عرض مُغر قدّمه عاهل الأردن للمستثمرين ما هو؟.. رسائل ملكية مُلغّزة وأخرى مُباشرة لكُل “من يهمّه الأمر”

والعُنوان التحديث مشروع الدولة وطبقة جديدة من البيروقراطيين والسياسيين برسم التشكّل وذراع الانسحاب والاستقالة في مُواجهة نُخب الشّد العكسي

عمان- خاص بـ”رأي اليوم”:

ما الذي يعنيه بصورة محددة إصدار العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني لتوجيه ملكي مستجد يطالب فيه الوزراء والمسؤولين بوضوح وبعبارة صريحة بالتحدث للجمهور والنزول الى الشارع والحديث عن مشاريعهم وما يفعلونه بالإضافة الى الحد من الشائعات والروايات السلبية بالتحدّث أو الاستمرار بالتحدّث إلى وسائل الإعلام.

عمليا لم يسبق للقصر الملكي الأردني أن أصدر توجيها بهذا المعنى بصورة مباشرة للوزراء والمسؤولين، الأمر الذي يعني بداية تحول بغطاء وإرادة سياسية في الخط البياني الإعلامي مع الناس ويؤشر على إنتصار لتلك النظرية التي تقول بأن الرواية الإيجابية تخفف من حدة السلبية والسوداوية.

 لكن وعلى أهمية التحريض الملكي للتحدث مع الاعلام والناس برز ما هو أعمق الأربعاء ضمن سلسلة رسائل ملكية وجهت عمليا لكل من يهمه الأمر على هامش  زيارة مهمة جدا قام بها الملك الأردني لمجلس الوزراء.

وتميّزت هذه المرة بجرعة أضخم تساند تحولات التحديث لا بل تؤكد أنها مشروع دولة وليس خيار حكومة وهي رسالة على الأرجح ليست مرتبطة إطلاقا بالمتلقي الحكومي في مجلس الوزراء.

 زيارة الملك عبد الله الثاني لرئاسة الوزراء كانت مهمة جدا سياسيا ولأكثر من سبب خصوصا وأنها نصحت كل وزير ومسؤول لا يتّسق بالأداء مع وثائق التحديث الانسحاب من الوظيفة والدور حتى لا يُعيق الآخرين.

 وهي عبارة يقولها عاهل الأردن بصراحة مباشرة ولأول مرة وتوحي بأن السعي مرجعي اليوم بتوفير ملاذات آمنة لطاقم جديد مرسوم وفي كل المؤسسات على أساس ومفاصل مشروع الدولة الجديد.

 سأل برلماني أردني عريق عما إذا كانت التوجيهات الملكية تمهيد لعملية إزاحة تصنع طبقة جديدة من المسؤولين والبيروقراطيين والسياسيين حصريا من الصنف القادر  على “محاكاة” مساري التحديث والتمكين باعتبارهما اليوم وحسب النص الملكي خيار دولة وليس حكومة أو برلمان؟

 وهنا قال العاهل الأردني بوضوح أنه سيراقب الأداء والالتزام وهي صيغة تصدر بحزم لأول مرة ايضا وترافقت مع إشارة مباشرة إلى أن الملك عبد الله الثاني يتوقّع تقارير تقييم من الحكومة كل ثلاثة أشهر ويعني ذلك بيروقراطيا تطبيق قواعد اشتباك جديدة في انتقاء كبار الموظفين والسياسيين ووجود احتمالية اكبر لتغيير في بنية المناصب مرة كل 3 أشهر على الأقل في رسالة هدفها لفت نظر قوى الشّد العكسي.

 في مسألة الاستثمار جدّد العاهل الأردني عرضه العميق و”المغري” للمستثمرين بعدما لفت نظر الحكومة لتلك القاعدة التي كان يرددها دوما سياسي مثل الدكتور ممدوح العبادي وفكرتها أن من ينفق مالا في البلاد لغرض الاستثمار يتوقع ربحا ماليا وعلى الحكومة أن تفهم ذلك.

تلك أيضا مقاربة جديدة في مسالة الإستثمار قررتها المرجعية الملكية وارتبطت بعرض ضمني يقول فيه  اللسان الملكي بأن الاستقرار في الاردن ثابت والأرباح ستتحقّق للمستثمرين برعاية ملكية بعد الآن ومن راهنوا على العكس أو يراهنون عليه دفعوا ثمنا او سيدفعون الثمن وتلك عبارات لم تصدر في وقت سابق عن رأس الدولة في الأردن وتحتاج لتعمّق أكثر في خطط ووسائل وتقنيات جذب الاستثمارات.

الدلالات في مُداخلة ملك الأردن الأربعاء في مجلس الوزراء مليئة وعميقة والهدف هو مواجهة حالة العقم الاداري خصوصا وأن الملك عبد الله الثاني وجّه أيضا بتلازم المسارات الثلاثة المرتبطة بالإصلاح الإداري والتمكين الاقتصادي وتحديث المنظومة السياسية.