بقلم: د. زيد احمد المحيسن
يقول انطونيو غرامشى: ” المثقف الذي لا يتحسس آلام شعبه لايستحق لقب المثقف “.
يلعب المثقف العربي دورا هاما وحيويا في استنهاض الامه وفي ترسيخ مبادئ القيم النبيله وفي تصليب جبهتها الداخليه من العقدة الدونيه ومن محاولات الاستلاب الثقافي والغزو الفكري لمنظومة القيم الساميه التى يؤمن بها المواطن العربي، كما يقف سدا منيعا ضد محاولات تهميش الامه وجعلها تعيش على قارعة الطريق مستهلكه لكل قمامات الغرب من صرعات وسلوكيات تعمل على تمزيق المجتمع واضعافه حتى يصبح لقمة صائغه لمخططات الدوائر الغربيه وخدمه اجنداتها الخاصه وغير المعلنه ..
فالمثقف العربي هو اكثر الناس التصاقا بقضايا امته، وهو المالك للرؤيه الاستشرافيه المستقبليه للنهوض بالواقع المعاش للامه لما لديه من كنوز معرفيه مخزونه في وجدانه يخرجها عملا فكريا قيما يخدم المجتمع ويعمل على اصلاحه وازالة اسباب الضعف والخنوع والاستسلام ،فوظيفة المثقف الوطني ان يوسع اطار الجماعات ليكون بمقياس الوطن لا بمقياس الطوائف والجهويات الضيقة .
الكلمه هي سلاح المثقف يعرف كيف يستعملها ومتى والى اي هدف يسعى اليه – يشحذ بها الهمم و يصوبها تجاه الاهداف المرئيه له، لهذا فان المجتمع المدني الديمقراطي يميز نفسه عن غيره باعداد الكتاب والمفكرين والفلاسفه الذين يعملون بداخله ويصوغون قيمه ومبادئه النبيله.. فهم الضامن الاكيد لمصدر قوة الامة واقتدارها، فوراء كل منتج سلعي او خدمي او صناعي فكر وثقافه، ومع الاسف الشديد استوردنا المنتج الاستهلاكي ولم نسأل عن الفكر الذي انتج هذه السلع.
من هنا فان منح المفكرين والمثقفين حرية التعبير هو الحجر الاساس في بناء المجتمع المدني الديمقراطي الذي ينشده كل شرفاء الامة، ولنا من صور الطبيعه الدليل المتيقن بان الحريه هي اول شئ ينشده المثقف، فالطيور لا يمكن لها ان تغرد وتعطي افضل الاصوات وهي حبيسه الاقفاص حتى لو كانت هذه الاقفاص مصنوعه من الذهب الخالص، انما يمكن ان تنشد افضل الالحان وهي طليقه لانها تملك الفضاء الواسع والملهم لاصواتها.
اننا بحاجة اليوم قبل الغد الى العنايه بهذه الفئه من المثقفين وتوفير كل سبل العيش الكريم لهم حتى يساهموا في عمليات النهوض القومي وفي زرع القيم النبيله والمبادئ الساميه التى تساهم في اخراج هذه الامه مما هي فيه من جهل وتخلف ومرض وكسل وعجز، وتحصين مجتمعاتنا العربيه من الغزو الخارجي.
يقول عمر موسى –الامين العام لجامعة الدول العربيه (المثقفون اليوم هم جنرالات المعركه المقبله وقادتها ومحددو نتائجها، لقد بات عليهم من الان فصاعدا القيام بدور محوري في معركة الدفاع عن الامه وحضارتها ).. نعم المثقفون هم طلائع الامه وهم الامل والرجاء لبناء قوتنا الذاتيه، ووضع الامة على المسار الصحيح في معركة الوجود الانساني والتى شعارها اليوم : “اكون او لا اكون”.
البريد الإلكتروني: zaid.m1954@hotmail.com