المصدر:
(أبوظبي – صبري صقر)
التاريخ: 21 أغسطس 2022
البيان الاماراتيه
تعد «فنتك» تقنية حديثة تعني دمج المعاملات المالية مع التكنولوجيا لتسهيل المعاملات المالية التقليدية، فكل تطبيق يستخدم تكنولوجيا المعلومات بهدف تطوير الخدمات المالية يدخل في نظام «فنتك». ويعتبر سوق «فنتك» العالمي من أكثر الأسواق تسارعاً في النمو، وخاصة في المعاملات البنكية والعقارات وإدارة الأصول وفي قطاعات التأمين والتمويل وغيرها، وهو ما أدركته الإمارات مبكراً ما جعلها مركزاً مهماً لتطوير هذه التقنية.
ويرى عدد من الخبراء أن لتقنية «فنتك» تأثيراً كبيراً على الأسواق المالية في الإمارات، وأشاروا إلى أن الدولة تعد من أبرز اللاعبين الأساسيين في المنطقة وفي العالم في مجال تقنية «فنتك». وتوقع الخبراء أن تكون الدولة مركزاً مهماً لتقنية «فنتك» في المستقبل بما تملكه من بنية تحتية متطورة. وأوضح الخبراء أن «فنتك» جعل أسواق المال أكثر انفتاحاً، فلم تعد المعلومة حكراً على كبار المستثمرين والمتنفذين داخل الشركات، كما سهلت تقنية «فنتك» فتح حسابات المستثمرين الأفراد وضاعفت من سرعة عملية التداول وتنشيط الأسواق.
تكنولوجيا نوعية
يقول وضاح الطه، الخبير المالي وعضو المجلس الاستشاري الوطني لمعهد الاستثمار والأوراق المالية البريطاني في الإمارات: إن «فنتك» فكر ومجال اقتصادي جديد ذو تكنولوجيا نوعية مهمة لجميع تطبيقات الأعمال، حيث توفر تقنية «فنتك» الوقت وتتميز بدقة كبيرة في المعاملات خصوصاً في مجال العقارات وتوثيق المعاملات، كما توفر الوقت خلال السفر وبالتالي إمكانية إجراء المعاملات والتداولات المالية بشكل موثوق.
وأضاف: إن البنية التحتية في الإمارات مؤهلة جداً للتعامل مع تكنولوجيا «فنتك» وهذا شرط أساسي لنجاح التقنية وبالتالي تجذب رؤوس أموال واستثمارات أجنبية، كما يمكن أن تجذب مواهب وكوادر وطنية للعمل في هذا المجال.
وأشار إلى أن نمو هذا القطاع تدريجياً يؤدي إلى المساهمة بشكل أو بآخر في نمو القطاع المالي في الإمارات وهذا أمر مهم، وذكر أن تقنية «فنتك» تساهم في تعزيز الاقتصاد الرقمي في الإمارات وهذا هدف مهم من أهداف الدولة.
وتوقع أن تكون الإمارات من أبرز اللاعبين الأساسيين في المنطقة وفي العالم في مجال تقنية «فنتك»، كما ستكون الإمارات مركزاً مهماً، ليس فقط للتطبيقات، ولكن لتطوير تطبيقات جديدة، نتيجة لتكامل الشروط وفرص النجاح الكبيرة المتوفرة لإنجاح تلك المشاريع.
تأثير كبير
وأكد محمد علي ياسين، الخبير في الأسواق المالية المحلية، أن تقنية «فنتك» لها تأثير كبير على الأسواق المالية في الإمارات. وأوضح أنه في فترة سابقة كان الراغب في الاستثمار بأسواق المال الإماراتية يتوجب عليه الذهاب إلى السوق، وهناك يبدأ الاطلاع على الأوراق وفتح حساب، قبل أن يستكمل الإجراءات، ثم يتم الإرسال إلى «البروكر» أو السماسرة، وتحتاج أوراقاً ثبوتية وجوازات السفر وغيرها من الأمور المطلوبة، وكل هذه الإجراءات كانت تحتاج أسابيع لكي تكتمل وعملية التواصل كانت صعبة، ولم تكن الخدمة على مستوى المطلوب، أما اليوم مع تقنية «فنتك» وتطبيق ذلك في أسواق المال الإماراتية، فيمكن التقديم على إصدار رقمي مستثمر ويمكن الحصول عليه خلال ساعات.
وأضاف: في عملية الاكتتاب يتم تقديم الطلبات إلى شركات الوساطة بشكل سريع ولا حاجة للحضور شخصياً، وبالتالي سهلت التقنية عملية فتح حسابات المستثمرين الأفراد، وكذلك للمؤسسات، كما سهلت وضاعفت من سرعة عملية التداول إذا كانت الأسواق نشطة وفي حالة جيدة. وأشار إلى أن تقنية «فنتك» تسهل عملية التداولات بشكل كبير وتجعلها سريعة، وهذا أمر ضروري لأننا في أسواق المال لا نتحدث فقط عن المستثمر المحلي، ولكن كذلك هناك المستثمر الأجنبي قد يكون خارج الدولة في إجازة مثلاً ويستطيع أن يتابع التداول من الخارج، ويمكنه التواصل والتفاعل مع استثماراته دون الحاجة إلى الحضور بشكل مباشر إلى السوق أو حتى التواجد في داخل البلد.
وأكد أن تقنية «فنتك» لها دور إيجابي جداً في تطوير الأنظمة المالية وتسهيل التداولات وعلى مستوى جميع القطاعات سواء البنوك أو شركات التأمين أو العقارات، وساهمت بشكل كبير في التواصل المباشر بين العميل والمؤسسات، ودون الحاجة إلى الحضور بشكل شخصي ومباشر. وأضاف إن أهمية تقنية «فنتك» ظهرت بوضوح خلال جائحة «كوفيد 19» عندما كانت التحركات قليلة وظل الناس في البيوت فترات طويلة ورغم ذلك لم تتأثر المعاملات المالية.
وأكد أن تقنية «فنتك» أصبحت أساسية ولم تعد مسألة كمالية أو ترفيهاً وجميع المؤسسات المالية اليوم تهتم بإدخال تقنية «فنتك» في طريقة عملها، وطريقة العمل ليست فقط في التواصل أو بيع المنتجات أو في التعامل البنكي بداية من فتح الحساب والتحويل المالي والحصول على قروض وغيرها، بل يمكنك عمل اكتتاب لشراء عقار وكل ذلك بفضل تقنية «فنتك»، مشيراً إلى أن عملية التطوير مستمرة وسوف تدخل تقنية «فنتك» في قطاعات لم نكن نتصور أن تحدث فيها.
استثمارات ضخمة
ويرى زياد القيمري الخبير الاقتصادي والمحلل المالي، أن التكنولوجيا المالية تنمو بشكل متسارع وتجذب استثمارات ضخمة جداً فاقت 136 مليار دولار خلال عام 2021 ولن يكون هناك أي وجود للخدمات المالية التقليدية في المستقبل القريب. وأوضح أن الأثر الجوهري لتقنية «فنتك» في مجال أسواق المال يتمثل بأنها تمكنت من إلغاء الاحتكار في الأسواق وجعلتها أكثر انفتاحاً فلم تعد المعلومة حكراً على كبار المستثمرين والمتنفذين داخل الشركات.
وأوضح أنه قديماً كان من الصعب الحصول على البيانات الضرورية للأسواق مما كان يؤثر ويحد من قدرة المستثمرين على اتخاذ القرارات، أما اليوم وبفضل التكنولوجيا المالية وتقنية «فنتك» فإن المعلومات اللازمة لاتخاذ القرار الاستثماري أصبحت سهلة الوصول إلى جميع المستثمرين.
وأشار إلى أنه في فترات سابقة كان على المستثمرين في الأسواق المالية الاشتراك مع شركات لتزويدهم بالأخبار والمعلومات المالية المتعلقة بأسواق المال والشركات المدرجة وبياناتها المالية والتحليل المالي لتلك الشركات، أما اليوم فأصبح كل ذلك متاحاً لجميع المستثمرين وبطرق سهلة وأقل تعقيداً من الخدمات التقليدية السابقة، وكذلك أصبح التحليل المالي للشركات أكثر سهولة مع التكنولوجيا المالية، فقبل سنوات كان على المحللين والمستثمرين قضاء شهور طويلة لتحليل البيانات المالية لشركات السوق قبل اتخاذ القرار الاستثماري العلمي، ولكن مع دخول تقنية «فنتك» أصبحت المهمة أسهل وأسرع وأكثر دقة.
وأضاف إن شركات الوساطة المالية استفادت من التكنولوجيا المالية وتقنية «فنتك»، حيث وفرت للمستثمرين أدوات للتداول جعلت عملية الشراء والبيع أكثر سهولة من خلال تقديم المشورات والتحاليل وتنوع استراتيجيات التداول باستخدام الخوارزميات والتداول الآلي.
وأكد أن التكنولوجيا المالية الحديثة وتقنية «فنتك» ساهمت في تطوير البنية التحتية لأسواق المال، بحيث أصبح الدخول إلى السوق أكثر أماناً وشفافية، كما ساعدت في إيجاد منصات للتداول أكثر فعالية وذكاء، وتمكنت من أتمتة العمليات التقليدية سواء في التداول والمقاصة والتسوية كما أنها رفعت كفاءة الأسواق في تعزيز أنظمة الرقابة والتنظيم، وقال: لن نستثني بعض المخاطر التي قد تجلبها التكنولوجيا المالية على الأسواق نتيجة للتدخل البشري.