يستقبل المرجع الأعلى لعدد كبير من الشيعة في العراق والعالم، آية الله العظمى علي السيستاني، البالغ من العمر 90 عاماً والذي لا يظهر علناً ويقرأ ممثلون عنه خطبه، غداً السبت، البابا فرنسيس في مدينة النجف الأشرف في جنوب العراق، في محطة بارزة من زيارة الزعيم الروحي لأكثر من مليار مسيحي في العالم إلى العراق.
وتحمل هذه الزيارة أهمية كبرى خصوصاً أن هالة السيستاني وتأثيره كبيران جداً. ومنذ 2003، كان وراء إرسال ملايين العراقيين إلى الشوارع وصناديق الاقتراع وحتى إلى القتال.
وخلال ثلاثة عقود، تمكّن السيستاني، من إعادة تحديد دوره بشكل راديكالي، ليصبح ليس المرجعية الدينية فحسب، بل السياسية أيضا، أحياناً وسط فوضى عارمة في العراق.
وتوضح الباحثة في مركز بروكينغز للأبحاث مرسين الشمري، لوكالة فرانس برس أنه “فيما يبتعد الكثير من الناس عن الدين في كل أنحاء العالم، حافظ السيستاني على سلطته المعنوية نفسها”، وتشير إلى أن “السيستاني ليس من دعاة الصمت لكنه أيضاً ليس ثورياً”.
وفي مرحلة ما بعد سقوط صدام حسين، ظلّ السيستاني يحظى باحترام ليس في أوساط الشيعة فقط، بل في أوساط السنة والأكراد وغالبيتهم أيضاً من السنة. ولطالما دعا آية الله العظمة الشيعة إلى احترام الأقليات وحماية المسيحيين وكنائسهم.
في العام 2004، دعا لتنظيم انتخابات ديموقراطية، ثم طلب من رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر التخلي عن العمليات المسلحة ضد القوات الأميركية. وفي أسوأ مراحل الاقتتال الطائفي (2006-2007)، ذكّر بأنه محرّم على مسلم أن يقتل مسلماً آخر.
في العام 2014، حثّ العراقيين على مناهضة تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف وإنشاء ما عرف لاحقاً بالحشد الشعبي.
لكن هذا الائتلاف الذي كان يفترض أن يضمّ مدنيين مستعدين لحمل السلاح، أصبح يضمّ بغالبيته مجموعات عسكرية موالية لإيران يتبع العديد من عناصرها المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي، وليس السيستاني.
في مقطع الفيديو الوحيد الذي يسمع فيه صوت السيستاني، يمكن سماعه يتكلم بالفارسية، ويقال إنه رفض مرتين منحه الجنسية العراقية. لكنه “حافظ دائماً على مسافة مع إيران التي لم يشأ قط الخضوع لإملاءاتها”، كما يقول الباحث كينيث كاتزمان من مركز خدمة الأبحاث في الكونغرس الأميركي.
وينتمي السيستاني الى المدرسة الفقهية الشيعية العراقية، وهو يناهض “ولاية الفقيه” التي يمثلها آية الله علي خامنئي في إيران وتقوم على إعطاء أولوية لرجال الدين على السياسيين المدنيين.
بالنسبة الى المدرسة الفقهية في النجف، على رجال الدين أن يكتفوا بتقديم المشورة دون التدخل بالشؤون العامة، وهو ما قد يجعل السيستاني متردداً في توقيع وثيقة “الأخوة الإنسانية” التي سبق أن وقعها البابا مع إمام الأزهر في أبو ظبي.
وترى الشمري أن أحداً “لن يحتل مكانةً” كالتي يحتلها السيستاني في أي حال، مضيفةً “لقد قاد العراق خلال أحلك الأوقات كما لو كان راعياً”.