بقلم: د. زيد احمد المحيسن
يقول القائد الرمز جمال عبد الناصر: “قوميتنا العربية هي ضرورة استراتيجيّة ، لأنّها تحمينا من العدوان وأطماع الطّامعين ، هي عدّتنا حتّـى نثبت حرّيّتنا ، هي سلاح كلّ عربيّ حتّى لا يتكرّر ما فات ، هي درع لكلّ مواطن عربيّ وكلّ بلد عربيّ ، حتّى يستطيع أن يحافظ على حرّيّته ، وهي سلاحنا الرّئيسيّ في معركتنا ضدّ الصّهيونيّة والاستعمار »ز
نعم صدقت ايها الراحل الكبير فالدول التي دمرت قوميتها تعرضت للخراب والدمار والتشرذم والانقسام، فهويتنا العربية هي الدرع الواقي لخصوصيتنا الثقافية والفكرية والسلوكيه، وهي مصدر اعتزازنا واساس وجودنا، لهذا فقد باتت هويتنا العربية في هذا العصر عصر الشرذمة القطرية والقبلية والجهوية هدفا يسعى الاخرون الى اختراقة وتمزيقه والتطاول عليه كي يسهل لهم التدخل في شؤونه الخاصة، واعادة استعماره مرة ثانية وفرض اجنداتهم ونماذجهم وايدلوجياتهم الفكرية والاجتماعية والاقتصادية.. كل ذلك يحدث من خلال فئة من ضعاف النفوس ممن ينتسبون لهذه الامة بالاسم ويحملون خطاب التخاذل والتشفي والسوداوية الذين يحاولون بكتاباتهم واحاديثهم تثبيط عزائم الامة، ونخر مكامن قوتها الاخلاقية و مرتكزاتها العقدية والانسانية.
ان من يعتقد ان نجم العرب قد افل دون عودة، فهو اما ان يكون خائنا او متساقطا او جبانا، فالعرب امة خالدة ومهما تعرضت له من شدائد ستعود وتنهض من جديد اكثر صلابة واكثر منعة .. فهذه الامة هي سنديانة عميقة الجذور اصلها ثابت وفرعها في السماء. ولكن المطلوب الان قبل الغد ازالة من صفوفنا كل تفكير قوامه الضعف والعجز والكسل، لانه خطاب المتخاذلين والمرجفين وسماسرة التضليل.
ان كل راي يعزز في قوة العدو ويستصغر قوة الشعب العربي هو راي خاطىء وخائن وجبان، فحكام الامبريالية العالمية واذنابهم في المنطقة العربية هم من اوصلوا الامة العربية الى ما هي علية من مهانة وذل واحتقار وتخلف – لهذا لا نستطيع ان نعيش في هذه الحياة اذا لم نكن مستعدين للتضحية من اجل هدف سامٍ نعمل من اجله – ولا اجد من هدف ذي قيمة سامية ونبيلة افضل من العمل على بث خطاب وحدة الامة العربية الذي يستحق النضال من اجله في هذا الوقت.. فالنصر على مخططات الحركة الصهيونية العالمية وعملائها في المنطقة العربية لا يكون الا بتدعيم وحدتنا العربية والتاكيد على القواسم المشتركة التي تجمع الامة وتشد من عضدها ونبذ الخلافات جانبا، فالوقت يمضى بسرعة والامة في انحدار سريع، فهذه الامة خلفت عبر مسيرتها الطويلة قيما وانجازات روحية ومادية زاخرة لابد من تذكرها والتذكير بها في مسيرتنا اليوم عبر برزخ الهموم والالام ومتاهات الياس والهزيمة والضياع.
لقد صنع الاجداد اول وحدة ذات مضمون انساني اصيل في تاريخ الامم، ونحن قادرون على اعادة نهج الاجداد ففكرة الوحدة والتوحيد في ارضنا العربية عميقة الابعاد عظيمة الافاق لم تكن مجرد حركة سياسية او دعوة مرحلية وانما فلسفة وجود فجرها الاسلام انطلاقا من الايمان بوحدة الكون ووحدانية خالق الكون ووحدة النوع البشري، وعندما تحرك هذا المارد العربي من المنطلق الانساني الكبير حقق الوحدة العربية بابهى صورها وتجاوزها الى حدود ابعد وارحب – لهذا فهويتنا العربية هي مصدر كبريائنا و درعنا القوي وسياجنا الواقي ومبعث قوتنا الكامنة .
البريد الإلكتروني: zaid.m1954@hotmail.com