«هل هناك صلة قرابة بين النبي محمد وملكة انكلترا إليزيبت الثانية؟
يعتقد مؤرخون أن إليزابيث الثانية هي من سلالة رسول الإسلام النبي محمد (ص) بعد تتبع شجرة عائلتها إلى 43 جيلا. هكذا جاء عنوان إحدى المقالات التي نشرت في جريدة «دايلي ميل» البريطانية في تاريخ 6 أبريل/نيسان سنة 2018. عنوان هز الأوساط الأجنبية والعربية خاصة.
لقد تم نشر هذا الخبر للمرة الأولى في عام 1986 من قبل السلطة البريطانية المختصة بالأصول الملكية.
لكن هذا الادعاء عاد إلى الظهور بعد أن قالت صحيفة مغربية منذ سنوات إنها تأكدت من نسب الملكة إلى النبي. ويومها احتفى به الكاتب عبد الحميد العوني في مقالته في صحيفة «الأسبوع المغربية» مشيراً: «أنها تبني جسراً بين ديانتينا ومملكتنا».
بعدها أطفأ الزمان شعلة الخبر ونام نوماً عميقاً ليصحو مؤخراً ويعود مادة ساخنة متداولة بين رواد التواصل الاجتماعي.
فما هي القصة؟
حسب الدراسة، التي نشرتها «دايلي ميل» تمر سلالة إليزابيث الثانية عبر إيرل كامبريدج في القرن الرابع عشر وعبر إسبانيا المسلمة في العصور الوسطى، وصولاً إلى فاطمة، إبنة النبي الكريم.
قيل إن الملكة تنحدر من أميرة مسلمة تُدعى زيدة. وقد فرت من مسقط رأسها في إشبيلية في القرن الحادي عشر قبل أن تتحول إلى المسيحية.
كانت زيدة الزوجة الرابعة للملك المعتمد بن عباد من إشبيلية. وأنجبت منه ابنها سانشو، الذي تزوج لاحقًا من سلالة «إيرل كامبريدج» في القرن الحادي عشر.
على الرغم من الجدل بين بعض المؤرخين، إلا أن سجلات الأنساب لإسبانيا في العصور الوسطى المبكرة تدعم أيضًا هذا الإدعاء، الذي تبناه أيضاَ، مفتي مصر السابق علي جمعة.
كانت ردود المعلقين على نشر الموضوع عن صلة الملكة بالنبي مختلطة.
منهم من سخر من جريدة «دايلي ميل» واعتبروها جريدة مفلسة، تعيد نشر مواضيع لا صحة لها. وهناك من أنكره أصلاً مستنداً الى علم الوراثة، باعتبار أن النبي الكريم كان عربياً وزوجته أيضاً عربية، مما يعني أن لون شعرهما أسود. ولا بد أنهما أورثاه للأحفاد أيضاً، مشيرين إلى أن شعر الأشراف أسود فقط. أما شعر الملكة إليزابيث فهو أشقر. وهذه صفة للروم. وذلك يعني أن أصل الملكة إليزابيث رومي.
كما احتفى آخرون بذلك الاكتشاف مطالبين بالجنسية البريطانية. بالطبع خبر كهذا كفيل بفتح باب الأحلام المقفل في وجه المواطن العربي التعيس.
أما أغلب تعليقات البريطانيين فيمكن اختصارها بعبارة واحدة بـ «هذا الخبر هو آخر همومنا».
وهذا يذكرنا بما روج له يوماً الراحل د. صفاء خلوصي، المختص بالأدب الإنكليزي في جامعة بغداد، الذي نشر عدة دراسات أريد أن يثبت فيها أن شكسبير ينحدر من العراق، وبالتحديد من مدينة الزبير في البصرة، وهو في الحقيقة «شيخ زبير» الذي تحور إلى «شكسبير». فجن جنون الانكليز، حسبما ذهب خلوصي وقتها، وأخذوا يصرخون: «لقد خسرنا الهند… والآن تريدون أن تأخذوا منا شكسبير»؟! وطالما سمعنا حكايات أخرى ينسب فيها البعض شخصيات تاريخية عظيمة إلى أمة العرب، نابشين في تاريخها ليستخرجوا منه ما يثبت أوهامهم، حتى لو إحتاج الأمر إلى تزييف الوقائع، أو تحريفها لتتناسب مع ما يذهبون إليه.
يبقى السؤال الأهم لماذا أعاد رواد مواقع التواصل الاجتماعي فتح الموضوع من جديد؟ هل لأنهم يبحثون عن مجد وهمي بنسبة الآخرين لهم، في ظل واقع خاو عاجز عن إنتاج أية مفخرة يمكن أن يتباهوا بها بين الشعوب؟
أو ربما هو الحلم في تغيير الواقع. نعم الحلم، ربما لو تأكدت الملكة من نسبها لعطفت على الأطفال والأمهات والمسنين الفارين من بلادهم في مراكب الموت واستقبلتهم في مملكتها أبهى استقبال. وقد ترسل سفناً لأولئك المظلومين والمحتجزين في أرضهم بسبب الفقر والحرمان فتمنحهم آفاقاً جديدة من الحياة.
الحمد لله ما زال هناك متسع للأحلام!
نحلم كيفما نشاء لكن الواقع مر. ولن يغيّر ذلك النسب، إن وجد، قدرنا العربي المزري، حتى البكاء.
سنبقى، كما نحن، منبوذين مضطهدين مشردين في البلاد الواسعة، ما دام المنفصلون عن الواقع والفاسدون والسراق يحكموننا!
كاتبة لبنانيّة
مريم مشتاوي