أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، الأربعاء، خطة ضخمة بقيمة 2.3 تريليون دولار لتطوير البنى التحتية للبلاد، عبر فرض ضرائب كبيرة على الشركات، ووصفها بأنها “استثمار المرة الواحدة في جيل أميركي”.
ونقلت وكالة “أسوشيتد برس” عن بايدن قوله، خلال وجوده في مركز تدريب نقابة النجارين في بيتسبرغ: “إنه استثمار لمرة واحدة بكل جيل في أميركا، على عكس أي شيء رأيناه أو فعلناه منذ أن أنشأنا نظام الطرق السريعة بين الولايات، وسباق الفضاء منذ عقود”.
وأضاف: “في الواقع، إنه أكبر استثمار أميركي في الوظائف منذ الحرب العالمية الثانية، سيوفر ذلك ملايين الوظائف ذات الرواتب الجيدة”، واعداً بنتائج كبيرة.
وتابع بايدن قائلاً: “أنا مقتنع بأنه إذا تحركنا الآن، فسينظر الناس إلى الوراء في غضون 50 عاماً، ويقولون إن هذه هي اللحظة التي تفوز فيها أميركا بالمستقبل”.
الانفاق
وأوضح مسؤولو البيت الأبيض أن الإنفاق من شأنه أن “يولّد هذه الوظائف، حيث تبتعد البلاد عن الوقود الأحفوري وتكافح مخاطر تغيّر المناخ، كما أنها محاولة للتنافس مع التكنولوجيا والاستثمارات العامة التي تقوم بها الصين التي تمتلك ثاني أكبر اقتصاد في العالم”.
ولفتوا إلى أن “الجزء الأكبر من الاقتراح يشمل 621 مليار دولار لتطوير الطرق والجسور والنقل العام ومحطات شحن المركبات الكهربائية، وغيرها من البنى التحتية للنقل، فيما سيتم تخصيص 111 مليار دولار إضافية لاستبدال أنابيب المياه الرصاصية وتحديث المجاري”.
أما الإنترنت، فخُصص له مبلغ 100 مليار دولار، وسيتم تخصيص المبلغ ذاته لترقية شبكة الطاقة، بينما سيتم تحديث المنازل والمدارس وتدريب العمال وترميم المستشفيات بموجب الخطة التي تسعى أيضاً إلى تعزيز التصنيع في الولايات المتحدة.
ويأتي ذلك، في أعقاب حزمة الإغاثة التي خُصصت لفيروس كورونا، وقدمها بايدن بقيمة 1.9 تريليون دولار، إذ يقدّر الاقتصاديون أن يحقق ذلك نمواً نسبته 6% هذا العام.
“رفع الضرائب”
وسيتم تمويل مشاريع البنى التحتية من خلال فرض ضرائب أعلى على الشركات، وهي مقايضة يمكن أن تؤدي إلى مقاومة شرسة من مجتمع الأعمال، وإحباط محاولات العمل مع المشرّعين الجمهوريين، إذ يأمل بايدن تمرير الخطة بحلول الصيف، ما قد يعني الاعتماد فقط على الأغلبية الديمقراطية الضئيلة في مجلسي النواب والشيوخ.
وتهدف الضرائب المرتفعة على الشركات إلى “زيادة الأموال على مدى 15 عاماً وتقليل العجز مستقبلاً، ومن خلال ذلك سيلغي بايدن الإصلاح الضريبي لعام 2017، الذي أجراه سلفه دونالد ترمب والجمهوريون في الكونغرس، ويرفع معدل ضريبة الشركات من 21% إلى 28%”.
ولمنع الشركات من تحويل الأرباح إلى الخارج لتجنب الضرائب، سيتم فرض ضريبة عالمية بنسبة 21 % كحد أدنى، وسيجري تحديث قانون الضرائب حتى لا تتمكن الشركات من الاندماج مع الشركات الأجنبية، وتجنب الضرائب عن طريق نقل مقارها إلى ملاذ ضريبي.
وأشار بايدن في هذا الصدد إلى أن “91 شركة من شركات Fortune 500، بما في ذلك أمازون، لا تدفع فلساً واحداً كضريبة دخل”.
ويعتزم الرئس في الأسابيع المقبلة الدفع بمشروع قانون بحجم مساوٍ تقريباً للاستثمارات في رعاية الأطفال وائتمانات ضرائب الأسرة والبرامج المحلية الأخرى، إذ سيتم دفع هذه الحزمة التي تبلغ قيمتها نحو تريليوني دولار، من خلال زيادة الضرائب على الأفراد والأسر الأثرياء.
“حصان طروادة”
وناشد بايدن الجمهوريين ومجتمع الأعمال “الانضمام إليه” في المفاوضات بشأن مشروع القانون، لكن يبدو أن الآفاق التشريعية لمقترحاته تتوقف بالفعل على قيام الديمقراطيين بإخراج الأصوات بأنفسهم من خلال عملية تسوية الميزانية، الأمر الذي يتطلب أغلبية في مجلس الشيوخ.
وقال بايدن: “سأستمع إلى الجمهوريين، أنا منفتح على الأفكار الأخرى، وسنجري مفاوضات بحسن نية”.
وتبنى القادة الديمقراطيون خطة بايدن، إذ قال تشاك شومر زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ إن ذلك “سيوفر ملايين الوظائف. أتطلع إلى العمل مع الرئيس بايدن لتمرير خطة كبيرة وجريئة، من شأنها أن تدفع أميركا إلى الأمام لعقود قادمة”.
لكن معارضة الجمهوريين لاقتراح بايدن الطموح جاءت بسرعة، إذ رفض ميتش ماكونيل زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ الحزمة ووصفها بأنها “ليست أكثر من حصان طروادة لزيادة الضرائب”.
من جانبه قال نيل برادلي، نائب الرئيس التنفيذي لغرفة التجارة الأميركية وكبير مسؤولي السياسات: “يفضل مجتمع الأعمال تحديث البنى التحتية للولايات المتحدة، ولكنه لا يحب ارتفاع معدلات الضرائب”، فيما انتقد ترمب اقتراح بايدن، مدعياً أنه “سيكون من بين أكبر الجروح الاقتصادية في التاريخ”.
“نهج حذر”
وقدرت بيث آن بوفينو، كبيرة الاقتصاديين الأميركيين في مؤسسة “ستاندرد آند بورز” العام الماضي، أن زيادة 2.1 تريليون دولار في الإنفاق على البنى التحتية “يمكن أن تضيف ما يصل إلى 5.7 تريليون دولار من الدخل إلى الاقتصاد بأكمله، على مدى عقد من الزمان”.
لكن إدارة بايدن تتخذ نهجاً أكثر حذراً مما يرغبه بعض الديمقراطيين، إذ تحاول تجنب رفع الدين الوطني إلى مستويات من شأنها أن تؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة، وتجعل من الصعب سدادها.
وقد تتعقد جهود بايدن بسبب مطالب بعض المشرّعين الديمقراطيين الذين لا يستطيعون دعم مشروع القانون، ما لم يعالج الحد الأقصى البالغ 10 آلاف دولار على التخفيضات الضريبية للأفراد على مستوى الولاية، والذي وُضع في عهد ترمب.