بلغة الأرقام.. كيف تنفصل أمريكا عن الصين اقتصادياً، وما البدائل التي تتجه إليها واشنطن؟

تؤدي المواجهة المتفاقمة بين أمريكا والصين إلى تآكل العلاقات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، وهذا بعد أن تراجعت نسبة البضائع الصينية من واردات الولايات المتحدة إلى أدنى مستوى لها منذ 20 عاماً.

وتتجه شركات الاستيراد الأمريكية إلى المكسيك وأوروبا وأجزاء أخرى من آسيا لشراء سلع مثل رقائق الكمبيوتر والهواتف الذكية والملابس، وفقاً لتحليل أجرته صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية لبيانات التجارة التي نشرها هذا الأسبوع  مكتب الإحصاء.

العلاقات الاقتصادية بين أمريكا والصين في أدني مستوياتها منذ 20 عاماً

وكانت الصين تستحوذ على 13.3% من واردات السلع الأمريكية خلال الأشهر الستة الأولى من هذا العام، أي أقل من ذروة الـ21.6% عام 2017. والمستوى الحالي هو الأدنى منذ نسبة الـ12.1% لعام 2003، أي بعد عامين من انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية.

رسم بياني: نصيب الصين من صادرات وواردات البضائع الأمريكية (الأزرق يمثل الواردات، والبني الصادرات) – وول ستريت جورنال

وبدأ هذا التحول عام 2018، حين فرضت إدارة ترامب تعريفات جمركية على مجموعة من المنتجات الصينية. وأثناء الجائحة دفع النقص في عدد من المنتجات مثل أقنعة الوجه وأشباه الموصلات الشركات إلى إعادة التفكير في سلاسل توريدها. 

وهذا العام، خفضت بعض الشركات اعتمادها على الصين، وسط منافسة البلدين على التكنولوجيا المتقدمة. وزاد الرئيس بايدن من حدة التوترات، يوم الأربعاء 9 أغسطس/آب، بإصداره أمراً تنفيذياً يحظر استثمارات الولايات المتحدة في بعض أشباه الموصلات الصينية المتقدمة والحواسيب الكمومية.

النسبة المئوية لواردات السلع الأمريكية، على مدار 12 شهراً (وول ستريت جورنال)

ما هي الواردات الأمريكية من الصين وما نسبتها؟

تأتي معظم الهواتف الذكية المستوردة إلى الولايات المتحدة من الصين، لكن نسبتها انخفضت إلى 75.7% خلال الـ12 شهراً المنتهية في يونيو/حزيران، وفقاً لبيانات مكتب الإحصاء، في تراجع عن عدد من فترات الذروة التي تجاوزت الـ80%.

وجزء من السبب: تسعى شركات الهواتف الذكية، وخصوصاً آبل، لتنويع سلاسل توريدها بعيداً عن الصين. فمثلاً تخطط شركة Foxconn، المورّدة لأبل، لزيادة الإنتاج في الهند.

وبلغت حصة الهند من واردات الهواتف الذكية الأمريكية 5.3% للسنة المنتهية في يونيو/حزيران، ارتفاعاً من 1.8% خلال الـ12 شهراً المنتهية في ديسمبر/كانون الأول.

ماذا عن أشباه الموصلات؟

فيتنام وتايلاند من المصادر المتنامية لواردات الرقائق إلى الولايات المتحدة، بعد أن أصبحتا مركزين للمراحل الأخيرة من صناعة الرقائق، التي تُفحص خلالها رقائق السيليكون الخام، ثم تُغلَّف في شكلها النهائي، وتُسهم الصين في هذه المرحلة بدرجة كبيرة أيضاً.

وتعمل شركة Amkor Technolog، وهي شركة أمريكية متخصصة في تغليف الرقائق، على بناء مصنع كبير في فيتنام، تتوقع افتتاحه أواخر هذا العام. وإسرائيل أيضاً، التي تمتلك فيها إنتل بعض مصانعها الأكثر تقدماً في صناعة الرقائق، أصبحت أيضاً مصدراً متنامياً لواردات الولايات المتحدة منها.

وفي الوقت الذي تكثف فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها سياسات تقييد بيع وإنتاج الرقائق المتقدمة في الصين، تعمل الشركات على زيادة إنتاجها في الولايات المتحدة وأوروبا ودول آسيوية أخرى.

نسبة الواردات الأمريكية من أشباه الموصلات على مدار 12 شهراً (وول ستريت جورنال)

تراجُع حصص الملابس والأثاث

في الوقت نفسه، تراجعت حصة الصين من واردات الولايات المتحدة من الملابس بسرعة، بعد أن أدرجتها إدارة ترامب في جولة من التعريفات عام 2019. واستمر استيرادها في التحول إلى دول آسيوية أخرى، من بينها فيتنام وبنغلاديش وإندونيسيا.

وتسارع التحول عن الصين بسبب التدقيق الأمريكي المتزايد في ممارسات العمل في إقليم شينجيانغ الصيني المنتج للقطن، فضلاً عن ارتفاع أجور العمال الصينيين.

بالنسبة للأثاث فقد أسهمت الطفرة في واردات الأثاث من الصين، بداية من التسعينيات، في إغلاق المصانع على مستوى الولايات المتحدة، لكن حصة الصين من واردات الأثاث الأمريكية بدأت في الانخفاض بعد فرض التعريفات الجمركية، واستمرت في الانخفاض العام الماضي. وكانت الصين تشكل 25.7% من واردات الأثاث خلال الـ12 شهراً المنتهية في يونيو/حزيران. وفي الوقت نفسه شكّلت فيتنام والمكسيك وكندا مجتمعة 49.4% من واردات الأثاث في الفترة نفسها، ارتفاعاً من 41.8% بداية عام 2020.

عربي بوست