غياب الحوار يُمزّق المجتمع الصهيونيّ والوضع كبرميل متفجراتٍ على وشك الانفجار
زهير أندراوس:
في تصريح هو الأول من نوعه، حذّر الرئيس الإسرائيليّ يتسحاق هرتسوغ من انهيار بلاده خلال سنوات، مذكرًا بدولتيْ (مملكة داود) و(الحشمونائيم) اللتين لم تصمدا لأكثر من 80 عامًا.
ونبّه هرتسوغ من أنّ ما أسماه بـ “غياب الحوار” يمزق مجتمع بلاده من الداخل، معتبرًا أنّ الوضع بات يشبه برميل متفجرات على وشك الانفجار، وذلك على خلفية أزمة سياسية حادة خلفها إعلان حكومة بنيامين نتنياهو عن خطة لإصلاح القضاء وصفتها المعارضة بالانقلاب.
وقال هرتسوغ الذي سبق واتهمته المعارضة بالتزام الصمت حيال الخطة الحكومية المثيرة للجدل: “كلنا قلقون على دولة إسرائيل. نحن جميعًا ملتزمون تجاهها. غياب الحوار يمزقنا من الداخل، وأقول لكم بوضوح: إنّ برميل المتفجرات هذا على وشك الانفجار. هذا وقت طارئ والمسؤولية تقع على عاتقنا”، على حدّ تعبيره.
ومضى رئيس الكيان قائلاً: “أرى أمام عيني الانقسامات في داخلنا، والتي تزداد عمقًا، ولا يسعني إلّا أنْ أتذكر أنّه مرتيْن في التاريخ، خلال عهديْ مملكة بيت داود والحشمونيين (الحشمونائيم)، نشأت دولة يهودية في أرض إسرائيل، وانهارت مرتين قبل أنْ تبلغ الثمانين من عمرها“، طبقًا لأقواله.
وتابع هرتسوغ “أنا من أشد المؤمنين بقدرة دولة إسرائيل على الصمود وقوة الشعب الرائع الذي يعيش هنا. لكن هذا لا ينتقص من حقيقة أنّنا نُواجِه ساعة اختبار مصيرية ستؤثر علينا، على شعبنا وبلدنا، ويجب أنْ نصل إلى رشدنا ونتحمل المسؤولية ونحمي ما بنيناه هنا“، قال الرئيس الإسرائيليّ.
وأضاف هرتسوغ في تغريدات على حسابه على موقع التدوينات القصيرة (تويتر): “أعمل منذ أسابيع عديدة في محاولة لمنع حدوث أزمة دستورية تاريخية ووقف المزيد من الانقسام في الأمة. أكرس كل قوتي لهذه الجهود ولا أنوي الاستسلام”، وفقًا لأقواله.
عُلاوةً على ما ذُكِر أعلاه، قال إنّه اكتشف خلال لقاءاته مع مسؤولين بالحكومة والمعارضة “بوادر حسن النية الأوليّة”، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّه “آمل أنْ نتوصل إلى نتائج مبنية على حوار واقعي ومحترم بين السلطات، وعلى الإنصات إلى الجمهور ومخاوفه“.
وأردف الرئيس الإسرائيليّ قائلاً: “أنظر إلى المجتمع الإسرائيليّ والمواطنين والنظام السياسي والعامة. أرى المعسكرات مهيأة وجاهزة على طول الجبهة لمواجهة شاملة على صورة دولة إسرائيل. وقلق للغاية من أننا على شفا صراع داخلي يمكن أن يلتهمنا“.
وأشار إلى أنّ الإصلاحات القضائية المطروحة “دراماتيكية”، وعندما يتم اتخاذها بسرعة شديدة، ودون حوار بين أجزاء المجتمع وبين ممثلي السلطات، فإنها “تثير معارضة شديدة وقلق كبير حيال مستقبل الديمقراطية بين أجزاء واسعة من الشعب- وهي العملية التي تقودنا على وضع خطير“.
وعلى الرغم من هذه التصريحات فإنّ الائتلاف الحاكم بقيادة بنيامين نتنياهو وقوى المعارضة تؤكِّدان استحالة الحوار بين الطرفيْن لإصلاح ذات البين، لأنّ نتنياهو عاد وأكّد مرارًا في الأسبوع الأخير أنّه وحكومته عاقدران العزم على تمرير الإصلاحات القضائيّة، والتي تُسّميها المعارضة بالانقلاب على الجهاز القضائيّ وتحويله لأداةٍ بيد السياسيين بهدف إلغاء محكمة رئيس الوزراء المُتهّم بتلقيّ الرشاوى وخيانة الأمانة والنصب والاحتيال ومحاكمته مُستمرّةٌ في المحكمة المركزيّة بالقدس المُحتلّة.
بالإضافة إلى ذلك، قال نتنياهو: “إنّ الخطة تهدف إلى تحقيق التوازن بين السلطات الثلاثة (التنفيذية والقضائية والتشريعية)، بعدما جرى انتهاك هذا التوازن خلال العقديْن الأخيريْن“، على حدّ مزاعمه.
وتشمل الخطة سيطرة الحكومة على تعيين القضاة والحدّ من سلطات المحكمة العليا (أعلى سلطة قضائية في إسرائيل)، التي لن يكون بإمكانها الاعتراض على قوانين تمّ تمريرها بأغلبية 61 صوتًا في الكنيست، علمًا أنّ تحالف نتنياهو يملك 64 مقعدًا من أصل 120 بالكنيست، وبمقدوره تمرير أيّ قانونٍ يُقدّمه للبرلمان الصهيونيّ.
راي اليوم