تطل براسها كشبح سياسي واقتصادي ملامح ازمة جديدة في المشهد الاردني عنوانها هذه المرة ضعف المواد التموينية وارتفاع اسعارها بصورة كبيرة خلال اليومين الماضيين تاثرا حسب الخبراء والجهات المعنية بازمة توريد وشحن الغذاء العالمية وبارتفاع اسعار بعض المواد الغذائية على المستوى العالمي.
ويبدو ان شريط فيديو لاحد اصحاب المحلات التجارية حول ارتفاع كلفة فاتورته من التجار الموردين في مادتي الزيت النباتي والسكر اثار عاصفة من الجدل وتسبب بعشرات الالاف من التعليقات على المنصات الاجتماعية والتي تتهم الحكومة بالسماح بارتفاع الاسعار وعدم التدخل وبترك المواطن نهشا لتحكمات القطاع التجاري وهي مسالة نفاها نفيا قاطعا رئيس غرفة تجارة عمان خليل الحاج توفيق.
ويبدو ان ارتفاعا فعليا حصل بالسوق المحلية في اسعار مادتي الزيت و السكر.
وعشية شهر رمضان المبارك خلال ستة اسابيع قادمة بدات مظاهر القلق تجتاح الاوساط الشعبية من ارتفاع حاد بسبب ازمات الشحن وتوريد البضائع والمواد الغذائية.
وبسبب الضجة التي ثارت حول الموضوع اعلنت وزارة الصناعة والتجارة انها تراقب الاسعار وستتدخل في حال وجود اي محاولة لاستغلال المستهلك المواطن وقالت الوزارة ان اسعار مادتي الزيت والسكر ارتفعت في الاسواق العالمية وان سوق التوريد اصبح صعبا للغاية وبالتالي لايوجد ما يبرر ان تتدخل الحكومة في تسعير هذه المواد الغذائية مع هامش ربح معروف ومعادلة سعرية متفق عليها.
وبهذا البيان تعتذر عمليا بعد الضجة الوزارة المختصة من التدخل لصالح المستهلكين وعلى اساس ان المواد الغذائية التي ارتفع سعرها في الاسواق المحلية تاثرت بكلف الشحن والتوريد وبارتفاع الاسعار عالميا.
وبنسبة كبيرة صادق على نفس الرواية بالمسالة رئيس غرفة تجارة عمان ونقيب تجار المواد الغذائية والذي حاول تذكير جميع الاطراف بانه سبق ان حذر من ازمة غذاء وازمة اسعار غذاء بسبب التاثر بما يجري في العالم وسبق له ان دعا الحكومة للاحتياط لمسالة الامن الغذائي كما قال في تصريحات سابقة عدة مرات لرأي اليوم.
وشرح الحاج توفيق بأن الأسعار التي ارتفعت لبعض المواد الغذائية لها علاقة بارتفاع السعر العالمي مشيرا الى ان توجيه اللوم للتاجر والادعاء بان التجار يتحكمون بالاسعار لا مبرر له وينافي الحقيقة في الواقع لان المواد ارتفعت على المورد ومن يستورد وقي السوق العالمية وخصوصا عندما يتعلق الامر بزيت عباد الشمس ومادة السكر وزيت عباد الشمس حسب الحاج توفيق يستهلكه الاردنيون بكثافة.
ويمكن بالتالي اضافة ملامح الارتفاع المفترضة لاسعار المواد الغذائية كازمة تصطف الى جانب ازمات متعددة يعيشها المشهد الاردني الداخلي هذه الايام الاولى لها علاقة بخيارات الحظر الشامل والارتفاع الحاد جدا وغير المسبوق باعداد الوفيات بالفايروس كورونا والثانية لها علاقة بتداعيات احداث مستشفى السلط والتي ترجمت عن نفسها بدعوات الاحتشاد والاحتحاج في الشارع الاردني على عدة صعد ولليوم الرابع على التوالي للمطالبة بمحاربة الفساد والاصلاح السياسي وحماية المواطن والفقراء وتحريك اسواق العمل.
وبذلك قد تنضم أزمة الأسعار في سيناريو سبق أن حذر منه الخبير الاقتصادي في البرلمان خير ابو صعليك يقترب من مثيله اللبناني خصوصا اذا ما حصل تهديد للامن الغذائي ونقصت المواد الغذائية في الاسواق جراء التعطيلات والاغلاقات وانماط الحظر لان المعنيون باستيراد المواد الغذائية وتخزينها للبيع برمضان لم يكن لديهم اي خطة مستقرة حسب الحاج توفيق خصوصا وان ممثلي القطاع التجاري لا تتحدث معهم الحكومة.
ويواصل الفايروس كورونا الارتفاع بنسبة الانتشار وتواصل مستشفيات القطاع الصحي العام الاردنية شكواها من التعرض لضغط شديد خصوصا في ظل غياب الالتزام بالتباعد والوقاية عل المستوى الاجتماعي وفي العديد من التجمعات السكانية والمحافظات ولا تزال الاجراءات طارئة على مستوى اللجان الوبائية والحكومة التي سبق لها ان اعلنت ظهر الخميس وعبر الناطق باسمها الوزير صخر دودين بانها تراجع كل الخيارات وبان الموازنة ما بين الوضع الاقتصادي والاغلاق ونتائجه والوضع الفايروسي لا تزال هي المعادلة التي تختارها الحكومة.
لكن هذه المرحلة من الموازنة قد لا تطول برأي العديد من المراقبين خصوصا إذا ترافقت أزمة الفايروس مع استمرار الاحتحاجات في الشارع بالإضافة إلى إطلالة ازمة اسعار المواد الغذائية أو حتى غياب بعضها كما سبق أن حذر القطاع التجاري عشية شهر رمضان مما يعني تلقائيا الاقتراب بصورة ملموسة من السيناريو اللبناني الذي حذر منه النائب خير أبو صعليك وآخرون مختصون عدة مرات وإن كانت اعتبارات السوق والوضع الاجتماعي والامني في الاردن لا مقارنة بينه وبين الوضع في الداخلي في لبنان.
الراي اليوم