دراما حرب الأسهم تتصاعد في “وول ستريت”


“سهم جيم ستوب “يتأرجح بعد قفزة ما قبل افتتاح السوق

غالب درويش صحافي


مازالت تعاملات الأفراد تقود ارتفاعات أسهم شركة بيع ألعاب الفيديو “جيم ستوب”، وشركة تشغيل قاعات عرض الأفلام “إيه أم سي إنترتينمنت هولدينجز” بنسب 6.4 في المئة و18.4 في المئة على الترتيب في تعاملات ما قبل فتح السوق . 

وتُضاف هذه التحركات إلى صعود بأكثر من 200 في المئة خلال الأسبوع الماضي لـ”إيه أم سي”، ونحو 400 في المئة لـ”جيم ستوب”  الذي شهد تداولات محمومة للأفراد مدفوعة بمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي. 

وحسب ترجيحات المحلليين، فإن الارتفاع الخرافي لأسهم شركة “جيم ستوب” صنع مليونيرات جدداً، بينما كلف صناديق التحوط مليارات الدولارات من الخسائر غير المتوقعة. 

وكان سهم “جيم ستوب” ارتفع بنسبة 70 في المئة في جلسة الجمعة ليواصل الارتفاعات التي بدأها منذ بداية عام 2021 بنسبة 1800 في المئة. الا أن سهم  الشركة  تراجع بأكثر من 25 في المئة  مع امتداد التداول المحموم ، ليصل إلى سعر 243 دولارا، بعدما كان قد قفز في تداولات ما قبل الافتتاح بنسبة 18 في المئة إلى 384.89 دولار.

وول ستريت

وكانت مؤشرات الأسهم الرئيسة قد افتتحت في بورصة وول ستريت على ارتفاع، في أعقاب موجة بيع حادة في الأسبوع الماضي، إذ دفع تحول ناجم عن فورة تعاملات الأفراد في الفضة أسهم شركات التعدين للصعود. 

وصعد المؤشر داو جونز الصناعي 72.1 نقطة، بما يعادل 0.24 في المئة، إلى 30054.73 نقطة في حين فتح المؤشر “ستاندرد آند بورز 500” مرتفعاً 16.9 نقطة، أو 0.46 في المئة، إلى 3731.17 نقطة. 

وقفز المؤشر ناسداك المجمع 155.5 نقطة، أو 1.19 في المئة، إلى 13226.18 نقطة. 

حالة “الكر والفر” مستمرة  

وقال المحلل المالي والمدير الإقليمي لشركة “أي سي أم كابيتال”، وائل حماد، إن القفزة التي شهدتها أسهم شركتي “جيم ستوب” و”إيه أم سي إنترتينمنت هولدينجز” اليوم، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن حالة “الكر والفر” في وول ستريت مستمرة، والمعركة في بدايتها، ومن المتوقع أن تمتد لفترة أطول لتشمل أيضاً عدة جبهات وعدداً من الأسهم والسلع الأخرى، ما يستوجب يقظة من الجهات التنظيمية لوضع ضوابط ملزمة تحد من الاستغلال المفرط لتلك الأدوات المالية. 

وأضاف، “ما شهدناه الأسبوع الماضي من أحداث درامية على خلفية حرب الأسهم التي اشتعلت بين كبرى صناديق التحوط ومضاربين على منتدى ريديت الإلكتروني على أسهم بعض الشركات المتعثرة، لم يكن جديداً على الأسواق، فالتاريخ مليء بأحداث مشابهة، ولكن المعطيات هذه المرة مختلفة نوعاً ما، فبالتزامن مع تعالي الأصوات من كل صوب حول ارتفاع التقييمات في الأسواق الأميركية، والحديث عن فقاعة تشبه إلى حد كبير فقاعة الدوت كوم، يسلط الضوء على هذه الحالة على أنها تمرد لمضاربين أفراد على تصرفات المؤسسات المالية والصناديق الاستثمارية التي تلعب دور “شرطي الأسواق”. 

وتوقع حماد، أن تغير تلك الأحداث من ديناميكيات التداول في الفترة المقبلة، بخاصة لصناديق التحوط التي بدأت فعلياً بجمع الأموال لتغطية خسارتها الكبيرة جراء إغلاق بعضها لمراكز البيع على المكشوف، وتحمل الخسارة، قد يدفع مرة أخرى لإغلاق مراكز أخرى بشكل أوسع لجمع السيولة، ما من شأنه توسيع عمليات البيع في الأسواق ودفعها للتراجع أكثر لتصبح الأسواق أمام تصحيح أكبر. 

هز عرش الأسهم الأميركية 

و أدت تداولات الأفراد المجنونة حسب وصف البعض، في هز عرش الأسهم الأميركية خلال الجلسات الأخيرة، وسط تدفق ملايين المتداولين الأفراد إلى السوق المالية الأكبر في العالم، ما أنشأ قوة جديدة أربكت كبار محترفي التداول وصناديق التحوط. 

ويستهدف مستثمرون أفراد هواة بعض صناديق التحوط، وينسقون هجماتهم على منصة “ريديت”، ويركزون على الأسهم التي تنوي المحافظ الكبرى بيعها بعد عمليات بيع على المكشوف، وهي تقوم على “استعارة” أسهم من الوسطاء، وبيعها عندما تنخفض الأسعار، لتحقيق أرباح سريعة، ما ينذر بمخاوف أزمة مالية جديدة مثلما حدث قبل 12 عاماً.

وتعد هذه الممارسات شائعة في “وول ستريت” وفي غيرها من أسواق الأسهم، تقوم بها صناديق التحوط الكبيرة بغرض جني الأرباح. 

وأخيراً حاول عدد من الصناديق تنفيذ اللعبة ذاتها على أسهم إحدى الشركات المدرجة في السوق الأميركية “جيم ستوب”، ولكن هذه المرة لم يخف صغار المتداولين، ولم يتخارجوا من السهم، بل على العكس تجمعوا عبر صفحة في تطبيق “ريديت” واتفقوا على شراء السهم بقوة ليرتفع سعره، وهو ما حدث بالفعل، لتقع بعدها الصناديق في فخ عدم القدرة على تغطية مراكزها المكشوفة، فوصلت خسائرها حتى الجمعة إلى 100 مليار دولار. 

وجاءت تداولات الأسواق بعيدة تمام البعد عن توقعات المحللين والمختصين، التى لم تتوقع أن تكون نتائج شهر يناير (كانون الثاني) بهذه التقلبات والخسائر بسبب تطبيق إلكتروني مغمور يستخدمه صغار المتداولين في “وول ستريت” يدعى “ريديت”. 

وذكر المحللون أن نهاية الاضطرابات بسبب هذه التداولات غير معلومة حتى الآن، بعد أن امتدت لتخرج من سوق الأسهم الأميركية وتتشعب إلى أسواق أخرى مثل السلع والخدمات. 

تاريخ “جيم ستوب” 

وكانت “جيم ستوب” وهي شركة ألعاب الفيديو والأجهزة الإلكترونية سجلت “خسارة قدرها 470 مليون دولار في 2019، كما تأثرت من تداعيات فيروس كورونا خلال عام 2020، بسبب توقف المتاجر الحقيقية التي تعمل على الأرض وسط مخاوف التعرض للإصابة بالفيروس وتفضيل المستهلكين المتاجر الإلكترونية للألعاب. 

وفشلت مساعي الشركة إلى خفض الخسائر حتى بداية يناير، عندما قررت “جيم ستوب” تعيين أحد مستثمريها الرئيسين، ويدعى ريان كوهين، واثنين من مساعديه في مجلس إدارة الشركة، ما أسرى التفاؤل بين المستثمرين الأفراد بمستقبل الشركة خلال الفترة المقبلة. على إثر ذلك تفاعل السهم وارتفع بأكثر من 50 في المئة بعد يومين من تعيينه، ليصل إلى 31 دولاراً. 

وبعد الارتفاع الكبير راهنت صناديق التحوط على تراجع “جيم ستوب” معتمدة في توقعاتها على الحالة السيئة للأصول، لتقوم الصناديق باقتراض كميات ضخمة من سهم “جيم ستوب” وبيعه على المكشوف، على أمل أن ينخفض سعره بعد أن ينفض الجميع من حوله، وهنا اتجه المستثمرون الأفراد لشراء السهم واشتروا السهم حتى ارتفع سعره خلال الفترة من 12 إلى 29 يناير بنحو 1840 في المئة، لتتجاوز قيمته 500 دولار للسهم مقارنة مع 3.25 دولار قبل انضمام كوهين، وتصبح الصناديق مطالبة بإعادة الأسهم التي اقترضتها للشركات الدائنة وتغطية مراكزها المكشوفة وهو ما يعني أن خسائر مليارية ستؤدي إلى هز الأسواق وإفلاس قطاع كبير من الصناديق العاملة في السوق الأميركية.