تأكيد أهمية العمل المشترك وحشد التمويل والحد من آثار التغير المناخي
نعقدت قمة “الشرق الأوسط الأخضر” بنسختها الثانية، الإثنين السابع من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، في مدينة شرم الشيخ المصرية برئاسة سعودية – مصرية مشتركة.
وخلال افتتاحه أعمال القمة في نسختها الثانية أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مساهمة بلاده بمبلغ 2.5 مليار دولار لدعم مشروعات مبادرة “الشرق الأوسط الأخضر” على مدى السنوات الـ10 المقبلة.
وقال الأمير محمد بن سلمان إن المبادرة تسعى إلى “دعم الجهود والتعاون في المنطقة لخفض الانبعاثات وإزالتها بأكثر من 670 مليون طن مكافئ ثاني أكسيد الكربون”.
وأضاف أن السعودية ستستضيف مقر الأمانة العامة للمبادرة، وأن المبلغ المقدم من الرياض سيدعم ميزانية الأمانة العامة، وأوضح أنه من المتوقع إنتاج 50 في المئة من الكهرباء داخل السعودية بالاعتماد على مصادر طاقة متجددة بحلول 2030. وأشار ولي العهد إلى أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي يستهدف الوصول إلى الحياد الصفري بحلول 2050.
وأكدت قمة “مبادرة الشرق الأوسط الأخضر”، مساء الإثنين أهمية العمل الجماعي المشترك وحشد التمويل اللازم للمبادرة من أجل تحقيق الأهداف المرجوة.
وذكر البيان الصادر عن القمة في نسختها الثانية أن القادة ثمنوا جهود السعودية في المحافظة على البيئة والحد من آثار التغير المناخي، كما ثمنوا على وجه الخصوص مبادرتي الأمير محمد بن سلمان “السعودية الخضراء” و”الشرق الأوسط الأخضر”، لما ستعودان به من أثر إيجابي على البيئة في المنطقة والعالم وتحسين جودة الحياة ومواجهة تحديات التغير المناخي. وثمنوا أيضاً جهود مصر والرئيس عبدالفتاح السيسي لاستضافة بلاده لـ”قمة الشرق الأوسط الأخضر” الثانية بالتزامن مع عقد مؤتمر تغير المناخ “كوب 27” مؤكدين أهمية العمل الجماعي المشترك في تحقيق الأهداف المرجوة من المبادرة إيماناً بأهمية أهدافها التي تتحقق بتكاتف الجهود والمساهمة الفاعلة لدول المنطقة.
أهداف التنمية المستدامة
أشار القادة إلى أن المبادرة ستسهم في تسريع الوصول إلى أهداف التنمية المستدامة 2030 وتحقيق الرخاء لشعوب الدول الأعضاء، منوهين بأهمية تحقيق الأهداف المناخية والبيئية والتزام الاتفاقات الدولية ذات العلاقة التي أقرتها الأمم المتحدة بما يسهم في تحقيق أهدافها وعقد المنظمة لاستعادة النظم البيئية والعزم على تحقيق التكامل والتنسيق الوثيق بين الدول الأعضاء واستثمار ذلك في رفع قدرتها الجماعية في مواجهة تحديات التغير المناخي. وأكدوا امتثال الدول أعضاء المبادرة بتنفيذ تعهداتها والتزاماتها في إطار اتفاق باريس والعمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة لحصر متوسط ارتفاع درجة حرارة الأرض وفقاً للمستويات التي حددها الاتفاق، مجددين تأكيد أهمية العمل على تعزيز دعم تطبيقه وتحقيق أهداف التنمية المستدامة بما يسهم في التنوع الاقتصادي والقضاء على الفقر.
وشدد القادة على تعزيز تكامل مزيج الطاقة الأمثل لإنتاج الكهرباء ودعم استيعاب الشبكات الكهربائية لدخول الطاقة المتجددة والمساهمة في تحقيق مستهدفات التغير المناخي من خلال توقيع مذكرات واتفاقات الربط الكهربائي التي تم توقيعها مع عديد من دول المنطقة مثل العراق ومصر والأردن، وما ستشكله من امتداد للتعاون في شبكة الربط الكهربائي مع مجلس التعاون الخليجي.
تخفيف الانبعاثات
أكد القادة دعم الجهود الرامية لتخفيف الانبعاثات في الشرق الأوسط وخارجه من خلال توقيع اتفاقات ومذكرات تفاهم ثنائية ومتعددة الأطراف في مجال الطاقة النظيفة، مما سيدفع عجلة التعاون في الطاقة النظيفة وتقنياتها ويوسع نطاقها في هذا المجال، لافتين إلى أهمية التعاون المشترك لمعالجة التحديات المترتبة على انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وإدارتها من خلال نهج شمولي وبشتى التقنيات النظيفة المتاحة، بما في ذلك نهج الاقتصاد الدائري للكربون وركائزه الأربع التي تمثل إطاراً متكاملاً وشاملاً يمكن للدول الاستفادة منه ومن تطبيقاته في تطويرهم لخطط العمل المناخي وبما يتماشى مع الأولويات والظروف الوطنية لكل دولة. وجدد المجتمعون تأكيدهم تعزيز العمل المشترك لدعم جهود تطوير ونشر التقنيات الحديثة لالتقاط الكربون واستخدامه وتخزينه وتقنيات إزالة الكربون بصفة خاصة من القطاعات كثيفة استهلاك الطاقة والانبعاثات، مع تعزيز الاستثمارات في هذا المجال للمساهمة في الجهد الدولي لمعالجة الانبعاثات، مؤكدين التزام تبني نهج وطني مناسب لتحقيق التحول العادل لنموذج تنموي منخفض الانبعاثات وقادر على التكيف مع آثار تغير المناخ يؤسس على التوصيات العلمية المؤكدة والمسؤوليات والمبادئ المتفق عليها، وعلى رأسها الانصاف والعدالة والأخذ بالاعتبار الظروف الوطنية لكل دولة.
وشددوا على أهمية العمل الدولي المشترك في مجال حلول “الوقود النظيف” لتوفير الغذاء، مما يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة عموماً، والهدف السابع خصوصاً، الذي يطمح لحصول الجميع على الطاقة الموثوقة والمستدامة بأيسر تكلفة، معبرين عن عزمهم مواصلة التعاون مع الدول الصديقة والمنظمات الإقليمية والدولية بما يكفل تحقيق أهداف قمة الشرق الأوسط الأخضر ويخدم مصالح الدول الأعضاء والشركاء الدوليين.
وأكد القادة التزامهم تهيئة مستقبل أفضل للأجيال القادمة إيماناً بأهمية ما تصبو إليه المبادرة في سبيل التنمية المستدامة للمنطقة والحفاظ على التنوع الإحيائي فيها واستعادته بما يعود بالنفع على دول وشعوب العالم أجمع، مجددين أهمية تأكيد حشد وتوفير التمويل اللازم لمبادرة “الشرق الأوسط الأخضر”، ولجميع التقنيات والحلول التي تسهم في معالجة الانبعاثات من خلال الأطر الثنائية والإقليمية والدولية والتنسيق في هذا الإطار، وعطفاً على ذلك الترحيب بتعهدات التمويل المقدمة من عدد من البنود والصناديق، وعلى رأسها البنك الإسلامي للتنمية و”صندوق أوبك للتنمية الدولية”.
الاحتباس الحراري
وأشاروا إلى أن تنفيذ أهداف “مبادرة الشرق الأوسط الأخضر” سيسهم في خفض وإدارة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من جميع المصادر، بما في ذلك الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة لإدارة الانبعاثات من المواد الهيدروكربونية، وإزالة ملايين الأطنان من الانبعاثات الكربونية من خلال الحلول التقنية والطبيعية، مجددين عزمهم بذل الجهود في تحقيق أهداف المبادرة للحد من تدهور الأراضي واستعادة الغطاء النباتي والمحافظة على التنوع الحيوي والتكيف مع التغير المناخي والحد من آثاره السلبية لتقليل الخسائر الاقتصادية ودعم التنمية المستدامة وتحقيق الرفاهية.
وأكد القادة عزمهم الاتفاق على تعزيز التعاون والدعم فيما يتعلق بتحسين إدارة الموارد الطبيعية ومكافحة تدهور الأراضي والتصحر مع التزام بذل الجهود المشتركة لتعزيز الأمن المائي والأمن الغذائي في مواجهة الآثار السلبية للتغير المناخي، لافتين إلى أهمية التعاون العابر للحدود في مختلف المجالات، وبصفة خاصة فيما يتعلق بإدارة الموارد المعرضة للتأثر نتيجة التغيرات المناخية بما يعزز أطر العمل المشترك، سواء في الإطار الثنائي أو الإقليمي أو الجماعي.
ودعا المجتمعون الدول والمنظمات والهيئات الإقليمية والدولية ذات العلاقة ومؤسسات التمويل والقطاع الخاص إلى توفير الدعم المالي والفني للمبادرة لتمكينها من تحقيق مستهدفاتها الطموحة على المستوى الوطني والإقليمي والدولي.