شلت موجة برد غير مسبوقة في الولايات المتحدة، أكبر مصادر إنتاج الطاقة في البلاد الموجودة في ولاية تكساس، حيث تجمدت حقول النفط ومصافي التكرير في الولاية ليعلن المنتجون حالة القوة القاهرة، كما انقطعت الكهرباء عن ملايين الأسر لأول مرة منذ عقد من الزمان، ليخرج الكثيرون بحثاً عن الحطب الذي نفد أيضاً بجانب الضروريات الأخرى من المتاجر.
وقلب الصقيع الذي تشهده أميركا والعديد من المناطق في أوروبا وآسيا منذ عدة أيام، أسواق الطاقة على مستوى العالم، لتدخل أسعار النفط المنطقة الدافئة بتحقيق مكاسب إضافية في ظل تراجع المخزونات العالمية بعد خفض الإمدادات من قبل منظمة البلدان المنتجة للبترول “أوبك” وحلفائها.
وتسبب تعطل آبار ومصافي النفط وكذلك خطوط أنابيب الغاز الطبيعي، في انقطاع الكهرباء عن نحو 5 ملايين منزل وشركة في تكساس، ثاني أكبر ولاية في الولايات المتحدة.
وتنتج تكساس تقريباً 4.6 ملايين برميل من النفط يومياً، ويوجد بها 31 مصفاة، وهو أكبر عدد في ولاية أميركية واحدة، ومنها بعض من أكبر المصافي في البلاد، وفقا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
وقررت شركة تكرير النفط “موتيفا إنتربرايسز” إغلاق مصفاة “بورت آرثر”، التي تعتبر الأكبر في الولايات المتحدة، وتبلغ طاقتها 607 آلاف برميل يومياً. وقالت هيئة تنظيم الطاقة في الولاية: “بعض المنتجين يعانون من ظروف تجميد غير مسبوقة، أدت إلى مخاوف بشأن سلامة الموظفين وأثرت على الإنتاج”.
ومن المتوقع أن تلجأ مصاف أخرى للإغلاق من بينها (إكسون موبيل)، التي بدأت أيضا في التوقف عن العمل، حيث يرجح أن يظل الطقس في جميع أنحاء وسط الولايات المتحدة شديد البرودة هذا الأسبوع، بينما وصلت درجات الحرارة إلى 22 درجة مئوية تحت الصفر.طاقة
وقالت هيئة الأرصاد الوطنية إن درجات الحرارة المتوقعة لمدينة دالاس ستصل إلى 29 درجة تحت الصفر، يوم الأربعاء. وكان الرئيس الأميركي جو بايدن، قد أعلن يوم الاثنين الماضي “حالة الطوارئ” في تكساس وقرر إرسال مساعدات فيدرالية لتكملة جهود الاستجابة الحكومية والمحلية هناك، بسبب الظروف الجوية.
ومع البرد القارس بقيت العديد من المدن التابعة لتكساس، منها هيوستن، ودالاس، وسان أنطونيو دون كهرباء لفترات تصل إلى ساعة في كل انقطاع، وفي بعض الحالات لفترة أطول، بسبب اضطراب الإمدادات.
ومن المتوقع، أن يصبح الوضع أكثر خطورة مع انخفاض درجات الحرارة، وبالتالي يرتفع الطلب على الكهرباء، بينما فاجأ الصقيع على ما يبدو سوق الكهرباء اللامركزية في تكساس، حيث كان مشغلو الشبكة قد حذروا يوم الأحد الماضي من انقطاع التيار الكهربائي، لمدة 15 إلى 30 دقيقة، إلا أن ذلك استمر بالواقع لساعات طويلة، وفق تقرير لوكالة وكالة بلومبيرغ الأميركية، أمس.
وقال بيل ماغنس، المدير التنفيذي لشركة “إيركوت”، المشغلة لشبكة الكهرباء في الولاية، إن “كل مشغل شبكة، وكل شركة كهربائية تقاتل لاستعادة الطاقة في الوقت الحالي”.
وكتب عمدة هيوستن سيلفستر تورنر، في تغريدة عبر تويتر “نتعامل مع انقطاع التيار الكهربائي على مستوى النظام في أنحاء الولاية”.
وتعتبر هذه أول حالات انقطاع للتيار الكهربائي بسبب الطقس البارد منذ عام 2011، وعادة ما تحدث طفرات في الطلب على الكهرباء خلال الصيف في تكساس عندما يرتفع استخدام مكيفات الهواء.
وهرع الكثيرون للخروج إلى الشوارع والمتاجر بحثا عن الحطب والضروريات من السلع والحلب، بينما نفدت هذه المنتجات من المتاجر وفق بلومبيرغ.
ونقلت الوكالة عن نيل تشاترجي، رئيس اللجنة الفيدرالية لتنظيم الطاقة سابقاً قوله، إن البرد القارس، مجرد أحدث حلقة في سلسلة من الأحداث المناخية القاسية، التي تسببت في انهيار شبكات الكهرباء وقلب أسواق الطاقة على مستوى العالم.أسواق
وفي الأسابيع الماضية، دفعت ظروف الشتاء القاسية في شمال آسيا، وأجزاء من أوروبا أيضا بعض أسواق المنتجات النفطية إلى الصعود. وقال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، يوم الأحد الماضي، إنَّ صعود النفط الخام وجد أيضاً دعماً من اللقاحات والتفاؤل الذي يحركه التحفيز، بالإضافة إلى سوق “متوازنة” الآن مع الأسعار التي تعكس الوضع الحالي.
واستقرت أسعار النفط عالميا في المنطقة الدافئة، أمس، لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ ديسمبر/ كانون الأول 2019، مستفيدة من تعطل الإمدادات في أكبر مصادر الإنتاج بالولايات المتحدة، لكن صفقة بشأن الأجور في النرويج أدت إلى تجنب تعطل الإمدادات في أوروبا كبحت مكاسب الخام، الذي لامس في العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي مستوى 60 دولاراً للبرميل، فيما تجاوز خام برنت 63 دولاراً للبرميل.
وبجانب أزمة الإنتاج في الولايات المتحدة، تتلقى أسعار الخام دعما من توترات في الشرق الأوسط بالتحديد بين السعودية وجماعة الحوثي في اليمن، التي شنت في أكثر من مناسبة هذا الأسبوع هجمات على أهداف سعودية.
وتوقع محللون أن يواصل الخام ارتفاعه صوب 70 دولاراً للبرميل، متخطيا مستويات ما قبل جائحة فيروس كورونا الجديد التي دفعت الأسعار للانهيار إلى حوالي 20 دولاراً للبرميل في مارس/ آذار 2020، مسجلة آنذاك أدنى مستوى لها في 17 عاماً، خاصة في أعقاب سباق الإنتاج بين روسيا والسعودية، قبل أن تتوصل “أوبك” وكبار المنتجين على رأسهم موسكو لخفض الإمدادات من أجل إيقاف نزيف الأسعار.