وسط الأزمات الاقتصادية والسياسية المتتابعة، توقع تقرير صادر عن البنك الدولي، انكماش الناتج المحلي الإجمالي للبنان بنسبة 5.4% خلال العام الحالي، وللسنة الرابعة على التوالي.
وقال التقرير إن نسبة الانكماش تجاوزت 37% منذ عام 2018، ويعد ذلك من بين أسوأ ما شهده العالم، حيث قضى على 15 عاماً من النمو الاقتصادي للبنان، كما يقوّض قدرة البلاد على التعافي، وفقا للعربية.
وفي هذا السياق، قال زياد ناصر الدين، الخبير الاقتصادي اللبناني، إن انكماش الاقتصادي في لبنان يرتبط بواقع الاستثمارات، الذي لا يزال ضعيفًا بسبب التصنيف العالمي المالي للبنان وأنه لم يعد يشجع أو يسمح بالاستثمارات، مع الوضع في الاعتبار أبعاد التصنيف على الواقع الاقتصادي، وأهدافه السياسية.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، كان من المفترض أن يعطي موضوع النفط والغاز تطورا مهما في هذا المجال، لكنه لم يحصل وهناك مؤشرات تقول إن هناك ضغوطا سياسية مستمرة في هذا الموضوع، حتى لا يتم تحسين الواقع التصنيفي في لبنان، لكن مع عمل شركة توتال لا بد أن يكون هناك واقعا جديدا، وأي استكشاف جديد للغاز الموجود أسفل البحر سيؤدي إلى خطوات إيجابية في هذا المجال.
وأكد أن الانكماش الاقتصادي طبيعي، مع غياب الاستثمارات واستمرار واقع الانهيار والليرة، وتحكم الدولار وغياب الرؤية الاقتصادية والفراغ الرئاسي وعدم وجود إصلاحات بالمعنى المطلوب والكارثة الموجودة في ملف الكهرباء وعدم وضوح الرؤية بالنسبة لواقع المودعين، وعدم محاسبة الفاسدين، ونسبة البطالة المرتفعة، والهجرة الكبيرة جدًا، وواقع الاقتصاد الذي تحول إلى اقتصاد استهلاكي.
وأشار إلى أن كل هذه الأمور تلعب دورا سلبيا في الإنتاجية والنمو الاقتصادي، ويزيد من مرحلة الانكماش الاقتصادي، والتي سيكون لها أبعاد اقتصادية، مؤكدً أن عامل الحصار الاقتصادي المفروض على لبنان يلعب دورا سلبيًا في هذا الموضوع.
ويرى الخبير الاقتصادي، أنه مع غياب أي إجراءات حقيقية للإنقاذ، تجعل لبنان في دوامة المجهول الاقتصادي، معتبرًا أن الفراغ الرئاسي إذا طال سيكون له تداعيات أقسى وأكبر، وكذلك ملف النفط والغاز إن لم يتم التعامل معه بشكل سريع سيكون له تداعيات سلبية.
تأثيرات سلبية
بدوره اعتبر الدكتور عماد عكوش، الخبير الاقتصادي اللبناني أن هذا الانكماش له تأثيرات كبيرة على الواقع الاقتصادي، من ناحية تراجع الأداء، وحجم الموازنة، وتراجع الخدمات، ونسب البطالة التي ارتفعت لهذا السبب ولأسباب أخرى لها علاقة بحجم العمالة الأجنبية المنافسة وبأسعار تصل إلى أقل من النصف.
وبحسب حديثه لسبوتنيك، هذا الانكماش من المتوقع أن يستمر إذا ما استمر حاكم مصرف لبنان على سدة الحاكمية، نظرا لسياساته الفاشلة في عملية تعزيز الاقتصاد والتي يملك أحد أهم العوامل التي يمكن استعمالها وهي عامل الفوائد، وعامل تعويم سعر الصرف الرسمي، لكنه مصر على عدم استعمال هاذين العاملين والتي تستعملهما معظم المصارف المركزية في العالم باستثناء مصرف لبنان، المصر على سياسة التثبيت التي انهكت الاقتصاد وضربت القطاع المصرفي ، وبددت الودائع.
وأضاف:
الحاكم للأسف لا يزال لغاية اليوم مصر على سياساته وبالتالي مصر على الذهاب بالاقتصاد اللبناني نحو مزيد من الانكماش والمزيد من التدهور.
وأشار إلى أن عدم تصدي الحكومة لهذه الأمور وتفويضها للحاكم زاد من حدة الأزمة.
ووقعت بيروت مسودة اتفاق مع صندوق النقد في أبريل/ نيسان الماضي، لكنها تمضي ببطء في تطبيق سلسلة من الإصلاحات التي يطلبها الصندوق لوضع اللمسات النهائية على الاتفاق.
وأخفق البرلمان اللبناني في جلسته السابعة في انتخاب رئيس جديد للبلاد خلفا للرئيس السابق ميشال عون، الذي انتهت ولايته في 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
سبونتك