ما أجمل أن نقرأ مايكتبه الآخرون دون أن نلتقي بهم ، ونشتري الكتب من غربٍ وشرقٍ دون عناءٍ ومشقةٍ ، وما أجمل أن نضيف إلى معرفتنا معارف ودراسات وفلسفات متنوعة في مفاهيمها ومضامينها .. وبين شغف القراءة ومتعة الفائدة والتبحر في فحوى الكتب وعناوينها الشيقه شدني كتاب الايكيجاي السر الياباني لعيش حياة مثمرة وسعيدة ، للكاتبان هكتور جارسيا وفرانسيس ميرالز ، فلسفة جميلة تعمقت فيها برحلة ممتعه مع الشعب الياباني وبالاخص في جزيرة أوكيناوا وبينما اتنقل بين الفهم والفلسفه والقصص المؤثرة ، استوقفتني مقارنة جميلة جداً ومهمه في حياتنا هل كانت هذه الفلسفه المثمرة موجوده في شعوبنا العربية والخليجية هذا ماسنتعرف عليه في نهاية مطاف ما سأخطه عليكم .
وفقاً لما بينته منظمة الصحة العالمية ، فإن اليابان لديها أعلى متوسط عمر متوقع في العالم 80 عاماً للرجال و 87.3 عام للنساء وعلاوة ذلك فإن لديها أعلى نسبة من المعمرين في العالم، أكثر 520 معمراً لكل مليون شخص ( اعتبارا من سبتمبر 2016 )وعندنا نتكلم عن المعمرين سناً في اليابان فإننا نتحدث عن جزيرة أوكيناوا الواقعة في جنوب اليابان وسبب تجاوزها هذا المتوسط يرجع بعد ما تعافت من تضررها في الحرب العالمية الثانية بالجوع وقلة الموارد والدمار أصبحت تضم بعضاً من أطول المواطنين اليابانيين عمراً .
والجميل المقابلات التي أجريت مع من يتجاوز أعمارهم المئة عام منهم من بلغ ( 110- 117) وهكذا في جزيرة أوكيناوا للتعرف على فلسفتهم الخاصه في الحياة .
نتساءل كيف ذلك ، اذاً ماهو سر الحياة الطويلة التي يمتلكها اليابانيون في أوكيناوا أتاح لهم العيش في حياة سعيدة ومثمرة ؟
قبل التبحر في سر الإجابة نؤمن بأن كل أعمارنا بيد الله الواحد الأحد والأعمار مقدرة عنده عزوجل لكن بإمكان الإنسان أن يحيا حياة صحية طيبة بحول الله وقوته تعينه على حياة بعيدة عن الأمراض النفسية والصحية ، فسر الإجابة يكمن في أن سكان جزيرة أوكيناوا لديهم ايكيجاي عالٍ بهم وهو مصطلح ياباني يعني ( سعادة الإنشغال الدائم ) وهو بقاء الانسان شاباً مع تقدم العمر ، وهو يشبه العلاج بالمعنى فبعد إجراء عدة مقابلات مع أكبر سكان المدينة عمراً ، استفدنا كثيراً والحديث هنا كبير ومتفرع وسأوجزه بإضاءات مختصرة مضيئة ومفيدة : كل منهم كان يعيش على هدف في حياته يجعله ينهض من فراشه باكراً نشطاً بكل حيويه ، لايوجد لمصطلح التقاعد وجود في حياتهم فتقل المهام مع تقدم السن ولايعد هناك سبب للتوتر لكن يبقى لكل فرد عمل يحرص على القيام به مهما كانت بساطته ، يحافظون على علاقاتهم الإيجابية مع بعضهم البعض حتى وإن كانوا لاتربطهم بهم علاقة أو معرفة سابقة ، ممارسة الحركة في المشي والإعتناء بالجسم بتكرار بعض التمارين الخاصة لتحريك المفاصل والعضلات ، يعيشون على مبدأ لاتملأ معدتك أكثر من 80% حريصون على تناول الأكل الصحي المتنوع بأطباق صغيرة ليحافظوا على الكمية القليلة في الأكل ، يحرصون على النوم الهاديء المبكر الكافي للجسم والدماغ ، يستمتعون بشرب الشاي الأخضر والأبيض ، وما أروع اهتمامهم بالحدائق والبساتين والمزارع ويستمتعون بأكل مايحصدونه وقد يدفع لهم مبلغ مالي ببيع مافاض عندهم ، كذلك قدرة امتلاك عقولهم سلطة هائلة على الجسم بأفكار إجابية مضادة للشيخوخة ، مما تمدهم طاقة في مواجهة الصعوبات والتحديات طوال حياتهم .
أثبتت الدراسات إذا مارس الإنسان مايحب من شغف في حياته سيمنحه هذا الشغف النشاط والحيويه ويزيد من شبابه .
فخلاصة القاعدة الأهم عند اليابانيون أن تعيش بممارسة:
ماذا تحب + ماذا تجيد + مالذي قد يدفع لك + ماذا يحتاج العالم .
العثور على الايكيجاي الخاص بك حفيل بأن يُكون لديك ماتحتاجه لخوض رحلة طويلة وممتعه في الحياة .
والآن نكتفي بهذا القدر الملخص الجامع بما ألقينا به النظر على الإضاءات الجميلة في حياة اليابانيون . والآن بعد هذه الفلسفه الجميلة عن اليابانيون في الايكيجاي ماذا عن المجتمعات العربية والخليجية هل كان لديهم ايكيجاي خاص بهم . هنا نقول وفقاً لما أكده أجدادنا وآبائنا وأمهاتنا عندما يتبادلون معنا الأحاديث الشيقه من ذاكرة الزمان وماأخبرتنا به كذلك مناهجنا التعليميه في المجتمعات المدرسية في حياة الشعوب العربيه والخليجيه بصورة عامه ومجتمعي الإمارات بصورة خاصه ، نعم كان لديهم ايكيجاي واضح خاص بهم يدفعهم للنهوض يوميا من فراشهم باكراً في الصباح بكل حيوية ونشاط للعمل بعد تأدية متعة العبادة من صلاة وذكر والإهتمام بالمزارع التي يحصدون منها مايجنون من ثمار للأكل وارتباطهم بالبحر لصيد الأسماك والغوص على اللؤلؤ، ولاننسى إعتمادهم على حركة المشي ،وتكوينهم لعلاقات اجتماعية ايجابية حميمه قوية ويستندون على بعضهم في الأفراح والأحزان مما تكسبهم صحة نفسية وبدنية بعيدة عن الأمراض بأنواعها ، رغم بساطة العيش ومشقة العمل وقلة الموارد الطبيعية انطلقت فيهم الشخصية القوية القنوعه الشاكرة لنعم الله ، وكانوا يحرصون على تناول الأكل الصحي وإن كان قليلاً يكفيهم كقوت ليومهم ويمدهم بالطاقة والحيوية والنشاط لأداء مهامهم اليومية ، عاشوا في حياة تجمعهم روابط وثيقة مشتركة بينهم منها ( التفاؤل ، التعاون ، التسامح ، الحب ) والتنافس في تبادل الخبرات و مساعدة بعضهم البعض على مواجهة التحديات والصعوبات من حولهم .
لكن أبعدتهم الحياة الحديثة المتطورة أكثر وأكثر لحياة تفتقر إلى المعنى السابق التي كانت علية بسبب الدوافع والحوافز القوية ( المال ، القوة ، الإهتمام ، النجاح )
تميل لقلة الحركة وتناول الأكل بكميات كبيرة .
بعد هذا كله ، جميل أن نزيد اهتمامنا بكبار السن بخلق بيئة آمنه صحية ونشيطة تشجعهم على مزاولة بعض النشاطات المهمه التي تبقيهم بحيوية يومية بدنية، فكرية ونفسية تعينهم على العيش بمعنى المحافظة على قيمتهم في الحياة بعمر أكثر عطاء لمن حولهم ، وأهم ماتعلمناه من سكان جزيرة أوكيناوا هو أننا ينبغي ألا نقلق كثيراً بشأن العثور على مانتمنى .
يامن تقرأ ، إعلم بأن هناك شغف بداخلك وموهبة فريدة تعطي معنى لحياتك وتحركك لتقديم أفضل مالديك حتى النهاية ، بمجرد اكتشاف الايكيجاي الخاص بك ، والسعي إليه ورعايته بصورة يومية ، فإنك ستجلب المعنى إلى حياتك ، ستتحقق حالة سعيدة من التدفق في كل ماتفعله ، مثل الرسام مع أدواته ، فإذا لم تكن تعرف إيكيجاي الخاص بك حتى الآن فاجعل
الايكيجاي السر الياباني لعيش حياة مثمرة وسعيدة بقلم الكاتبة الإماراتية أ. شيخة الخزيمي
Inمجتمع
0