البعض يستبعد إمكانية تحررهن من رأي أحزابهن في اتخاذ القرارات لا سيما القضايا التي تخص المرأة والأسرة
مؤيد الطرفي
يعد تمثيل المرأة العراقية في مجلس النواب الحالي الأعلى منذ أول دورة لمجلس النواب العراقي عام 2006، خصوصاً في ما يتعلق بحصولهن على أصوات مؤهلة للحصول على المقعد البرلماني من دون المرور بنظام الكوتا الذي أكده الدستور العراقي لضمان وجود نسوي فاعل في العمل السياسي.
ومثل صعود 97 إمرأة إلى مجلس النواب العراقي الجديد أهم ميزة في انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) 2021 لكونه يعد الأول من نوعه منذ عام 2003 وبزيادة 14 مقعداً عن “الكوتا” المخصصة للنساء في البرلمان العراقي البالغة في الأقل 25 في المئة.
واستطاعت 57 مرشحة الفوز بشكل مباشر والحصول على أصوات كافية في مدن بغداد وأربيل والناصرية والديوانية والنجف ونينوى وبابل والأنبار وكركوك وديالى، تؤهلهن لدخول البرلمان العراقي من دون الاعتماد على “الكوتا” النسائية، فيما شملت “الكوتا” 40 مرشحة.
وعلى رغم تخصيص “الكوتا” النسائية في قانون الانتخابات العراقية، إلا أن تمثيل المرأة داخله لم يتعد خلال الدورات الانتخابية الماضية الحصة المخصصة لها لأسباب تتعلق بالترشيح والتنظيم الخاص “بالكوتا” وصلاحيات رئيس الكتلة في إعطاء الأصوات التي حصل عليها إلى من يأتي بعده من المرشحين، مما أدى إلى تحديد عدد الصاعدين إلى البرلمان ومنهم النساء.
تمثيل مهم في الحكومة
كما أن تمثيل المرأة العراقية في الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني يعد الأفضل قياساً بالحكومات السابقة، إذ حصلت على ثلاث وزارات هي المالية والاتصالات والهجرة وهي من الوزارات المهمة والمؤثرة في حياة المواطن العراقي.
ولكن على رغم هذه التطورات في تمكن المرأة العراقية، إلا أن تأثيرها في صناعة القرار السياسي والاقتصادي والانتصار والتحشيد لقضاياها لا تزال غير كبيرة ومؤثرة في المشهد العراقي.
ليست كافية
وقالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت إن زيادة تمثيل المرأة ليست كافية على رغم ترحيبها الشديد بها وتشجيعها على الاستمرار في هذا الأمر، وأضافت أنه على البرلمانيات بغض النظر عن الانتماء أن يتحدن في شأن القضايا التي تهم النساء أكثر وتعزيز تمثيلهن في المناصب الحكومية العليا والأحزاب السياسية وغيرها من المناصب ذات النفوذ، داعية الحكومة العراقية الجديدة إلى الاستفادة من قوة تمثيل النساء في البرلمان لتعزيز برنامجها للإصلاح والتنمية وهذا بدوره يمنح المرأة مزيداً من التأثير السياسي.
العنف الأسري
وحثت الممثلة الخاصة للأمين العام النواب نساء ورجالاً على الالتفات لشواغل المرأة ومصالحها بشكل كامل في التشريعات المستقبلية للتأثير إيجاباً في حياة النساء والفتيات العراقيات، فضلاً عن إقرار مجلس النواب مشروع قانون مناهض للعنف الأسري الذي ما زال معلقاً منذ أعوام عدة.
وتابعت بلاسخارت أن المنظمة الدولية تجدد التزامها تعزيز مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 1325 من خلال ضمان سماع صوت النساء العراقيات والمضي قدماً في خلق بيئة مواتية لمشاركتهن وتمثيلهن بشكل كامل ومتساو وهادف في جميع مجالات المجتمع، وأكدت أن “بإمكان الحكومة الجديدة أن تساعد في هذا التقدم من خلال تعزيز تنفيذ خطة العمل الوطنية الثانية في شأن القرار 1325، وسيستفيد الجميع من تمثيل أقوى للمرأة في المجتمع”.
كتلة نسوية
وكشفت عضو مجلس النواب ابتسام الهلالي عن وجود جهود لتشكيل كتلة برلمانية نسوية في مجلس النواب العراقي، فيما أشارت إلى أن الكتلة ستدعم قضايا المرأة والأسرة والطفل وأضافت أن “هناك 97 امرأة في مجلس النواب العراقي وثلاث وزيرات، فضلاً عن شغلهن منصب مدير عام في عدد من دوائر الدولة، مبينة أن الدورة السابقة شهدت تشكيل كتلة برلمانية من النساء، لكن قرارهن لم يكن بيدهن لأن كل نائبة تابعة لكتلة معينة.
استقلالية مؤثرة
وأضافت الهلالي أن الوضع حالياً يختلف بوجود كثير من البرلمانيات المستقلات اللواتي سيكون لهن قرار بخصوص أي موضوع وأي تكتل يتم تشكيله مع النساء للدفاع عن حقوق المرأة والأسرة والطفل”، وشددت على ضرورة تشكيل كتلة برلمانية من النساء في الدورة الحالية لمجلس النواب للدفاع عن حقوق المرأة والأسرة والطفل وستكون هناك اجتماعات لتشكيل مثل هذا التكتل حتى لو كان يضم 50 امرأة في أقل تقدير ليكون لهن صوت في مجلس النواب العراقي.
وعن الجهود الأممية في هذا الإطار بينت الهلالي حصول اجتماعات عدة مع الأمم المتحدة حول هذا الموضوع “وتكلمنا عن ضرورة أن يكون هناك تكتل نسوي في مجلس النواب من أجل التصدي للقضايا التي تخص المرأة والأسرة والطفل”.
مسؤولية كبيرة
فيما اعتبرت وزيرة المرأة السابقة بشرى الزويني أن فوز عدد كبير من النساء بأصواتهن يلقي عليهن مسؤولية كبيرة للتصدي لقضايا المرأة، وقالت إن المجتمع أثبت أنه يؤمن بقضايا المرأة، ولذلك ألقى الكرة في ملعبها وعليها أن تبذل مزيداً من الجهود وتسن قوانين معنية بشؤون النسوة، “لا سيما أننا على مدى أربع دورات انتخابية لم نجد نساء برلمانيات شكلن تكتلاً”، مشيرة إلى أن تشكيلهن سابقاً تجمعاً في البرلمان كان غير مؤثر، كما أنه لم تكن هناك شخصية استطاعت أن تجمع كل النساء”.
وأضافت “إننا كبرلمانيات فشلنا في إيجاد هذه الشخصية التي من الممكن أن تجمع النساء في وحدة القرار على القضايا الأكثر إلحاحاً”، مؤكدة ضرورة أن تكون المرأة على مستوى المسؤولية التي يحملها إياها المجتمع “فهناك 97 امرأة وقد يزداد العدد من خلال بدلاء شغلوا مناصب وزارية”.
قانون متوازن
وتابعت الزويني أنه إذا استطاعت المرأة العراقية تشكيل لوبي داخل البرلمان وتقديم مشروع قانون محبوك قانونياً يطمئن كل الأطراف وقادر على طمأنة الطرف الآخر وحماية الطفل، حينها يمكن أن تنجح بالاختبار، معتبرة أن الاختبار في قانون حماية الطفل وإذا لم تتمكن المرأة من سن هذا القانون فإن الفشل سيلازمها.
العشائر والجهل المركب
وأقرت الزويني بصعوبة مهمة المرأة في بلد شرقي تغلب عليه النزعة العشائرية على رغم أن عدد النساء يصل إلى ثلث عدد أعضاء مجلس النواب، مشيرة إلى أن “الذي يعرقل وحدة قرار النساء البرلمانيات هو الاختلاف العقائدي وحب البقاء في مجلس النواب المرتبط برضا رئيس الكتلة وخوفها من التمرد على الكتلة التي تدعمها في البرلمان المقبل، فضلاً عن ضعف الشخصية والجهل بالمعرفة العلمية في مجال القانون وعلم الاجتماع والدين لإقناع الطرف الآخر، بخاصة المتصدين لقضايا الأسرة”.
وترى النائبة السابقة في البرلمان العراقي ريزان ديلر صعوبة تحرر النساء في مجلس النواب من رأي كتلهم في اتخاذ القرارات المصيرية، لا سيما القضايا التي تخص المرأة والأسرة وقالت إن “الكتلة النسوية ضرورية جداً في مجلس النواب ولا بد لمثل هذه الكتلة من أن يكون لها برنامج لتشريع مجموعة من القوانين مثل قانون العنف الأسري وقانون الطفل وتعديل بعض المواد في قانون العقوبات العراقي”.
الأحزاب مؤثرة
فيما استبعدت عضو مفوضية حقوق الإنسان السابقة بشرى العبيدي أن تتحرر النساء من أحزابهن ويمررن القضايا التي تخص المرأة، قائلة “كان هناك أمل في عقد اجتماع نسائي بمجلس النواب لتشكيل كتلة نسوية إلا أنني لا أتوقع التئامه لأن النائبات في البرلمان يتبعن أحزابهن وهن يعملن لإرضاء أحزابهن لضمان ترشيحهن في الانتخابات المقبلة”.
وأضافت العبيدي أن هناك محاولات لتشكيل كتلة موحدة ليكون لهن القرار والغالبية في البرلمان، مبينة أن “الفرصة متاحة لهن الآن لوجود عدد كبير من النائبات في البرلمان وفي حال تم تشكيل الكتلة سيكنّ الكتلة الأكبر في مجلس النواب”.