في غضون خمس سنوات لن يفيد أن تكون الأول في السباق لأن الجميع سيكونوا قد لحقوا بك
هاميش ماكراي صحافي وكاتب @TheIndyBusiness
هل تستطيع شركة “آبل” أن تفعل في قطاع النقل ما صنعته في الاتصالات؟ هل يمكن أن تحتفظ شركة “تيسلا” بقيمة علامتها التجارية عندما تصبح جميع السيارات في العالم كهربائية؟ هل تستطيع “جاغوار لاند روفر” التحول إلى سيارات كهربائية بالكامل؟
ثمة سلسلة من علامات استفهام معلقة في صناعة السيارات العالمية، لكن هناك أمراً واحداً بات واضحاً تماماً، قوامه أن كل شيء فيها سيصبح كهربائياً. ويعتبر إعلان “جاغوار لاند روفر” بأنها ستنتقل إلى طاقة الكهرباء كلياً مع حلول 2025، استسلاماً لشيء حتمي.
واستطراداً، سيكون الإشكال الوحيد في وتيرة التغيير. في المقابل، يبدو أن كل يوم يمضي يقلص الأفق الزمني، وبطبيعة الحال يستغرق كل تحول من هذا النوع بعض الوقت، بالنظر إلى أن متوسط عمر المركبات الخفيفة على الطرق الأميركية حوالى 12 عاماً، ولكن علينا أن نتقبل الاستغناء عن جميع المهارات الهندسية التي تعمل في تحسين المحركات وسلاسل الإنتاج في عصر محركات الاحتراق الداخلي التي تعطي السيارة طاقتها بالاستناد إلى حرق الوقود.
إذن، أين ستكون المنافسة؟ وكيف سيميز المصنعون منتجاتهم عن المنتجات الأخرى؟
في ذلك المنحى تكمن أهمية مشروع “آبل” الذي تدور حوله سلسلة من القصص الإخبارية والشائعات والتصريحات النافية. وبحسب تقارير، تواصلت شركة “آبل” مع شركة “نيسان” بهدف التعاون في ذلك المشروع، فيما ذُكر أن الأخيرة رفضت العرض، لكن يبدو أن المشروع يمضي قدماً، إذ تسعى “آبل” إلى تطوير مركبات ذاتية القيادة تستطيع حقاً فعل كل ما يمكن للسائق البشري فعله، مما يشكل أعظم إنجاز في عالم السيارات.
وعلى نحو مماثل تعمل شركة “تيسلا” أيضاً على مشروع شبيه من خلال نظام القيادة الذاتية في سياراتها، لكنها تؤكد أن هذا النظام يشكل “نظاماً عملياً هدفه مساعدة السائق، ويجب استخدامه مع كامل اليقظة” وأنه “لا يحول سيارة “تيسلا” مركبة ذاتية القيادة، ولا يجعلها سيارة ذاتية التحكم”.
وفي ذلك الملمح تكمن النقطة الأهم، بمعنى أننا نعلم بأن العالم سينتقل إلى السيارات الكهربائية، لكن لا نعرف إذا كنا سننتقل إلى السيارات ذاتية القيادة، وينطوي التحول الأول على تأثيرات هائلة على البيئة والتصنيع وخدمات البنية التحتية والعمالة، لكنه لا يغير العلاقة بين البشر والمركبات، إذ سيبقى متوجباً علينا قيادتها.
في المقابل، يبدل التحول الثاني تماماً طريقة تفكيرنا بالسيارة إذا كنت لا تحتاج أن تعرف كيفية القيادة، لأنه يمكنك أن تكتفي بمجرد النقر على العنوان الذي تريد الذهاب إليه، فهذا يغير طبيعة تنقل الإنسان.
من جهة ثانية، ماذا يعني هذا من الناحية التجارية؟ حسناً، من الواضح أن من سيفوز بسباق صناعة السيارات الكهربائية هو الذي يستطيع تقديم سيارة تمزج بين جمالية الشكل وقوة الأداء والموثوقية مع أسعار أكثر تنافسية، وحالياً تتصدر “تيسلا” هذا السباق، لكن ميزتها التنافسية ستتضاءل عندما تكون جميع السيارات كهربائية.
في غضون خمس سنوات، قد لا يغدو مفيداً أن تكون أول من استبق إلى التغيير، لأن الجميع سيكونون لحقوا بك، وأنا متأكد من أن “تيسلا” ستستمر كعلامة تجارية بفضل عبقرية إيلون ماسك، لكن لستُ واثقاً من استمرارها شركة مستقلة.
ومن وجهة نظر أوروبية، وتحديداً من منظور بريطاني، سيكون التحدي متمثلاً في الحفاظ على التميز في الإنتاج، ويعني ذلك أن قدراً كبيراً من خبرة “تيسلا” ستكون تقادمت.
وفي هذا الصدد، ليس واضحاً مدى قدرة أوروبا على مجاراة آسيا في تطوير البطاريات أو خفض كلفة الإنتاج، إذ ستحتفظ أوروبا بالريادة في سوق السيارات الفاخرة، وقد لا تتمكن من المنافسة في الإنتاج الموسع للسيارات الكهربائية، لذا من المرجح أن نقتني جميعاً سياراتنا من الصين، على الرغم من أن المنتجين الصينين قد يقررون بناء مصانع محلية للتجميع على غرار ما فعل اليابانيون منذ ثمانينيات القرن العشرين.
في المقابل، يكمن السؤال الأهم في كيفية تغير علاقتنا مع السيارات، فمن الواضح أن الولع بها أصبح بارداً، فهل سيزداد هذا البرود؟
في هذا المنحى تشير شركة “بوش” الألمانية لتوريد مكونات السيارات إلى أن العالم قد وصل ربما ذروة إنتاج السيارات، وإذا صح هذا فإننا ربما نتجه نحو علاقة نفعية معها على غرار علاقتنا مع القطارات والحافلات والطائرات.
وفي منحى مغاير، ربما ستغير “آبل” كل شيء على غرار ما فعلته بواسطة الـ “آيفون”، وذلك عبر تحديد ما نريده من المركبات قبل أن نعرف فعلياً أننا نرغب فيه، ثم تنتقل إلى إنتاج الجهاز الذي يؤدي تلك المهمة.
تعرف شركة “آبل” كيف تصنع أشياء جميلة، لكن إسهامها الكبير سيكون في دمج البرمجيات بالأجهزة في سيارة تعرف وجهتك، وبطريقة ما تجعل رحلتك ممتعة بدل كونها عملاً روتينياً، وإذا نجحت في ذلك فسيحذو العالم حذوها.
© The Independent