تحدث مختصون فلسطينيون، عن مدى تأثير “تيار دحلان” على فرص تقدم حركة “فتح” في الانتخابات الفلسطينية المرتقبة، وخاصة انتخابات المجلس التشريعي.
حقيقة سياسية
وتباينت الآراء؛ بين من قدر أنه لا تأثير كبير لتيار القيادي المفصول من “فتح” محمد دحلان، على “فتح” الأم التي يقودها محمود عباس، بينما رأى البعض، أن “تيار دحلان” أصبح يمتلك حضورا في الأراضي الفلسطيني، وتجاوزه يعني خسارة كبيرة لعباس وفريقه.
وأصدر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الجمعة 15 كانون الثاني/يناير 2021، مرسوما لإجراء الانتخابات الفلسطينية العامة على ثلاث مراحل؛ التشريعية والرئاسة والمجلس الوطني، بعد مرور نحو 15 عاما على الانتخابات الأخيرة.
وبحسب المرسوم، ستجري انتخابات المجلس التشريعي في 22 أيار/مايو 2021، والرئاسية في 31 تموز/يوليو 2021، على أن تستكمل المرحلة الثالثة الخاصة بالمجلس الوطني الفلسطيني، التي تعتبر نتائج انتخابات التشريعي هي المرحلة الأولى في تشكيل المجلس يوم 31 آب/أغسطس 2021، وذلك بحسب النظام الأساس لمنظمة التحرير والتفاهمات الوطنية بين الفصائل.
وفي منشور له على صفحته على “فيس بوك”، أكد القيادي في “تيار دحلان” سفيان أبو زايدة، أن “الانتخابات هي استحقاق شعبي ووطني، تأخر إجراءها أكثر من عشر سنوات”، معتبرا أن إصدار المرسوم “خطوة بالاتجاه الصحيح نحو إعادة الحق المسلوب، لكي يستطيع الشعب الفلسطيني من اختيار ممثلية بكل حرية و شفافية”.
وأوضح أن “التيار كان يرغب و ما زال أن تشارك حركة فتح في هذه الانتخابات من خلال قائمة موحده تحت شعار “قوتنا في وحدتنا”، وإذا ما تعذر ذلك سنشارك في هذه الانتخابات بقائمة مستقلة عمادها قيادات وكوادر التيار مع بقاء الباب مفتوحا أمام شخصيات وطنية وقامات اجتماعية”.
وعن مدى إعاقة أو تأثير تيار القيادي المفصول من “فتح” محمد دحلان، على حظوظ الحركة في الانتخابات الفلسطينية المرتقبة، نبه المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية ناجي شراب، أن “تيار الحركة (دحلان)، أصبح حقيقة سياسية لا يمكن تجاهلها، وليس مجرد عناصر أو قياده، وأيضا ليس مجرد شخص دحلان”.
وأضاف : “لقد أصبح تنظيما وله حضور، ليس في غزة أو الضفة الغربية فقط بل في الشتات، وله دعم إقليمي وعربي واضح، وتتوفر لديه عناصر قوة مالية، ونجح في استقطاب عناصر شبابية وأكاديمية”.
سيناريوهات
وبشأن إمكانية تحقيق مصالحة داخل حركة “فتح”، استبعد شراب تحقيق “مصالحه علي مستوى فتح في حياة الرئيس عباس”، معتبرا أن “الهدف من القوانين التي صدرت مؤخرا، هو استبعاد دحلان”.
وذكر أن “السيناريوهات المتوقعة؛ الأول؛ استبعاد مشاركة دحلان، لأن الخلاف يبدو شخصيا، وهذا ليس في صالح التيار، والثاني؛ مشاركة التيار في قائمة منفصله، وهذا مستبعد أيضا”.
وأما السيناريو الثالث، أن “يشارك التيار في الانتخابات بقوائم مستقلة، وهذا أمر مهم ، لأنه بحاجة لتمثيل شرعي، والتواجد في قلب السلطة، ما سيمنحه قوة”، بحسب أستاذ العلوم السياسية الذي نوه أن “هذه السيناريوهات تقوم علي استبعاد المصالحة (داخل فتح)، وفي كل الأحوال فتح هي الخاسر الأكبر من بعدم المصالحة”.
ولفت إلى أن “فتح تعانى من أزمة قيادة، بدليل التحصن بترشيح عباس مجددا للرئاسة”، مضيفا: “في جميع الأحوال، الانقسام ليس في صالح حركة فتح، إضافة للوضع الاقتصادي في كل الأراضي الفلسطينية، وأداء السلطة، كلها عوامل لا تعمل لصالح فتح، وفي النهاية الانتخابات صوت ومال”.
وعن تأثير انقسام حركة فتح على نتائج الانتخابات ومنح الفصائل الأخرى وخاصة حماس فرصة لتعزيز تواجدها، قال شراب: “لا شك، أن عدم توحد حركة فتح سينعكس علي الانتخابات، وسيؤثر بشكل مباشر علي عدد المقاعد التي ستحصل عليها وهذا في صالح حماس وغيرها”، موضحا أن “هناك عامل مهم علي فتح أن تدركه؛ هناك قوي فلسطينية تنافس بقوه وشده وتريد أن تكسر احتكار السلطة”.
من جانبه، رأى الباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية منصور أبو كريم، أن “تيار دحلان لا يشكل عائقا أمام حركة فتح في الانتخابات القادمة، رغم أن التيار من الممكن أن يشكل قائمة مستقلة، أو يتحالف مع بعض التيارات الأخرى”.
تدخلات عربية
وأوضح، أن “تيار دحلان جزء من التحديات التي تقف أمام فتح، وهي قادرة على تجاوز هذه التحديات، وأن تخوض الانتخابات بقائمة مقنعة للجمهور الفلسطيني، وهذا هو التحدي الأكبر، على أن تجمع هذه القائمة بين الماضي والحاضر والمستقبل، بحيث تضم كافة الكفاءات الفلسطينية المنتمية بصورة مباشر وغير مباشرة لفتح”.
وعن فرص الاتحاد بين قطبي “فتح”، قال أبو كريم: “لا أعتقد أن هذا الأمر يمكن أن يحدث بين ليلة وضحاها، خاصة وأن المسافة بين الحركة والتيار أصبحت كبيرة جدا، وتيار دحلان أصبح خارج فتح بصورة كلية، وهو يشكل حالة منفردة خارج فتح، وإمكانية العودة لصفوف حركة فتح في ظل استمرار الخلافات صعبة جدا حاليا”.
واعتبر أن “وحدة فتح الداخلية ليس لحركة حماس علاقة فيها، وفتح أمامها تحديات كبيرة في الانتخابات المقبلة منها؛ ما يتعلق بالبرنامج السياسي وإقناع الناخب بالتصويت لقائمة الحركة، وهي أكبر من أن يشكل تيار دحلان عائقا أمامها”.
أما الكاتب والمحلل السياسي عصام شاور، أكد أنه “ستكون هناك محاولات فلسطينية وعربية كثيرة لتوحيد صفوف حركة فتح (بين عباس ودحلان)، لأن التحدي الحالي في الانتخابات، هو إخراج التيار الإسلامي (حماس) الأخطر بالنسبة لهم، من الساحة السياسية، ويريدون تحقيق ذلك من الباب الذي دخلت منه عام 2006”.
وتوقع ، أنه “في حال خاض التيار منفردا الانتخابات التشريعية، سيحصل على عدد من المقاعد لكنها لن تزيد على المقاعد التي ستحصل عليها حركة فتح (عباس)”، موضحا أن “المعادلة ستبدأ بعد نهاية الانتخابات التشريعية، لأنه من المرجح أن يتوحد مواقف معظم نواب التيار مع نواب حركة فتح، لأن لديهم خصم واحد، هو التيار الإسلامية”.
ونبه شاور، أن “تدخلات وضغوط عربية من بعض الدول، ستعمل على شراء نواب فلسطينيين مثلما حصل في تونس ومصر، من أجل دعم مواقف هذه الدول داخل المجلس التشريعي الفلسطيني، وهذا هو الأخطر، في حال جرت فعليا انتخابات فلسطينية عامة”، بحسب تأكيده