لن استقيل وسأقوم بواجباتي حتى النهاية” هذا ما أعلنه الرئيس اللبناني ميشال عون بعد ساعات على الدعوات إلى رحيله واستقالته من قبل رئيس” تيار المستقبل” سعد الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وحزب الكتائب و”لقاء سيدة الجبل”. أكثر من ذلك، أمل عون في نهاية عهده الذي اتسم بالأزمات “أن تبدأ معه مرحلة إعادة إعمار لبنان نفسياً ومادياً على أن يستكملها الرئيس الجديد في وقت لاحق”.
وفي الوقت الذي استكمل عون لقاءاته مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي بعد ظهر الاثنين في محاولة للاتفاق على تشكيلة حكومية فقد قال عون” رئيس الجمهورية رغم ما خسره من صلاحيات إلا أنه شريك في تأليف الحكومة مع رئيس الحكومة المكلف، وله أن يختار من بين الأسماء المطروحة في ظل ما يتمتع به من سلطة معنوية”، معرباً عن أمله في أن “نتوصل إلى الحد من الأزمة من خلال تشكيل حكومة جديدة في الأيام القليلة، رغم سعي البعض لعرقلة هذا التشكيل”.
وخلال استقباله وفد “المجلس الوطني للتجمع من أجل لبنان”، لفت الرئيس عون إلى أن “نضالنا مستمر من أجل إعادة بناء هذا البلد، رغم كل الصعاب والمواجهات التي تعترضنا وحملات التضليل والشائعات”، مؤكداً أنه “لن يستقيل وسيقوم بواجباته حتى النهاية ولن يهزّه أحد إن في موقعه أو في حرصه على مواصلة محاربة الفساد”.
وإعتبر أن “لبنان لم يشهد مثيلاً للأزمة التي يعيشها اليوم إلا في عام 1916، وهي أزمة ليست ظرفية بل تعود إلى التسعينات، مما أدى إلى إفقار البلد و الاعتماد على اقتصاد ريعي ضاعف من ديونه وضاءل من فرص العمل فيه”، مشيراً إلى “مساهمة عدد من الظروف في اشتداد هذه الأزمة بدءاً من ارتفاع الدين الإجمالي مروراً بالحرب السورية وتداعيات أزمة النزوح على لبنان وصولاً إلى العجز في الميزان التجاري”. وتطرّق إلى “مساهمة الإضرابات التي شملت المناطق في إطار الحراك المدني في تعطيل التجارة والصناعة والإنتاج”، لافتاً إلى “تداعيات جائحة كورونا على الوضع العام، ومن ثم مأساة انفجار مرفأ بيروت التي أصابت كل اللبنانيين من دون استثناء وأدت بالاضافة إلى الخسائر بالأرواح وسقوط عدد كبير من الجرحى إلى وقف العمل به”، متناولاً في سياق حديثه عن الظروف، “وضع الفيتو على استخراج النفط وأزمة المصارف”.
وقال: “بدأنا منذ بداية العهد بالعمل والسعي لتحقيق الإنجازات من خلال قوانين تلزيم واستخراج النفط مروراً بحملة تطهير الأرض من الإرهابيين والخلايا النائمة، وصولاً إلى تعزيز السياحة وإجراء الانتخابات النيابية على أساس القانون الانتخابي الجديد، ونأمل اليوم أن نتوصل إلى الحد من الأزمة من خلال تشكيل حكومة جديدة خلال الأيام القليلة، رغم سعي البعض لعرقلة هذا التشكيل، والمباشرة بالإصلاحات البنيوية والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لإعادة بناء لبنان وتنظيمه إدارياً وسياسياً وعلى مختلف الصعد”.
وجدّد التأكيد على”سعيه المتواصل لإجراء التدقيق الجنائي”، معتبراً أنه “كلما اقترب الأمر من التحقيق كلما زادت الضغوط لمنعه”. وقال” الفساد وليد الذهنية المافياوية كما أثبتت الوقائع على مر العصور، وهناك ما تحقق أخيراً لجهة رفع السرية المصرفية”. ونوّه بمساعدة المغتربين للبنانيين المقيمين، متمنياً أن “تشرق شمس لبنان قريباً من جديد”. وقال: “نضالنا مستمر من أجل إعادة بناء هذا البلد رغم كل الصعاب والمواجهات التي تعترضنا وحملات التضليل والشائعات التي تسعى الى حرف الأنظار عن الحقيقة”.
وكان رئيس الجمهورية التقى سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية دوروثي شيا بعد لقائها الرئيس ميقاتي حيث بحثت الجهود اللبنانية لتشكيل حكومة بسرعة، وقالت بعد اللقاء”الشعب يعاني والاقتصاد والخدمات الأساسية وصلا إلى حافة الانهيار. كل يوم يمر دون وجود حكومة تتمتع بالصلاحيات وملتزمة وقادرة على تنفيذ إصلاحات عاجلة هو يوم ينزلق فيه الوضع المتردي أصلاً أكثر فأكثر إلى كارثة إنسانية”. واضافت “نحن نحضّ الذين يواصلون عرقلة تشكيل الحكومة والإصلاح على وضع المصالح الحزبية جانباً. لقد رحّبنا بإطار العقوبات الجديدة التي أعلن عنها الاتحاد الأوروبي لتعزيز المساءلة والإصلاح في لبنان، وستواصل الولايات المتحدة التنسيق مع شركائنا بشأن التدابير المناسبة”. واعتبرت شيا أن “لبنان يحتاج إلى قادته لاتخاذ إجراءات إنقاذ عاجلة، وهذا لا يمكن أن يحدث دون حكومة ذات صلاحيات تركز على الإصلاح وتبدأ في تلبية احتياجات الشعب وتباشر العمل الجاد من أجل التعافي الاقتصادي”.
على صعيد آخر، نُكّس العلم اللبناني اليوم في قصر بعبدا، حداداً على ضحايا بلدة التليل في محافظة عكار، وعملاً بيوم الحداد الوطني الذي أعلنته رئاسة مجلس الوزراء. وتلقى عون اليوم برقية تعزية بضحايا انفجار بلدة التليل في محافظة عكار، من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ابن الحسين قال فيها: “تلقيت بعميق الحزن وبالغ التأثير نبأ حادث الانفجار الذي وقع في بلدة التليل بمنطقة عكار، وأسفر عن وقوع عشرات الضحايا والمصابين. وإني إذ أعرب لفخامتكم باسمي وباسم شعب المملكة الأردنية الهاشمية وحكومتها عن أصدق مشاعر التعزية والمواساة بهذا المصاب، لأؤكد وقوفنا بجانب لبنان الشقيق وشعبه العزيز لتجاوز هذا الحادث الأليم، أسأل الله العلي القدير أن يتغمد الضحايا بواسعه رحمته وان يلهمكم وذويهم جميل الصبر وحسن العزاء، ويمن على المصابين بالشفاء العاجل ويجنبكم وشعبكم الشقيق كل مكروه”. كذلك، تلقى برقية تعزية من رئيس جمهورية روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين