في إطار السعي لتعزيز الإيرادات غير النفطية، وتحريك عجلة الإنتاج والاقتصاد الوطني المحلي، تستمر المملكة العربية السعودية في تحديث أنظمتها الاقتصادية من أجل تحقيق أكبر استفادة ممكنة.
وكشفت السعودية، أمس الجمعة، تفاصيل نظام التخصيص، الذي أقره مجلس الوزراء برئاسة الملك سلمان، الأسبوع الماضي، ويتكون من 45 مادة، ويدخل حيز العمل بعد 120 يوما.
ويرى مراقبون أن “المشروع حيوي ويصب في صالح زيادة الناتج القومي، وتحريك الاقتصاد”، مؤكدين أنه “يوفر فرص عمل كبيرة، وتؤسس لشراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص”.
نظام التخصيص
وتسعى حكومة المملكة من خلال مشاريع التخصيص إلى “المساعدة في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للجهات الحكومية، وترشيد الإنفاق العام، وزيادة إيرادات الدولة، ورفع كفاءة الاقتصاد الوطني، وزيادة قدرته التنافسية لمواجهة التحديات والمنافسة الإقليمية والدولية ذات الصلة بهذه المشاريع”.
ويسعى النظام الجديد إلى “رفع مستوى شمولية وجودة الخدمات وتوفيرها في الوقت والتكلفة المناسبين، ورفع كفاءة الأصول ذات الصلة، وتحسين مستوى إداراتها، والعمل على تجهيز أو إعادة هيكلة القطاعات والأجهزة والأصول والخدمات العامة المراد تخصيصها”.
ووفقا للنظام الجديد، يفسر التخصيص بـ “الشراكة بين القطاعين العام والخاص أو نقل ملكية الأصول”، موضحا تلك الشراكة بأنها “ترتيب تعاقدي مرتبط بالبنية التحتية أو الخدمة العامة ينتج عنه علاقة بين الحكومة والطرف الخاص”.
ويتضمن أن “تكون مدته خمس سنوات فأكثر، وأن يؤدي الطرف الخاص بموجبه أعمالا تشمل اثنين أو أكثر من (تصميم الأصول أو تشييدها أو إداراتها أو تشغيلها أو صيانتها أو تمويلها، سواء أكانت الأصول مملوكة للحكومة أم للطرف الخاص أم كليهما.
ويشمل وجود توزيع نوعي وكمي للمخاطر بين الحكومة والطرف الخاص، ويكون المقابل المالي الذي يستحقه الطرف الخاص أو يلتزم به بموجب هذا الترتيب التعاقدي مبنيا بشكل أساسي على مستوى أدائه في تنفيذ الالتزامات المسندة إليه”.
وتسري أحكام النظام على جميع العقود التي تجريها الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى، والشركات التي تؤسسها الحكومة، أو تتملك فيها وتصل نسبة ملكيتها فيها – بشكل مباشر أو غير مباشر – أكثر من 50 في المائة من رأس مالها.
وبالنسبة لمشاريع التخصيص الصادر في شأنها موافقة نظامية قبل نفاذ النظام ولم تبرم عقودها بعد، فتخضع للأحكام النظامية السارية وقت صدور الموافقة، ما لم يقرر مجلس إدارة المركز الوطني للتخصيص غير ذلك.
وأشار النظام إلى أنه يتم طرح مشروع التخصيص من خلال منافسة عامة، ويمكن طرحه عن طريق منافسة محدودة، أو بالتعاقد المباشر، أو غير ذلك من وسائل الطرح المناسبة بحسب طبيعة المشروع.
مدة عقد الشراكة بين القطاعين العام والخاص وفقا لما يتفق عليه أطرافه على ألا تتجاوز مدته الأصلية أو بعد تجديده أو تمديده 30 عاما من تاريخ توقيعه أو تاريخ نفاذه المتفق عليه في حال كان لاحقا لتاريخ التوقيع، ويجوز للجهة المختصة – بناء على توصية من الجهة التنفيذية – الموافقة على تجاوز العقد المدة المحددة، وتمديده أو تجديده بحيث تصبح أكثر من ذلك”.
فوائد اقتصادية
اعتبر الدكتور عبد الله بن أحمد المغلوث، عضو الجمعية السعودية للاقتصاد أن نظام التخصيص الجديد الذي أقره مجلس الوزراء يدعم جهود منظومة التخصيص في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، وتقديم الحلول المبتكرة للاقتصاد المحلي وموازنة الدولة، والقدرة على التحول في جذب الاستثمارات المحلية والدولية.
وبحسب حديثه ، يهدف نظام التخصيص إلى خلق بيئة تسمح برفع حجم ومستوى الخدمات المقدمة للمواطن والمقيم، ووضع المرونة اللازمة في البيئة التنظيمية والاستثمارية لمشاريع التخصيص بالمملكة، وبما يدعم ويعزز تنفيذ تلك المشاريع ضمن بيئة تنظيمية واستثمارية جاذبة ومحفزة على الاستثمار على المديين القصير والبعيد.
ويعمل نظام التخصيص على تعزيز مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد، وإتاحة الفرص الاستثمارية أمامه من خلال تنظيم الإجراءات المتعلقة بمشاريع التخصيص وتسهيل تقديم تلك الفرص للقطاع الخاص بشكل شفاف وعادل، ونزاهة الإجراءات المرتبطة بالعقود، ورفع مستوى شمولية وجودة الخدمات وكفاءة الأصول ذات الصلة بمشاريع التخصيص، وتحسين مستوى إدارتها، وفقا للمغلوث.
وأكد أن النظام يساهم في تعزيز النمو الاقتصادي عبر دعم طرح مبادرات ومشاريع التخصيص، والشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص أمام المستثمرين من القطاع الخاص، سواء المحلي أو الدولي، التي يدعمها المركز الوطني للتخصيص، من خلال النظر إلى التجارب الدولية والمحلية والاستفادة من أفضل الممارسات المعمول بها.
وكذلك الاستناد إلى الخبرات المكتسبة من خلال تنفيذ مشروعات تخصيص ناجحة حققت مستهدفات التخصيص خلال الأعوام الماضية، والاستعانة بالدروس المستفادة من التجارب السابقة لمشروعات التخصيص التي واجهت عددا من التحديات التي أظهرها التطبيق العملي، والعمل على تطوير السياسات العامة للنظام لإيجاد منظومة حوكمة لمشاريع التخصيص بالمستوى المناسب وبما يسهم في تنفيذ المشاريع بشكل أكثر كفاءة وفاعلية.
وتشمل أيضا التركيز على تمكين تنفيذ المشروعات ذات الأثر الاقتصادي العالي، وتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 عبر نظام التخصيص من خلال رفع كفاءة الإنفاق، وتحقيق التنوع الاقتصادي، وتحقيق التنمية الشاملة، وزيادة قدرة الاقتصاد التنافسية لمواجهة التحديات والمنافسة الإقليمية والدولية، وخلق واستحداث فرص وظيفية جديدة للمواطنين”.
زيادة الدخول غير النفطية
في الوقت نفسه، يرى المستشار الاقتصادي والمصرفي السعودي المستشار ماجد بن أحمد الصويغ، أن نظام التخصيص السعودي الجديد، يعتبر ضمن إحدى بنود رؤية المملكة 2030 لتوسيع مشاركة المواطنين بملكية الأصول الحكومية، في بعض المرافق والخدمات، مما يعطيها قوة إدارية وسرعة في اتخاذ القرارات ووجود مجالس إدارات لتفعيل النشاط فيها.
وبحسب حديثه ، اعتبر الصويغ إقرار مجلس الوزراء السعودي لنظام التخصيص حدثا إيجابيا لتوليد الفرص الاستثمارية الجاذبة للقطاع الخاص، والمساهمة في زيادة الناتج المحلي لتعزيز استدامة اقتصاد المملكة العربية السعودية، وزيادة فرص العمل والتشغيل الأمثل للقوى الوطنية العاملة.
وبين أن المشروع يستهدف 16 قطاعا حكوميا بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030، وتحسين ميزان المدفوعات وزيادة مساهمة القطاع الخاص من 40 في المئة إلى 65 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بما سيخلق حلولا مبتكرة للتنوع الاقتصادي المحلي وزيادة مداخيل موازنة الدولة غير النفطية كما ذكرها ولي العهد محمد بن سلمان، في أكثر من مناسبة.
وعن فوائد التخصيص، أكد الاقتصادي السعودي إنه يساعد على تسارع العجلة الاقتصادية في القطاعات والمرافق المهمة والحيوية في المملكة، حيث سينقل أموال المدخرين والذين يرغبون في الاستثمار بالقطاعات الجديدة، حيث سيتحول مدخراتهم لاستثمارات لتصب في الاقتصاد الحقيقي وتساعد في تنميته وازدهاره، مما يعزز مكانة المملكة اقتصاديًا سواء بشكل محلي أو دولي.
وأوضح أن القرار جاء في الوقت الذي أصبحت فيه المملكة وجهة اقتصادات العالم بسبب القرارات والإصلاحات الاقتصادية التي تقوم بها بوتيرة وسرعة عالية ودقة ووضوح وعلى سبل ومنهجية عالمية وبأيدي وكوادر مهنية وطنية.
ومن المقرر أن يصدر مجلس إدارة المركز الوطني للتخصيص اللائحة التنفيذية، ونماذج المنافسة ووثائقها والعقود المتعلقة بالمشاريع، ونماذج البنود التعاقدية الإلزامية والاسترشادية.