خطط الحل المتعددة أخفت الحديث عن المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني والقرار الأممي 2216
خلود الحلالي
تشهد الساحة اليمنية حراكاً دبلوماسياً مكثفاً في اتجاه إنهاء الحرب الطاحنة التي دخلت عامها السابع، مع تعدد السيناريوات المطروحة على الطاولة للتوفيق بين طرفي الصراع، اللذين عجزا عن تحقيق أي واقع جديد طوال السنوات الماضية.
التوجه الجديد للإدارة الأميركية بضرورة إنهاء الحرب في اليمن وإحلال السلام في أسرع وقت ممكن حرك المياه الراكدة، على الرغم من فشل أكثر من خمس جولات سابقة للحل، بسبب انعدام الثقة بين طرفي الصراع وتمسكهما بمواقف ليس بينها التنازل لبعضهما بعضاً.
طرح المبعوث الأمريكي لليمن أفكاراً قال إنها تدعم جهود المبعوث الأممي، بعد أن قاما بزيارات عدة إلى السعودية وسلطنة عمان، والتقيا وسطاء ومسؤولين في الحكومة وميليشيات الحوثي، قبل أن تعلن السعودية مبادرتها لإحلال السلام، والمتضمنة وقفاً لإطلاق النار في جميع محافظات اليمن، وفتح مطار صنعاء لوجهات محددة، وتخفيف القيود على عملية الملاحة في ميناء الحديدة الذي تسيطر عليه الميليشيا.
عقدة المرجعيات
وفي حين تُقدم المبادرة تلوى الأخرى، تراجع الحديث عن المرجعيات الثلاث التي كانت في مرحلة من المراحل مرجعاً ثابتاً في أي خطاب سياسي يتحدث عن الحل يمني، فالمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن الخاص باليمن رقم (2216) صارت في خلفيات الأحداث، بعد أن باتت حبلاً يشهده الطرفان بين من يشترط التمسك بها، وآخر يشترط تجاوزها لتقديم أية تنازلات مستقبلية.
الحكومة اليمنية الشرعية التي رحبت بالمبادرة السعودية قرنت قبولها بالتمسّك بالمرجعيات الثلاث، كمستند أصيل للحل في اليمن، فيما تصر جماعة الحوثي على تجاوز تلك المرجعيات، وتجلى ذلك من خلال رؤيتها المسماة “وثيقة الحل الشامل”، والتي طرحتها رداً على مبادرة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لليمن، والتي طرحها على أطراف الصراع تحت عنوان “الإعلان المشترك”.
هل تم تجاوز المرجعيات؟
وبين تمسك الحكومة ودول الخليج بالمرجعيات الثلاث، ومساعي الحوثي لتجاوزها، يرى الإعلامي السياسي عبدالله إسماعيل أن كل المبادرات المطروحة لا زالت حتى الآن “لا تشير بوضوح إلى تجاوز المرجعيات الثلاث بل تؤكد عليها، وإن لمّحت في بعض المحاولات إلى تخفيف أهميتها”.
وأضاف، “هذه مرجعيات أممية ليس من السهل القفز عليها في أي مبادرات، فمهمة المبعوث أو جهود الأمم المتحدة عملياً تكمن في إطار تنفيذ هذه المرجعيات، وعلى وجه الخصوص القرار الأممي 2216″، لكنه أضاف مستدركاً، “ذلك لا يعني أنه لا توجد محاولات ترى أن الواقع العسكري والسياسي قد تجاوزها، وهذا هو أخطر ما يمكن أن يحدث في حال عجزت الشرعية عن التمسك بها، أو العمل على إحداث تغيير على الأرض يسقط مبررات تجاوزها”.
وحول ما إذا كانت الحلول المقبلة ستتجاوز المرجعيات الثلاث، قال الباحث الأكاديمي فارس البيل، إن هذه المرجعيات “موجودة في حيثيات القرارات الأممية التي تنص في مادتها الخامسة على أن هذه الثلاث هي دعائم الحل الشامل وينبغي الالتزام بها”، إلا أن “طول أمد الأزمة وتشعبها، واختلاف اللاعبين فيها، وتقاطع المصالح الدولية حوّلت الرؤية عن المرجعيات إلى تفاصيل أخرى وسياقات ثانوية”.
فعلى الرغم من تمسك الشرعية بهذه المرجعيات، إلا أنها “لم تستطع أن تحافظ على صدارتها كأساس للحل أمام الوسطاء، بل تناسلت المشكلة اليمنية إلى تفصيلات بعيدة، منحت الحوثي القدرة على المراوغة والالتفاف حول هذه الركائز”.
ولعل كل هذا خلق اتجاهاً جديداً من الوسطاء، يرون بانتهاء قيمة هذه المرجعيات، وينبغي البحث عن صيغ أخرى للسلام، وإنتاج قرارات أممية تُفرغ منها.
وحذّر البيل من السير في هذا النهج، لأن ذلك “سيقوض الحل الشامل، ويفقد اليمنيين جهدهم الكبير وأملهم بالعودة إلى مرحلة الاستقرار، ناهيك عن أنه سيعني انتقال الصراع في اليمن من صورته الأساسية التي تحوي دولةً وشعباً في مواجهة فئة انقلابية، إلى صورة صراع متواز ينتج حلولاً ناقصة تهدد مستقبل اليمن، وينقل الأزمة إلى المستقبل”.
مضامين المرجعيات
سفير اليمن في اليونسكو، محمد جميح، يقول إن “المبادرة السعودية أكدت المرجعيات الثلاث، التي لا تزال صالحة لمعالجات كثير من مشكلات البلاد الحالية، إذ إن المبادرة الخليجية كانت السبب في خروج اليمنيين من تداعيات أحداث 2011، وهي التي أسست للحوار الوطني، ناهيك أن القرارات الدولية بالأساس بنيت على مخرجات الحوار والمبادرة الخليجية”.
ويؤكد على أن حصر السلاح في يد الدولة وانسحاب الميليشيات من المدن، ومنع التدخل في إدارة شؤون الدولة وتنظيم انتخابات، مطالب إيجابية أوردتها المرجعيات كأساس لأي حل، كونها مطالب غالبية اليمنيين، ولا يمكن تخيل حل من دونها.