طرابلس – الأناضول: يُنتظر أن تُحل مشكلة بعض المتأخرات المالية المستحقة لصالح الشركات التركية على ليبيا خلال الفترة القريبة المقبلة، وسط حضور للشركات التركية في إعادة إعمار البلد الافريقي الذي دمرت الحرب الأهلية جزءاً كبيراً منه.
وقال مرتضى قرنفيل، رئيس مجلس الأعمال التركي/الليبي في لجنة العلاقات الاقتصادية الخارجية أن المجلس يتوقع الحصول على مستحقات متأخرة للشركات التركية في ليبيا بقيمة 1.1 مليار دولار.
وكانت أكثر من 100 شركة مقاولات تركية قد اضطرت لترك مشاريعها في ليبيا دون استكمالها بسبب الاضطرابات الداخلية، التي بدأت في ليبيا عام 2011. وتبلغ قيمة تلك المشاريع 19 مليار دولار.
وذكر أنه إلى جانب قيمة مستحقات الشركات التركية، تبلغ قيمة خطابات الضمان الخاصة بتلك المشاريع 1.7 مليار دولار، بينما تبلغ قيمة الأضرار الخاصة بالماكينات والمعدات 1.3 مليار دولار.
وأشار إلى أن المسؤولين الليبيين وعدوا بتسريع إجراءات صرف 1.1 مليار دولار من مستحقات الشركات التركية، وأن صرف المبلغ سيكون من أول إجراءات حكومة عبد الحميد الدبيبة بعد إقرار الميزانية.
وأوضح أن “هناك تطورات إيجابية في موضوع دعم الصناديق المحلية للشركات والمؤسسات التي ستنفذ استثمارات في ليبيا، للتغلب على أزمة الثقة التي تسببت بها الاضطرابات الداخلية المستمرة في ليبيا منذ 10 أعوام”.
وكانت الشركات التركية في طليعة الكيانات الأجنبية التي تنفذ مشاريع إنشائية للبنى التحتية والفوقية في البلاد، ويتوقع أن تستأنف نشاطها مع بدء إعادة إعمار ليبيا.
من جهة ثانية ذكر قرنفيل أن الصادرات التركية لليبيا خلال النصف الأول من العام الجاري بلغت 1.19 مليار دولار، بزيادة 72 في المئة على أساس سنوي، فيما بلغت قيمة الصادرات في يونيو/حزيران الماضي 213 مليون دولار.
وبيَّن أن صادرات قطاع المجوهرات ارتفعت بنسبة 400 في المئة، فيما ارتفعت صادرات البندق ومنتجاته بنسبة 392 في المئة.
وقال أنه متفائل بخصوص مستقبل البلاد، وأضاف”رأيت أن المسؤولين الليبيين عازمون على تحقيق النهضة الاقتصادية، ومداواة جراح المجتمع الليبي وتلبية احتياجاته من الخدمات دون أي تفرقة بين أطياف المجتمع.. هذا جعلنا متفائلين بخصوص مستقبل البلاد”. وتابع القول “هناك مشاكل كبيرة في ليبيا في عدة مجالات مثل الكهرباء والنقل وإنتاج النفط والغاز الطبيعي، إضافة إلى مشاكل في الخدمات البلدية.. تركيا يمكنها المساعدة في حل كل هذه المشاكل بسهولة وخلال فترة قصيرة”.
وأشار إلى أن أكثر المشاكل التي تواجه عالم الأعمال في ليبيا هي المشاكل التي تحدث في مرحلة تطبيق القرارات المتخذة، لافتا إلى أن رجال الأعمال الأتراك تناولوا هذا الموضوع مع المسؤولين الليبيين.
وختم بالقول “القرارات التي تتخذها الإرادة السياسية لا تُطبق أحياناً كما ينبغي من قبل المسؤولين المعنيين، وأنه يجب أن تكون هناك آلية رقابة جيدة لمتابعة تطبيق القرارات المتخذة”.
على صعيد آخر تُعوِّل ليبيا على عملية إعادة الإعمار المنتظرة للبلاد، للحد من أرقام البطالة التي تفاقمت خلال العشر سنوات الماضية، كإحدى النتائج التي ينتظرها البلد الافريقي بعد سنوات من الصراع.
وقال وزير العمل الليبي، علي العابد، في مقابلة أن ملف إعادة الإعمار سيخلق فرص عمل للعاطلين بخلاف الاستثمارات في جميع القطاعات.
وتقدر كلفة إعادة إعمار مرافق البُنية التحتية في ليبيا بنحو 200 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة، حسب تقديرات البنك الدولي.
وأضاف أن عملية “إعادة الإعمار تستوعب العمالة الليبية وغير الليبية وستخلق وظائف مباشرة وغير مباشرة، مع تحرك قطاع الخدمات مع بدء الإعمار”.
وتشير تقديرات مجلة “ذي إيكونوميست” اللندنية أن نسبة البطالة في سوق العمل الليبية قرابة 19 في المئة، لكن مؤسسات محلية ترى أن نسبة البطالة تتجاوز 30 في المئة.
وحول الاستثمارات والمشاريع التي تصاحب رحلة إعمار ليبيا، قال العابد “السوق الليبية واعدة.. ومع استقرار الوضع الأمني والاقتصادي ستعود الاستثمارات بقوة”.
وسجل الاقتصاد الليبي في 2020 أسوأ أداء له في سنوات، عقب هبوط إنتاج النفط الخام إلى أقل من 90 ألف برميل يومياً من أصل 1.3 مليون.
يذكر أنه منذ انتهاء حقبة معمر القذافي لم تشهد ليبيا مشاريع إعمار بالحجم المطلوب، ما يجعلها أكثر احتياجا الآن.
وفيما يتعلق بالعمالة المصرية، قال العابد “وقعنا مع مصر مذكرة تفاهم بهذا الشأن خاصة أن العمالة المصرية لديها تاريخ في السوق الليبي”.
وأضاف “نتعاون مع مصر.. فهي دولة شريكة في إعادة إعمار ليبيا لما لديها من خبرة سابقة في هذا المجال”.
وحسب تقديرات سابقة لاتحاد الغرف الصناعية الليبية تحتاج البلاد إلى أكثر من مليوني عامل مصري لإعمار المدن الليبية المتضررة.
وكشف العابد أن الحكومة المصرية لم تسمح بعودة عمالتها إلى ليبيا حتى الآن بسبب عدم استقرار الأمن، وقال “نحن في انتظار اللجنة المشتركة العليا الليبية المصرية وبعد اجتماع اللجنة سيتم ترقية مذكرات التفاهم إلى اتفاقيات. وفيما يخص ملف التعاون التركي الليبي قال العابد “تركيا دولة صديقة وشقيقة ولدينا تاريخ طويل في الاستثمار المشترك لاسيما في مجال الإعمار والبناء”.
وأشاد بعمل الشركات التركية قائلا “لديها خبرة في الإعمار والبناء، والسوق الليبي يحتاج للشركات التركية.. لدينا تفاهمات مع تركيا في السابق وسنقوم بتفعيل الاتفاقيات المبرمة لتعود اليد العاملة التركية إلى ليبيا”. وكانت ليبيا أبرمت مع الحكومة التركية 5 مذكرات تفاهم في عدة مجالات أبرزها الاقتصادية.
قال العابد إن “أرقام البطالة في ليبيا ليست دقيقة، فهي متضاربة نتيجة الانقسام الحكومي وكانت لدينا وزارة موازية في الشرق”. وأضاف قوله “بعدما تم توحيد الوزارة، نعمل الآن على متابعة البيانات وربط كافة الأجهزة المدنية، ليتم تحديد الرقم الصحيح”.
وقال العابد اعتماداً على الأرقام المتاحة وغير الكاملة وغير الدقيقة “لدينا أكثر من 300 ألف باحث عن عمل، وأكثر من 2 مليون و400 ألف موظف في الدولة”. لكنه أشار إلى أن “الجهاز الإداري للدولة لا يحتاج كل هذا العدد من الموظفين”.