د. زيد احمد موسى المحيسن
يقال ( لا رؤية لمن لا ثقافة له ولا يوجد بلد يمكن له ان يتطور حقا مالم يتم تثقيف مواطنيه ) فالوعي التاريخي جزء اصيل واساسي من ثقافة الامة الحريصة على بناء مستقبلها في اطار قيمها الخاصة.
من هنا فاننا نتوجه اليوم بدعوتنا الصادقة الى مثقفي الامة، فهم فرسان الكلمة الصادقة والجريئة و اصحاب العزائم والهمات العالية والمواقف المشرفة.. اين انتم اليوم والشعب العربي الفلسطيني من خلف النهر العربي المقدس يخوض معارك البطولة والفداء ضد الاحتلال الصهيوني الذي يدنس المقدسات ويدمر الانسان والبنيان على رؤوس السكان الامنين، ضاربا بعرض الحائط بكافة القوانين والشرائع السماؤية والوضعية والاعراف والمعاهدات الدولية؟؟
فالعدو المارق الذي يتربع فوق القوانين الدولية يعربد دون رادع خلقي او قيمي او انساني امام انظار العالم الحر ، وقد جاء – ايها المثقفون – دوركم النضالي بالكلمة الجريئة لتعريته امام العالم الحر بالكلمة والصورة الحية .فما فائدة القلم اذا لم يقيم فكرا او يضمد جرحا او يطهر قلبا او يكشف زيفا او يبني صرحا او يكون شريكا فاعلا في الدفاع عن قضايا الامة ومعاركها المصيرية مع العدو الصهيوني؟؟ وعجبا لمن يعتكف في منزله ولا ينزل الى الشارع ليقود الجماهير بالكلمة الواعية الملتزمة الصادقة والهتاف الوازن الذي يجسد ارادة الامة في وحدتها و نهضتها وتقدمها وتوجية بوصلتها النضالية نحو اسناد الاهل في القدس وارض فلسطين التاريخية .
الامة بحاجة اليكم في هذه الايام، بحاجة الى افكاركم النيرة ونصائحكم القيمة وقدوتكم الحسنة – اناشدكم بمبادئكم النبيلة وقيمكم السامية ان تخرجوا من صوامعكم ومن غار اعتكافكم، وان تعودوا الى الشارع وتمارسوا دوركم الطليعي في اخذ زمام المبادرة وقيادة الجماهير الى الطريق السوي ، فانتم صوتها المسموع وضميرها الحي، انتم نبض قلوبها من الوريد الى الوريد، انتم لسان حالها الذي ينطق باسمها، انتم يدها التي تعمل وتشير الى الخلل و الصواب – الامة بحاجة اليكم لتصويب مساراتها فهي تعيش مؤامرات التجزئه والشرذمة ومشاريع التقسيم والتمذهب الطائفي والعرقي، وتعاني من الثالوث الاسود “الفقر والجهل والمرض” – الامة بحاجة ماسة الى “دعاة لا قضاة” لاخراجها من حالة اللاوعي والتيه والضياع والتردي، بحاجة الى اعادة بناء الوعي والرشد والتخلص من الخرافة المقدسة.
نحن في هذه المرحلة بحاجة لبناء عقول بلا إلحاد وايمان بلا خرافة، وانتم الاقدار على اعادة تشكيل هذا الوعي من خلال بناء منظومة الاخلاق الانسانية الجديدة، ومن خلال انتاج ثقافة التغيير والمقاومة والمعاصرة، وقبل هذا وذاك نحن بحاجة الى اعادة بوصلة النضال الوطني تجاه العدو الحقيقي الذي يحتل الاقصى وفلسطين من النهر الى البحر.
ايها المثقفون هذا هو دوركم الان، اناشدكم بكل فئاتكم وتصنيفاتكم من وطنيين وعروبيين وإسلاميون ومحافظين وعلمانيين واصلاحيين وتقدميين ان تعالوا الى كلمة سواء كي نعرف كيف ننهض بهذه الامة ونخرجها من دياجير الظلام الى نور الامل والعمل، ومن حالة التنفير والتكفير والتفجير الى حالة الوئام والمصالحة والرشد والعقلانية.. تعالوا لانتاج ثقافة الوحدة والتحضر والمدنية ثقافة المواطنة والقانون والعدالة الاجتماعية والنضال الوطني ثقافة الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان ثقافة الانتاج بدل الاستهلاك وثقافة العمل بدل الكسل وثقافة الابداع بدل التحجر.
ايها المثقفون انتم وحدكم القادرون على قيادة ثقافة التغيير نحو العمل الايجابي البناء – فمداميك البناء لا يصنعها الا المخلصون الذين انتم تمثلونهم – ولان الإنتماء خدمة وتضحية لا كلمات جوفاء ولا خطب رنانه فالمواطنة والإنتماء تعمل ولا تتكلم، لهذا فانتم خير من يقود المسيرة الان وفي ظل الظروف الاستثنائية التي تبشر بفجر جديد فيه نور من الامل المنشود نحو اعادة الوعي النضالي الجمعي لامة الضاد، فاعمار عقول البشر اولا وهو لا يتم الا بالفكر الوحدوي لقيم الامة وتراثها المجيد و النفس النضالي الطويل والتفاؤل بان الخير والنصر ات لمجد امتنا ولو بعد حين.. وبشر الصابرين .