المصدر:
فيصل محمد الشمري
الامارات اليوم
يشمل الإعلام الجديد المقالات الصحافية أو المدونات، والموسيقى والـ
Podcasts (الملفات الصوتية مسبقة التسجيل)، والتي تنشر رقمياً، سواء عبر موقع أو بريد إلكتروني، أو الهواتف ذكية أو تطبيقات البث، إذ يمكن اعتبار أي شكل مرتبط بالإنترنت من وسائل الإعلام الجديدة.
ومن أهم خصائص هذا الإعلام تميزه بثراء قدرات وخصائص الوسائط الرقمية التفاعلية والنصية المرتبطة بالإنترنت، وقدراتها الافتراضية على المحاكاة، فهذه الخصائص الرئيسة ميزت الإعلام الجديد من الإعلام التقليدي، وشكلت تحدياً تقوم قنوات الإعلام التقليدية بمساع حثيثة لرأب الفجوة المتزايدة، فنرى أن أكثر المقالات قراءة هي التي يتم نشرها مثلاً عبر قنوات التواصل الاجتماعي، وترى الصحافيين والإعلاميين والكتّاب يهتمون بشكل المحتوى التفاعلي، والألوان، والرسوم التعبيرية، والكلمات الرئيسة، وحتى «الهاشتاغ»(كلمات رمزية تسبق بعلامة الـ#)، لما لذلك من أهمية في جذب متابعين وقرّاء أكثر، وتحقيق الوصول إلى مؤشرات «الأكثر تداولاً»، أو مطالعة، كونها تعكس رمزية نجاح رقمي وانتشار.
ولا ترتكز تقنيات الإعلام الجديد على نوع معين من التطبيقات، بل تشمل كل التطبيقات التي تهدف إلى نقل المعلومات رقمياً، وظهر هذا الإعلام في القرن الماضي، ومع نهايته أخذ شكله الحالي بارتباطه بسهولة نقل المعلومات، والتي أخذت تبين إمكانية التشويه، والتحوير، لأغراض التضليل والتلاعب.
إن تجربتنا العربية لاتزال محدودة، ولعل سرد بعض أنجح التجارب مهم لإدراك البعد المجتمعي والإنساني، والدور الذي نتطلع لتحقيقه، لتأخذ لغتنا العربية مكانتها في تطوير محتوى غني وثري.
ما رأيناه من نجاح «الدحيح»، سفير الإعلام العربي الجديد، فأحمد الغندور (صانع محتوى وباحث مصري)، نجح في تبسيط العلوم مدموجة بالكوميديا، ليتقبلها المتلقي بسهولة ويسر، وعودة بث محتواه ببرنامج باسمه منذ شهر يونيو 2021 على قناة «أكاديمية الإعلام الجديد» في «يوتيوب»، سبب حراكاً إعلامياً، وأعاد نجماً عربياً إلى مساره. فالغندور كان ضمن قائمة الأشخاص الأكثر تأثيراً في العالم العربي في عام 2018، واختياره لسجله الحافل بالإنجازات ذات الأثر الإيجابي في المجتمع، من قبل مركز الشباب العربي في قائمة «روّاد الشباب العربي» لها دلالاتها، ولكونه من أكثر الشباب المؤثرين في الإعلام، فقد اختير عام 2019 بقائمة جائزة «IBC» العالمية، كونه ضمن من «أحدثوا تأثيراً حقيقياً، بشغفهم وطموحهم، والتزامهم، ويقدمون إسهاماً بارزاً في صناعة الإعلام، سواء كانت إبداعية أو تجارية أو تقنية».
إن مبادرات أكاديمية الإعلام الجديد (New Media Academy) تتمثل في رعاية نجوم عرب، ودعمهم لتحقيق رسالة هادفة، ومحتوى عربي ثري نموذج متميز، فلديها أكثر من 35 ألف متدرب من 46 دولة، في تسعة برامج أطلقتها في عامها الأول، بواقع 1.2 مليون دقيقة تعليمية، بالتعاون مع أكثر من 15 من المؤثرين المتميزين والخبراء والأكاديميين العالميين.
كما أن مستوى دعم صنّاع المحتوى العربي غير مسبوق، فخلال عامها الأول خرّجت أكثر من 200 صانع محتوى محترف من 16 دولة، استطاعوا مضاعفة العدد الإجمالي لمتابعيهم ثلاث مرات، من 660 ألفاً إلى مليوني متابع لوسائل التواصل الاجتماعي، والدور المهم أيضاً هو دعم الاقتصاد الرقمي، عبر تعزيز فرص التسويق الرقمي الاحترافي القائم على المعارف والخبرات، بدعم الإمكانات الصاعدة للاقتصاد الرقمي والجديد في المنطقة وإنشاء سفراء للإعلام العربي الجديد، والذي يبلغ في بعض الدول العربية 4%، مقارنة بالمعدل العالمي الذي يتجاوز 22%، وهو ما يوفر فرصاً واعدة في القطاعات الرقمية والصناعات الإبداعية المرتبطة بها في المنطقة العربية.
إن محتوى مشاهيرنا اليوم كثير كـ«غثاء السيل»، وللأسف، فإنه محرج، أو مسيء، وغادر، ومثاله ما بدر من مذيع «من سيخسر المليون» الذي لم تكفه ما حققته نجوميته من استثمارات تجاوزت عقارياً، وحسب قوله 200 مليون دولار، وعطوراً وخط أزياء والـ20 مليون دولار نقداً، بحسب تقديرات بعض المواقع، ليتحول إلى خبير قانوني يطعن بشرعية حرب، تهدف إلى استعادة وطن مسلوب من تنظيمات إرهابية.
إن إسهام قنواتنا في تضخيم حساباته البنكية ورعايته، لينمو وبشكل سرطاني، ليصل إلى مرحلة استطاع فيها أن يُنظّر، ويطعن، ويسلخ جلده، ويغير لونه، للارتماء تحت رعاية تنظيمات إجرامية للوصول إلى كرسي وزير، ليطبل لهم ولإجرامهم، درس غير مسبوق.
ولكون جهود بناء ورعاية سفراء عرب في الإعلام الجديد لاتزال في بداياتها، فعلى كل قناة تلفزيونية أو إذاعية أو صحيفة مقروءة، أن توجد وترعى نموذج «الدحيح» الخاص بها، لا لزيادة المتابعين وحسب، بل لنشر الثقافة الإعلامية الجديدة، ورفع نسب انتشار المحتوى العربي الهادف، بعيداً عن دعم الجماعات المجرمة والإرهابية التي تخدم أجندات خارجية خاطئة، متناسية رسالتها السامية، ولنسهم جميعاً في تطوير وصناعة محتوى عربي إبداعي هادف ونبيل، ولندعم معاً صناعة سفراء لإعلامنا العربي الجديد.
مستشار إداري وتحول رقمي وخبير تميز مؤسسي معتمد