أ.د محمد سليم غزوي
لنبدأ كما يقول الفرنسيون من البداية والبداية ان النظام الديمقراطي يرادف النظام العادل الصالح القويم ومن ضروراته تطبيق النظام اللامركزي او نظام الادارة المحلية حيث هي النتيجة اللازمة لسيادة الشعب فالادارة المحلية باجماع فقه القانون العام هي الخطوة الاوسع للديمقراطية تضيف اخرى الى الديمقراطية السياسية وهي الديمقراطية الادارية.
هذا ولان الدولة الاردنية وفقا لما يأمر به دستور 1952 ترتكز على دعائم الحكم الديموقراطي ” تراجع المواد 24 وما بعدها والمواد 51 وما بعدها منه” فنظام الادارة المحلية هو الالزم لنا والاحوج لنظامنا القانوني الاردني الامر الذي قاد الى تقنينه كمبدأ او او قاعدة دستورية وفقا لنص الماده 121 من الدستور ” الشؤون البلدية والمجالس المحلية تديرها مجالس بلدية أو محلية وفقا لقوانين خاصة”
ولان نظام الادارة المحلية يقوم على عدد من الاسس والركائز وفي مقدمتها: ” التقسيم الاداري للدولة ” الذي يحدد ” نطاق واحجام الوحدات الادارية المحلية المختلفة وهو ما يوفره ” الاسلوب او التقسيم الطبيعي ” الذي تأخذ به مختلف نظم الادارة المحلية في العالم ويقوم هذا ” الاسلوب او التقسيم الطبيعي ” على الاعتراف ” بالمجتمعات القائمة قرية او وحدة عشائرية مدينة او ريف حضر بادية.. الخ كوحدات اساسية للادارة المحلية. الامر الذي يحقق اي هذا التقسيم الطبيعي ” وحدات ادارية اجتماعية حقيقية” “متدرجة ومتعددة المستويات وتضم كل وحدة من الوحدات الادارية المتدرجة” مجتمع محلي متميز الخصائص بمعنى” يتوافر لسكانها عناصر التجانس ووحدة المصلحة ووحدة الانتماء بقيم وعادات وروابط قويه بين السكان، وعليه اما خلاف ذلك اي عدم الاعتراف بالمجتمعات القائمة وفقا لاية وسيلة من الوسائل ” كالالغاء والدمج لتكوين وحدة كبيرة المساحة او اعتماد النطاق الجغرافي الواسع كالذي اعتمدته احدى الحكومات الاردنية عندنا في الاردن عندما الغت المجالس القروية واعتمدت الدمج بين البلديات” فاننا لن نكون امام وحدة اجتماعية ذات صفات محلية فصفة ” المحلية ” تنتفي عن الوحدة الادارية ولن نكون امام وحدة ادارية لاغراض الادارة المحلية”.
ولان تطبيق نظام الادارة المحلية يعود بالفائدة على كل من المناطق المحلية وسكانها وكذلك على السلطة المركزية حيث قيل”انه يمكن حكم البلاد من بعد ولكن لا يمكن ادارة دفة الامور الا عن قرب “فان الادارة المحلية – وهي الالزم لنا في الاردن والاحوج لنظامنا القانوني – تتحقق او تقوم على عناصر ثلاثة رئيسية:
الاول) الاعتراف بوجود مصالح محلية مصحوبا بمنح الشخصية المعنوية للوحدات الادارية المحلية الخاصة بوحدة اجتماعية معينة متميزة عن تلك المصالح لسائر سكان الدولة وقد وجد ” الفن التشريعي ” وسيلتين مختلفتين : او اسلوبين تشريعيين ” قاما بتحديد هذه المصالح وهما ” الاسلوب الانجليزي والاسلوب الفرنسي ” اما ” الاسلوب الانجليزي فيتمثل بتحديد اختصاص كل سلطة محلية على سبيل الحصر وبهذا تتفاوت الاختصاصات وتتباين، واما ” الاسلوب الفرنسي فيقوم على اساس تحديد اختصاصات السلطات اللامركزية المحلية طبقا لقاعدة عامة تبيح لها القيام بكل ما يهم سكان الوحدة المحلية عدا ما يستثنيه المشرع صراحة من اختصاصات يحتفظ بها للسلطات المركزية.
الثاني ) ان يعهد بادارة هذه المصالح والاشراف عليها لهيئات متدرجة ومتعددة المستويات منتخبة ومستقلة. وبتوفير هذا الاساس او الركن الثاني يتم : ” نبذ الاعتماد في التقسيم الاداري للدولة على ” اسس ادارية خالصة” التي تترجم مستوى واحد او وحدة ادارية واحدة يكونها المزج او الدمج بين الوحدات الاجتماعية بحيث تختفي الوحدات الاجتماعية الحقيقية ويختفي بالتالي الولاء والانتماء المحلي كحال الاردن عندما الغى المجالس القروية واعتمد اسلوب الدمج بينها والبلديات وبين البلديات نفسها ” ثم تم الالتفاف على هذا الدمج وتم تقسيم كل من البلديات المدمجة الى مناطق وكاننا نرى المركزية في البلدية واللامركزية في المناطق انه عمل سيء وضار بنظام الادارة المحلية.
” كما تنبذ امرا اخر هام ومهم الا وهو ” المزج او الدمج بين الوحدات الادارية المحلية والوحدات الادارية اللامركزية” نموذجه اي المزج قائم والى الان عندنا في الاردن الذي لم يكتف بضرورة التعاون وبالرقابة فقد اعتمد سياسة ” المزج بين الوحدات المحلية والوحدات الادارية اللامركزية” وهو بهذا لم يلتفت لما بين هذين النوعين من الوحدات من فصل قام بتقنينه المشرع الاردني وفقا لما تضمنته المواد 120 و121 من الدستور والانظمة المكملة ” نظام التقسيمات الادارية ونظام التشكيلات الادارية لعام 2000 “.
الثالث) وان تخضع هذه الهيئات لرقابة من جانب السلطة المركزية حيث لا استقلال في الادارة بغير رقابة” او وصاية ادارية ” من الدولة وفق نظامين توليا تحديد معنى ومضمون الرقابة او الوصاية وهما :
” النظام الانجليزي فقد اقام الرقابة على التحقق من توفير اكبر قدر من الفاعلية والكفاية لنشاطها وادارتها للمرافق المحلية التي تدخل في اختصاصاتها تتمثل في ” الاعانات والمنح التي تقدم للهيئات المحلية، التفتيش والتظلم.. الخ
” واما النظام الفرنسي فالرقابة في هذا النظام يطلق عليها ” الوصاية الادارية” تنصب على الهيئات المحلية واعضائها وعلى تصرفات واعمال الهيئات المحلية.
هذا وبالعودة الى رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني
فان فاتحة الحديث حولها ” ذلك القول المأثور الذي اطلقه جلالته واراد من ذوي الصلة “بالتنفيذ ان يتولوا تقنينه وترجمته على ارض الواقع ” وهو : ان اهل الاقليم ” المحافظة / المحافظات بقراها ومدنها بريفها وبحضرها وبباديتها ” ادرى بمصالحهم واحتياجاتهم وتحديد ما يتعلق بمناطقهم “
ولان جلالته اراد من ذلك القول – الشعار لمرحلة جديدة في البناء الاداري للمملكة – ان يتولى ذي الصلة بالتنفيذ تقنينه ومن ثم ترجمته على ارض الواقع.
قام جلالته باصدار ارادته الملكية في 31/1/2005 وتضمنت امرا بتكوين ” لجنة الاثني عشر ” من اصحاب الدولة والمعالي ” زيد الرفاعي عبدالرؤوف الروابدة فايز الطراون عبدالهادي المجالي مروان الحمود رجائي الدجاني عوض خليفات نايف القاضي ممدوح العبادي عقل بلتاجي هشام التل مها الخطيب ” لدراسة اعادة النظر في التقسيمات الادارية في المملكة بحيث يكون لدى الاردن عددا من المناطق التنموية او الاقاليم التي يضم كل اقليم منها عددا من المحافظات ويكون لكل اقليم مجلسا منتخبا انتخابا مباشرا من سكان هذه الاقاليم ليقوم بالاضافة الى المجالس البلدية المنتخبة في المحافظات بتحديد الاولويات ووضع الخطط والبرامج المتعلقة بهذا الاقليم بدلا من اقتصار هذه المهمة على صانع القرار في المركز. فاهل الاقليم ادرى بمصالحهم واحتياجاتهم.
ولان الحكومة في ذلك الوقت احاطت دراسات وتوصيات اللجنة الموقرة سالفة الذكر بالسرية الى ان افرجت عنها في 12/3/2009 حيث ذهبت وعلى استحياء نحو تطبيق مشروع الاقاليم عندما اختارت محافظة مادبا لتشكل نقطة انطلاق لهذا المشروع حيث خريطة مادبا التنموية مكتملة وموازنتها جاهزة.
هذا ولان مشاركة المواطنين كانت منعدمة ولان الموقف بمجمله غير بناء فقد توجه جلالة الملك في 11/5/2009 الى الحكومة وابلغها بضرورة ان تخطو خطوة عملية وتقوم بتشكيل لجنة وزارية تشرف على تطبيق مشروع اللامركزية.
تراخت الحكومة مرة اخرى واستمر هذا التراخي حتى حل 2/12/2015 تاريخ اصدار قانون اللامركزية رقم 49 كما تراخت مرة اخرى عندما انتظرت طويلا على اصدار نظام الدوائر الانتخابية لمجالس المحافظات رقم 135 لسنة 2016 تاريخ 21/9/2016.
وعليه ولان امر اللامركزية الادارية بمختلف مصطلحاتها وتطبيقاتها في المملكة لا تتفق ورؤى جلالة الملك عبدالله وما تستهدفه هذه الرؤى قياسا على ما تم اصلاحه وبنائه وتطويره في مجالي المشروعية السياسية والشرعية الدستورية في يوم الدستور الخالد 1/10/2011 ولا يحقق الطموح حيث عنوانه قول جلالته “” اهل الاقاليم ادرى بمصالحهم واحتياجاتهم ” واداتهم في هذا مجالس منتخبة منهم وهم اصحاب الصلاحية بتحديد اولوياتهم وخططهم وبرامجهم المتعلقة بمناطقهم.
وهنا لا بد من وقفة، وحيث يجمع الفقه الدستوري وعلى رأسهم الفقيه الفرنسي ” بارتلمي ” على ان في مقدمة وسائل النهوض بانظمة الحكم هي شخصية رجال الحكم وبخاصة شخصية رئيس الدولة ملكا كان او رئيس جمهورية.
فقد صدرت الارادة الملكية في 9/5/2019 لتحقق امنية طال انتظارها الا وهي ” الديمقراطية الادارية او الادارة المحلي” وذلك باستبدال وزارة الشؤون البلدية بوزارة الادارة المحلية يرأسها وزير للادارة المحلية حيث هذه الوزارة كما يجمع على ذلك فقه القانون العام تعتبر الركيز الاساس لنجاح نظام الادارة المحلية تتولى الاشراف على العلاقات ما بين الادارة المركزية ومجالس الوحدات الادارية المحلية وتتولى وزارة الادارة المحلية بصورة خاصة ما يلي : ” وضع التشريعات المتعلقة بالادارة المحلية واختصاصاتها وواجباتها وكل الانظمة الاساسية المتعلقة بها، كما تتولى تنسيق هذه التشريعات وضبط ما يخص نظام الادارة المحلية بمنع الانتقاص من اختصاصات المجالس المحلية، وهي التي تقوم بتمثيل مصالح الوحدات الادارية المحلية لدى السلطات المركزية، وتشجيع التعاون ما بين مجالس الادارة المحلية وتنسيق هذا التعاون، وكذلك السهر على حسن تطبيق تشريعات الادارة المحلية، وتأمين الاتصال بين مجالس الادارة المحلية والعالم الخارجي..الخ.
وذهبت الحكومة الى وضع هذه الارادة موضع التطبيق وقامت باعداد مشروع قانون الادارة المحلية لعام 2020 لتبدأ رحلته المكوكية من مجلس الوزراء الى مجلس النواب والعكس واستقر اخيرا بعد ان انهى رحلته في مجلس الوزراء محاطا بالسرية الكاملة رغم ما يقال وما يتسرب عنه ان صح – هذا الذي تسرب وقيل – سنكون امام لوحة رديئة سيئة وضارة للبناء الاداري في المملكة الاردنية الهاشمية، ونضيف لوحة بناء اداري متمردة على ما تأمر به الارادة الملكية سالفة الذكر.
وهنا لا بد من وقفة ايضا، حيث ان الارادة الملكية بالموافقة على ان يكون لدينا في المملكة الاردنية الهاشمية ” ادارة محلية” اي ” ديمقراطية ادارية “فانها تعني بالتأكيد : ( ادارة محلية بمعنى الكلمة) وفقا للمعايير المتعارف عليها دوليا والمأخوذ بها ومطبقة في كل الدول المتقدمة وتترجم بشكل علمي دقيق شعار جلالة الملك ” اهل الاقليم ” المحافظة بمدنها وقراها وباديتها ” ادرى بمصالحهم ” واحتياجاتهم ” وتحديد كل ما يتعلق بمناطقهم ” وتنبذ بالتأكيد : كل ما يقود الى وضعها في غير الوضع الصحيح لها الذي لا ينسجم مع نص المادة 121 من الدستور ” الشؤون البلدية والمجالس المحلية تديرها مجالس بلدية او محلية وفقا لقوانين خاصة ” حيث الديمقراطية الادارية او الادارة المحلية وفقا لهذا النص ” مبدأ دستوري” ولا يجوز افراغه من مضمونه والا سيكون العمل من اساسه باطل ولا ينسجم مع ما يأمر به الدستور.
ونضيف ان الارادة الملكية بالموافقة على ان يكون الاردن من الدول التي تطبق ” الادارة المحلية او الديمقراطية الادارية” تنبذ السياسة التشريعية السابقة على صدورها وتتعلق بمكوناتها وبخاصة سياسة المزج بين الوحدات الادارية اللامركزية والوحدات الادارية المحلية بدلا من سياسة الصلة التي تحددها ( ” اللامركزية بالمركزية تحد كل منهما الاخرى مما يقتضي الفصل بينهما دون ان ننسى انها تتلاقى عند بعض الاسس والاعتبارات العامة، واللامركزية بالرقابة الادارية ” )
وبالعودة الى مشروع قانون الادارة المحلية لعام 2020 الذي انتهى من دورته المكوكية رواحا ومجيئا بين الحكومة ومجلس النواب ليستقر بعدها في مجلس الوزراء محاطا بالسرية الكاملة على خلاف القاعدة الاساس في مراحل سن القاعدة القانونية وبخاصة عندما يتعلق الامر بقانون نظام الادارة المحلية الاقرب الى ارادة الشعب وسيادته، ولاننا لا ندري متى سيفرج عنه وما اذا كان قد استقر بنصه الذي وضع في العام 2020 ام تغير تعديلا بالالغاء او بالحذف والزيادة لينسجم مع رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني ام سنشهد شططا يضاف الى اخر سبقه عند وضع المشروع في عام 2020 ؟ فاننا سنذهب الى اطلالة على ” الشطط ذي الصلة بوضع مشروع 2020 .
وهنا وقبل ان نسارع الى تلك الاطلالة لا بد من وقفة:
لنؤكد بان الارادة الملكية الصادرة في 9/5/2019 بلورت امرا في غاية الاهمية حيث ما قبلها غير ما يجب ان نوفره ويتوفر بعدها
اولا ) اما ما قبلها فهو يرتد الى عام 1925 وهو تاريخ تطبيق اول قانون للبلديات في امارة شرق الاردن واستمر تطبيق هذا القانون الى ان الغي وحل محله قانون 1938 وفي عام 1954 صدر قانون ادارة القرى رقم 5 وتم الغاء قانون البلديات لعام 1938 ليصدر بدلا منه قانون البلديات رقم 17 لسنة 1954 ولم يستمر طويلا حيث الغي وحل محله قانون جديد للبلديات رقم 29 لسنة 1955 واستمر تطبيق هذا القانون حتى عام 2007 حيث صدر قانون جديد رقم 17 لسنة 2007 وفي عام 2011 الغي قانون 2007 وحل محله القانون رقم 13 لسنة 2011 استمر تطبيقه الى ان حل محله القانون رقم 41 لسنة 2015، وبناء عليه فان مرحلة البناء الاداري في الاردن امتدت لاكثر من تسعين عاما ولم تحقق الهدف المرجو ولم تنهض باهم جوانب نظام الحكم الذي ارسى اسسه دستور 1952 ونعني بذلك ” الديمقراطية الادارية او الادارة المحلية” فهذا امر يثير التساؤل وهنا سنسارع الى القول ان السبب يكمن في امرين اثنين هامين :
1- ان القائمين على البناء الاداري الاردني كما غيرهم في مجالات اخرى قاموا بالخلط ما بين اسلوب عدم التركيز الاداري واسلوب الادارة المحلية ولم يروا في الادارة المحلية او الديمقراطية الادارية شريكا حقيقيا فاعلا للنهوض بنظام الحكم فاعتمدوا بدلا من سبر الاغوار للوصول الى التشريع الامثل “” الاطلالة التشريعية عن بعد “” حول ما يتعلق بضرورة ان يكون لدينا في المملكة وعندنا في المملكة ادارة محلية او ديمقراطية ادارية، وبخاصة عندما ذهبت وزارة الشؤون البلدية والقروية والبيئة في مرحلة المجلس الوطني الاستشاري الاردني الى وضع مشروع لقانون الادارة المحلية في عام 1980 وظل يراوح مكانه الى ان روجع ووضع بصورة جديدة عام 1982 وافق عليها المجلس سالف الذكر وظل مجرد مشروع لم ير النور. كما اعتمدوا مسارا رديئا ضارا لم ينقطع الى الان الا وهو ” المزج ما بين الوحدات الادارية اللامركزية والوحدات الادارية المحلية” ولم يلتفتوا الى ان هذا يخالف الدستور وما يأمر به وذهبو الى وضع نظام التقسيمات الادارية وكذلك نظام التشكيلات الادارية في غير وضعها الصحيح ( ” تراجع القوانين والانظمة ذات الصلة وبخاصة قانون ادارة القرى لعام 1954 وقانون البلديات لعام 2015 وقانون اللامركزية رقم 49 لسنة 2015 كما يراجع نظام التقسيمات الادارية ونظام التشكيلات الادارية لعام 2000 ” ) .
2- اما الامر الثاني وهو امر هام يكمن في السياسة التشريعية الرديئة الضارة التي انتجت هدما لما بذل على مدى التسعين عاما الفائتة وكنا نعتمدها لنقلة نوعية توصلنا الى الادارة المحلية او الديمقراطية الادارية ونعني بالهدم هنا ذلك الذي اعتمدته وزارة الشؤون البلدية والقائمين عليها في ذلك الوقت خاصة باسلوب الالغاء لاهم وحدات الادارة المحلية وهي المجالس القروية نقطة الانطلاق للوحدة المحلية الاكبر وخاصة اعتماد اسلوب الدمج للبلديات خلافا لكافة الاسس والمعايير والركائز اللازم الحفاظ عليها واحترامها في مجال البناء الاداري لهذه الدولة او تلك فقد قنن اسلوب الدمج اسلوبا يستبدل وفقا له القاعدة العريضة المتعددة المجالس المحلية والمتدرجة بمستوى واحد يجمع مجالس تفتقد لقاسم مشترك،” – يراجع حول هذا الموضوع الدراسة القيمة التي قام بها واعدها مركز الدراسات الاسترتيجية في الجامعة الاردنية بعنوان ” البلديات – ضعف الاستراتيجية وهيمنة المرحلية – 2004″
ونضيف ان الضرر امتد ليشمل ما يطلق عليه ” مدير البلدية” city makager او اسلوب مدير البلدية الذي اعتمدته العديد من الدول المتقدمة” كالولايات المتحدة الامريكية وانجلترا والمانيا “وهو اتجاه جديد اخذ به قانون البلديات المعدل رقم 22 لسنة 1982 ” م42/3 ” و لان من المفيد ان نذهب الى اطلالة لما قيل وحول ما قيل في تبرير هذا التوجه الجديد الذي استحدث ” اسلوب مدير البلدية” اما ما قيل في تبريره “
” ان كل مؤسسة او دائرة رسمية يوجد فيها شخص ثان بعد الرئيس لضمان استمرار العمل عند غيابه ولمساعدته اثناء وجوده عدا البلدية وكل مؤسسة تهمل هذا الترتيب الاداري تتعرض لاضطراب سير العمل وهدم انتظامه وتركز الفاعليات والصلاحيات بيد واحدة قد تفخر عند القيام بمهامها وهو وضع يشير الى خلل اداري يفترض ان يعالج بوجود شخص ثان في هذه المؤسسة والوضع الحالي هو خطأ شائع اعتدنا عليه ولا بد من علاجه بوضع مدير مؤهل يساعد رئيس البلدية ويحافظ على انتظام العمل عند غياب الرئيس “
” ابعاد الجهاز التنفيذي العامل في البلدية عن المؤثرات الانتخابية والتيارات العشائرية المتصارعة في البلدة لا بد من وجود مدير لهذا الجهاز يعمل وينفذ بشكل موضوعي وحيادي بعيدا عن هذه المؤثرات “
” الحكم المحلي لا يعني اعطاء صلاحيات فردية لشخص رئيس البلدية وانما اعطاء صلاحيات لهيئات شعبية وقيادات جماعية وهي المجالس المحلية كما ان الحكم المحلي يدعو الى المشاركة وتوزيع الاختصاصات ليضمن افضل الاداء في العمل مما يستدعي وجود مدير البلدية “
” وجود المدير يجنب المجالس البلدية حالات الانشقاق والتصدع والذي يتمثل باستقالة الاعضاء في غالب الاحيان احتجاجا على تصرفات الرئيس فيتلقى الصدمة ويبقى المجلس متحدا واذا ما قصر المدير في عمله او انحرف يمكن ان ينقل وتتخذ بحقه كافة الاجراءات التأديبية وهذا متعذر بالنسبة لرئيس البلدية”
” لضمان حسن تنفيذ قرارات المجالس البلدية في وقتها ومكانها المحدد ولمواجهة تخلف العمل ومتطلبات توسع الاعمال والمشاريع الجديدة التي ظهرت نتيجة التطور في البلديات “
” لخلق ابعاد جديدة في نظم الادارة المحلية تسمح بمزيد من المشاركة الفعالة في التنمية والتطور بصورة افضل ولتحقيق لامركزية الوظائف بصورة مناسبة وتدعيم قدرات واجهزة الحكم المحلي وتخفيف التركز الاداري “
” حجم العمل وتنوعه في البلديات اصبح كبيرا جدا وهذا يستدعي وجود جهة تمثيلية ترسم السياسة العامة للمدينة وتقرر بشكل واضح ما تحتاجه البلديه وتراقب التنفيذ وهذه الصلاحيات للمجلس البلدي ويترك لشخص خبير ومتخصص صلاحية التنفيذ “
” الحكم المحلي في المرحلة القادمة سيمنح صلاحيات واسعة للمجالس ويرتب مسؤوليات كبيرة تستدعي التحضير لها بتقسيم العمل وبتوفير الاجهزة والكوادر القادرة على تنفيذ هذه المهمات وتحمل المسؤوليات واتقان العمل مما يستدعي وجود مدير للبلدية يعتبر رئيسا للجهاز التنفيذي “
” رئاسة البلدية مركز تمثيلي شعبي ولا يفترض في الرئيس ان يكون متخصصا في شؤون البلديات بما فيها من امور مالية وادارية وفنية وتنظيم مما يقتضي وجود شخص فني مدرب ومتخصص في اعمال البلديات يمثل دور وكيل الوزارة ويحافظ على استمرارية العمل وتنفيذ البرامج والخطط المرسومة عند تغيير رئيس البلدية او المجلس البلدي “
” لتلبية مطالب رؤساء البلديات بتحديث قانون البلديات وايجاد افكار عملية جديدة تتناسب مع كل تطور ومنح رؤساء البلديات الوقت الكافي للتفكير والتخطيط والاشراف على الشؤون العامة للمدينة”
” واخيرا لانه لا يمس بشيء من قريب او بعيد عملية الانتخاب او الديمقراطية او الحكم المحلي لان سلطة التقرير لجميع الامور تعود للمجلس وللمدير مهمة التنفيذ فقط “
وقد ترك القانون لمجلس الوزراء بتنسيب من الوزير ان يحدد البلديات التي يجب ان يعين لكل منها مدير على ان يتم هذا التعيين بقرار من الوزير بناء على تنسيب لجنة من المتصرف والرئيس ونائب الرئيس وتحدد شروط تعيينه وحقوقه والتزاماته واتخاذ الاجراءات التاديبية بحقه وانهاء خدماته بموجب الانظمة المعمول بها.
هذا وتحدد اختصاصات مدير البلدية بما يلي:
يعتبر رئيس الجهاز التنفيذي في البلدية ومرجع دوائرها وموظفيها ويكون مسؤولا عن مراقبة وضمان حسن سير الاعمال فيها “
” تنفيذ قرارات المجلس ومتابعة تنفيذ العقود ويتولى المخابرات المحلية نيابة عن الرئيس “
” اعداد جدول الاعمال باشراف الرئيس ويبلغه الى الاعضاء ويحضر جلسات المجلس ويشترك في مناقشة المواضيع دون ان يكون له حق التصويت “
” الاشراف على صيانة املاك البلدية واموالها والمحافظة عليها “
” اعداد مشروع الموازنة السنوية للبلدية ورفعها الى المجلس في الوقت المحدد واعداد التقرير السنوي والربع السنوي والحساب الختامي وتقديمها الى المجلس”
” مراقبة تحصيل واردات البلدية ومتابعتها والامر بصرف النفقات واصدار الحوالات وفقا لقرارات المجلس والموازنة “
” عقد مقاولات لا تزيد قيمة كل منها على مائة دينار وذلك بناء على توصية لجنة مؤلفة من اثنين من موظفي البلدية”
هذه الصلاحيات والمسؤوليات يمارسها المدير تحت رقابة المجلس البلدي ويكون مسؤولا امامه وفي الوقت نفسه ابقيت لرئيس البلدية اختصاصات تنفيذية واسعة.
وعليه فالرأي حول التبرير سالف الذكر:
نجده على الرغم مما قيل في تسويغ هذا الاتجاه الجديد ” يحمل في طياته العديد من التناقضات والعديد من الاخطاء ابرزها واهما انه ” جاء في الاصل كوسيلة لمقاومة رئيس البلدية القوي ” وبالتالي فانه لا يستقيم ولا ينسجم مع وجود رئيس متفرغ وسيؤدي الى تنازع في الاختصاص بين الرئيس والمدير خاصة وان المدير غير مسؤول امام الرئيس وانما امام المجلس
ومن ناحية اخرى فاني ارى بان هذا الاتجاه الذي اخذ به قانون البلديات المعدل ووضعه في غير الوضع الصحيح هو نقل مشوه وتقليد ضار. لماذا؟ ذلك لان اشكال ” الرئاسة التنفيذية للوحدة المحلية تتعدد اشكالها فهناك الرئيس االتنفيذي المحدود الصلاحية او الضعيف، plan week executive اي شغل الوظيفة دون تفرغ كامل لها او رئيس شرفي ceremonial head ” ، والرئيس التنفيذي الواسع الصلاحيات او القوي plan strong executive حيث يتم انتخاب الرئيس والاعضاء للمجلس المحلي لتولي المسؤولية عن كافة ادارة شؤون الوحدة المحلية.
اما مدير البلدية city manager فهو شكل اخر من اشكال الرئاسة التنفيذية للوحدة المحلية يقوم بدور قيادي وقد اعتمدته العديد من الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة الامريكية وانجلترا والمانيا وعدد متزايد من الدول الاخرى
ويعين مدير البلدية:
” اما مباشرة من قبل المجلس المحلي في المنطقة بناء على مؤهلاته وخبراته العملية في مجال الخدمة المحلية وبالتالي فهو يعتبر شخصا مهنيا في وظيفته يدير شؤون الوحدة المحلية ويقوم بالعديد من الواجبات الى الحد الذي يعتمد المجلس المحلي بشكل كبير على مدير البلدية الذي قد يسيطر على المجلس.
” واما بالتعيين من قبل السلطات المركزية وبالتالي لا يمكن عزله عن منصبه الا بموافقة هذه السلطات، وعليه فان فلسفة الدول التي اخذت بنظام مدير المجلس ان يكون الرئيس غير متفرغ ويوصف بالرئيس الشرفي – المحدود الصلاحية – الضعيف يرأس المجلس البلدي الذي يتكون من عدد كبير من الاعضاء . ” يراجع الدكتور عادل حمدي – الاتجاهات المعاصرة في نظم الادارة المحلية – الدكتور فوزي العكش- الحكم المحلي والادارة المحلية – الدكتور محمد الغزوي – نظرات حول الادارة المحلية في المملكة الاردنية الهاشمية”
وبالتالي فان ما اخذ به قانون البلديات المعدل سالف الذكر والقوانين التاليه له يخلط بين اسلوبين :
الاول) اسلوب رئيس المجلس البلدي القوي الذي يجعل الصلاحيات في يد الرئيس ويجعله مسؤولا عن الجهاز الوظيفي والفني العامل في البلدية الذي يرأسه وهو عادة يكون متفرغ يمارس هذه الصلاحيات الواسعة باعتباره سيمثل المجلس وينطق باسمه .
الثاني) اسلوب رئيس المجلس البلدي الضعيف فهناك مجلس منتخب يرأسه شخص منتخب ايضا من ذوي الكفاءات العالية او معين لكنه غير متفرغ وله اعماله الاخرى وتنحصر مهمته في دعوة المجلس الى الانعقاد ورئاسة جلساته وادارته اما القرارات التي يصدرها المجلس فتنفذ من قبل الجهاز الاداري الفني المعين من قبل المجلس وعلى راس هذا الجهاز المدير الذي يعتبر رئيسا للهيئة التنفيذية في البلدية ويعين من ذوي الكفاءات القادرة على الادارة والتنفيذ والتنسيق
ثانيا ) واما ما بعد عام 2019 وما يجب ان يتوفر فهي مرحلة ” مشروع الادارة المحلية لعام 2020 ” وهو مشروع يثير الكثير من الاسئلة تدور جميعها حول ” هل وفر هذا المشروع كما هو عنوانه ” الادارة المحلية او الديمقراطية الادارية ” ساسارع الى القول ان الاجابة يجب ان تتم في ضوء ما يلي :
تتحقق الادارة المحلية او الديمقراطية الادارية ويوفرها التشريع :
1- عندما يتم الاعتراف بوجود مصالح محلية متميزة عن المصالح الوطنية الكبرى ويترك الاشراف عليها ومباشرتها لمن يهمهم الامر حتى تتفرغ الحكومة المركزية والوحدات الادارية اللامركزية للمصالح التي تهم الدولة كلها ويقوم المشرع بتحديدها وفقا للاساليب المتعارف عليها وبخاصة الاسلوب الفرنسي
2- وعندما يشترط الانتخاب كاساس واسلوب لتشكيل الوحدات الادارية المحلية واختيار اعضائها
3- وعندما يشترط مفهوما خاصا للوحدات الادارية المحلية كوحدات اجتماعية ووحدات ذات مفهوم محلي بمساحات وحجم يعزز هذا المفهوم الخاص وتقوم على التدرج ” كبرى ” ” صغرى ” اصغر ” .
4- وعندما تستقل المجالس المحلية في ممارسة اختصاصاتها المحلية تحت اشراف ورقابة السلطة المركزية ” الرقابة الادارية بالاضافة الى رقابة البرلمان والقضاء.
ولاننا على ابواب الادارة المحلية الحقيقية فاننا نتمنى على المشرع الاردني ان لا يحيد عن المسار الذي يقود الى تحقيق ” الديمقراطية الادارية او الادارة المحلية باعتماد الاسس سالفة الذكر والذهاب الى تقنينها لينسجم مع ما وصل اليه النظام القانوني من تطور ويحقق رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني وبالعودة الى بيان مدى كفاية وكفاءة مشروع قانون الادارة المحليه لعام 2020 فاننا نرى ان المدخل للاجابة هو :
1 )العمل على نبذ السياسة التشريعية الرديئة والضارة التي سادت في تلك المرحلة التي تم فيها ” نبذ الاعتراف بالمجتمعات القائمة المتعددة المتدرجة كوحدات محلية عندما تم الغاء المجالس القروية وهي الوحدة المحلية التي تقود بعد مدة لا تقل عن خمس سنوات من انشائها الى انشاء مجلس بلدي وعندما تم استبدال مستوياتها بمستوى واحد اقتصر على ” البلدية ونضيف انه ترتب على الغاء المجالس القروية افراغ القرى الصغيرة من سكانها واصبحت مهجورة تماما حيث الهجرة الى المدينة مع ما يترتب على ذلك من ضرر في كافة المجالات واما عن المستوى الواحد للوحدات المحلية فقد انتجته السياسة التشريعية الضارة ايضا حيث تم نبذ الوحدات الاجتماعية الطبيعية القائمة والذهاب الى سياسة الدمج فيما بينها ليقوم على انقاضها وحده شاسعة المساحة تخلو من التجانس يهدر الولاء والانتماء المحلي وهو امر لا يقره نظام الادارية المحلية.
2) ولان ” التمييز بين الرئيس المتفرغ والرئيس غير المتفرغ للوحدة المحلية ” امر هام يفسح المجال امام ” مدير البلديو ” كشكل اخر من اشكال الرئاسة التنفيذية للوحدة المحلية فاننا نعتقد ان من المفيد والملائم ان يعتمد نظامنا القانوني هذا الاسلوب على ان تتولى السلطة المركزية تعيين هذا المدير ولما كان الامر كذلك لنذهب ونرى كم هو كاف وكم هو كفؤ مشروع الادارة المحلية لعام 2020 الذي استقر في مجلس الوزراء مقفلا عليه الامر الذي يبرر تقييمنا وفقا للتساؤل السالف الذكر لمشروع 2020 كما وضع في ذلك الوقت وما اذا كان ينسجم فعلا مع الرؤية الملكية ام يترجم شططا حكوميا تبتعد فيه الحكومة العتيد ويبعدنا رئيسها / رئيس الحكومة رجل القانون عن تحقيق الرؤية الملكية وعن ذلك الطموح بتوفير الديمقراطية الادارية حيث يقول الشاعر عنتره ابن شداد ( شطت مزار العاشقين فاصبحت – عسرا على طلابها ابنة مخرم )
وهو الرجل ابن كلية حقوق الاردنية الذي نحترمه ونقدره ونتمنى له كل النجاح واكثر التفوق في كل القضايا على كل من سبقه حيث هو الاعلم بمضار السياسة التشريعية الرديئة الضارة للنظام القانوني الاردني بتدرجه المعروف لدى رجال القانون وهو الادرى بمواطن الخلل الذي تعاني منه العديد من القوانين الاساسية في النظام القانوني الاردني حيث لا تحتاج الى اكثر من اعتماد المهنية العلمية المحايدة والنزيهة عن كل غرض لمراجعتها.
وعليه وفي ضوء التحليل العلمي العميق لمعنى ومضمون اللامركزية الادارية التمثيلية الديمقراطية او الادارة المحلية فاننا لا نجد في قانون الـ 2020 ما يوفرها وبناء عليه سنسارع الى القول:
ان التشريع الاوفى والاكمل لنظام الادارة المحلية – الديمقراطية الادارية الالزم والاحوج لنظامنا القانوني – هو التشريع الذي يوفر :
1- ” التعدد المتدرج لمستويات الوحدات الادارية المحلية شرط ان يتم على قاعدة ” الاساس او التقسيم الطبيعي ” للمجتمعات المحلية القائمة لكل وحدتها المحلية ومجلسها المنتخب من سكان هذه الوحدة وهي كما نرى : ” الريف الاردني الواسع الانتشار بتجمعاته السكانية وبقراه الفريدة “زائد المدينة زائد المحافظة التي تباشر جميع الاختصاصات المتعلقة بالمرافق العامة التي لا تختص بها الوحدات المحلية ” القرية والمدينة” و حيث مجلسها المنتخب على مستوى المحافظة هو الذي يشرف ويراقب اعمال ونشاط المجالس المحلية ويقوم بالتصديق او الاعتراض على قراراتها والموافقة على اقتراحاتها بانشاء والغاء المجالس القروية وترقيتها الى مجالس بلدية.
2- “الذي يحرم تضمين تشريعات الادارة المحلية وعلى راسها القانون ” ازدواجية الوحدات اللامركزية” اي الوحدات الادارية والمحلية” وبالتالي تحريم الخلط ما بين ” المجالس المحلية والمجالس الادارية او التنفيذية”
3-” العودة عن السياسة الضارة التي لا يقرها نظام الادارة المحلية بشكل عام وبخاصة في الاردن ونعني بذلك تلك التي قادت الى : ( الغاء الوحدات الصغرى او القرية ) ( والى الدمج ” القرى مع البلديات او البلديات مع بعضها ” ) وانتجت وحدات شاسعة المساحة فنبذت الصفة المحلية عن كل منها وعن مجلسها واكثر البست السياسة التشريعية الرديئة للبلديات المدمجة ثوبا جديدا لا علاقة له بادارة محلية ولكنه اقرب الى اللامركزية داخل الوحدات المحلية يتمثل ” بتقسيمها الى مناطق “، اما الوجهة الاخرى الضارة فقد كانت على صعيدين الاول الغاء الوسيلة النموذج للوصول الى الوحدة المحلية الثانية التي يبنى عليها نظام الادارة المحلية والصعيد الاخر هو هجر القرى لسكانها وتفضيل الهجرة الى المدينة بدلا من البقاء فيها. وبالتالي فان السياسة التشريعية غير الضارة للبناء الاداري الاردني وكذلك السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي ان نعود الى ” احياء القرى ومجالسها المحلية ودعمها بالخدمات والمشاريع التي توفر لسكانها الاستقرار والبقاء فيها.
وبالعوده الى الرؤية الملكية، وحتى ينسجم ذلك التشريع الاوفى والاكمل مع رؤية جلالة الملك ويدفع بالنظام القانوني الاردني الى افاق ارحب في كافة المجالات ” السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية” فاننا نملك مسارين هامين ومهمين : علينا ان نختار ايها يوفر المصلحة ويحققها.
اما الاول ) فهو اعتماد نظام اللامركزية الادارية التمثيلية الديمقراطية او نظام الادارة المحلية بمعنى الكلمة”وفقا لما يوفره التشريع الاوفى والاكمل السالف الذكر
اما الثاني) فهو احياء مشروع جلالة الملك باعتماد نظام اللامركزية الادارية الاقليمية الذي يقسم المملكة الى ” اقاليم لكل رئيسه ويشمل كل منها مجموعة محافظات بالبناء الاداري السالف الذكر لكل محافظة. ولاننا في ظل لامركزية ادارية اقليمية ولدينا مجموعة من الوحدات المحلية لكل مجلسها المنتخب من السكان المحليين. فانه يلزم ان يكون في هذا الاقليم ” مجلسا أعلى ” يتكون من: ” المحافظين زائد رؤساء المجالس المحلية” القرية والمدينة والمحافظة” زائد رؤساء المجالس الادارية التنفيذية في المحافظة والالوية والاقضية زائد من يمثل وزارة التخطيط زائد رؤساء الجامعات في محافظات الاقليم.
ويتولى ” الاشراف والرقابه على اعمال ونشاطات المجالس المحلية في المحافظات ” ونضيف اخر نراه مهما:
أ) بالاختصاصات التي تسند لمجالس الوحدات المحلية وكذلك الرقابة التي تمارسها السلطات المركزية على الوحدات المحلية فيتم ذلك وفق احد الاسلوبين الذائعي الصيت لكل من هذين المجالين في نظام الادارة المحلية وهما ” الفرنسي والانجليزي “.
ب) وبالضمانات حيث الاهم ” كفالة اللجوء الى القضاء والطعن بما يصدر عن المجالس المحلية.
ج) وبالتنسيق والتعاون ما بين انشطة المجالس المحلية فهذا توفره مجالس الخدمات المشتركة فكثرة المجالس وتعددها وتنوع انشطتها في هذا المجال فيه نفع وفائدة كبيرة,
د) اما ما يخص ” مدير البلدية” الذي لم يوضع الى الان في وضعه الصحيح وحتى يتم ذلك لا بد من تفعيله وفق نظام يكفل:
التفرقة ما بين البلديات التي يرأسها رئيس منتخب من سكان هذه الوحدة المحلية ومتفرغا لادارة شؤون هذه الوحدة وما بين البلديات التي يرأسها رئيس غير منتخب وبالتالي غير متفرغ لنذهب في هذه الحالة باتجاه ” مدير البلدية” الذي يتولى ادارة شؤون الوحدة المحلية على ان نتولى فيما بعد تقييما حقيقيا ونزيها ومحايدا للاسلوبين وايها كان اكثر نفعا وفائدة.
وسلام على كل من اتخذ من النصح هدفا يحيا من اجله حتى نهاية اجله
والله الموفق الى سوي السبيل