الآلاف يرحبون بالنتيجة في تل أبيب بعد أربعة انتخابات غير حاسمة في عامين وإيران لا تتوقع تغييراً تجاهها
بدأت أول حكومة إسرائيلية لا يقودها بنيامين نتنياهو منذ 12 عاماً أعمالها اليوم الاثنين، 14 يونيو (حزيران)، وتجنب رئيس الوزراء السابق مراسم تسليم السلطة إلى خليفته نفتالي بينيت.
وانتهت فترة الزعيم اليميني نتنياهو القياسية في السلطة، الأحد، بموافقة البرلمان بأغلبية 60 صوتاً مقابل 59 على حكومة الائتلاف الجديد بزعامة بينيت، وهو قومي تتطابق وجهات نظره مع نتنياهو بشأن العديد من القضايا.
المراسم التقليدية
ولم يتم ترتيب المراسم التقليدية لتسليم السلطة في مكتب رئيس الوزراء، حيث كان من المتوقع أن يلتقي نتنياهو مع بينيت في وقت لاحق اليوم لإطلاعه على شؤون الدولة.
كل الدوافع
وقال توباز لوك المساعد البارز لنتنياهو لإذاعة الجيش إن نتنياهو “لديه كل الدوافع للإطاحة بهذه الحكومة الخطيرة بأسرع ما يمكن”، وامتنع لوك عن الإفصاح عن استراتيجية نتنياهو للعودة، واكتفى بالإشارة إلى هامش الدعم البسيط الذي قوبلت به الحكومة الجديدة في البرلمان.
أضاف لوك أن الحكومة الجديدة تتلقى تقارير من مستشاري نتيناهو الدبلوماسيين والأمنيين لضمان تسليم السلطة بسلاسة.
ودُعيت الحكومة الجديدة، بعدما عقدت أول اجتماع لها مساء الأحد، إلى التقاط صورة تقليدية جماعية في المقر الرسمي للرئيس رؤوفين ريفلين.
وخرج آلاف للترحيب بالنتيجة في تل أبيب، وذلك بعد أربع انتخابات غير حاسمة شهدتها إسرائيل خلال عامين.
نتنياهو إلى المعارضة
وقال نتنياهو في كلمة أمام البرلمان قبل أن يؤدي بينيت اليمين الدستورية، “إذا كان من المقدر لنا أن ندخل المعارضة فسوف نفعل ذلك ورؤوسنا مرفوعة حتى نتمكن من إطاحتها (الحكومة)”.
وأضاف نتنياهو (71 عاماً) أن ذلك سيحدث “في وقت أقرب مما يعتقده الناس”.
وتعتزم حكومة بينيت التي تشكلت بعد انتخابات غير حاسمة في 23 مارس (آذار) تجنب القيام بتحركات كبرى بشأن القضايا الدولية الساخنة مثل السياسة تجاه الفلسطينيين والتحول بدلاً من ذلك إلى التركيز على الإصلاحات المحلية.
ولم يعبأ الفلسطينيون بتغيير الحكومة الإسرائيلية، إذ يقولون إن بينيت، وزير الدفاع السابق الذي يدعو إلى ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، سيتبع على الأرجح نفس الأجندة اليمينية مثل نتنياهو.
كما نقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، قوله إن إيران لا تتوقع تغييراً في السياسة الخارجية والأمنية لإسرائيل مع تشكيل حكومة جديدة.
وشغل نتنياهو، وهو أطول الساسة الإسرائيليين بقاءً في السلطة، رئاسة الوزراء منذ عام 2009، وذلك بعد فترة أولى بين عامي 1996 و1999، لكنه تضرر من إخفاقه المتكرر في انتزاع الفوز في الانتخابات منذ عام 2019، وبسبب محاكمته حالياً في مزاعم فساد.
نجم تلفزيوني سابق
ويتولى بينيت رئاسة الوزراء لمدة عامين قبل أن يتولى السياسي المنتمي للوسط يائير لبيد (57 عاماً)، وهو مقدم برامج تلفزيوني شهير سابق، المنصب في 2023.
وكان صعود بينيت لشغل منصب رئيس الوزراء مفاجأة سياسية كبيرة خاصة بعد فوز حزبه يامينا اليميني المتشدد بستة مقاعد فقط من بين 120 مقعداً في الانتخابات الأخيرة.
وشكر بينيت رئيس الوزراء السابق على “خدمته الطويلة الحافلة بالإنجازات لإسرائيل”، وذلك وسط هتاف مؤيدي نتنياهو المتواصل ضده، ووصفهم له بأنه “مُخزٍ” و”كاذب”.
وكانت العلاقة بين الاثنين متوترة حتى من قبل الانتخابات، فقد كان بينيت رئيساً للأركان في عهد نتنياهو، وارتبط بفترة شائكة معه خلال عمله وزيراً للدفاع.
وفي الفترة التي سبقت تشكيل الحكومة الجديدة، رفض بينيت دعوة نتنياهو الانضمام إليه واختار لبيد.
وظل نتنياهو واجهة إسرائيل على الساحة الدولية لفترة طويلة. وقد رفض دعوات دولية لإقامة دولة فلسطينية، ووصفها بأنها تهديد لأمن إسرائيل، كما أقام علاقات رسمية مع الإمارات، والبحرين، والمغرب، والسودان، وندد ببرنامج إيران النووي.
شخصية مثيرة للانقسام
وكان نتنياهو شخصية مثيرة للانقسام في أغلب الأحيان، سواء في الداخل أو الخارج، وغالباً ما يشار إليه باسم “بيبي” الذي يطلقه عليه أنصاره.
ونتنياهو شخصية محبوبة للغاية من أنصاره ومكروهة من معارضيه. ولم تُؤدِ محاكمته الجارية بشأن الفساد – بتهم ينفيها – إلا لتعميق الانقسامات.
ويندد خصوم نتنياهو منذ مدة طويلة بخطابه السياسي الذي يرونه داعياً للفرقة، وأساليبه السياسية السرية، وإخضاع مصالح الدولة لبقائه على المسرح السياسي. ووصفه البعض بوزير الجريمة، واتهموه بإساءة التعامل مع أزمة فيروس كورونا وتداعياتها الاقتصادية.
وكرر بينيت في كلمته أمام البرلمان دعوة نتنياهو للولايات المتحدة بعدم العودة إلى الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران والقوى العالمية، والذي انسحبت منه إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب.
وقال بينيت، “تجديد الاتفاق النووي مع إيران خطأ… خطأ من شأنه أن يمنح الشرعية مرة أخرى لأحد أكثر الأنظمة ظلاماً وعنفاً في العالم… إسرائيل لن تسمح لإيران بتزويد نفسها بأسلحة نووية”.
تحديات خارجية وأمنية
وأثار بينيت الغضب من داخل المعسكر اليميني لخرقه تعهداً انتخابياً من خلال الانضمام إلى لبيد واتهام نتنياهو له بأنه خدع الناخبين. وقال بينيت إن إجراء انتخابات جديدة، وهي النتيجة المحتملة في حالة عدم تشكيل حكومة ستكون كارثة على إسرائيل.
وقال بينيت ولبيد اللذان تحدثا أمام البرلمان أيضاً، إنهما يريدان إنهاء الانقسامات السياسية وتوحيد الإسرائيليين في ظل حكومة ستعمل بدأب من أجل جميع مواطنيها.
وتواجه حكومتهما التي اجتمعت لأول مرة في ساعة متأخرة من مساء الأحد تحديات خارجية وأمنية ومالية كبيرة، ومنها إيران، واتفاق هدنة هش مع المسلحين الفلسطينيين في غزة، وتحقيق في جرائم حرب مزمعة تجريه المحكمة الجنائية الدولية، والسعي من أجل انتعاش اقتصادي عقب وباء كورونا.