د. يوسف الشريف
المصدر:
الامارات اليوم
د. يوسف الشريف
في عالم الطب الحديث، ينبغي أن تُقدَّم الرعاية الصحية بناءً على احتياجات المريض الفردية وحالته الصحية الفعلية، وليس على تصورات أو أحكام مسبقة تتعلق بالعمر. ومع ذلك، هناك بعض الممارسات التي تُثير التساؤلات حول كيفية تعامل الأطباء والممرضين مع المرضى. أحد أصدقائي – وهو في سن الـ45- ذهب لإجراء عملية بسيطة لاستئصال المرارة، ولكنه تفاجأ بأن الأطباء والممرضين أخبروا أهله بأنه «كبير في السن». هذه العبارة التي تبدو عابرة، أثارت لديه مشاعر القلق والإحباط، فهل يُعقل أن يُعدّ شخص في منتصف الأربعينات «كبيراً في السن» في نظر الأطباء؟ وكيف سيشعر المريض الأكبر سناً إذا سمع مثل هذه العبارة؟
من الناحية النفسية، يؤثر التعامل مع المرضى بناءً على العمر في حالتهم النفسية بشكل كبير. فالإنسان في الأربعينات أو حتى الستينات قد يكون في ذروة عطائه الجسدي والنفسي. عندما يُقال له إنه «كبير في السن»، قد يشعر وكأن النظام الطبي يحكم عليه بالتراجع، ما يؤدي إلى شعور بالعجز والقلق، هذا النوع من التفاعل اللفظي، يعكس ضعفاً في التواصل بين الطاقم الطبي والمريض، وهو أمر يجب أن تتم معالجته من خلال برامج تدريبية تركز على كيفية التعامل الإيجابي مع المرضى.
التعليقات المتعلقة بالعمر قد تؤدي أيضاً إلى تقليل ثقة المريض في قدرته على التعافي، وربما تؤدي إلى تأخير شفائه. حين يُشعر المريض بأنه يُعدّ حالة «معقدة» بسبب عمره، فإن ذلك يعزز لديه شعوراً بالضعف، ما قد يؤثر في حالته النفسية والجسدية سلباً. هنا، يأتي دور الأطباء والممرضين في تقديم الدعم النفسي إلى جانب العلاج الطبي لضمان شفاء المريض بشكل كامل.
من الناحية الإدارية، يجب إلزام الطواقم الصحية بتقديم رعاية شاملة تتناسب مع كل مريض بناءً على حالته الصحية الفردية، وليس بناءً على عمره.
في النهاية، العمر لا ينبغي أن يكون مقياساً لجودة الرعاية الصحية المقدمة، يجب أن يكون التعامل مع المريض قائماً على مبدأ الرعاية الشاملة التي تركز على الإنسان كفرد، وليس كرقم في سنوات عمره. إذ إن الرعاية الصحية الفاعلة تعتمد على فهم احتياجات المريض النفسية والجسدية، وتعزيز ثقته في العلاج الذي يتلقاه.
*محامٍ وكاتب إعلامي
twitter.com/dryalsharif
www.ysalc.ae