من خلال التركيز على “التحريض على التمرد” وحده، سهل الديمقراطيون على الجمهوريين التملص من إدانة ترمب، لكن ثمة بديلاً آخر
جاي كاروسو صحافي وكاتب
من الصعب مشاهدة مقاطع فيديو الهجوم على مبنى الكابيتول الأميركي في السادس من يناير (كانون الثاني) وعدم الشعور بالغضب. لسوء الحظ، أخطأ الديمقراطيون التصويب في إعداد قائمة التهم ضد ترمب، ما منح عدداً كافياً من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين مساحة المناورة التي يحتاجون إليها كي يبرّئوا الرئيس السابق. فلو سهّلوا الأمور قليلاً على الحزب الجمهوري، فلربما حصلوا [الديمقراطيون] على ما يسعون إليه.
ثمة ما يُبرر الغضب من الجانب الديمقراطي. فبعد مشاهدة دونالد ترمب يكذب بشأن نتائج الانتخابات لأكثر من 60 يوماً، كان مغيظاً رؤية مبنى الكابيتول يهاجَم أثناء إداء الكونغرس واجبه الدستوري في فرز أصوات المجمع الانتخابي والتصديق عليها. من منا لن تكون لديه مشاعر قوية حيال ذلك؟
لقد سارع الديمقراطيون في مجلس النواب لصوغ مادة موجبة لعزل ترمب، واتهموه بـ “التحريض على التمرد” بسبب أعمال الشغب. وقد تحدث الرئيس السابق بالفعل في تجمع حاشد قبيل بدء حصار الكابيتول، وكرّر عدداً من الأكاذيب نفسها التي أوردها في أعقاب يوم الانتخابات، ويشمل ذلك أنه فاز بأغلبية ساحقة، وأن تزويراً كبيراً قد حدث، وأن ماكينات التصويت مغشوشة ونقلت أصواتاً منه إلى جو بايدن.
شكل خطابه تبجحاً طويلاً بشأن الانتخابات، ومن المحتمل أنه أثار غضب الحشد. ومع أنه من الصعب رفع قضية جنائية ضد ترمب بسبب ذلك، إلا أن جملة الأكاذيب التي أوردها، والإجراءات التي ادعى أنّ بإمكان الكونغرس ومايك بنس اتخاذها نيابة عنه، خلقت السيناريو المثالي لإعداد قائمة الاتهام التي سيجد أي جمهوري تقريباً صعوبة في تحدّيها.
ومع ذلك، فإن تركيز الديمقراطيين على “التحريض على التمرد” وحده يمنح الجمهوريين سبيلاً للتملص من إدانته. فقد صوت النائب الجمهوري تشيب روي من ولاية تكساس ضد لائحة الاتهام، على الرغم من إقراره بأن الرئيس متورط في سلوك يستوجب محاكمته في الكونغرس.
وذكر روي إنه كان يفترض بمجلس النواب إبراز مسألة ضغط ترمب على نائب الرئيس مايك بنس كي يخرق قسمه الدستوري. وروي محق في ذلك. إذ قصد أن ترمب دعا بنس إلى رفض التصديق على أصوات المجمع الانتخابي، وإعادتها إلى الولايات من أجل “تصحيح” النتائج.
في هذا الصدد، أشار ترمب إلى بنس سبع مرات خلال خطابه، وناشده أن يفعل “الشيء الصحيح” و “يعيد” الأصوات. وفي ندائه الأخير، كرر ترمب، “بنس، أتمنى أن تُدافع عن دستورنا ومن أجل خير بلدنا وإذا لم تكن كذلك، فسوف أصاب بخيبة أمل كبيرة فيك”.
وفي تغريدة كتبها ترمب أثناء تعرّض مبنى الكابيتول للهجوم، جاء فيها إنّ نائبه “مايك بنس لم تكن لديه الشجاعة لفعل ما توجب فعله بهدف حماية بلادنا ودستورنا، وهو منحُ الولايات فرصة المصادقة على مجموعة من الحقائق بعد أن يجري تصحيحها، وليست الوقائع الاحتيالية أو غير الدقيقة التي طُلب منهم المصادقة عليها مسبقاً. إن الولايات المتحدة تطالب بالحقيقة”!
لقد انتهك الرئيس [السابق] قسمه باحترام الدستور من خلال الضغط على بنس كي ينقض عهده. وكذلك خالف يمين المنصب عندما حاول إقناع وزير خارجية ولاية جورجيا، براد رافينسبيرغر، بـ”العثور على 11780 صوتاً، وهو ما لدينا أكثر منه لأننا فزنا بالولاية”. لقد كذب ترمب قائلاً إنه فاز بالولاية بـ”مئات الآلاف من الأصوات،” لذا يجب “العثور” على أصوات كافية تضعه في المقدمة “للفوز” بها.
والأهم من ذلك، أن طرح هذه الحجة سيتيح لـ17 جمهورياً مجالاً للانضمام إلى الديمقراطيين في إدانة ترمب ومنعه من تولي منصب فيدرالي مرة أخرى. إن الخدمة في الحكومة الفيدرالية ليست حقاً، بل امتيازاً ينبغي أن يفقده ترمب بسبب سلوكه المتهور وتجاهله التام للدستور في خدمة مكاسبه السياسية الشخصية.
من الناحية السياسية، ينطوي مثل هذا الإجراء على جانب سلبي على المدى القصير. ومثلاً، دان الحزب الجمهوري في ولايتي “وايومنغ” و”نبراسكا” النائبة ليز تشيني والسناتور بن ساسي بسبب تصويتهما لملصحة إجراءات العزل. في المقابل، يستطيع ترمب إحداث كثير من الأضرار على المدى الطويل، خصوصاً إذا أتيحت له الفرصة للترشح مرة أخرى. وثمة سؤال بشأن إمكانية أن يغتنم عدد كافٍ من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الفرصة في لائحة التهم المعروضة عليهم، أم لا. وحالياً تدل المؤشرات على أنّ ذلك لن يحدث.
جاي كاروسو مدير التحرير في “واشنطن إكزامينر”
© The Independent