غاب السيف والمسدس، وظهر مكانهما حصان وبندقية.
تلك كانت صورة النسخة الجديدة من أول ظهور علني لعضو البرلمان الأردني المفصول أسامة العجارمة بعد غياب استمر لنحو 10 أيام عن مسرح الأحداث، إثر خضوعه لجلسة استجواب أمنية طويلة نسبياً ثم إطلاق سراحه بدون توجيه تهمة.
ظهر العجارمة مجددا بصورة خاصة يركب حصانا ويحمل بندقية صغيرة. وظهرت تلك الصورة قبل إعادة تداول بيان جديد للشاب الذي فصله البرلمان بعد أكثر من أسبوعين من الإثارة التي رافقته تحت عنوان “الزحف العشائري” تضامنا مع فلسطين.
ترددت في أروقة السلطات الأردنية تسريبات عن التجهيز لإحالة ملف العجارمة إلى محكمة أمن الدولة.
وفي لقاء خاص لم يعلَن عنه رسميا، استقبل المستشار العشائري نخبة من قادة قبيلة العجارمة الأسبوع الماضي، ونوقشت خلال اللقاء الكثير من التفاصيل، لكنّ أهمها أن وجهاء ورموز القبيلة المحاذية لعمّان العاصمة، اعتبروا مسألة ابنهم النائب السابق تخص السلطة والدولة والقانون، لكنهم اعترضوا وبشدة على قيام السلطات الأمنية بهدم بيوت الشعر العشائرية، وعلى ظهور شريط فيديو لإحدى سيارات الدرك وهي تجرّ في الشارع أحد بيوت الشعر بعد إزالته.
أوصل من حضروا ذلك الاجتماع رسالة مباشرة لمسؤول الملحقية العشائري في الديوان الملكي، قوامها عدم التسامح إزاء مسألة الإهانة التي وجهت لبيوت الشعر، وبالتالي الإصرار على محاسبة ومعاقبة رجال الأمن المسؤولين عن المشهد وبشكل علني.
في بيانه الجديد المنقول عن صفحته، أظهر النائب المفصول أنه كان يتابع التفاصيل رغم غيابه عن مسرح الأحداث لعشرة أيام.
ظهر ذلك من خلال عودته للحديث عن إساءة لا يمكن نسيانها لأبناء القبائل الأردنية نتجت عن سحل وجرّ بيوت الشعر وهدمها.
وظهر أيضا من خلال الإشارات المسيسة للنائب المفصول في بيانه المستجد وهم يرفض باسم ما يسميه أحرار وشرفاء الحراكات العشائرية تشكيل لجنة الحوار الوطني الأخيرة برئاسة رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي، موجها خطابا للدولة فكرته أن أمامها خيارا للانتقال فورا إلى ملكية دستورية.
أشار العجارمة إلى أن الدولة تستطيع الانتقال إلى الملكية الدستورية طوعا، ويمكن أن يحصل ذلك قسرا إذا لم تتجاوب.
عمليا يحاول العجارمة العودة إلى الأضواء، داعيا إلى “توحد أحرار الأردن لمواجهة الفاسدين والعملاء في الداخل تمهيدا للانقضاض على العدو الإسرائيلي”.
فجأة، يريد النائب المفصول تحرير فلسطين، ويقترح التحول الطوعي لملكية دستورية بدون لجان، ثم يطرح ورقة أخرى يدعو فيها أحرار وشرفاء الأردن لتوحيد الحراكات في المرحلة اللاحقة.
طبعا جاذبية العجارمة ترنحت بعدما وجدت الكثير من الأطر الاجتماعية والعشائرية صعوبة بالغة في تبني خطابه أو الدفاع عن الأخطاء والعثرات التي ارتكبها، خصوصا عندما أعلن بأن القيادة لقبيلته عجرمة.
لكن الشاب المثير للجدل يحاول العودة الآن للأضواء هاربا إلى الأمام من سيناريو تحويله إلى محكمة أمن الدولة، ومقترحا خطابا مسيّسا أقل حدة، في مناورة يعتقد كثيرون بأنها خرجت عن سياقها الزمني والتأثيري.
والسبب الاجتماعي مردّه أن رموز عشائر العجارمة دخلوا أصلا في حوار مع الدولة، فيما تضم لجنة الحوار الوطني المشكلة مؤخرا ممثلا عنهم للقبيلة من أبنائها.
لندن- “القدس العربي”