خارطة طريقٍ جديدةٍ تشمل ثلاث خطواتٍ يطرحها دنيس روس على الإدارة الأمريكيّة: يتحتّم على بايدن إدارة الصراع بالشرق الأوسط شخصيًا وضمّ دولٍ عربيّةٍ أخرى للتطبيع مع الكيان ودعم السلطة الفلسطينيّة لإضعاف حماس

من زهير أندراوس:
قال دنيس روس، الدبلوماسيّ اليهوديّ-الأمريكيّ السابِق إنّ قضايا تفرض الشرق الأوسط نفسها دائماً على الرؤساء الأمريكيين وإداراتهم، والرئيس جو بايدن هو الأدرى بذلك. فمن خلال إجرائه ست مكالمات هاتفية مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومكالمات مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أدرك بايدن، مهما كانت آماله، أنّ انخراطه الشخصي كان ضروريًا للمساعدة في التوصل إلى وقف إطلاق النار. وبينما لم تكن الرحلة إلى الشرق الأوسط مدرجة على جدول أعمال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن هذه المرة، إلّا أنه شعر بضرورة التوجّه إلى المنطقة لدعم وقف إطلاق النار وتلبية الاحتياجات الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة، ورسم مسارٍ دبلوماسيٍّ لإدارة العلاقات الإسرائيلية-الفلسطينية والالتزام مجدداً بحلّ الدولتين للشعبين.
 يذكّرنا ذلك، تابع روس في مقاله المنشور على موقع “معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى”، بأننا يجب أنْ نحاول أيضًا دعم “السلطة الفلسطينية” وبذل المزيد من الجهود لمساعدتها على النجاح اقتصاديًا. يجب أنْ يكون لأيّ جهدٍ دوليٍّ من أجل غزة عنصر مساعدة للضفة الغربية – وهو أمر أثاره الوزير بلينكن خلال رحلته الأخيرة إلى الشرق الأوسط.
 وأوضح روس أنّه على غرار الشروط التي يجب وضعها لضمان عدم قيام “حماس” بتحويل المواد في غزة لأهدافٍ عسكريّةٍ، يجب ربط المساعدة المباشرة للسلطة الفلسطينيّة بإصلاحاتٍ حقيقيّةٍ على صعيد الشفافية وسيادة القانون. وفي ظلّ غياب عملية الإصلاح، يجب أنْ تقتصر المساعدة الأمريكية للضفة الغربية على المشاريع التي من شأنها أنْ تفيد الفلسطينيين (خاصة الطرق، والمياه، ومعالجة الصرف الصحي، والصحة)  ولكن من دون أن تُدار من قبل “السلطة الفلسطينية”، كما قال.
 ومضى روس قائلاً إنّه يجب توجيه الدبلوماسية الآن نحو قيام تعاون عملي يومي بين إسرائيل و”السلطة الفلسطينية”، وفي هذه المرحلة، لن تحرز المحادثات المباشرة حول قضايا الوضع الدائم أيّ تقدّمٍ – فالسياسة في كلّ جانبٍ، والفجوات الحقيقية فيما يتعلق بجوهر الموضوع، وعدم تصديق الجماهير، تضمن عدم تحقيق أي شيء.
 ولكن، استدرك قائلاً، يجب بذل جهدٍ للاستفادة من عملية التطبيع، من خلال حثّ المزيد من الدول العربية على التواصل مع إسرائيل مقابل اتخاذ إسرائيل بعض الخطوات تجاه الفلسطينيين، لافِتًا إلى أنّ النموذج الإماراتي قدّمَ تطبيعاً كاملاً مقابل عدم الضم – وبالطبع الالتزامات الأمنية الرئيسية من الولايات المتحدة للإمارات. فلماذا لا يُحتذى بهذا النموذج ويتم البحث بهدوء في لائحة من الخيارات مع السعوديين حول الخطوات التي يمكن أن يتخذوها تجاه إسرائيل؛ خطوات سيلتمسون من الإسرائيليين اتخاذها تجاه “السلطة الفلسطينية” والالتزامات التي قد يريدونها من الولايات المتحدة، على حدّ تعبيره.
 وأوضح روس في ختام عرضه لخارطة الطريق أنّه “إذا أثبتت الأسابيع القليلة الماضية شيئاً، فهو أنّ القضية الفلسطينية لن تختفي. ولا تريد إدارة بايدن أنْ يستنفد الشرق الأوسط قواها، ولكنها تحتاج أيضاً إلى القيام بما يكفي لإدارة ما يحدث في المنطقة لتجنب انجرارها إليها، في ظل ظروفٍ توفّر خياراتٍ أسوأ بتكاليف أعلى. ويدفع ذلك إلى إتّباع نهج ثلاثي المسارات: أولاً، العمل على تحقيق الاستقرار في غزة من خلال توفير صيغة لإعادة الإعمار بدون إعادة التسلّح ومع آلية إشراف؛ ثانياً، دعم “السلطة الفلسطينية” من خلال مساعدتها أيضًا على بناء المصداقية عبر تقديم المساعدة المشروطة بالإصلاح؛ ثالثاً، التوسط في التواصل العربي مع إسرائيل من أجل تغيير الوقائع بين إسرائيل والفلسطينيين عندما لا يؤمن أحد أنّه يمكن تحقيق الكثير، كما أكّد الدبلوماسيّ الأمريكيّ-اليهوديّ السابِق، والمعروف بتأييده المُطلق لإسرائيل.