الرئيس عباس يُثير الجدل بقانون “غامض” يُعزز قبضته على السلطة.. هجوم فصائلي عنيف واتهامات وتساؤلات عن التوقيت والأسباب..

هيمنة وتفرد وضربة لتحرك الجزائر.. ماذا يريد “أبو مازن”؟

نادر الصفدي راي اليوم

أثار الرئيس الفلسطيني محمود عباس، حالة من الجدل والغموض في الأوساط الفلسطينية، بعد إصداره قانونًا “مُفاجئا” يساعده بشكل كلي في التحكم بقبضة من حديد على كل مفاصل السلطة التي يُسيطر عليها فعليًا برفقة حركة “فتح” منذ رحيل الرئيس ياسر عرفات “أبو عمار”.

ورغم أن الكثير من القرارات التي صدرت عن مؤسسة السلطة والرئاسة خلال السنوات الأخيرة، دائمًا ما تثير الجدل في الساحة الفلسطينية، كونها لا تحظى بمشاورة الفصائل والقوى الوطنية الأخرى، وكذلك غياب دور المجلس التشريعي، لا أن هذا القانون “المثير للجدل” كان له نصيب الأسد في الانتقاد والهجوم على الرئيس عباس وسط اتهامات بتغول السلطة التنفيذية على السلطة القضائية.

وجاء هذا القرار بعد أسبوع تقريباً على توقيع الفصائل الفلسطينية وثيقة “إعلان الجزائر” للمصالحة، في ختام أعمال مؤتمر “لمّ الشمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية”، وذلك خلال حفل في العاصمة الجزائر.

وبشكل مُفاجئ أصدر عباس مرسومًا بتشكيل مجلس أعلى للقضاء برئاسته، في خطوة تتجاوز الأعراف والقوانين الفلسطينية، لإحكام سيطرته على السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وفق فصائل ومراكز حقوقية.

هيمنة وتفرد

وبحسب المرسوم الرئاسي فإن المجلس سيكون برئاسة عباس، وسيُشكّل المجلس، المجلس الأعلى للهيئات والجهات القضائية.

ويتكون المجلس من رئيس المحكمة الدستورية العليا، ورئيس مجلس القضاء الأعلى – رئيس محكمة النقض، رئيس المحكمة الإدارية العليا، رئيس الهيئة القضائية لقوى الأمن، رئيس مجلس القضاء الشرعي، وزير العدل، المستشار القانوني للرئيس، النائب العام.

والقرار ليس الأول للرئيس عباس الذي يتجاوز فيه القوانين والأعراف الفلسطينية فقد سبقه الكثير من القرارات والتي كان آخرها قبل أيام إصداره قرار بقانون يقضي بحلّ نقابة الأطباء المنتخبة في الضفة الغربية المحتلة، وتشكيل نقابة بديلة عن التي يرأسها شوقي صبحة.

ولم يكن بعيدًا عن ذلك أيضًا قرار إلغاء مرسوم الانتخابات التشريعية، الذي أثار معه موجهة غضب فلسطينية كبيرة، لا تزال آثارها حتى هذه اللحظة في تعقيد ملفات المصالحة وتعطيل جلسات الحوار الوطني.

عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” عزت الرشق، أدان بشدة قرار الرئيس عباس بتشكيل مجلس أعلى للقضاء برئاسته.

وقال الرشق في تصريح صحفي له، : “بهذا القرار يفرض عباس وقائع جديدة ويضع السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية في يده”.

وتساءل الرشق، هل يدرك عباس ما الذي يفعله؟ وإلى أين يذهب بالتوافق الوطني الذي نسعى إليه؟، موضحًا ‏ وأوضح عضو المكتب السياسي لحركة حماس أنه في الوقت الذي تفاءلنا فيه بالمصالحة الفلسطينية التي عُقدت في ‫الجزائر يُصدِر محمود عباس مرسومًا بتشكيل مجلس أعلى للقضاء برئاسته.

هجوم واتهامات

وهاجمت فصائل فلسطينية ومراكز حقوقية أخرى هذا القرار”الغامض”، وقال حزب الشعب الفلسطيني، إنه في ظل استمرار صدور سلسلة قرارات بقانون، وما تثيره من إرباك وتعكسه من ارتباك، فقد أصبح من الضروري وقف هذا السيل.

ودعا الحزب في بيانه إلى التوافق على تشكيل هيئة وطنية تناقش الامر وتقدم مسودات مشاريع القرارات بقانون لاعتمادها لحين اجراء انتخابات طال انتظارها.

من جهته، عقب بيان للمجلس التشريعي بالقول إن المرسوم الصادر عن منتهي الولاية محمود عباس باطل دستورياً وقانونياً وهو تجاوز لكل الحدود الوطنية والقانونية ويشكل امتدادا لنهج الهيمنة والتفرد وإمعانا في انتهاك الدستور الفلسطيني.

وأضاف بيان التشريعي: “يستكمل المرسوم الانقضاض على السلطة القضائية وتقويضها سيما وانه سبق بجُملة من الإجراءات التعسفية فاقدة المشروعية، ويعد استكمالا لضرب مبدأ الفصل بين السلطات المكفول بالمادة ٢ من القانون الأساسي ويعتدي بشكل صارخ على استقلال السلطة القضائية المقرر بموجب المادة ٩٧ من القانون الأساسي الفلسطيني.

وقال: “لا يزال منتهي الولاية محمود عباس يقوم بخطوات أحادية مرفوضة ومدانة للاستفراد بالقرار الفلسطيني والاستئثار بجميع السلطات، الأمر الذي يستدعي من الكل الفلسطيني وقفة جادة لوقف هذا السلوك الخطير الذي يهدف لتدمير المشروع الوطني وهدم النظام السياسي الفلسطيني”.

أما الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني “حشد”: فطالبت الرئيس عباس؛ بالكف عن إصدار القرارات بقانون ومراسيم رئاسية وخاصة التي تفتقر إلى الضرورة، وتشمل دعوتها الرئيس لضرورة سحب وإلغاء المرسوم الرئاسي الأخير، وسحب كل القرارات السابقة التي تمس باستقلالية السلطة القضائية، بما في ذلك ووقف التدخلات في عمل السلطة القضائية والعمل على إعادة بناء وتوحيد مؤسسات النظام السياسي كأولوية وطنية وقانونية بما يضمن الفصل بين السلطات وسيادة القانون وعدم المس باستقلالية القضاء الفلسطيني.

كما أهاب بيان الهيئة بالمجتمع الفلسطيني ولا سيما أعضاء السلطة القضائية الفلسطينية ونقباء وأعضاء مجالس النقابات المهنية وخاصة نقابة المحاميين الفلسطينيين والمنظمات الأهلية والحقوقية والشعبية والأحزاب والحركات الفلسطينية لضرورة التعبير عن رفضهم لهذا المرسوم، خاصة أنه جاء كغيره دون تشاور مع أحد وبما يخالف القانون الأساسي الفلسطيني.

ودعت المقرر الخاص المعنية باستقلال القضاة والمحامين لضرورة أخذ ما يلزم من إجراءات للضغط على السلطة التنفيذية الفلسطينية للتراجع عن هذا المرسوم وما سبقه من قرارات تمس استقلالية السلطة القضائية، بما يضمن استقلال السلطة القضائية الفلسطينية.

وطالبت بالعمل على استعادة الحياة الديمقراطية والوحدة الوطنية، وإعادة الاعتبار لمبدأ سيادة القانون، ومبدأ الفصل بين السلطات، واستقلال القضاء، من خلال إجراء الانتخابات الشاملة للمجلس الوطني والتشريعي والانتخابات الرئاسية وبما يمكن المواطنين من ممارسة حقهم الدستوري والقانوني في اختيار ممثليهم في انتخابات عامة ونزيهة.

ومنذ صيف 2007، تعاني الساحة الفلسطينية انقساماً سياسياً وجغرافياً، حيث تسيطر حركة “حماس” على قطاع غزة، في حين تدار الضفة الغربية من جانب حكومة شكلتها حركة “فتح” بزعامة الرئيس محمود عباس.

نص المرسوم الرئاسي..

Print This Post