سؤالٌ حَرِج تركه الرئيس الفلسطيني مُعلّقًا بلا إجابة: كيف نُركّز على “الفصل العُنصري” فيما نُواصل الاعتراف ويستمرّ التنسيق الأمني؟..

لا رفض ولا مُوافقة على “تعليق الاعتراف” وأبو مازن لا يثق بالأمريكيين ويعتبرهم مُهندسين لوعد بلفور

واشنطن- خاص بـ”رأي اليوم”:

يبدو أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس وفي الأزمة الحالية المفتوحة على كل احتمالات التصعيد والتأزيم  في الأراضي الفلسطينية المحتلة لا يملك أجوبة محددة على أسئلة أكثر تحديدا وجّهت له خصوصا في الاجتماع الأخير للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

 وهو اجتماع كُرّس لتقييم و تفحّص وتمحّص ودراسة  الخيارات والسيناريوهات في ظل مستجدين لا يمكن إسقاطهما اليوم من الحسابات.

 المستجد الأول هو التصعيد الإسرائيلي وبروز حالات من الهجمات المنظمة لقطعان المستوطنين المسلحين مع تقارير تُظهر بأن عدد المستوطنين المسلحين في الضفة الغربية فقط يزيد عن 200 ألف مسلح.

 وهؤلاء بدأوا يظهرون على حدود التماس وفي المدن والقرى ويطلقون الرصاص ويمارسون اعتداءات إرهابية على الشعب الفلسطيني بعد تحولهم لميليشيات.

في المستجد الأول تقييم عام داخل اللجنة التنفيذية عن سيناريوهات التصعيد المحتملة وكيفية التعامل معها.

وفي المحور الثاني محاولة إستنباط دروس وعبر الرئيس محمود عباس وقراءته للتحوّلات التي وصفت بانها كفاحية  اليوم في عمق المشهد الفلسطيني حيث تبلور قوى مواجهة مع العدو الاسرائيلي بأدوات ليست الجديدة و حيث تنضج حالة كفاحية المطلوب من السلطة والرئيس تحديد موقف اساسي منها.

هذه النقاشات تضمّنت إبلاغ الرئيس محمود عباس في الاجتماع الأخير لأعضاء اللجنة التنفيذية بأنه لا يثق بالإدارة الأمريكية ولا بالوساطة الأمريكية.

 لا بل يعتبر وعد بلفور تحديدا محصّلة لتفاهمات بريطانية امريكية دفع الشعب الفلسطيني ثمنها طوال  القرن الماضي.

 وعباس بهذا المعنى أراد أن يقول إنه خالي الوفاض بخصوص الاتصال والتواصل والمحاولة مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الان وعلى اساسي الوقائع التاريخية والعملية وقال بوضوح بأنه ضد أي محاولة لتوسيط  الأمريكيين أو حتى الاتصال معهم الآن.

وتعليقا على مستوى التأزّم والخيارات والسيناريوهات التي طرحها اعضاء بارزون في التنفيذية في الاجتماع  الاخير الذي يتميّز بأنه مهم وتناول ملفات أساسية نقل عن الرئيس عباس إشارته المباشرة إلى أنه يقرأ الواقع بدون أوهام وأن خياره وخيار السلطة هو التحدّث مع المجتمع الدولي هذه الايام وفضح الممارسات الإسرائيلية والتركيز على دولة الفصل العنصري.

لكن قيل للرئيس عباس من قبل أعضاء في اللجنة بأن الذهاب بإتجاه التركيز على الفصل العنصري أو الكيان الإسرائيلي العنصري يتطلب مقاربات أكثر عمقا في خطوات السلطة قد يكون من بينها تجميد بدلا من الغاء التنسيق الأمني ولو جزئيا بالإضافة إلى تعليق الاعتراف الفلسطيني في دولة الكيان الإسرائيلي الاحتلالي وعلى أساس القناعة بأن الجانب الفلسطيني لا يمكنه مطالبة المجتمع الدولي بعزل اسرائيل باعتبارها دولة فصل  عنصري وبنفس الوقت يحتفظ بتنسيق أمني معها ويصر على الاحتفاظ بالاعتراف العلني بها.

وهنا حصرا تبين لكل الأطراف المشتبكة بأن الرئيس عباس استخدم صيغة دبلوماسية في الرد على هذه الذرائع والحجج والتساؤلات عبر الامتناع عن رفضها وعدم اظهار قبولها له بمعنى أن الرئيس عباس صمت عن هذه المفارقات ولم يعلق عليها لا سلبا أو إيجابا.

ولم تصدر منه أي إشارة تقبلها أو حتى ترفضها، الأمر الذي يفسره المراقبون وخبراء في اللجنة التنفيذية واجتماعاتها ومشاوراتها باعتباره خطوة إيجابية أساسها أن الرئيس عباس لم يبلغ برفض خيارات من هذا النوع.

 و هذا يعني أنه يريد الاستماع لآراء أكثر ويريد تقييم ودراسة وتمحيص الخيارات او الحصول على افضل فرصة ممكنة لأجراء عملية التمحيص والدراسة.

وعلى أساس المعطيات الواقعية خصوصا وأن التقارير الواردة للرئاسة  الفلسطينية من الأجهزة الأمنية تشير إلى أن الجزء الثاني من النقاش مع اعضاء التنفيذية مرتبط بتطورات الحالة الكفاحية والتصعيد المحتمل إسرائيليا في ظل حكومة اليمين الإسرائيلية المتشددة.

وهي حالة يقول المراقبون إنها تشكل مأزقا اليوم للسلطة لا بل حشرتها بين خيارات ضيقة جدا لأنها ليست في وضع تستطيع معه مواجهة هذه الحالة الكفاحية الوطنية الفلسطينية الشابّة والمتحرّكة بين مدن الضفة الغربية وليس في وضع تحمّل كُلفة قمعها.