الانتخابات الفلسطينية.. تشتت معسكر التغيير وتنافس “بارد” بين فتح وحماس

رام الله-محمد دراغمة

بخلاف الانتخابات السابقة، التي اتسم التنافس فيها بين حركتي “فتح” و”حماس” بالحدة الشديدة، وقاد إلى الانقسام والانفصال بين قطاع غزة والضفة الغربية، فإن التنافس بين الحركتين اللتين تشكلان قطبي السياسة الفلسطينية، تراجع هذه المرة لصالح تنافس أشد، يدور بين مراكز القوى في حركة “فتح”.

وتخوض “فتح”، التي أسست النظام السياسي الفلسطيني، هذه الانتخابات منقسمة في ثلاث قوائم متنافسة، إحداها تمثل القيادة المركزية للحركة، والثانية تمثل الأسير مروان البرغوثي والدبلوماسي السابق الدكتور ناصر القدوة، والثالثة تمثل رجل غزة القوي السابق محمد دحلان.

وتتنافس الكتل الثلاث على القاعدة الانتخابية للحركة، ما قد يشتت الكثير من الأصوات، بينما تتوجه حركة “حماس” إلى قاعدتها الانتخابية بلا منافس.

توافق بين قطبي السياسة الفلسطينية

وتوصلت حركتا “فتح” و”حماس” مؤخراً، إلى اتفاق على إعادة بناء النظام السياسي من خلال انتخابات تشريعية، تقود إلى تشكيل حكومة توافق وطني من الكتل الفائزة، تتبعها انتخابات تشريعية، وثالثة للمجلس الوطني الفلسطيني، الذي يمثل برلمان الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات.

وقال الفريق جبريل الرجوب، عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح”، وأحد قادة كتلتها الانتخابية، لـ”الشرق”، إن الحركتين تعملان على تطبيق الاتفاق بهدف إنهاء الانقسام، وتوحيد النظام السياسي.

وأضاف أن الحكومة القادمة، التي ستتشكل فوراً بعد الانتخابات “ستكون حكومة توافق وطني، وستتولى إنهاء الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وإعادة توحيد النظام السياسي”، مشيراً إلى أن الحركتين وجدتا أن اللجوء إلى صندوق الاقتراع والتوافق الوطني “هو وحده الكفيل بإنهاء الانقسام”.

قوائم كثيرة وجمهور صغير

وتم تسجيل 36 كتلة لخوض الانتخابات، أقل من نصفها يمثل القوى والفصائل السياسية، بينما الغالبية تمثل تجمعات نقابية، واجتماعية ومهنية مستقلة.

وتتنافس هذه الكتل الكثيرة على جمهور صغير من الناخبين لا يتجاوز مليونين ونصف المليون ناخب مسجل.

وتحمل الكتل المستقلة الجديدة شعار “التغيير والإصلاح”، متعهدة بالتصدي للفساد والمحسوبية، وخفض الأسعار ومنع الاحتكارات، خصوصاً في قطاع الاتصالات.

والكثير من هذه الكتل جديد ومتشابه في الأسماء والشعارات، ومرشحوها من غير المعروفين لدى الرأي العام، ما قد يضعف فرصها في تجاوز نسبة الحسم، وتشتت الأصوات الطامحة للتغيير.

وقال الباحث السياسي علاء لحلوح لـ”الشرق”، إن كثرة الكتل التي سجلت لخوض الانتخابات “يدل على تعطش الناس للانتخابات، لكنه قد يؤدي إلى تشتيت وحرق الأصوات”. وأضاف: “عندما يكون أمام الناخب 36 كتلة، غالبيتها متشابهة، فهذا يؤدي إلى التشوش وإلى تشتت الأصوات”.

ومع إغلاق باب الترشح والتسجيل، يبدأ السباق الانتخابي الفعلي نحو مقاعد المجلس التشريعي البالغ عددها 132 مقعداً. 

وسجل أكثر من 93  في المئة ممن يحق لهم المشاركة في الاقتراع، ما يؤشر إلى استعدادات واسعة لدى الجمهور للإدلاء بأصواتهم، بعد توقف الحياة الانتخابية لمدة طويلة من الزمن جراء الانقسام.

قلق من التدخل الإسرائيلي

وفيما يتطلع كثير من الفلسطينيين إلى 22 مايو المقبل للإدلاء بأصواتهم، آملين اختيار ممثليهم بعد 15 عاماً من آخر انتخابات تشريعية، فإن الكثيرين لا يخفون قلقهم من تدخل إسرائيلي لإفشالها.

وكشف مسؤولون فلسطينيون عن تلقي الرئيس محمود عباس، تحذيرات إسرائيلية بوقف هذه الانتخابات، بحجة مشاركة “منظمات إرهابية” فيها. 

ورجح عدد من المسؤولين، أن  إسرائيل قد تمنع سكان القدس الشرقية المحتلة من المشاركة في الانتخابات، في محاولة أخيرة لدفع السلطة لإلغائها.

وتتمسك الفصائل الفلسطينية، على تنوعها، بمشاركة أهل القدس في الانتخابات. وأعلن أكثر من مسؤول في حركتي “فتح” و”حماس”، أن الانتخابات لن تجري دون القدس.

ولكن جبريل الرجوب، يؤكد أن الجانب الفلسطيني لن يترك لإسرائيل إلغاء الانتخابات من خلال القدس. وقال: “سنتوجه من اليوم إلى المجتمع الدولي، وسنطالبه بالضغط الجدي على إسرائيل للسماح لأهل القدس بالمشاركة في الانتخابات وفق الاتفاقات الموقعة”.

وأضاف: “سنجعل من المعركة على القدس معركة دولية، يشارك فيها المجتمع الدولي برمته، ولن نستسلم للضغوط الإسرائيلية”.