كيف استطاعت “حماس” القيام بالعملية من دون أن تكتشفها إسرائيل؟ ولِمَ لم تقتل تل أبيب يحيى السنوار؟
سعد بن طفلة العجمي وزير الإعلام السابق في الكويت
عملية “طوفان الأقصى” لم تتكشف أسرارها بعد، ومسألة اغتيال السنوار من عدمه تحير المتابع للأمور ولسير الأحداث منذ السابع من أكتوبر الماضي.
تمر اليوم الذكرى السنوية الأولى لعملية “طوفان الأقصى”، ففي السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، شن مقاتلو “حماس” هجوماً جرئياً غير مسبوق بحجمه ونوعيته ونتائجه على إسرائيل، وتضاربت الأخبار حول عدد قتلى الهجوم وجرحاه بل حتى عدد من اختطفتهم الحركة كرهائن ما زال معظمهم محتجزين في قطاع غزة.
وجدت إسرائيل في العملية ذريعة لارتكاب حرب إبادة ضد غزة وأهلها منذ ذلك اليوم ولم تتوقف حتى كتابة هذه السطور، فقتلت أكثر من 40 ألفاً وجرحت أكثر من مئة ألف معظمهم من الأطفال والنساء والمدنيين، وشردت أهل القطاع البالغ عددهم مليونين ومئتي ألف إنسان، وحوّلته برمته إلى ركام من الخرائب التي لم تعُد صالحة للسكنى.
سيكتب كثيرون وينظّرون تحليلات حول نتائج وآثار هذه الحرب على غزة والمنطقة عموماً، ولكن بعيداً من آثارها وتداعياتها، ثمة تساؤلات تطرح نفسها باحثة عن إجابات، ولعل أكثرها إلحاحاً هما السؤالان التاليان:
الأول هو كيف استطاعت حركة “حماس” أن تقوم بعملية “طوفان الأقصى” التي استغرقت ساعات عدة من دون أن تكتشفها إسرائيل أو تتحرك لصدها؟، والثاني هو لِمَ لمْ تقتل إسرائيل حتى الآن رئيس حركة “حماس”، يحيى السنوار الذي تتهمه بتدبير الهجوم في السابع من أكتوبر الماضي؟.
التساؤل الأول تدفعه قدرة إسرائيل الرقابية على قطاع غزة منذ عقدين من الزمن، فهناك أجهزة مراقبة متطورة لديها وسور إلكتروني وكاميرات ذكية وأبراج مراقبة وطيران وأقمار اصطناعية وعملاء وجواسيس داخل القطاع، بل حتى فريق من المراقبين البشر يرصدون بالعين المجردة ما يجري عبر السياج الأمني داخل غزة.
ونشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريراً السبت الماضي عن فريق الرصد البشري لقطاع غزة، وهو فريق من النساء حصراً، وأنهن حذّرن الجيش الإسرائيلي قبل عملية الطوفان بأيام من أن حركة غير عادية وتمارين ومناورات غير معهودة تقوم بها حركة “حماس” من وراء السياج، لكن استخبارات الجيش تجاهلت تحذيراتهن ولم تُلقِ لها بالاً.
ولكن لنفترض أن عملية “طوفان الأقصى” قد تمت من دون أن تكتشفها إسرائيل نتيجة اختراق أمني فلسطيني فذ، ونتيجة إخفاق أمني إسرائيلي كبير، فلماذا تأخرت إسرائيل بجيشها الجرار وقواتها الأمنية المتعددة بالرد على الهجوم والتصدي للمهاجمين؟. لقد استغرقت العملية ساعات قبل أن يتصدى لها الجيش والقوات الأمنية الإسرائيلية!.
أما التساؤل الثاني، فهو حول عدم وصول إسرائيل حتى الآن إلى يحيى السنوار واغتياله، فالجيش الإسرائيلي يحتل اليوم غزة، وإسرائيل التي وصلت إلى عالم الذرة الإيراني محسن فخري زادة عام 2021 وقتلته بطهران في وضح النهار والتي قصفت واغتالت قيادات عسكرية كبيرة في القنصلية الإيرانية بدمشق في أبريل (نيسان) الماضي والتي اغتالت سلف السنوار، إسماعيل هنية في غرفة نومه بطهران في يوليو (تموز) الماضي والتي فجرت آلاف من قيادات “حزب الله” بواسطة “بيجراتهم”، ومئات آخرين بواسطة لاسلكياتهم، واغتالت حسن نصرالله وفؤاد شكر وعلي كركي وصالح العاروري وإبراهيم عقيل وآخرين ممن يصعب الوصول إليهم، لم تستطِع الوصول إلى يحيى السنوار الموجود في أنفاق تحت جنازر دباباتها ومدرعاتها!.
وهنا نفترض إجابتين لعدم اغتيال السنوار، الأولى أنه رجل من طراز نادر وقادر على تلافي كل محاولات إسرائيل وعلى التخفي والاختباء من محاولة اغتياله.
أما الثانية، أن نتنياهو يتحاشى اغتيال السنوار كي لا يزداد الضغط المحلي والعالمي عليه بوقف العدوان، فالحجة بالتخلص من “حماس” تَضْعُف باغتيال قائدها والقضاء عليه، كما أن التخلص من السنوار قد يفتح الباب للمطالبة بفتح ملف عملية “طوفان الأقصى” والإخفاق الأمني الإسرائيلي الفظيع.
لكن لعل لدى اليمين الصهيوني المتطرف سبباً آخر يكمن في استمرار المذبحة والإبادة انتقاماً لقتلى أكتوبر الماضي، وضماناً لعدم العيش في غزة، واستمراراً للضغط على مصر بقبول تهجير سكانها إلى سيناء!.
عملية “طوفان الأقصى” لم تتكشف أسرارها بعد، ومسألة اغتيال السنوار من عدمه تحير المتابع للأمور ولسير الأحداث منذ السابع من أكتوبر الماضي.
المقاله تعبر عن راي كاتبها
اندبندنت عربيه