أعطت انتفاضة 17 تشرين الأول/أكتوبر دفعا جديدا للفنانة التشكيلية اللبنانية حياة ناظر، التي استطاعت تحويل الدمار والخراب إلى مجسمات فنية، لتكون شاهدة على الأحداث التي عاشتها مدينة بيروت.
ونجحت ناظر بإحداث ضجة محلية وعالمية، من خلال مجسم المرأة الذي صنعته من شظايا الزجاج والحديد، لتخلد مأساة انفجار مرفأ بيروت في 4 آب/اغسطس.
وتقول ناظر لوكالة “سبوتنيك”: “اكتشفت نفسي خلال الثورة، لم أكن أعرف الكثير عن نفسي، ولم أكن أعلم أن لدي الشجاعة التي ظهرت لأكون دائماً في الصف الأول، لأدافع وأحارب سلمياً من أجل الثورة، وظهرت لدي الحاجة لأن أعبر أمام ومع العالم، وبدأت بالرسم على الجدران لأول مرة في حياتي، وعندما رأيت الخيم محطمة خطر ببالي أن أصنع مجسم منها، وهذا كان أول مجسم لي خلال الثورة في الشارع، الثورة فتحت لي فرص لم أكن أعرف عنها واكتشفت مهارات لم أكن أعلم بها”.
وأضافت: “لم يكن لدينا نقود لأن المصارف كانت مقفلة، والأموال محجوزة من قبل المصارف، لذلك إضطررت لأن أعمل من دون نقود، وبدأت بأخذ الأشياء المحطمة من الشوارع لأصنع منها مجسمات، وتعلمت أنه بظروف صعبة ومن دون مواد نستطيع أن نصنع شيء من لاشيء، وتحويل الدمار إلى شيء جميل مثل مجسم طائر الفينيق ومجسم قلب الثورة”.
وأشارت ناظر إلى أنه “بعد انفجار مرفأ بيروت علمت أنني سأصنع من الدمار الموجود مجسم لأنني اعتدت على هذا الأمر، واكتشفت أنني عندما أرى شيء محطم ينكسر شيء داخلي، وأشعر أنه يجب أن أصلح المحطم، لذلك أخذت من الدمار أشياء معي إلى المنزل، وكنت بصدد صنع مجسم عن امرأة قبل الانفجار، وبعد الانفجار شعرت أن بيروت امرأة جميلة ولكنها موجوعة، وأردت التعبيرعن بيروت كامرأة فأضفت الدمار إلى المجسم، وهكذا صنعت هذا التمثال، حتى أنني وضعت ساعة مكسورة التقتها من الشارع بعد الانفجار، وكل شيء أستطيع أن آخذها عن الطريق أخذته، حتى أنني مررت على المنازل المدمرة وطلبت من المالكين إعطائي أشياء لأنني أرغب بصنع مجسم مثلها ولكن أكبر ليكون ذكرى إنفجار مرفأ بيروت”.
ولفتت إلى أن “مجسم المرأة أخذ ضجة عالمية وأثر باللبنانيين وغير اللبنانيين، وهذه بالنهاية الفكرة من فن الشارع، أنا لم أصنعها لأبيعها أو لأتسفيد منها ماديا، همي هو إيصال الرسالة للناس ولأعبر عن ألم الناس ولكي أوصل رسالة للعالم بأننا موجوعين ولكن سنكمل، ومن دون وجود الأمل لا وجود للحياة”. وتضيف: “أصررت على أن لا أسمي هذا المجسم لكي لا أرفض اسم عليها، وتركت لكل شخص أن يسميها مثلما يراها”.
واعتبرت ناظر أن “الفن هو لغة لكل الأشخاص، والذي اكتشفته أن فن الشارع مهم جداً وهو ليس محصوراً بالمثقفين أو المتعلمين، بل وصل إلى الجميع وإلى كل الطبقات”، مشيرة إلى أن “الفن لغة تعبر عن الجميع، والأعمال التي قمت بها خلال الثورة كان لها تأثير كبير لأن التحدي سياسي، وأوصلت الرسالة التي أريدها بطريقة سلمية، وفن الشارع يبقى كل يوم وكل لحظة، لأن المجسمات بقوا في الساحات يعبروا عن قصتنا وأوجاعنا ومطالبنا”.
أوضحت الفنانة اللبنانية أنها “بصدد التحضير لمعرض عن كل ما مررنا به هذه السنة، لأن الهدف من الفن الذي أقدمه هو التغيير للأفضل، تغيير نفسي لكل شخص أو تغيير للمجتمع بأكمله”، مضيفة أنه “خلال هذه السنة لم أبيع أي عمل فني، لأنني أعتبر أنني أعمل من أجل بلدي، ولا أريد الاستفادة منه لأنه للناس، ولكن وصلت لمرحلة لم أعد أستطيع أن أستمر، ومضطرة أن أبيع لوحات من أجل استئجار أماكن لكي أضع فيها المجسمات لكي لا تتحطم”.
سبوتنك