قرار بإنشاء لجنة لا مدة محددة لها ستنظر أيضاً في “الأسباب الجذرية” للتوترات بين الطرفين
قرر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الخميس 27 مايو (أيار)، فتح تحقيق دولي حول انتهاكات لحقوق الإنسان ارتكبت في الأراضي الفلسطينية وإسرائيل منذ أبريل (نيسان)، وأيضاً في “الأسباب الجذرية” للتوترات، في قرار رفضته إسرائيل وأسفت واشنطن لصدوره.
واعتبرت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ميشيل باشليه، خلال الاجتماع الطارئ، أن الضربات الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة قد تشكل جرائم حرب “في حال تبين أن هذه الهجمات استهدفت بطريقة عشوائية وغير متناسبة مدنيين وأهدافاً مدنية”، وأضافت باشليه، “على الرغم من مزاعم إسرائيل بأن العديد من تلك المباني آوت جماعات مسلحة أو استخدمت لأغراض عسكرية، لم نرَ أي دليل في هذا الصدد”.
تأييد 24 صوتاً
وعقدت الجلسة الطارئة بناء على طلب باكستان، بوصفها منسقة لمنظمة التعاون الإسلامي والسلطة الفلسطينية.
وصدر القرار بتأييد 24 صوتاً ورفض تسعة أصوات وامتناع 14 عن التصويت، ونص على تشكيل “لجنة تحقيق دولية مستقلة ودائمة” مكلفة النظر في الانتهاكات للقانون الدولي الإنساني ولحقوق الإنسان التي أدت إلى التوترات الإسرائيلية – الفلسطينية الأخيرة.
وبين 10 مايو و21 منه، قتل خلال النزاع 254 فلسطينياً بينهم 66 طفلاً، وأصيب 1948 شخصاً بجروح مختلفة، كما قُتل 12 إسرائيلياً من بينهم طفل وفتاة وجندي.
ويتخطى نطاق القرار النزاع الأخير، وينص على تشكيل لجنة تحقيق دولية موسعة للنظر في “كل الانتهاكات المفترضة للقانون الدولي الإنساني وكل الانتهاكات والتجاوزات المفترضة للقانون الدولي لحقوق الإنسان” التي أدت إلى المواجهات الأخيرة بين إسرائيل والفلسطينيين.
وسيتركز التحقيق على “إثبات الوقائع” و”جمع الأدلة على هذه الانتهاكات والتجاوزات وتحليلها” و”تحديد المسؤولين (عنها) قدر الإمكان بهدف التأكد من أن مرتكبي الانتهاكات يخضعون للمحاسبة”.
اتهام إسرائيل بـ “الفصل العنصري”
واتّهم وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، خلال كلمة عبر الفيديو، إسرائيل بإنشاء “نظام فصل عنصري – أبارتايد – قائم على اضطهاد الشعب الفلسطيني”، وشدد على أن “من يملك حق الدفاع عن النفس وواجب مواجهة الاحتلال هو نحن الشعب الفلسطيني”، وفق تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”.
وقال المالكي إن ممارسات إسرائيل هي “ترسيخ لاستعمارها. ونحن نرفض هذه الحجج الواهية، والمساواة بين المستعمَر والمستعمِر”.
اتهام “حماس” بتصعيد التوترات
في المقابل، وعند إعلان عقد الاجتماع، نددت السفيرة الإسرائيلية، ميراف شاحار، بالدعوة إلى الجلسة، معتبرةً أن ذلك “يثبت أن لدى هذه الهيئة برنامجاً معادياً لإسرائيل”، ودعت الدول الأعضاء إلى معارضة عقد الاجتماع.
وعقب التصويت، قالت السفيرة الإسرائيلية إن حركة “حماس بدأت هذا النزاع”، واصفة إياها بأنها “منظمة إرهابية تمجّد الموت”، ومشدّدةً على أن الحركة “تعمّدت تصعيد التوترات في القدس لتبرير هجومها”، وشددت السفيرة على أن “حماس” أطلقت 4400 صاروخ على مدن إسرائيلية، وحضّت المجلس على عدم “تشجيع حماس أو مكافأتها” على سلوكها، مؤكدةً “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، واعتبرت شاحار أن “القرار لا يمت بصلة إلى الواقع، ولا يمت بصلة إلى الحقوق وبالتأكيد لا يمت بصلة إلى تشجيع الحوار بين إسرائيل والفلسطينيين”.
أسف أميركي
وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إن بلادها لن تتعاون مع التحقيق، ووصفته بأنه محاولة “للتغطية على جرائم ارتكبتها منظمة حماس الإرهابية”.
في المقابل، وصف متحدث باسم “حماس” أفعال الحركة بأنها “مقاومة مشروعة”، وحث على اتخاذ خطوات فورية لمعاقبة إسرائيل.
أما الولايات المتحدة فعبرت عن “الأسف الشديد” لقرار مجلس حقوق الإنسان، وقال بيان صادر عن البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة في جنيف، “تحرك اليوم يهدد بدلاً من ذلك بعرقلة التقدم الذي تحقق”.
والولايات المتحدة التي لها وضع مراقب في المجلس من دون حق التصويت، لم تتحدث بعثتها خلال الجلسة الخاصة التي استمرت طوال يوم الخميس.
قرار أول من نوعه
وهذه هي المرة الأولى التي يشكل مجلس حقوق الإنسان لجنة تحقيق بتفويض لا تحدد مدته مسبقاً، في حين أن كل لجان التحقيق الأخرى، مثل لجنة التحقيق حول سوريا، ينبغي تجديد مهمتها كل سنة.
وأسفت دول عدة، بينها فرنسا، للتفويض “الواسع النطاق” المعطى للجنة وعدم وضع هدف محدد لها، إلا أن القرار لقي تأييداً كبيراً من دول أفريقيا وأميركا اللاتينية.
وغالباً ما تكون إسرائيل على جدول أعمال جلسات المجلس، وهو ما دفع إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إلى الانسحاب من المجلس، إلا أن خلفه بايدن أعاد بلاده إليه بصفة مراقب.
وهذه هي الجلسة التاسعة التي تتمحور حول إسرائيل التي تشكو على الدوام من انحياز ضدها في مجلس حقوق الإنسان.