إذا فحصت الأيديولوجيات التي تعرّضنا لها إلى الآن (حقوق الإنسان، الديمقراطية، الليبرالية، التقدمية، الإسلام السياسي، القومية) تاركا تباينها وصراعاتها جانبا، فستكتشف أنها مثل أغصان نبَتت من جذع واحد أُسَمّيه “الإنسانوية” (Humanism)
للتعريف، ما أسميه الإنسانوية، هو أعمق وأقدم تيار فكري اتخذ كل الأشكال الدينية والفلسفية والسياسية، وهو مَبنِيٌ على 3 اعتقادات راسخة:
– مركزية الإنسان وأفضليته على بقية كائنات الله.
– طبيعته التي يغلب عليها الخير وإن اعتراها بعض الشر.
– إمكانية إصلاحه بالدين أو العلم أو السياسة، أو بأي وسيلة أخرى ما زالت رهن الابتكار.
هذه “المسلّمات” الثلاث هي اليوم محل شك عميق ومراجعة شاملة، لا تأتي من تيار ديني أو فلسفي مغرِض ومعارض ومهدِّد للإمبراطوريات الفكرية السابقة، وإنما تأتي من أقوى تيار داخل العقل الجماعي وعيا وتطورا وديناميكية، أي العلم، وأساس العلوم الطبيعية.
داخل حقل العلوم الطبيعية وانطلاقا من معرفتها المتزايدة بالفطور والنبات والحيوانات التي تُقاسِمنا ونقاسمها نفس الكوكب، الإنسان كائن من بين الكائنات، وليس بالضرورة أحسنها في كل المجالات.
يؤمن كل البشر أن الذكاء خاصية الإنسان وأنه أذكى المخلوقات لأنه يقوم بما تعجز عنه الكائنات الأخرى مثل اكتشاف نظرية النسبية أو بناء آلات تطير به إلى القمر؛ لكن اطلب منه أن يطير من قطب إلى آخر مثل بعض العصافير دفعة واحدة، أو أن يحلّ المشاكل التقنية مذهلة التعقيد التي تنجح في حلها العناكب وهي تنسج خيوطا بالغة المرونة والقوة التي تحلم الصناعة المتطورة باكتشاف سرها وتقليدها!
هناك اليوم فرع كامل من العلوم الطبيعية تتركز أبحاثه على اكتشاف ما تمخضت عنه عبقرية كائنات أحيانا مجهرية لنَقلِ أفكارها، تماما كما تفعل الدول عبر التجسّس التكنولوجي للسطو على أفكار الدول الأخرى.اعلان
كل الاكتشافات المتراكمة يوما بعد يوم حجج ساطعة على سذاجة وسطحية تصوراتنا للحيوان والنبات وحتى الفطور، والباحثون في حالة ذهول وانبهار متزايدَين بتعمق الأبحاث أمام تعقيد وغرابة؛ بل وإعجاز كل الكائنات الحية من أبسطها إلى أكثرها تعقيدا.
في القرن 19 كانت الصورة المحببة لعلماء الحياة الشجرة، جذعها أبسط الخلايا الأولى التي نشأت في البحر وأغصانها كل الأجناس الحية التي توالدت طيلة ملايين السنين وأعلى غصن بالطبع هو الإنسان، أكمل ما خلق الله أو ما صنعته الطبيعة.
ل كل الكوارث التي تتهاطل من غضب الله على كائن استخلفه في الأرض واتضح عدم جدارته بهذه الثقة؟ من وجهة نظر علمية بحتَة السؤال هو: ما الذي ستُعِده الطبيعة لوقف هذا الفيروس حتى لا يدمّر كل ما سهرَت على إيجاده والعودة للتوازنات، قبل ظهور هذا الكائن الخطير على نفسه وعلى بقية الكائنات؟
وخلال السنوات الأخيرة تمّ التخلّي عن هذه الصورة لسذاجتها وتحيّزها، وقد اتضح من أكثر الأبحاث تطورا أن الإنسان لا هو أعلى الهرم ولا هو مركز الدائرة، الصورة المفضلة اليوم كرة مطاطية على سطحها كل الأجناس الحية، ومنها الإنسان الذي لا يختلف بُعده عن مركز الكرة، عن بُعد كل الكائنات الأخرى.
وإن لم يرضَ المتعلقون بالنظرة الاستعلائية القديمة بهذه الصورة للإنسان، فعليهم تحمل صورة أقسى بالقياس لما أحدثه الإنسان من تدمير للكرة الأرضية عبر التغيير المناخي الكارثي، ونظرا لتسببه في الانقراض المتسارع لآلاف الأجناس الحية الأخرى، فإن بعض الباحثين يتصورون الإنسان مثل فيروس مضرّ يحصد الأجناس الحية كما يحصد فيروس الكورونا البشر هذه الأيام.
ومن ثمّ السؤال من وجهة نظر دينية: هل كل الكوارث التي تتهاطل من غضب الله على كائن استخلفه في الأرض واتضح عدم جدارته بهذه الثقة؟ من وجهة نظر علمية بحتَة السؤال هو: ما الذي ستُعِده الطبيعة لوقف هذا الفيروس حتى لا يدمّر كل ما سهرَت على إيجاده والعودة للتوازنات، قبل ظهور هذا الكائن الخطير على نفسه وعلى بقية الكائنات؟
إن ظهور حركة الانقراض الطوعي للبشر -كنت نبّهت عليها قبل 10 سنوات في الجزيرة نت- لِما ترمز إليه من تحوّل مفصلي في التفكير الإنساني، هي إحدى مظاهر الأزمة الخانقة التي تمرّ بها تصوراتنا الاستعلائية والمركزية التي جعلت الإنسان مقياس كل شيء والطبيعةَ وقفٌ على مصالحه دون أدنى اعتبار لحقوق الكائنات الأخرى.
نقطة الالتقاء الثانية بين كل التيارات الفكرية التي درَسناها والسبب فيما لحقنا من عطب، هي النظرة الساذجة للطبيعة البشرية.
خذ آدم سميث، ونظرية “اليد الخفية“ التي تعدّل دوما حسب رأيه سوق التبادل بين البشر، وكيف أن الأمور إن تُركت على حالها ستكون دوما في صالح التجارة وصالح المنتج والمستهلك على حدٍّ سواء، ألم يخطر ببال الرجل لحظة واحدة أن الشيطان قد يستولي على اليد الخفية ليُدخل اضطرابا شاملا على النظرية التي تحكمت في عقول أكثر البشر نفوذا طوال القرنين الأخيرين؟ أكان سيواصل التعلق بالصورة التي غزت الفكر وهو يواجَه بما آل إليه مفهوما حرية التجارة والحق في الملكية، على ضوء تصرفات شركات المشروبات الغازية والأطعمة المعَدّة التي تبيع البدانة والسكري وأمراض القلب لمئات الملايين من البشر، وكيف أنها ستدفع ملايين الدولارات لـ“علماء” مهمّتهم إثبات عدم ضررها والحال أن كل الدراسات المستقلة تثبت أنها تتسبب في أكبر الكوارث الصحية التي عرفتها البشرية؟
خذ الآن آباء الديمقراطية وضَع أمام أعينهم كيف صادرت الأموالُ المشبوهة حرّية الرأي والتعبير، وكيف أصبحت الانتخابات بفضل تقنيات الدعاية والتضليل والتخويف واللعب على الغرائز، تصل للحكم بقادة مثل هتلر في ألمانيا وترامب في أميركا وبولسونارو في البرازيل، وفي الفيليبين بشخص يفاخر بأنه قاتِل ويحرض على القتل خارج القانون.
في تجربة خيالية ضع أمام آباء التقدمية ملفات المحتشدات الستالينية وتشيرنوبل وهيروشيما والكارثة المناخية، هل كانوا سيرمون بكتاباتهم في سلة المهملات للتفرغ لدراسة أجنحة الفراش؟
هنا يمكن لأنصار الإسلام السياسي أن يفركوا أيديهم: أليس حذرُنا من الإنسان -ونحن نعلم أنه خُلق ظَلوما- هو الذي حدا بنا لجعل قوانين الله فوق قوانينه؟ إذن كيف تفسرون أن نسبة التعرض للحدّ وفق شرع الله تتضاعف في السعودية عندما يكون المتّهم أجنبيا، بنفس الكَيفية التي يتضاعف بها احتمال إصدار حكم الإعدام في أميركا إذا كان المتّهم أسودا؟ أليس هذا لأن من يفسرون الشريعة ويطبقونها، مثل الذين يفسرون ويطبقون القوانين الوضعية، هم نفس البشر بكل خصالهم وعيوبهم؟
كم من مواعظ الجمعة والسبت والأحد وكم من ثورات وكم من حركات إصلاحية وكم من برامج سياسية، والمدينة الفاضلة تتباعد عنا تباعد الأفق منذ مئات وآلاف السنين، والجزء السلبي من طبيعتنا يفسد باستمرار كل بناء يتحقق؟
خطأ كلّ هذه المدارس اعتبار الخير أصلا في الإنسان والشر فرعا يمكن تطويقه. ها هي كل التجارب المعاصرة تؤكد ما علّمنا التاريخ، وهو أن الشرّ في الإنسان عنصر لا يقل فعلا وتأثيرا عن الخير، وأن عدم اعتباره في البناء النظري كان بمثابة مُزارع يزرع مع بذوره بَراعمَ الحشرات الضارّة التي قد تدمّر المحصول.
القاسم المشترك الأخير، وينبع من نفس الجهل أو التجاهل بالطبيعة البشرية الفعلية، هو الإيمان بأن هذا الدين أو ذاك، هذه الأيديولوجيا أو تلك، وأن العلم أخيرا قادر على تحسين البشرية، وأن كل ما في الأمر صبر ساعة إلى أن تتحقق الوعود.
كم من مواعظ الجمعة والسبت والأحد وكم من ثورات وكم من حركات إصلاحية وكم من برامج سياسية، والمدينة الفاضلة تتباعد عنا تباعد الأفق منذ مئات وآلاف السنين، والجزء السلبي من طبيعتنا يفسد باستمرار كل بناء يتحقق؟
ثمة سبب آخر لا يعطيه المنَظّرون أهمية هائلة كما يستحق وهو العنصر البيولوجي، فضرورة تجدّد الأجيال تغيّب الإنسان في العمر الذي اكتسب فيه أخيرا بعض الخبرة في التعامل مع المشاكل، لهذا يقول المثل الإفريقي “كل شيخ يموت هو مكتبة تحترق”، ترمي نفس الضرورة بالجيل البكر وراء الجيل البكر، وفي كل مرة يجب العودة إلى نقطة البداية لتلقين أمواج القادمين الجدد قواعد أسلم لتصرف الفرد والمجتمع.
إن سألك أحد هل بقي لنا على سطح الأرض همج عدا بعض القبائل التائهة في أعماق غابات البرازيل؟ قُل بل هم موجودون في كل بيت، إنهم أطفالنا الذين إن نظرت إليهم للحظة عابرة بعين الموضوعية لرأيت فيهم بذور كل التصرفات التي نعاني منها، من نرجسية وأنانية وجهل وعنف، كل ما تفعله التربية محاولة تطويق هذه التصرفات والنجاح نسبي. ينطلق عداد الزمان البيولوجي لينتقل الطفل من الخامسة من العمر إلى 14، فالـ25، إلخ؛ لكن عداد النضج النفسي يتوقف عند الكثيرين، هكذا تُواجَه بأطفال في 50 وبمراهقين في 60، تجِدهم أحيانا في أعلى مستويات اتخاذ القرار وتجد من يستغرب الحال الذي عليه العالم.
لا يعتقدَنّ أحد أنني أعاني من نوبة “إنسانوفوبيا” وهي أزمة مرّ بها الكثيرون بعد اكتشاف سخرية الدنيا من كل أحلامهم، كم منهم على مرّ العصور وفي مختلف الحضارات، لاذوا بالفرار هربا من إنسان فقدوا فيه كل ثقة وأمل؟ منهم من تنسّكوا داخل غار في غابة وآخرون استجاروا بالأديرة، لحسن حظي لا توجد غابات بالكثافة المطلوبة في تونس كي أختفي فيها وليس لنا في الإسلام أديرة نحتمي بجدرانها.
سببان لعدم الهروب والاستسلام للإحباط، أولهما ما نبّه له من عبثية العملية إليا أبو ماضي
فهَجَرتُ العُمرانَ تَنفُضُ كَفّي / عَن رِدائي غُبارَهُ وَإِهابي
خِلتُ أَنِّيَ في القَفرِ أَصبَحتُ وَحدي/ فَإِذا الناسُ كُلُّهُم في ثِيابي
السبب الثاني: وجود حُجج متينة لمواصلة الإيمان بالجنس البشري وبمشروع تحسينه رغم كل ما ذكرنا.
كلمة خير في حق جنس بصدد فقدان كل أوهامه حول صدارته وتميّزه وتمركزه وتفضيله عند الله، إلخ.
صحيح أننا مثل فيروس يهاجم حديقة الله متسببا في انقراض كمّ هائل من مخلوقاته؛ لكن صحيح أيضا أننا أفقنا لِما تسببنا فيه من خراب نتيجة الجهل والجشع، ثمة وعي متنامٍ بضرورة الإسراع وبذل كل الجهود لتدارك الخطأ والخطيئة، ثم قُل لي أيّ جنس من الأحياء يهتم بغير نفسه؟ وحدهم البشر من يضَحّون بحياتهم دفاعا عن حيتان، يرفضون الحرب المجرمة التي أشهِرت ضدها، أو يربطون أنفسهم بالسلاسل للشجر دفاعا عنها من المنشار الكهربائي، ويظهرون كل هذا الحب لحيواناتهم الأليفة.
والآن كلمة خير في حق الإنسان المسكين، وهو أكثر من أي وقت مضى وأمام ما يقاسي من آلام، بحاجة للتعاطف والشفقة والحب والتضامن، خاصة في هذه الظروف غير المسبوقة، وهو مطوّق ومحاصر في آن واحد بالأوبئة والحروب والتحوّل المناخي، وربما قريبا بمجاعة ستعود بنا إلى أوضاع تخيّلنا انتصارنا عليها نهائيا.
تناقُض أم محاولة تدارك؟ لا هذا ولا ذاك، دوما هاجسي النظر للأمور لا بعين الرضا ولا بعين السخط وإنما بعين الموضوعية الملتزمة.
موضوعيا لا معنى للقول إن الانسان خيّر بطبعه أو شرّير بطبعه. الأصحّ أن نقول إن الإنسان بُلور منذ نشأته؛ أي: منذ 200 ألف سنه طيفا واسعا من المواقف والتصرفات، منها التي نصفها بالخيّرة أو الشريرة، بالأخلاقية أو غير الأخلاقية، وكلها أيّا كان التقييم المعياري موجودة بهدف الحفاظ على البقاء وتحسين شروطه. هكذا اضطر الإنسان إلى اللجوء إليها واستعمالها كليا أو جزئيا، تباعا أو في نفس الوقت وبنسب مختلفة حسب الظروف والأوضاع ودرجة ضغط المحيط.
التحدي إذن هبّة جماعية لإيجاد ظروف موضوعية ذاتية، يتغلّب من خلالها أحسنُ ما فينا على أسوأ ما فينا على أوسع نطاق ولأطول مدة ممكنة، هذا مقدور عليه وحصل أكثر من مرة في التاريخ، خاصة بعد الحروب الكبرى، ولولا هذه الطاقة الجبارة لتجاوز كل المحن لكنا انقرضنا أو ما زلنا نعيش في الكهوف.
هكذا ولّد استعمال الاستراتيجيتين أحسن ما تحقق عبر التاريخ، من إلغاء الرق إلى إحداث الضمان الاجتماعي، كما ولّد أسوأ ما شاهده من حروب واستغلال الإنسان للإنسان وللطبيعة استغلالا فاحشا ومجرما، هكذا ولّد تشغيلُ “المنطقة الخضراء” من البرمجية نظريات ومشاريع تحسين البشرية، وولّد تشغيل “المنطقة الحمراء“ كل المواقف والتصرفات التي أفسدت وأحبطت وعبثت بأجمل الأحلام والمشاريع، وقد تغلبت المصلحة الخاصة على المصلحة العامة والمصلحة القصيرة المدى على تلك البعيدة المدى.
لهذا يستطيع الإنسان اليوم بما وصل إليه من علم ومن نضج، إنقاذ نفسه وإنقاذ الكوكب ومواصلة تحسين ظروف عيش الكثيرين، لهذا أيضا يستطيع بما تضعه التكنولوجيا من إمكانيات بين يدي الاستبداد الجديد، وخاصة الذكاء الاصطناعي أن يجعل المستقبل مرعبا.
نحن اليوم أمام تهديدَين جدّيين؛ الأول هو عالم خالٍ من البشر تماما، وقد استعادت الطبيعة التوازنات المفقودة كما يستعيد جسم إنسان أو حيوان صحته بالتخلص من الفيروس الذي هاجمه، ومن وسائلها كورونا وأخواتها. والثاني ببشرية تعيش في ظل آلات استحوذت على القرار، ونعيش في ظلها كما تعيش الحيوانات في ظلنا.
التحدي إذن هبّة جماعية لإيجاد ظروف موضوعية ذاتية، يتغلّب من خلالها أحسنُ ما فينا على أسوأ ما فينا على أوسع نطاق ولأطول مدة ممكنة، هذا مقدور عليه وحصل أكثر من مرة في التاريخ، خاصة بعد الحروب الكبرى، ولولا هذه الطاقة الجبارة لتجاوز كل المحن لكنا انقرضنا أو ما زلنا نعيش في الكهوف.
كيف؟ اكتشاف النظرية البديلة لكل الأيديولوجيات التي عشنا عليها ووضعُ السياسة البديلة لكل السياسات التي أوصلَتنا إلى حافة الهاوية؛ لكن ماذا سنفعل تجاه ما ستقوم به “المنطقة الحمراء“ من برمجياتنا وهي كما رأينا جزء قار من طبيعتنا؟ خلق إنسان جديد، إنسان ما بعد الإنسان. إنه ما تحلم به وما تخطط له البيولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي، مَن يضمن أن النتيجة لن تكون أسوأ حتى من كل ما عرفنا وأنه من الممكن أن أحفادنا سيترحمون على عصور ذهبية كان الإنسان فيها حرا يخطئ ويصيب ويصحح أخطاءه.
إن أطلقنا وهمَ اكتشاف نظرية جديدة لا يأتيها الباطل من خلفها ولا من أمامها، ووصفة سحرية تجد أخيرا من يطبقها التطبيق “الصحيح”، يصبح السؤال: كيف نقرأ الواقع المعقّد الصعب، بما يجب من الموضوعية الملتزمة، وكيف نبني عليها سياسات تقيّم نفسها باستمرار وفق مقاييس لم تعد الربح والنجاعة وإنما القيَم؟
وللحديث بقية.