التطريز الفلسطيني يفتح آفاق عمل جديدة للنساء في مخيم لجوء لبناني

تغزل الأيادي السورية في الخيط الفلسطيني على أرض نزوح لبنانية وبتصميم بريطاني سويسري لتنتج تقنية تطريز تساعد النساء اللاجئات على الصمود.

ومن قلب مخيم اللاجئين الفلسطينيين في برج البراجنة، تجلس نحو ثلاثين امرأة في مشغل صغير وبين أيديهن قطع قماش وثياب جاهزة يتم نقشها بقطبة فلسطينية شهيرة.

وبعزيمة لا تلين أسس عدد من النساء استديو سما للتطريز الفلسطيني الذي يتوسط المخيم المكتظ باللاجئين والواقع في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وتتجول السورية فاطمة خليفة في مخيم تعلوه الأسلاك الكهربائية المنتشرة فوق السطح ووسط الأعلام التي تنافس الأسلاك وتقول إنها عندما فرت من بلادها عام 2013 كانت قد فقدت كل شيء تقريبا.

وبعد ذلك بأكثر من سبع سنوات فإن فاطمة تشبك خيوط حياتها بتقنية تطريز بسيطة من التراث الفلسطيني، تعلمتها في فصل للفنون، هي وأكثر من 30 امرأة أخرى على الصمود أمام المصاعب المتعددة التي يواجهنها في لبنان.

وقالت فاطمة (43 عاما) “أنا فاطمة خليفة، من سوريا، من الجولان، جئت الى مخيم برج البراجنة ببيروت بعام 2013، أنا أم لثلاث ولاد وبنت صغيرة، فاتحة مشروع خاص للتطريز الفلسطيني، معي 35 سيدة بيشتغلوا معي بهذا المشروع. عم نحاول كتير أنا والستات نظل حُرين بهذا المشروع ويظل بيزنس”.

وتأمل فاطمة، مؤسسة استديو سما للتطريز الفلسطيني والمشاركة في مشروع تطريز مشترك اسمه (إل.في.بي وسما)، في أن يساعدها تعاونها الأخير في فتح الأبواب الموصدة أمامها ومطرزات أخريات سوريات ولبنانيات وفلسطينيات من أجل البقاء والتوسع.

وقالت لتلفزيون رويترز “هذا التطريز معروف عليه القطبة الفلسطينية اللي هي الإكس، قطبة صغيرة كتير”.

وأضافت “أنا كنت بعرف هادا التطريز بسوريا، بس ما كنت اشتغله، نحن بناخذه بدروس الفنون بالمدارس مثلا، بجمعيات الاتحاد النسائي، كدورات، مهارات نسوية، بس إنه شي عادي.. ما كنت أتخيل أنا يوما ما إنه يكون مصدر رزقي أو هو مشروعي”.

وبدأ ذلك التعاون منذ سبعة أشهر، بعد وقت قصير من انفجار بيروت الذي نجت منه المصممة البريطانية السويسرية، لاريسا فون بلانتا، المتعاونة حاليا مع فاطمة بمغادرتها المدينة قبل يومين من حدوثه.

وجاءت فون بلانتا (27 عاما)، خريجة قسم التصميم المستدام بكلية سنترال سانت مارتن للتصاميم والفنون، بهذه الفكرة عقب الانفجار المدمر عندما كان الناس في أنحاء العالم يبحثون عن صيغة لتقديم يد العون للبنانيين.

وابتكرت فاطمة والنساء التصميم بمساعدة فون بلانتا التي تتصل بهن عدة مرات في اليوم للتحقق من إحراز تقدم. وفي بعض الأحيان تكتب العميلات الألوان التي يفضلنها للتطريز أو مكان وضع التصميم على قطعة الملابس المستعملة التي يرغبن في إعادة تدويرها، وبخلاف ذلك فهذا التطريز إبداع خالص.

ولم يوفر المشروع بعد دخلا يُعول عليه ومستداما للمرأة. وتقول فاطمة إن هدفها هو الوصول إلى دخل لا يقل عن 100 دولار لكل امرأة شهريا لكن هذا لم يتحقق بعد.

ومنذ أغسطس آب 2020 حتى الآن بلغ إجمالي دخل المشروع من 150 قطعة أُعيد تدويرها 5505 دولارات للنساء وفون بلانتا.

وفي ظل تفشي جائحة فيروس كورونا التي تعطل النقل العالمي والأزمة المالية والاقتصادية في لبنان، لا يزال المشروع في مراحله المبكرة بهدف ضمان ثلاث شحنات كل عام لتوفير دخل منتظم.

ومع ذلك تقول فاطمة، ابنة الجولان السوري، إن العمل يعطيها أفضل إحساس في العالم، حرية التصميم.

وتضيف “هيدا الشغل كتير بيفرغ من الضغوطات النفسية اللي علينا نحن هون. بعاد عن وطننا، بعاد عن أهلنا، عندنا فقد بالحروب، عايشين بمخيم العيشة فيه جبارة”.

وفيما يتعلق بالتطريز قالت فاطمة “أكتر شي بيوصل بالعالم وبسرعة بما إني أنا ما بعرف لغة وهو ما بيعرف لغتي، هو الرسم والموسيقى، وهيدا شي من الرسم، من الفن، فبيوصل بسرعة وبيعطي ردة فعل سريعة كتير، فأنا ضمنانة إنه حتوصل رسالتي، واثقة كتير إنه حتوصل رسالتي، لأنه رسالة واضحة وسريعة الانتشار”.

وطبقا لوتيرة عمل كل امرأة وحجم التصميم، يمكن أن يستغرق تطريز كل ثوب بين أسبوع إلى عشرة أيام ليكتمل.

وبعدها يُرسل الثوب إلى التنظيف الجاف قبل إعادة إرساله عبر البريد إلى صاحبته كقطعة ملابس مُعاد تدويرها بقصة جديدة ترويها.

رويترز