قالت صحيفة إسرائيلية، إن العصر الذهبي للولايات المتحدة الأمريكية لن يعود، بعد أن كشفت أزمة كورونا وتداعياتها المختلفة ضعفها مقارنة بالصين.
القوة الذكية
وأشارت صحيفة “هآرتس” العبرية في مقال لدفنه ماؤور، إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية، “استخدمت قوتها الناعمة في تقديم المساعدة الاقتصادية والدبلوماسية، وفي نسج أحلام بواسطة أفلام هوليوود، وأما الصين تبني بنية تحتية لدول فقيرة في إطار مشروع “الحزام والطريق” كتجسيد للقوة الناعمة”.
وفي تموز/ يوليو 2018، وفي مقابلة معه في تل أبيب، تحدث جوزيف ناي، عالم السياسة الأمريكي واستراتيجي السياسة الخارجية عن “القوة الذكية”، وقال: “دون حكمة كهذه، لن نستطيع أن نواجه المشاكل الجديدة التي تقف أمام العالم”، مؤكدا أن “ترامب (الرئيس الأمريكي) لا يفهم القوة الذكية، لأنه لا يؤمن بالقوة الناعمة”.
وذكرت الصحيفة، أن “التحالفات الدولية كانت أحد الأوراق التي أمسك بها أمريكا قبل ترامب، والتي لم تكن موجودة لدى الدولة العظمى الأكثر تهديدا لها؛ الصين، ولكن ترامب تنازل عنها”، مشيرة إلى أن ناي قدر أنه “في حال أنهى ترامب ولايته بعد 4 سنوات فإن الولايات المتحدة ستنهض، وإذا استمر في الحكم 8 سنوات فإن الولايات المتحدة سوف تفقد القيادة العالمية”.
ونوهت إلى أنه “حتى قبل أن تنتهي الـ 4 سنوات فإن أزمة كورونا، أظهرت أن الولايات المتحدة تتخلف عن الصين في الممارسات الأساسية جدا في الأزمة؛ فإدارة مكافحة الوباء على الجبهة الصحية كانت كارثة، قيادتها كانت منقسمة ولم يكن هنالك تنسيق وتركيز على إدارة النظام الصحي.
وأضافت: “ترامب نفى وجود الوباء واتهم الصينيين، الاقتصاد الأمريكي غرق في أزمة شديدة، وبلقت البطالة 8 في المئة؛ وهي نسبة لم نشهدها منذ الأزمة المالية لسنة 2008، وتوقف نهوض الاقتصاد الأمريكي، وبالمقابل، الصين تحظى بالنمو، وزادت ناتجها عن المستويات التي كانت قبل الوباء”.
ونبهت إلى أن “المشكلة الحقيقية بالنسبة لـ 320 مليون أمريكي ليست في تفوق الصين بشأن النمو الاقتصادي، وإنما “القوة الناعمة” التي استخدمتها الولايات المتحدة من أجل ترسيخ نفوذها في الشرق الأوسط، آسيا أو أمريكا الجنوبية ، لا تهمهم”.
وتابعت: “ما يقلقهم هو صفوف آلاف السيارات لتوزيع الأكل على المحتاجين، وفقدان التأمين الصحي والشوارع المعطوبة وانقطاع الكهرباء، هم يخافون أنهم لن يستطيعوا إرسال أولادهم إلى جامعة جيدة، يخافون من العنف والعنصرية، ثقتهم بمؤسسات السلطة متدنية، وحتى متوسط العمر المتوقع في العقد الماضي سجل انخفاضا بعدة سنوات”.
التحكم بالأعضاء
وبينت “هآرتس”، أن “على من سيقود الولايات المتحدة في السنوات الأربع القادمة، تقع مسؤولية الربط ما بين كلا الأمرين، من الممكن أن تختار الولايات المتحدة الانسحاب من دورها كزعيمة للعالم والسماح للصين بتولي دور متزايد على المنصة الجيوسياسية، ولكن أجزاء كبيرة مما تميزت به في العهد الذي ارتقت فيه إلى العظمة، ضرورية لنجاحها الداخلي.
ورأت أن “التنازل عن القيادة العالمية يجب أن يتم بطريقة أكثر ذكاء وأقل جنونا وغرابة من تلك التي اتبعها ترامب، مثل الانسحاب من تحالفات دولية والتي لا تقل أهمية بالنسبة للولايات المتحدة عن أهميتها لشركائها”.
وبغض النظر عمن سيقود أمريكا خلال الأربع سنوات القادمة، بحسب الصحيفة “لن يستطيع أحد إعادتها لعظمتها التي كانت ما بين 1950 – 1980، وهي الفترة التي تمتعت فيها الولايات المتحدة بفترة متميزة جدا من الازدهار الذي رافقه مستوى عالٍ من المساواة الاقتصادية، وذلك لأن تظافر العوامل التي رفعها بعد الحرب العالمية الثانية لن يتكرر، ويجب عليها أن تجد سبيلا للعظمة من نوع آخر”.
وأفادت أن “الحزب الديمقراطي الأمريكي، لم يقم بعمل أفضل مما فعله الحزب الجمهوري، وقرارات المحكمة العليا عززت قوة أصحاب رأس المال في السياسة، بحيث أن من يتم ترشيحهم للمناصب السياسية في كلا جانبي الخارطة السياسية، يتم التحكم بمعظمهم من قبل أغنياء أو يتم تمويلهم من قبلهم”.
وقدرت أن “تغييرات ديموغرافية في الولايات المتحدة، مثل تقلص الأغلبية البيضاء، من شأنها أن تمنح دعما أكثر للحزب الديمقراطي في المستقبل، وهذا لا يعني أنها ستجلب معها شفاء لضعفها الداخلي”، منوهة إلى أن “الجناح التقدمي في الحزب أظهر تكيفا سريعا مع اللعبة السياسية في السنة الأخيرة، وكلما كبر أعضاء كادره الشباب فإن من شأنهم أن يسيروا في طريق سابقيهم”.
أما الحزب الجمهوري، توقعت “هآرتس”، أن “يجري نقدا ذاتيا كبيرا بعد عهد ترامب؛ الآن أو بعد 4 سنوات”.