بقلم : فهد السالم صقر
باحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية
26 نوفمبر 2020
هذا المقال كُتب في مايو 2017 ولم يُنشر، وأنشره الآن بعد أن أجريت تعديلات عليه لإعطاء القارئ لمحة زمنية أو نافذة إضافية ( Snapshot) على مسلسل التدليس الأمريكي الايراني المستمر منذ عشرين عاما ، وهو يعزز ما ذهبت اليه في مقالي السابق المُعَنوَن (العلاقة الايرانية – الأمريكية – دخان ومرايا).
في العشرين من إبريل نيسان 2017، وفي جولة ردح و تصعيد إعلامي جديدة بين ايران وأمريكا ، صرح وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون بأن الطموحات النووية الإيرانية تشكل خطر على العالم وأمنه، وقال بأن إيران تُحَرِض على زعزعة الإستقرار عبر زرع ميليشياتها في الشرق الأوسط، و إتهم السيد تيلرسون ايران بأنها شنت هجمات إلكترونية ضد الولايات المتحدة. وفي نفس اليوم ، رد عليه وزير الدفاع الإيراني أن على أمريكا أن تُدرك أن “عصر الكاوبوي” والإتهامات المختلقة قد ولّى، وإتهم أمريكا بأنها هي التي تدعم الإرهاب في العراق وسوريا.
تزامن هذا التَراشق الإعلامي – الذي هو في جوهره تمويه وتدليس سياسي على أعلى المستويات -مع قيام الطيران الأمريكي بتوفير الغطاء الجوي للحشد الشيعي وللمليشيات ” المدعومة من إيران” في شمال العراق وشرق سوريا ، يا لمحاسن الصُدف . فبحجة محاربة داعش يتم تهجير أهل الموصل وحصارهم وتدمير أحياءهم و منعهم من العودة إلى بيوتهم وأحياءهم ، وإحداث تغيير ديمغرافي في المدينة. و بحجة مكافحة الإرهاب يتم إرتكاب المجازر ضد المدنيين في دير الزور وشمال سوريا وشرق الفرات من قبل ما يسمى “بالتحالف الدولي” وتقوم أمريكا بإحتلال آبار النفط السوري. لم يقل لنا الوزير تيلرسون مَن هُم بالضبط المليشيات التي تزرعها ايران لزعزعة الإستقرار سيادتك، هل هم ميليشيات أخرى، لا نعلمها أنتم تعلمونها ، غير تلك التي توفرون لها الدعم الجوي في شمال العراق وشرق سوريا؟
يُذكر أنه خلال تصعيد و فرقعات إعلامية سابقة بين الطرفين، دأب بعض الكتاب المحسوبين على ما يُسمى “محور الممانعة ” للترويج بأن هناك ضربة عسكرية وشيكة لإيران لا محالة ، وأن التصعيد الإعلامي هو تهيئة لها. وهذا التحليل المُضَلِل الذي صدر فعلا عن بعض الكتاب ، إن دل على شئ فإنما يدل على أن ” التدليس الإعلامي ” بين إيران و “الشيطان الأكبر” يتم حسب أوركيسترا منظمة و معدة سلفا ويؤتي أكله لجهة خداع الرأي العام و التمويه على ما يجري فعليا. بالمناسبة هذه التكهنات لا تحدث إلا في الإعلام العربي و في إعلام الممانعة تحديدا . لماذا يا تُرى لا يزال الصحفي الممانعجي عبدالباري عطوان حتى هذه اللحظة يحلف على قبر أمه في كل تصعيد أن هناك ضربة أمريكية عسكرية قادمة لا محالة لا تأتي ليعاود الكرة ثانية وثالثة و…عاشرا لا يكل ولا يمل.
هل يا تُرى السيد عطوان مقتنع بهذه التكهنات ( الفالصو) أم أنه مُضّطر لقول ذلك لأن مموليه يُوعزون له بذلك من باب نفش الريش والمبالغة في القوة ضمن الإطار التدليسي إياه. لماذا يتعمد عطوان التهويل في كل مرة ؟ أين الأمانة الأدبية والأخلاقية في تضليل الناس لعشرين عاما يا عطوان؟ لقد زاد الموضوع عن حده فعبدالباري عطوان ومن هم على شاكلته يُلَمِعون و يخدمون ايران في مسعاها لتقديم نفسها في المنطقة بقالب معين لجمهور مؤيديها و المناصرين و المخدوعين الُسذج المُغّرر بهم – وهم كُثر- ، بأنها تقود معسكر “مقاومة” و”ممانعة” لأمريكا في المنطقة، وتقف ضد مشاريع ” الشيطان الأكبر” بدليل أنها تعيش بإستمرار تحت تهديد الحرب والحصار ، بينما هي في الحقيقة لاعب مهم و رئيسي في هذه المؤامرات ، وعاهرة تُحاضر في الشرف.
وتستفيد أمريكا من وراء هذا التدليس السياسي في عدة أمور ؛ فهي تقوم بصرف الأنظار وتشويه الحقائق عن حقيقة ما تقوم به مع ايران على أرض الواقع في المنطقة من قتل وتهجير للمدنيين، وسياسات تصب بالدرجة الأولى في مصلحة نظام الأسد بحجة محاربة تنظيم داعش الإرهابي. وتُعطي لنفسها ذريعة للتدخل وللتغطية على أطماعها الحقيقية في نفط سوريا ، ومحاولاتها الدؤوبة إقامة جيب كردي في شمال سوريا و بأطماعها غرب الفرات ، لزعزعة الإستقرار ولضمان أمن الكيان الصهيوني. إذن فإن الدور التخريبي المُثير للفتن الذي تقوم به طهران في المنطقة يروق لأمريكا تماما وينسجم مع أهدافها ( In total synchronization ) وحاصل على ضوء أخضر منها، شريطة أن لا تتعدى إيران الخطوط الحمراء المرسومة لها . فبدءا بلبنان وليس إنتهاءا باليمن والبحرين، أمريكا تتخذ موقف المتفرج من تدخلات إيران ، وتسمح لها بالتمدد والتدخل ، ولا تفعل شيء لمنعه، فايران ” تُبرطِع” هنا وهناك، عسكريا و ترسل ميليشياتها إلى درعا و دمشق و القصير و الزبداني و سهل حوران وأطراف الجولان. وسياسيا ، تُعين رؤساء حكومات هنا ورؤساء جمهوريات هناك في أربع عواصم عربية بالرضا و التنسيق الضمني مع أمريكا.
فبينما تسعى أمريكا لصناعة وإدارة الفوضى في الشرق الأوسط ، تقوم إيران بتسهيل هذا الهدف و جعله ممكنا عن طريق لعب دور توسعي عدائي ، تعتقد إيران – واهمة – من خلاله أنها تستطيع أن توسع نفوذها، وتكسب الحروب لصالح وكلائها في كل من سوريا و اليمن و العراق، و إلى حد ما في البحرين ، كما فعلت في لبنان. إنها شهوة التوسع العمياء و الجنون لدى ملالي طهران و الطموح بلعب دور إقليمي ) طائفي بإمتياز) أكبر بكثير من حجمهم الطبيعي، الأمر الذي يتسق تماما وينسجم مع الأجندات الصهيونية الأمريكية في المنطقة. فهذا الدور يخدم مصالح أمريكا وأمن الكيان الصهيوني بشكل جيد. Guilt by association لأنه يصطدم بمعارضة شرسة من الغالبية السُنّية التي ترفض مغامرات ايران وتجاوزاتها في المنطقة.
في لبنان مثلا ، لم يكن الجنرال ميشال عون ليصل إلى سدة الرئاسة في قصر بعبدا في أكتوبر 2016 بعد فراغ دستوري دام عامين ، لولا هذا التفاهم الإيراني الأمريكي الذي ضرب عرض الحائط بكل تحفظات الفرقاء السياسيين الآخرين في لبنان، ومنهم المسلمين السنة . هذا التناغم هو الذي فَرَض عُنوة على السُنّة وعلى عموم اللبنانيين مرشح حزب الله وإيران رئيسا بشخص الجنرال ميشال عون كجزء من صفقة إقليمية كبرى كان عنوانها العريض البرنامج النووي الإيراني. و شملت من ضمن بنودها أيضا مصير بشار الأسد لجهة إبقاءه وإعادة تأهيله دوليا، وإطلاق يد إيران في سوريا لتنفيذ هذه المهمة.
كل القرائن على الأرض تشير إلى – أن الإتفاق النووي الموقع عام 2015 كان جزءا من صفقة كبرى شملت تفاهمات على كل ملفات المنطقة ، بما فيها الملفين اللبناني والسوري بالإضافة للملف النووي الايراني. وأي مراقب سياسي موضوعي يمكنه التحقق بنفسه من ذلك ، لأن تغير الموقف الأمريكي والأوروبي من الثورة السورية و من نظام الأسد بإنعطافة قدرها 180 درجة تحديدا حدث بُعيدَ توقيع الإتفاق النووي مباشرة. وهذا ما يجعلنا نتهم أمريكا والغرب بأنهم هم الذين أطلقوا يد إيران ، و من بعدها روسيا في سوريا بعد العام 2015 . لأنه من الواضح أن المحافظة على نظام دمشق من السقوط كان شرطا من شروط هذا الإتفاق وكان هدفا مشتركا عزيزا على قلب ايران وإسرائيل معا. فلولا الضوء الأخضر الأمريكي ( الإسرائيلي) لما إستطاعت روسيا تحريك طائرة واحدة في سوريا ، ولما إستطاعت ايران إرسال جندي واحد اليها. وهذه ليست مبالغة بل حقائق لأن العلاقات الدولية مش فوضى كما يتوهم البعض ، و أن كل ممن هب ودب يستطيع إرسال قوات عسكرية إلى سوريا ويتسلل بالليل بينما الكهرباء مقطوعة في تل أبيب وواشنطن ولندن ، وإسرائيل مش واخذة بالها…! الأمور ليست هكذا البتة.
في مؤتمر صحفي عقده في 15 يوليو 2015 في البيت الأبيض بعد توقيع الإتفاق النووي ، صرح الرئيس الأمريكي باراك اوباما بأننا نتفهم مصالح ايران في سوريا ، Iran’s assets in Syria) ) وأن على ايران أن تلعب دورا في المفاوضات الجارية بشأن الأزمة في سوريا. وأضاف: ” لقد أصبحت ( أي الأزمة السورية) عالقة في كل من الصراع الطائفي و المناورات الجيوسياسية، ولكي نتمكن من حلها يجب أن يكون هناك تفهم لدى القوى الكبرى المهتمة بسوريا على أنه لن يتم الحسم في ساحة المعركة” إنتهى الإقتباس.
هذه التصريحات العلنية من الرئيس الأمريكي باراك أوباما مُدَعّمة بالسلوك الفعلي للولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين على الأرض تُثبت بما لا يدع مجالا للشك ، بأن كل التدخلات الايرانية والروسية في سوريا ما كان لها أن تتم دون موافقة و مباركة أمريكية غربية ، و ضوء أخضر من ( إسرائيل بطبيعة الحال) .
و أزيدكم من الشعر بيت ، بأن أمن الكيان الصهيوني هو خط أحمر ليس بالنسبة لأمريكا والغرب فحسب ، بل هو خط أحمر بالنسبة لروسيا أيضا. فروسيا تختلف مع أمريكا في كل شيء إلا في أمن الكيان الصهيوني، فروسيا كانت ثاني دولة في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية عام 1948التي تعترف بدولة إسرائيل . فما لكم كيف تحكمون. كما أن العلاقات الروسية الإسرائيلية في عهد فلاديمير بوتين تمر في مرحلة ذهبية لم تشهدها في التاريخ من التعاون و التنسيق الأمني والجوي خاصة في الأجواء السورية. وهو أمر معلن على الملأ وفي وسائل الإعلام وليس سرا. يعني يا بتوع الممانعة والمقاومة الذين تُراهنون على موسكو خليكم ساكتين وإلعبوا دور الميت وإغفلوا عن هذه الحقيقة ولا تُضّحكوا الناس عليكم.
وإعلموا أن منطقة الشرق الأوسط الحيوية المحاذية للكيان الصهيوني أخطر و أهم من أن تُترَك لروسيا و ايران أو الصين لكي يتمددوا ويعبثوا فيها كما يشاؤون ضد رغبات الغرب، هذا الأمر مستحيل الحدوث من النواحي السياسية واللوجستية والديبلوماسية ، إلا بحبلٍ من الأنظمة وحبلٍ من الغرب.
نعم لقد تآمرت أمريكا على الشعب السوري بلا أدنى شك ولكن دور البطولة في هذه المؤامرة أحيل إلى بشار الأسد ، الذي كان جزءا من هذه المؤامرة و لاعبا رئيسيا فيها ضد شعبه الذي ثار عليه. لقد سَعت أمريكا منذ بدء الثورة السورية باللعب على الحبلين للوصول بالأمور إلى مستنقع لا غالب ولا مغلوب ، وهذا ديدنها في كل أزمات المنطقة، تخلق الفِتَن والأزمات وتُديرها. لكن في ملف الثورة السورية تحديدا ، فإن إسرائيل هي التي كانت تُملي سياسة أمريكا كلمة بكلمة، وبشار الأسد يعلم جيدا أنه مدين لإسرائيل وحدها بالبقاء على قيد الحياة والنجاة ، أما ايران وروسيا فهم كومبارس و إكسسوارات وأدوات للإستعمال لمرة واحدة.
لقد تقاطعت مصلحة إيران في الملف السوري بمصلحة إسرائيل، فكلاهما يدعم المحافظة على النظام، كلا لأسبابه الخاصة. فإسرائيل تريد نظام منزوع الشرعية ضعيف ، مُنهك ، مُستَنزف، يُكرّس سوريا كدولة فاشلة، دون أن يحسم المعركة لصالحه. فبقاء بشار الأسد في السلطة يعني إستمرار الصراع و إستمرار معاناة الشعب السوري، ومعناه أنه لن تقوم لسوريا قائمة أبدا طالما بشار وعصابته الطائفية على رأس السلطة .
بينما تدعم إيران بشار الأسد من منطلق طائفي ضيق، كما تفعل في لبنان مع حزب الله. علما بأن نظام الأسد ليس نظاما شيعيا بالمعنى الدقيق للكلمة ، فهو من ناحية دينية نظام نُصيري علوي طائفي يَتمسّح بالعلمانية زورا وبهتانا، خارج عن الملة والدين ( وخارج عن الإنسانية بتعبير أدق) . وايران تعرف ذلك جيدا، فالعقيدة النُصيرية أصلا لا تعترف بأركان الإسلام الخمسة من صلاة وصوم و زكاة وحج وما إلى ذلك. ولكن بالنسبة للنسخة الايرانية في التشيع فإن العَلويين على علاتهم -ومعهم المسيحيين واليهود – أطهر من السُنة، و هذه حقيقة صادمة يجب أن يعرفها الجميع، وأتحدى أحدا من الشيعة أن يُنكرها.
يَتمسّح نظام الأسد بالعلمانية الكذابة ظاهريا ليغطي على طائفيته االنتنة، و بالمقاومة والممانعة كمُبرر وجود ( raison d’etre ) وللتغطية على خيانته وخيانة أبوه النافق حافظ قبله بائع الجولان مقابل الكرسي، وتحالفه غير المقدس مع الكيان الصهيوني في فلسطين الذي لا يقل كراهية وحقدا على السُنّة منه.
أما إيران ، فهي في نهاية المطاف دولة قومية شوفينية يشهد لها تاريخها الدموي في إحتلال إقليم الأهواز العربي بالتواطؤ مع بريطانيا عام 1925 ، وإضطهاد سكانه العرب ومنعهم من التحدث بلغتهم ، وتمنع السُنّة من بناء مساجد داخل ايران، ولها أطماعها وطموحاتها غير المشروعة في المنطقة. تدعي الإسلام والحرص على وحدة الأمة ممارسة للتقية ، بينما هي تعمل على هدم الإسلام من الداخل والتآمر عليه بالتحالف مع اسرائيل والصهيونية العالمية مدفوعة بحقدها التاريخي الأعمى على العرب . فقد إختطفت إيران المذهب الشيعي وحَرّفته ، وقَدمَت نُسخة مُشوهة عنه لأتباعها، تُشجّع ممارسة الشرك وتأليه الأئمة بغير حق، والخُزعبلات والبدع وتقديس القبور ، وتكفير الصحابة و شتم زوجات الرسول أمهات المؤمنين وتُعبّئ أتباع المذهب وتَحقنَهم بالحقد الطائفي وكراهية أهل السنة والجماعة ( أي العرب) منذ نعومة أظفارهم.
جوهريا ، حولت ايران المذهب الإثني عشري الشيعي إلى عقيدة مبنية على الباطنية والتُقية الخبيثة والروايات المُلفقة المَكذوبة عن رسول الله صلى الله علية وسلم وآل بيته الكرام ، بالإضافة إلى تأويلها المُعوّج لآيات القرآن الكريم ، و جعلت منه دينا آخر يصعب التعرف عليه. والدليل على صحة ما أقول هو ما رأيناه من سلوكيات شاذة و تَجلّيات عَبّرت عن نفسها في العراق ما بعد الغزو عام 2003 على شكل إقصاء وتهميش كامل للمُكوّن الًسني ( نصف العراق ) و جرائم ومذابح و إعدامات لشباب سُنة بالآلاف ترتكب ضدهم ، خارج وداخل إطار القانون تنفيسا عن أحقادهم وعُقدهم وأمراضهم النفسية بإسم مكافحة الإرهاب. هذه السلوكيات الشاذة لم تكن معروفة قبل الغزو ولم تشكل أحداث معزولة بل إنعكاس لعقيدة وفكر مُنظم تُقره المرجعيات الشيعية وتُجيزه.
هذه الحقيقة بالذات ليست خافية على إسرائيل و أمريكا، وهذا يُفسر سر التعايش الغربي مع “الأصولية الشيعية” والإسلام السياسي الشيعي- إذا جاز التعبير – (حزب الله وحزب الدعوة والمجلس الأعلى والتيار الصدري) بينما يشنون حربا شعواء بلا هوادة على الإسلام السياسي السُني، ويتهمونه بالإرهاب ولنا في إنقلاب مصر وشيطنة الإخوان المسلمين أكبر مثال. إن مصطلح الحرب على الإرهاب ما هو إلا الأسم الحركي ( الرمزي) دوليا للحرب على الإسلام ” السُني”. وقد أسهبت في شرح ذلك في مقالات سابقة تجدونها هنا في نفس الموقع. ( أنظر مثلا مقالي “القوميون العرب وحركات اليسار العربي “في نفس الموقع 14 أغسطس 2020) .
أما بالنسبة للشيعة فإن الحركة الصهيونية والماسونية العالمية بعد أن عرفت حقيقة هذه العقيدة وأهدافها ودرستها جيدا فإنها تخاطب الأحزاب والحركات الشيعية في كل المنطقة ولسان حالها يقول : إذهبي وأمطري حيث شئت فإن خراجُك راجع لي.
إن التعاون الإستخباراتي و العسكري والسياسي الوثيق بين إيران و امريكا في العراق منذ بداية الغزو الأمريكي في العام 2003 حقيقة معروفة للقاصي والداني ، فنظرة واحدة على كيفية تَشَكّل الحكومات وإختيار منصب رئيس الوزراء بالتوافق االثنائي الإيراني الأمريكي كافية لفضح هذا العُهر السياسي ونسفه من أساسه. فمن السذاجة بمكان إعتبار أن ما يجري في أرض السواد الآن بين ميليشيات وعملاء إيران والحرس الثوري من جهة ، والقوات الأمريكية والقوات العراقية من جهة أخرى ، مجرد صدفة أو زواج متعة إقتضته الظروف الميدانية للقضاء على داعش أو مكافحة ما يسمى بالإرهاب ، بل هو حلف منظم ورسمي و قديم قدم الثورة الخمينية نفسها. و بنفس الوقت ، فإنه من السذاجة بمكان أيضا الإعتقاد بأن هناك صراع أو تنافس بين أمريكا وايران داخل العراق أو في المنطقة ، بل هو تواطؤ وتنسيق إستخباراتي وأمني وتوزيع أدوار على أعلى المستويات.
ولكن في المقابل أيضا ، إذا كانت إيران وميليشياتها الطائفية التي تبطش وتقنص المتظاهرين السلميين الآن في الميادين ، وتتهمهم بالخيانة والعمالة للخارج، وتعيث في العراق فسادا ، وهي صاحبة النفوذ و اليد الطولى كما تدعي وتَتَبجّح، فلتتفضل وتمنع شركات “الشيطان الأكبر” الأمريكية من نهب نفطه وإستثماره وتسويقة وبيعه في الأسواق العالمية؟ أم أن الثروة النفطية خط أحمر لا تستطيع ايران المساس به فهي تلزم حدودها وتعرف قدرها؟ واضح أن ما يحدث في العراق ( والمنطقة ) يا سادة ليس صراعا ولا تنافسا بل تقاسم منافع و توزيع أدوار وحلف شيطاني إيراني- أمريكي -غربي ، يلعب فيه نظام الملالي في طهران الدور الأقذر على الإطلاق. هل تستطيعون تسمية دولة واحدة دخلتها ايران ولم تحولها إلى دولة فاشلة ؟
أما في اليمن فتقف الدولتان أمريكا و حليفتها بريطانيا بقدرة قادر عاجزتان – سبحان الله- أمام تهريب الأسلحة الثقيلة والصواريخ من إيران للحوثيين، بينما أساطيلهم تجوب البحار طولا وعرضا و أقمارهم الصناعية ترصد النملة التي تدب على الأرض ، ولكنهما لا تستطيعان رصد البواخر الايرانية المحملة بالسلاح والصواريخ في الخليج العربي وبحر العرب لمليشيات الحوثي. هل سمعتم مرة واحدة أنه تم ايقاف باخرة أسلحة ايرانية للحوثيين ومصادرتها؟ بل أكثر من ذلك ، لقد أوشكت الدولتان المسكينتان المغلوبتان على أمرهما ( بريطانيا وأمريكا ) في العام 2017 أن تتقدمان بشكوى إلى مجلس الأمن ضد إيران ” لإنتهاكاتها ” في اليمن لإستصدار بيان تنديد – كما يفعل العرب- هل رأيتم عُهر وإستحمار أكثر من ذلك.
فهد السالم صقر
المقال يعبر عن رأي الكاتب فقط ولا يعني موافقة المنصه على المقال او موافقتها على المحتوى