محمد منصور
عثر العلماء على مجموعة متحجرة من أسنان أسماك القرش في منطقة يقولون إنها لا يُمكن أن توجد فيها تلك الحفريات.
وقال العلماء إن تلك الأسنان توجد بموقع في القدس بالقرب من سلوان الفلسطينية، وهو موقع أثري عمره 2900 سنة. ويؤكد العلماء أن أقرب موقع لتلك الحفريات يجب أن يبتعد بنحو 80 كيلومتراً على الأقل من المكان الذي عُثر فيه على تلك الأسنان المتحجرة.
لغز محير
لا يوجد دليل قاطع على سبب وجود تلك الأسنان في المنطقة، إذ لا تزال تُشكل لغزاً تدور حوله التكهنات. فربما كانت الأسنان التي يبلغ عمرها 80 مليون عام جزءاً من مجموعة اقتناها شخص ما قبل آلاف السنوات. وعثر الفريق نفسه على اكتشافات مماثلة لا تفسير لها في أجزاء أخرى من تلك المدينة القديمة.
وبحسب الباحث في معهد علوم الأرض بجامعة “ماينز”، توماس توتكين، فإن تلك الحفريات “ليست في مكانها الأصلي”، فربما تم نقلها وكانت “ذات قيمة بالنسبة لشخص ما”، مؤكداً أن السبب الدقيق وراء وجود تلك الحفريات غير معروف، خاصة مع العثور على حفريات مماثلة في أكثر من مكان في فلسطين.
وتم العثور على الأسنان مدفونة في المواد المستخدمة لتأسيس الطابق السفلي، قبل تحويله إلى منزل كبير من العصر الحديدي. ووجدت الأسنان مع عظام أسماك تم التخلص منها كمخلفات طعام منذ 2900 عام، علاوةً على مواد أخرى مثل الفخار.
ومن المثير للاهتمام، أنه تم العثور على الحفرية اللغز مع مئات الأدوات المستخدمة في ختم الرسائل، ما يشير إلى وجود اتصال محتمل بين صاحب المنزل مع الطبقة الإدارية أو الحاكمة في مرحلة ما.
العصر الطباشيري
عادةً ما يتم تأريخ المواد الأثرية وفقاً للظروف والسياق الذي تم العثور عليها فيها، ولذلك افترض في البداية أن الأسنان كانت معاصرة لبقية الاكتشاف.
يقول توتكين إن الفريق البحثي في البداية اعتبر أن أسنان سمك القرش كانت بقايا طعام ملقاة منذ ما يقرب من 3000 عام، ولكن عندما قدموا ورقة للنشر، أشار أحد المراجعين إلى أن إحدى الأسنان لا يمكن إلا أن تكون قد أتت من العصر الطباشيري المتأخر.
فالقرش الذي امتلك تلك الأسنان انقرض لما لا يقل عن 66 مليون سنة، وبالتالي لا يُمكن أن يكون معاصراً للأسرة التي تناولت وجبة السمك قبل 3000 عام بأيّ حال.
“أعادنا ذلك إلى العينات، حيث أكد قياس المادة العضوية والتكوين العنصري وبلورة الأسنان، أن جميع أسنان أسماك القرش كانت بالفعل أحافير”، كما يقول توتكين، مشيراً إلى أن الفريق استخدم نظائر السترونتيوم المشعة لقياس العمر، وتأكد من أن الأسنان يبلغ عمرها نحو 80 مليون سنة.
وأكد الباحث أن جميع أسنان القرش الـ 29 التي تم العثور عليها في القدس بالقرب من سلوان الفلسطينية، كانت من أحافير العصر الطباشيري المتأخر، معاصرة للديناصورات.
ليست حُليّاً ولا أدوات
منذ الاكتشافات الأولى وجد نفس الفريق أحافير أخرى لأسنان القرش في أماكن أخرى من فلسطين. من المحتمل أيضاً أن تكون هذه الأسنان تم اكتشافها من قبل سكان العصور القديمة ونقلها من مواقعها الأصلية.
وربما تم جمع الأسنان الـ29 بواسطة شخص واحد، إلا أنه لا دليل للباحثين يؤكد ذلك. كما أنه لا توجد علامات تآكل ظاهرة على سطح الأسنان أو حوافها، وهذا يعني أنها لم تستخدم كأدوات. ولا توجد كذلك ثقوب حفر تشير إلى أنها استخدمت كحُليّ أو مجوهرات.
وتوجد في الوقت الحالي سوق لأسنان أسماك القرش، لذلك ربما كان هناك اتجاه مماثل في العصر الحديدي لجمع مثل هذه العناصر.
وتأتي أسنان أسماك القرش التي تم التعرف عليها من عدة أنواع، بما في ذلك من مجموعة أواخر العصر الطباشيري المنقرضة والتي تسمى القرش الغُراب “Squalicorax” ويصل طوله إلى ما بين 2 و5 أمتار، وعاش خلال العصر الطباشيري المتأخر فقط (نفس فترة الديناصورات)، لذا فهو بمثابة نقطة مرجعية في تأريخ هذه الحفريات