزة، كما قام سابقاً بنبش قبور في جباليا (شمالي القطاع) وسرق بعض جثامين الشهداء منها، بحسب المصدر ذاته.

دعا المكتب الإعلامي الحكومي إلى “تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة في اختطاف جيش الاحتلال جثامين الشهداء وسرقة أعضائهم الحيوية”، مؤكداً أن “إسرائيل لا تزال تحتجز جثامين عشرات الشهداء من غزة”.

هذه ليست المرة الأولى التي يُتهم فيها الاحتلال بسرقة الأعضاء من جثث الفلسطينيين، فقد أكدت العديد من التقارير الإعلامية الغربية قيامه بذلك بحق الشهداء الأسرى في سجونه.

أول من أثار الموضوع على مستوى عالمي صحيفة “افتونبلادت” عام 2009، وهي أكثر صحف السويد اليومية مبيعاً، والتي كشفت عن سرقة “إسرائيل” لأعضاء فلسطينيين.

وقالت الصحيفة إنه في حوادث تعود إلى عام 1992، اختطف الجنود الإسرائيليون شباناً فلسطينيين، وأعادوا جثثهم المقطعة بعد أيام وقد سرقوا منها أعضاءهم. أكدت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان في إسرائيل أن الاحتلال يقوم منذ أكثر من 25 عاماً بسرقة أعضاء وجلود الفلسطينيين الشهداء الأسرى في سجونه، وسط نفي إسرائيلي

حتى المثلث الأحمر

سرقات الاحتلال امتدت إلى الحرب الإعلامية والنفسية، إذ كان من اللافت سرقة المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، “المثلث الأحمر” الذي تستخدمه كتائب، القسام الذراع العسكرية لحركة حماس، في الإشارة إلى الأهداف التي تدمرها للجيش الإسرائيلي.

استخدم أفيخاي المثلث الأحمر في تغريدات عدة تظهر فيها فيديوهات لعدوان الاحتلال الإسرائيلي على مناطق المدنيين في غزة باعتبارها أهادفاً، ووضع إشارة المثلث الأحمر عليها، ما أثار سخرية كبيرة في مواقع التواصل الاجتماعي.

رمز “المثلث الأحمر” المقلوب تصدر وسائل التواصل الاجتماعي، للإشارة إلى الرمز الذي تستخدمه حركة “حماس” في مقاطع الفيديو التي تنشرها حول عملياتها ضد جيش الاحتلال، حتى أن المواطنين في الدول العربية استخدموا الرمز كأيقونة فلسطينية للتعبير عن دعمهم للفلسطينيين أمام العدوان الإسرائيلي.

بعد موجة السخرية منه، نشر أفيخاي فيديوهات أخرى بالفكرة المسروقة ذاتها، ولكن هذه المرة بمثلث أزرق مقلوب، أي بلون علم الاحتلال، الأمر الذي قوبل بسخرية أكبر.

بعد موجة السخرية منه، نشر أفيخاي فيديوهات أخرى بالفكرة المسروقة ذاتها، ولكن هذه المرة بمثلث أزرق مقلوب، أي بلون علم الاحتلال، الأمر الذي قوبل بسخرية أكبر.

انتشر أيضاً على مواقع التواصل مقطع فيديو لجندي إسرائيلي يعزف على آلة غيتار، ويغني فوق ركام أنقاض المنازل التي دمرها جيشه، في غزة، بعد تشريد أهلها منها. الجندي يدعى متان كوهين، نشر بنفسه الفيديو الذي يظهر فيه يعزف على الجيتار المسروق، لكن المفاجأة كانت فيما كشفه عازف موسيقي فلسطيني يدعى حمادة نصر الله، مؤكداً أن الآلة الموسيقية تعود له، وأنها “الذكرى الأخيرة” من والده المتوفى عام 2014، الأمر الذي دعا الجندي الإسرائيلي إلى حذف المقطع من حسابه، بعد تعرضه لانتقادات كبيرة

سرقة الأرض

وفق الخريطة التالية :

المصدر: بتسيلم

.

.

بناء 10 بؤر استيطانية جديدة في الضفة

شق 18 طريقاً جديداً أقيمت من قبل المستوطنين 

تهجير مئات الفلسطينيين بشكل قسري

عقب أكثر من 3 شهور من العدوان على غزة، شهدت مناطق الضفة الغربية طفرة غير مسبوقة في الأنشطة الاستيطانية، بما في ذلك بناء البؤر الاستيطانية والطرق والأسوار وحواجز الطرق.

أكدت ذلك مؤسسة “السلام الآن” الإسرائيلية، وقالت: “المستوطنون منذ بداية الحرب في غزة أنشأوا أو أعادوا إنشاء ما لا يقل عن 10 بؤر استيطانية، تم إخلاء بعضها في الماضي ثم أعيد بناؤها”.

وثقت ما لا يقل عن 18 طريقاً استيطانيةً جديدةً أقيمت من المستوطنين، موضحةً أن “رصف هذه الطرق يتيح الاستيلاء على مناطق جديدة واسعة النطاق على طول مسار الطريق، ما يشكل منطقة لا يمكن للفلسطينيين الوصول إليها بسبب وجود المستوطنين، وسهولة وصولهم إلى المنطقة”.

أشارت أيضاً إلى “استغلال المستوطنين للأشهر الثلاثة من الحرب، لفرض وقائع على الأرض والسيطرة بشكل فعال على أماكن واسعة في المنطقة (ج)، وأن المستوطنين باتوا يقررون مكان بناء الطرق والبؤر الاستيطانية بشكل مستمر، متجاهلين الوضع القانوني للأرض، ويقيدون حركة الفلسطينيين في الضفة”.

في حين تعتبر الأمم المتحدة الاستيطان الإسرائيلي غير قانوني، وتدعو دون جدوى إلى وقفه.

أما وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير فدعا إلى “إطلاق العنان لإقامة مزيد من البؤر الاستيطانية” غير الشرعية في الضفة الغربية، وشن عملية عسكرية واسعة يتم خلالها القضاء على آلاف الفلسطينيين إذا لزم الأمر.

جاء ذلك في تصريحات أدلى بها بن غفير خلال زيارته بؤرة “إفياتار” الاستيطانية، فوق جبل صبيح في بلدة بيتا جنوب نابلس شمال الضفة.

وقال: “أريد أكثر بكثير من المستوطنة هنا، وينبغي أن تكون هنا مستوطنة كاملة، وليس هنا فقط، وإنما في جميع التلال من حولنا”.

مؤخراً، عاد عشرات المستوطنين إلى بؤرة “إفياتار” الاستيطانية التي كان جيش الاحتلال الإسرائيلي أعلن إخلاءها منتصف 2021، واعتبرها منطقة عسكرية.

معظم البؤر الاستيطانية غير الشرعية والمخالفة حتى للقانون الإسرائيلي، يقيمها مستوطنون متطرفون يطلقون على أنفسهم جماعة “شبيبة التلال”، وهي المسؤولة أيضاً عن ارتكاب جرائم متواصلة بحق الفلسطينيين تحت شعار “تدفيع الثمن”.

السرقات هذه يسعى الاحتلال إلى توسيعها في غزة نفسها، وفق ما كشفه إعلام عبري، بأن 15 منظمة إسرائيلية بدأت التجهيز لمشاريع “الاستيطان في غزة”، في حال تمكن الجيش الإسرائيلي من بسط سيطرته على القطاع. 

فتحت شركة إسرائيلية للمقاولات والتسويق العقاري باب الحجز لوحدات سكنية فيه، خلال مؤتمر عُقد لهذه الغاية بتل أبيب، في 11 ديسمبر/كانون الأول 2023، بعنوان “التحضير العملي للاستيطان في قطاع غزة”، نظمه ائتلاف منظمات استيطانية مموّلة من الحكومة الإسرائيلية.

نشرت كذلك شركة “هاري ذهاف/ Harei Zahav”، إعلاناً لإحدى شركات تطوير المستوطنات، على حسابها في “فيسبوك”، تحت عنوان “بيت على الشاطئ ليس حلماً”، قالت فيه: “نعمل على إعداد الأرض للعودة إلى غوش قطيف”.

“غوش قطيف” مستوطنات في قطاع غزة انسحب منها الاحتلال الإسرائيلي عام 2005، في عهد رئيس الوزراء السابق آرييل شارون، ضمن خطة أحادية الجانب عرفت آنذاك بـ”فك الارتباط”.

تظهر الأرقام الرسمية الفلسطينية أن سلطات الاحتلال لم تكتف بسرقة المساحة الأكبر من فلسطين التاريخية، التي احتلتها عام 1948، بل باتت حالياً تستولي على ما مساحته 76%، من مساحة الضفة الغربية أيضاً بعد 1967 بعد سرقتها بشكل ممنهج.

تشكّل المستوطنات الإسرائيلية ما نسبته 42% من مساحة الضفة الغربية، وتمت السيطرة على 68% من مساحة المنطقة “ج” لمصلحة المستوطنات، وهي منطقة تضم 87% من موارد الضفة الغربية الطبيعية و90% من غاباتها و49% من طرقها.

“أسرلة” المطبخ الفلسطيني

السرقات الإسرائيلية لا تتوقف على ما هو مادي فقط، بل يحاول الاحتلال “أسرلة” ما أمكنه من الهوية الفلسطينية، فلم يسلم المطبخ الفلسطيني على سبيل المثال من السرقة. 

“إسرائيل” التي لا يتجاوز عمرها 76 عاماً، تحاول بناء علاقة مع الأرض من خلال سرقة الهوية الفلسطينية، ومنها مطبخها، لتشمل قائمة سرقات الأطعمة التي باتت تنسبها إليها:

في وارسو، عاصمة بولندا، تتواجد سلسلة مطاعم باسم “طعام تل أبيب المدني tel aviv urban food”، التي تقدم الأطباق الفلسطينية والعربية على أنها “إسرائيلية”. 

أما في لندن وحدها، فهناك ما يزيد على 15 مطعماً يُقدم طعاماً عربياً وفلسطينياً على أنه طعامٌ إسرائيلي. 

في باريس أيضاً، مطاعم لـ”الطعام الإسرائيلي”، يُقدّم بعضها “الفتوش” و”الزعتر”، ضمن وجبات الطعام المخصصة لـ”المأكولات الإسرائيلية”.

نضال المقلوبة

استخدم الفلسطينيون المقلوبة كأيقونة للنضال ضد السرقات الإسرائيلية، حتى باتت تستفز جنود الاحتلال في باحات الأقصى، ما جعله يشن حملة ضدّها، ويُعاقب بسجن من يتناولها في القدس المحتلة.

تعرضت المرابطتان هنادي الحلواني وخديجة خويص للاعتقال بسبب مبادرة شعبية لتناول المقلوبة في الأقصى، واشتهرت صورتهما وهما تقلبان المقلوبة في باحات المسجد المبارك.

لفلافل، الطعام الذي يُعرف به العرب على مستوى عالمي، نسبه الاحتلال إليه، واصفاً إياه بأنه “طبق إسرائيلي مفضل!”. أما الحمص، فأعلنت “إسرائيل” أنه طبق من أطباقها الوطنية، أي أنه طبق إسرائيلي أساسي في الثقافة الإسرائيلية ومطبخها، وفق زعمها، بشكل مثير للسخرية عربياً

فالحمص وجبة معروفة في بلاد الشام، وسط ترجيحات بأنه طبق فلسطيني، فهو ينبت طبيعياً في فلسطين التاريخية منذ آلاف السنين

أما المقلوبة، الطبق الرئيسي في بلاد الشام وتركيا، فيتكوّن من الأرز والخضار المقليّة واللحم، ويُقال إن صلاح الدين الأيوبي هو من سمّاها.

رغم ذلك، يحاول الاحتلال منذ سنوات، نسبها لنفسه بطريقة غير مباشرة، باعتبارها أكلة من شرق البحر المتوسط، أو بوصفة مقلوبة برغل إسرائيلية.

شبكة المواد الغذائية الإسرائيلية “أوسم”، أدرجت المقلوبة على أساس أنها وجبة إسرائيلية نباتية مغذية وصحية.

 يأتي ذلك رغم البديهية التي يمكن من خلالها الحكم بأن المقلوبة طبق ارتبط بالمحاصيل الزراعية والفلاحين الذين قضوا جنباً إلى جنب مع الأرض، التي استخدموا خيراتها ليدمجوها بمنتج نهائي يتمثل بالأرز مع الباذنجان واللحم والزهرة والبطاطا والحمص، لعمل طبق “المقلوبة”.

“البتيتيم” وجبة مسروقة من الوجبة العربية “المفتول”، ليطلق الإسرائيليون هذه التسمية عليها. 

وتدعي شركة “أوسم”، أنه في الخمسينيات، تم تقديمها وجبة رخيصة في فترة المجاعة التي ضربت “إسرائيل” وسوقتها، كوجبة إسرائيلية.

في عام 2000 شاركت “إسرائيل” في اليوم العالمي للمفتول، بصفته طبقاً إسرائيلياً.

يعد “المسخن” أحد أشهر أطباق المطبخ الفلسطيني، ويفخر الفلسطينيون بأنه من الأكلات التراثية التاريخية لهم.

قام الاحتلال الإسرائيلي بنسب هذا الطبق المعروف إليه، ويقدمه في إعلامه على أنه طبق إسرائيلي!

ادعت وزارة السياحة الإسرائيلية أن “الشكشوكة” طبق شعبي إسرائيلي، إضافة إلى وضعه ضمن كتاب للمأكولات التراثية اليهودية، وزع داخل المطاعم الكبرى في أوروبا.

بل إنه في إحدى زيارات الأمين العام للأمم المتحدة السابق بان كي مون، إلى تل أبيب، قدم له طبقاً من الشكشوكة بصفته طبقاً إسرائيلياً، ليعلق عليه بان كي مون بلغة عبرية بأنه “لذيذ جداً”.

تحيي “إسرائيل” اليوم العالمي للزعتر في سبتمبر/أيلول من كل عام، واصفة إياه بأنه إسرائيلي.

يحتفل الإسرائيليون كل عام بسرقة الزعتر الفلسطيني ونسبته لهم، ونشرت صفحات رسمية تابعة للخارجية الإسرائيلية تصميمات ومنشورات تشيد بـ”الزعتر الإسرائيلي”.

بدأت سرقة الزعتر على المستوى الحكومي عام 1977، عندما اتخذت الحكومة الإسرائيلية قراراً باعتبار الزعتر نبتة محمية، وأن أي عملية قطف أو تخزين أو جمع أو بيع لها تُعد مخالفة جنائية، يقدم صاحبها للمحاكمة، ويغرم مالياً.

ادعت سلطات الاحتلال في حينه أن “الأمر جاء لحماية النبتة من الانقراض”، بسبب ما سمّته “القطف العشوائي وغير القانوني”، في حين لم ينتشر حتى ذلك الحين أي بحث علمي أو إحصاء يساند هذا الادعاء، أو يثبت أن الزعتر مهدد بالانقراض، في حين أكد الفلسطينيون أن الأمر موجه ضدهم، لأنهم المستهلك الرئيس للزعتر، الذي يشكل عنصراً أساسياً في مطبخهم.

الكوفية الفلسطينية

الكوفية الفلسطينية، بالأبيض والأسود، والمرتبطة بشكل بديهي بالفلسطيني، لم تسلم أيضاً من السرقة.

في أحد عروض الأزياء الإسرائيلية خلال “أسبوع تل أبيب للموضة”، استعمل المصممان جابي بن حاييم وموكي هرئيل، نقوش الكوفية الفلسطينية، وتحريفها بإدخال النجمة السداسية إليها. 

كذلك استعملا ألوان العلم الإسرائيلي، بحجة أن تلك الأزياء تسهم في التقارب والتعايش بين الشعبين، الأمر الذي أثار استهجاناً واسعاً.

علقت على ذلك صحيفة “جويش كرونيكل” اليهودية الصادرة في لندن، بأن المصمم والموزع التجاري لم يرغبا في أن تظل الكوفية عربية، لهذا قاما بإنتاج نسخة يهودية كاملة، بنجمة سداسية بالأزرق والأبيض.

الثوب الفلسطيني

الثوب الفلسطيني المطرز تعرض للسرقة الإسرائيلية في محاولاته لطمس الهوية الفلسطينية.

زوجة السياسي والعسكري الإسرائيلي، موشي ديان، ارتدت في إحدى المناسبات العالمية ثوباً عربياً على أنه تراث إسرائيلي. 

كذلك الحال مع مضيفات شركة “العال” الإسرائيلية للطيران، اللواتي ارتدين الزي التقليدي الفلسطيني على أنه إسرائيلي. 

في الموسوعة العالمية “ورد بوك انسيكلوبيديا”، وضع الاحتلال ثوب بيت لحم المطرز الفلسطيني على أنه ثوب إسرائيلي.  ظلّت هذه السرقة منسوبة للإسرائيليين بين عامي 1993 و2007، وبعدها قامت الموسوعة بحذف هذه السرقة، بعد الاعتراض الفلسطيني، وإثبات الهوية الفلسطينية للثوب المطرّز

سرقة التراث الفلسطيني

يحتفل الشعب الفلسطيني في 7 أكتوبر/تشرين الأول من كل عام، بيوم التراث الفلسطيني، بناءً على توصية وزارة الثقافة الفلسطينية، وقرار مجلس الوزراء الصادر عام 1999، بهدف الحفاظ على الهوية والتراث الفلسطينيين.

منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة سجلت عشرات المناطق الأثرية على أنها تابعة لإسرائيل، في محاولة لخلق إرث تاريخي إسرائيلي. 

بعد اتفاقية “أوسلو” 1993، استولى الاحتلال على أكثر من 85% من المواقع الأثرية في الضفة والقدس المحتلة، بحسب البيانات الرسمية الفلسطينية.

في يوليو/تموز 2017، أدرجت اليونسكو البلدة القديمة والحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة على لائحة التراث العالمي لصالح فلسطين، بعد مطالبة إسرائيل بضم الحرم الإبراهيمي ومحيطه إليها على اعتبار أنه تراث يهودي.

أقرّت منظمتا عيمك شفيه وييش دين الإسرائيليتان، في تقرير بعنوان “الاستيلاء على الماضي”، بالممارسات الإسرائيلية للاستيلاء على التراث والأراضي الفلسطينية. 

وصفت المنظمتان الإسرائيليتان نقل المواقع الأثرية الفلسطينية إلى السيطرة الإسرائيلية بأنه “انتهاك لحقوق وملكية الفلسطينيين ولثقافة الفلسطينيين وتراثهم، لما فيه من مصادرة للكنوز الثقافية والتراثية للأراضي الفلسطينية”.

في إشارة أخرى إلى السعي الإسرائيلي للسيطرة على التراث الفلسطيني عبر أداة علم الآثار، ظهر في مذكرة أرسلها “إسرائيل هاريل” إلى وزير التربية والتعليم عام 1981، ضرورة الإيمان بمفهوم يربط السيطرة المادية (على الأرض)، بالسيطرة على السردية (التراث). 

صورة المذكرة

تحدث كذلك المؤرخان الإسرائيليان آدم راز وأريئيلا أزولاي عن السرقة الممنهجة للممتلكات الثقافية والتراثية الفلسطينية في إطار “سياسة إسرائيل لإفراغ فلسطين من سكانها الأصليين”.

قالت أزولاي: “أصبحت كنوز هائلة من الممتلكات المنهوبة خلال النكبة، من بينها كتب وصور فوتوغرافية ومقتنيات مثقفين، ضمن الميراث الصهيوني، ولم تكن السرقة حدثاً عابراً، إنما تواصلت حتى وصلت إلى “الأرشيفات الفلسطينية” بذريعة مواد التجريم والأدلة على مخططات الفلسطينيين ودوافعهم”.

تقبع هذه الوثائق في “أرشيف إسرائيل والجيش الإسرائيلي” حتى اليوم، بحسب المؤرخة الإسرائيلية التي وصفت ما حدث بـ”عمليات النهب”، وأنها “شكل من أشكال تغيير الملكية، وحرمان السكان الأصليين من حقهم في استعادة تراثهم”

المؤرّخ الفلسطيني نور مصالحة أكد في كتابه النكبة الفلسطينية، أن نهب الأرشيفات الفلسطينية لم يكن حادثة معزولة، بل استمرت سرقة الإسرائيليين لممتلكات الفلسطينيين، خصوصاً للمواد ذات القيمة التاريخية ونسبها لهم منذ عام 1948، وفي الفترات التالية واللاحقة.

“The Great Book Robbery” فيلم وثائقي من إخراج الهولندي الإسرائيلي بيني برونر، حول سرقة الاحتلال الإسرائيلي لآلاف الكتب التي كانت بحوزة الفلسطينيين منذ قيام “إسرائيل”. 

يستعرض الفيلم كيف أن آلاف الكتب تم تمييزها بحرفين “AP” للممتلكات المهجورة، وضُمّنت في “المجموعة الوطنية الإسرائيلية”، وفي الأساس كتب من التراث الفلسطيني المسروقة.

يأتي ذلك فيما لا يزال الاحتلال الإسرائيلي يكثف جهوده لتهويد القدس وطمس هويتها العربية والإسلامية، وكذلك المسجد الأقصى، رغم قرارات الشرعية الدولية، التي لا تعترف باحتلال “إسرائيل” للمدينة عام 1967، ولا بضمها في 1981، أو بإعلانها عاصمة لها.

عربي بوست