بقلم: د. زيد احمد المحيسن
يقول الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو “رصيد الديمقراطية الحقيقي ليس في صناديق الانتخابات فحسب، بل في وعي الناس “.
الوعي هو جوهر ولب العملية الانتخابية في العمل البلدي، فالبحث عن الشخص المؤهل لهذا المجلس البلدي او ذاك هو الاصل، فالمدن لا تنمو ولا تتطور ولا تتقدم خطوة الى الامام الا بوجود الاشخاص الاكفياء لهذا الموقع علماً وخبرة واخلاصا، فعلى المواطن ان يفيق ويصحوا من غفلته وان يأخذ العبرة من واقعه المعاش،لان اختياره السابق لاعضاء المجالس البلدية على اساس القرابة والصداقة وتفضيلهم على اصحاب الكفاءة والخبرة هو الذي ساهم في تخلف مدننا عن الركب والعمل البلدي، وعدم تطور مدننا نحو معارج التقدم والازدهار والتنمية، لهذا لا يمكن ان تتحقق التنمية المحلية الديموقراطية الا عندما نشعر بالمسؤولية الحقيقية لمن نعطي صوتنا هذه المرة، نريد في هذه الانتخابات القادمة رؤساء بلديات من الكفاءات والخبرات وليس مجرد موظفين عند الحكومات، فرئيس البلدية هو قائد اداري وشعبي وممثل سياسي لمدينته وهو المدافع عن مصالحها ومواردها وانجازاتها، وهو قبل هذا وذاك خادم للناس وليس سيدا عليهم. والبلديات المثلى هي التي يحكمها القانون والعمل المؤسسي لا بلدية الاشخاص والافراد والمصالح الضيقة, من هنا فأن الوعي بأهمية دور البلدية في المجتمع هو ضرورة وليس ترفاً اجتماعياً.
فالبلديات مؤسسات اهلية لها استقلالها المالي والاداري تدارمن قبل مجالس محلية منتخبة, والمجلس البلدي المنتخب هو صاحب الشرعية والولاية والسلطة في ادارة الشؤون المحلية, سواء كانت قرية ام مدينة ام اقليما, وتعمل المجالس المحلية على تقديم الخدمات الضرورية للمواطنين من اعمال النظافة وترخيص الإعمار والمهن والرقابة الصحية وامور اخرى تحددها القوانيين والانظمة الناظمة لعمل البلديات، والتي يمكن اجمالها – من النظافة الى الثقافة, وتعد مشاركة المواطنين في الانتخابات البلدية المدماك الاساسي في بناء نواة الدولة الديمقراطية، ومظهراً حضارياً من مظاهر الدولة العصرية, فالديمقراطية المحلية والمتمثلة في عمل البلديات كما هو في بلادنا العربية تعد احدى المدارس الاولى في نشر النهج الديموقراطي من خلال توعية المواطنين بالاساليب العصرية في قيادة حملات المرشحين وطريقة التواصل مع المواطنين من اجل كسب رضاهم للفوز باصواتهم، فالحوار والاستماع الى وجهات النظر المختلفة تساهم بطريقة غير مباشرة في رفع المستوى التوعوي للمواطنين في تحمل المسؤولية وفي كيفية تحديد اولويات مطالبهم ضمن الممكن والمتاح من مصادر الدخل والموارد الذاتية للبلدية .
ان مشاركة المواطنين في التظاهرة الانتخابية تساعد على تخفيف الاحتقانات الداخلية، وذلك من خلال جعله شريكاً رئيسياً في صنع القرار وليس مجرد رقم ضريبي مهمش غائب ومغيب عن تحمل المسؤولية, لهذا فالعملية الانتخابية للمجالس البلدية تعزز الوعي الجمعي بالعمل البلدي وتدرب القادة المحليين وتكسبهم الخبرات العملية والميدانية من خلال الالتقاء المباشر بالمواطنين ومعرفة مطالبهم وتذمراتهم، وايجاد الصياغة المثلى لحلها على ارض الواقع كما انها تحقق العدالة في توزيع الخدمات، وقبل هذا وذاك استشعار المواطن انه صاحب السلطة والشرعية والاحساس بقيمته كمواطن متلقي للخدمة وفي نفس الوقت منفذ لاجراءتها ومراقب ومقيم لمخرجاتها، فالجميع امام القانون سواء فالجميع يمارس حقه في العملية الانتخابية مرشحاً وناخباً, فاليوم لي مرشح وغدا لك ناخب, لهذا علينا ان نتذكر بيت الشعر القائل :
ليس المجد ان تمشي الى غايتك على اكتاف الناس …….. انما المجد ان تحملهم على كتفيك الى غاياتهم .
ومعا الى انتخابات بلدية حضارية، ويدا بيد من اجل مدن ارقى وبيئة انقى وغد ازهى لوطن الحاضر والمستقبل .
البريد الإلكتروني: zaid.m1954@hotmail.com