نشرت صحيفة “ميدل إيست آي” البريطانية مقالا للكاتب “الإسرائيلي”، يوسي ميلمان، الخبير بالشؤون الأمنية والاستخبارية، سلطت فيه الضوء على تفاعل الاحتلال مع الانتخابات الفلسطينية المرتقبة.
واعتبر الكاتب في مقاله، ، أن الاحتلال قلق إزاء الانتخابات، وبأن حكومة بنيامين نتنياهو تعتقد أن رئيس السلطة محمود عباس، قلق أيضا.
وينقل ميلمان عن العقيد “مايكل ميلشتين”، الذي ترأس الفرع الفلسطيني في قسم الأبحاث التابع لاستخبارات الاحتلال الإسرائيلي، المعروف اختصارا بمفردة “أمان”، قوله: “تنضوي الانتخابات بالنسبة لإسرائيل على أخطار أكثر مما تحمله من فرص”.
ويلاحظ ميلشتين، وهو أيضا زميل في معهد السياسة والاستراتيجيا التابع لمركز “آي دي إس” في هيرتزليا شمالي تل أبيب: “يمكن لنفس النتائج (التي أفرزتها انتخابات 2006) أن تتكرر اليوم في الانتخابات القادمة”.
وبحسب ميلمان، فإن هذا ما يقلق المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين في وزارة الاستخبارات وفي الشين بيت، والذين يرصدون ويحللون التطورات داخل الضفة الغربية وقطاع غزة.
أما بالنسبة لمخاوف “فتح”، فإن “قيادة عباس المترهلة تواجه تحدياً من قبل مروان البرغوثي، الذي يعتبر القائد الأكثر شعبية بين أنصار فتح والسلطة الفلسطينية. ولقد أخفقت حتى الآن جميع مساعي عباس لإقناع البرغوثي بسحب ترشيحه”، وفق الكاتب.
وفي ما يأتي نص المقال كاملا :من وجهة نظر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من الأفضل ألا تتم الانتخابات الفلسطينية الموعودة.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد أمر بإجراء الانتخابات العامة في الثاني والعشرين من أيار/ مايو، والانتخابات الرئاسية في الحادي والثلاثين من تموز/ يوليو، وانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني في الحادي والثلاثين من آب/ أغسطس.
رحبت بذلك الإعلان حركة حماس، المعارضة الرئيسية لحركة فتح، التي يقودها عباس، والتي تدير حالياً حكماً موازياً في قطاع غزة.
يحق التصويت لما يقرب من مليوني فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية وقطاع غزة المحاصر. إلا أن إسرائيل على الأغلب لن تسمح للمقدسيين بالاقتراع، ومعلوم أن إسرائيل ضمت القدس الشرقية في عام 1967 في إجراء لم يعترف به المجتمع الدولي بتاتاً.
ولكن إسرائيل تتذكر جيداً كيف صدمها العلم بأن “حماس” فازت في انتخابات المجلس التشريعي في عام 2006، التي شهد مراقبون دوليون أنها كانت حرة ونزيهة. وتمكنت “حماس” في تلك الانتخابات من هزيمة “فتح”، التي تأسست على يد ياسر عرفات ويقودها منذ وفاته عباس.
يقول العقيد مايكل ميلشتين، الذي ترأس الفرع الفلسطيني في قسم الأبحاث التابع للمخابرات الإسرائيلية المعروف اختصاراً بمفردة “أمان”: “تنضوي الانتخابات بالنسبة لإسرائيل على أخطار أكثر مما تحمله من فرص”.
بعد عام من الانتخابات السابقة، استلمت حماس السلطة في غزة بعد نشوب صدامات عنيفة مع فتح – وما لبثت منذ ذلك الحين تهيمن على القطاع الساحلي.
تعتبر الانتخابات العامة تطوراً واعداً لتعزيز العملية الديمقراطية، وزيادة ثقة الجمهور، وإيجاد دعم دولي للمعضلة الفلسطينية وتجديد وتقوية السياسة الفلسطينية وسياسييها الذين دخلوا في الكهولة.
تعاني “فتح” من التوترات الداخلية والانقسامات الفصائلية وتردي صورتها في نظر الجمهور، بينما تظهر “حماس” عزماً ودرجة عالية من التماسك والمهارات التنظيمية.
كانت نفس تلك الصفات موجودة في فترة الاضطراب 2006- 2007، والتي تمخضت عن فوز “حماس” في الانتخابات ومن ثم الهيمنة على قطاع غزة.
ويلاحظ ميلشتين، وهو أيضاً زميل في معهد السياسة والاستراتيجيا التابع لمركز آي دي إس في هيرتزليا شمالي تل أبيب: “يمكن لنفس النتائج أن تتكرر اليوم في الانتخابات القادمة”.
وهذا ما يقلق المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين في وزارة الاستخبارات وفي الشين بيت، والذين يرصدون ويحللون التطورات داخل الضفة الغربية وقطاع غزة.
مخاوف “فتح”
وبحسب ما يقوله المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون فإن القلق الذي يساور عباس وكبار المسؤولين في حركته لا يقل عن ذلك الذي يساور إسرائيل، ويقولون إن عباس كان متردداً جداً في الموافقة على الدعوة إلى الانتخابات.
فقيادة عباس المترهلة تواجه تحدياً من قبل مروان البرغوثي، الذي يعتبر القائد الأكثر شعبية بين أنصار فتح والسلطة الفلسطينية. ولقد أخفقت حتى الآن جميع مساعي عباس لإقناع البرغوثي بسحب ترشيحه.
ومن باب مساعدة عباس في تحقيق هدفه، سمح مسؤولو الأمن الإسرائيليون لمستشاري الرئيس بزيارة البرغوثي داخل السجن حيث يقضي عدة أحكام بالسجن المؤبد بعد إدانته بجريمة القتل من قبل محكمة إسرائيلية أثناء الانتفاضة الثانية.
ولكن في النهاية، خضع عباس للضغط الذي كان يمارس عليه من قبل الجيل الجديد من الفلسطينيين الراغبين في رؤية تبديل الحرس، وكذلك من قبل مصر.
ما فتئت مصر تلعب دوراً رئيسياً منذ سنين في المساعي التي تبذل من أجل تحقيق مصالحة فلسطينية وطنية حقيقية بين حركتي فتح وحماس، وهي المساعي التي ظلت تفشل حتى الآن. وما الدعوة إلى الانتخابات إلا محاولة جديدة لتوحيد الشعب الفلسطيني.
يواجه عباس الآن معضلة حقيقية، إذ بدون الانتخابات ستفشل حتماً مساعيه لتحقيق وحدة وطنية واستعادة مكانة “فتح” كقوة ذات قيمة داخل قطاع غزة. ولكن فيما لو أجريت الانتخابات، فقد تتكبد “فتح” هزيمة أخرى وحينها ستزداد “حماس” قوة، ليس فقط في قاعدتها الصلبة داخل غزة وإنما أيضاً داخل الضفة الغربية.
أما في ما يتعلق بالانطباع الأمني الإسرائيلي، فتعتبر الانتخابات تهديداً.
فيما لو فازت “حماس” في الانتخابات فسوف يزيد ذلك من ثقتها بنفسها ومن قدرتها على تحدي إسرائيل بجرأة أكبر.
ولذلك فقد عكف محللو المخابرات العسكرية وجهاز الشين بيت على رسم سيناريوهات مفادها أنه فيما لو خرجت “حماس” من الانتخابات بالفوز، أو فيما لو حققت فقط نمواً في قوتها من خلال الانتخابات، فسوف تلجأ إلى نفس الأساليب العسكرية التي استخدمتها في غزة –إطلاق الصواريخ وزرع القنابل واستخدام أساليب الكر والفر– ضد القوات الإسرائيلية والمستوطنين اليهود في الضفة الغربية.
تتلخص مقاربة إسرائيل إزاء ذلك في ما يأتي: لماذا يتوجب علينا خض السفينة؟
ولكن في الحقيقة لا يوجد لدى إسرائيل الكثير مما يمكنها فعله. فبينما هي لا تملك معارضة الانتخابات بشكل علني، فهي تعلم أنها لا تملك من الإجراءات الحقيقية ما يمكنها من التأثير فيها.
عربي ٢١