جيري إنزيريلو: ستكون اسماً بارزاً على خريطة السياحة العالمية وتخطط لاستقبال 50 مليون زائر سنوياً
مي الشريف مساعد رئيس التحرير
في حواره مع “اندبندنت عربية” أكد الرئيس التنفيذي لمجموعة شركة الدرعية جيري إنزيريلو أن هناك رغبة سعودية في جعل الدرعية نموذجاً عالمياً يجمع بين التراث والحداثة، بطريقة تضمن المحافظة على هويتها التاريخية، مع تقديم فرص لافتة في مجال السياحة الفاخرة والاستثمار، لافتاً إلى أن ما تشهده المدينة من تطور غير مسبوق يمكن مقارنته بنماذج عالمية عدة تمتزج فيها التنمية الحديثة بالحفاظ على التراث الثقافي.
عقدت شركة الدرعية، وهي إحدى المشاريع الكبرى لصندوق الاستثمارات السعودية (PIF)، , أول من أمس الأربعاء مؤتمرها الصحافي السنوي الثاني بعنوان “بشاير الدرعية” للإعلان عن المشاريع التطويرية في المدينة التي تقع شمال غربي العاصمة السعودية الرياض، حيث اصطحب الرئيس التنفيذي لمجموعة شركة الدرعية جيري إنزيريلو ضيوف المؤتمر في جولة عبر طائرة مروحية في سماء الأعمال الإنشائية لمشاهدة التقدم في المشاريع التطويرية.
“اندبندنت عربية” التقت الرئيس التنفيذي لمجموعة شركة الدرعية الذي أكد أن “بشاير” تعني “الأخبار السارة”، لافتاً إلى أن المشروع مرتبط بـ “رؤية 2030″، واعتقد بعضهم أن الدرعية لن تشهد تطوراً قبل عام 2030، ولكن “بدأنا في افتتاح المعالم تباعاً منذ 2021″، وأصبحت “بشاير” احتفالاً سنوياً بافتتاح معالم جديدة، وصولاً إلى أن تكون الدرعية التاريخية جاهزة لاستقبال ضيوف معرض “إكسبو الدولي 2030”.
وأعلن الرئيس التنفيذي لشركة الدرعية افتتاح فندق “باب سمحان” ضمن “مجموعة ماريوت” للفنادق الفاخرة، وستقيم وزارة الثقافة أول معرض لها في مركز الدرعية لفنون المستقبل، وإضافة إلى ذلك بدأ مشروع الدرعية بيع الوحدات السكنية من علامات مرموقة مثل “ريتز كارلتون” و”ريتز كارلتون ريزيرف” و”أوبروي” و”ورافلز” وبيعت بسرعة كبيرة.
وفي حوارنا مع جيري إنزيريلو كان الحديث عن جودة الحياة حاضراً، مشيراً إلى أن هناك تسعة كيلومترات من الحدائق في وادي صفار بالدرعية تعيد الوادي لما كان عليه قبل 300 عام، إذ أصبح الآن بإمكانك ممارسة رياضة الركض وركوب الدراجات والاستمتاع بركوب الخيل والتنزه مع العائلة، منوهاً باهتمام ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ببرنامج جودة الحياة، لذا يضع المشروع في وادي صفار اللمسات الأخيرة على “ملعب غريغ نورمان” للغولف المكون من 27 حفرة، وبناء النادي الريفي يتقدم بسرعة كبيرة، كما بدأ بناء “مركز البولو والفروسية الملكي”، وبيعت بالفعل 50 من مزارع المشروع في وادي صفار، حيث بدأ العمل في كثير من منتجعات الوادي العام الماضي، بما في ذلك “أوبيروي” و”سكس سنسز”و”فاينا”، والآن يبدأ العمل في سبعة فنادق أخرى منها “أورينت إكسبريس” و”كورنثيا” و”باكارات” و”رافلز”، وفق المتحدث.
إجازة مؤجلة لعام 2030
وعند سؤاله عن حياته الشخصية أجاب إنزيريلو قائلاً “نشأت في عائلة رائعة في نيويورك لكنها كانت فقيرة جداً، ولمساعدتها بدأت العمل في الفنادق ليلاً وأنا ابن الـ 13 سنة، إذ كنت أنظف طاولات قسم الولائم، وأحببت عملي لأن فيه رعاية الناس وخدمتهم، لذا قررت أنه عندما سألتحق بالجامعة وأنا في الـ 18 من عمري سأدرس إدارة الفنادق، وهو ما فعلته في لاس فيغاس، وقد أحببت عملي حقاً وكرست 50 عاماً من عمري للعمل في قطاع الضيافة”.
ويبدو الرئيس التنفيذي لمجموعة شركة الدرعية غير متفرغ لشيء آخر سوى العمل، وبسؤاله أفادنا ضاحكاً “لا يوجد لدي وقت لإجازات أو عطلات، حتى إن آخر إجازة أمضيتها كانت في يناير (كانون الثاني) 2018، أما الإجازة التي أتطلع إليها فهي في يناير 2030، وربما لا أحصل عليها قبل 2040”.
التقاعد مفهوم غائب
وبالنسبة إلى جيري إنزيريلو فإن التقاعد ليس سوى كلمة غامضة لا تعني شيئاً في حياته، ويقول ممازحاً “ما هو تعريف كلمة التقاعد؟ كيف يمكن قولها باللغة العربية؟ لا أظن أنني أعرف هذا المفهوم”، مضيفاً “وحتى بعد التقاعد سأبقى في الدرعية لأنني أعتبرها موطني، فزوجتي تحبها جداً وكذلك ابنتي، وبالفعل اشتريت أحد المنازل في وادي صفار لأعيش في الدرعية”.
شغف وإلهام
وسرد إنزيريلو قصة عمله في الدرعية قائلاً “أعرف المنطقة جيداً، ودرست الدرعية عام 1998، أي قبل 26 عاماً، وكان لدي صورة عنها، وعندما قرأت ‘رؤية 2030’ قلت إن هذا الأمر مذهل وأود المشاركة فيه، ولذلك عندما قابلت ولي العهد قال لي ‘جيري أنت أحد أبرز خبراء السياحة في العالم، هل يمكنك مساعدتنا بينما نستعد لفتح المملكة للسياحة؟’ كان الاختيار شرفاً لي، وخلال الأعوام الست الماضية عملت مع جميع الشباب السعودي الرائع”.
الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس التنفيذي لمجموعة شركة الدرعية جيري إنزيريلو (بوابة الدرعية)
وعن القدوة أو الشخص الملهم في حياته قال إنزيريلو إن “الزعيم الجنوب أفريقي الراحل نيلسون مانديلا كان قدوة كبيرة جداً، بل بمثابة أب ثان لي”، مضيفاً أن لديه قدوة أخرى، وللأسف توفي قبل أسبوعين عن عمر يناهز 91 سنة، وهو الملحن الأميركي الأسطوري كوينسي جونز، إذ ساعده في التعرف على عالم الاستعراض والترفيه عن الناس والموسيقى والثقافة، لكنني أعتبر ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ملهمي على رغم أنني أكبر منه سناً”.
وتذكر الرئيس التنفيذي لشركة الدرعية معالمها وتحدث عنها قائلاً “أحب الدرعية كثيراً لأنها مهد المملكة وموطن آل سعود، إنها منطقة ثقافية أصيلة، لها موسيقاها ورقصتها الخاصة، ففيها ظهرت رقصة العرضة السعودية الشهيرة، ولديها الخط الخاص الذي كتب به أئمة الدولة السعودية الأولى القرآن الكريم قبل 300 عام، وكذلك الطعام والأكلات النجدية، فالأصالة تظهر في الطعام والأزياء والرقص والغناء والخط العربي والشعر، وكل شيء فريد من نوعه، وتسجيل ‘يونيسكو’ الدرعية في قائمة التراث العالمي هو اعتراف تحقق بفضل جهود الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود عام 2010، وبناء خطة عن نمط نجد الأصيل”.
ولا يخلو كلام إنزيريلو من الشغف بالمدينة التاريخية، وهو ما يفسره بقوله وهو مبتسم “لقد عملت في كثير من المدن حول العالم، والدرعية هي المفضلة لدي، فعلى مدى 50 عاماً من العمل كانت لدي حياة شخصية وأخرى مهنية، بينما هنا 100 في المئة من وقتي هو للدرعية فقط”.
تجربة سياحية
ويعد إنزيريلو أحد أهم الناشطين العالميين في مجال السياحة، ولديه تصور عن المعالم السياحية في السعودية، وقد كشف لنا عنها قائلاً إن “السعودية بلد كبير جداً وجميل ومتنوع، وشعبها مضياف يرحب بالجميع، ويمكن للسائح أن يخطط لرحلة زيارة السعودية بدءاً من الدرعية العاصمة القديمة، إذ يقضي بضعة أيام وسط التراث الثقافي، ثم ينتقل إلى البحر الأحمر ورؤية 45 في المئة من البيئة البحرية فيه، ومشاهدة سبعة مواقع أخرى مدرجة على قائمة التراث العالمي ومنها جدة التاريخية على البحر الأحمر”، مضيفاً أن “هناك وجهات سياحية أخرى، حيث يمكن الذهاب إلى أكبر صحراء رملية في العالم، وكذلك أكبر بساتين النخيل في الأحساء، ومدينة نيوم التي تمثل مدن المستقبل، وهناك كثير من الأشياء الرائعة التي يمكن القيام بها، وبخلاف الضيافة السعودية الأصيلة والدافئة والكريمة فهناك كثير من الناس لا يعرفون أن الثلوج تتساقط على السعودية، لكن عندما يشاهدونها وهي تنظم دورة الألعاب الآسيوية الشتوية عام 2029 سيتأكدون من تنوع بيئتها وجمال معالمها”.
مستقبل الدرعية يبدو واضح المعالم، ويؤكد إنزيريلو أن هناك رغبة سعودية مع إمكان جعل الدرعية نموذجاً عالمياً يجمع بين التراث والحداثة بطريقة تضمن المحافظة على هويتها التاريخية، مع تقديم فرص لافتة في مجال السياحة الفاخرة والاستثمار، لافتاً إلى أن ما تشهده المدينة من تطور غير مسبوق يمكن مقارنته بنماذج عالمية عدة، إذ تمتزج التنمية الحديثة مع الحفاظ على التراث الثقافي.
مدن الحداثة
وتحدث إنزيريلو في حواره مع “اندبندنت عربية” عن أشهر المدن العالمية التي تجمع الأصالة بالحداثة، “ومنها مدينة كيوتو في اليابان، والتي كانت عاصمة الإمبراطورية اليابانية لأكثر من 1000 عام ومركزاً ثقافياً وتاريخياً رئيساً، إذ طورت بطريقة تحافظ على تقاليدها ومعالمها التاريخية، مع إدخال عناصر حديثة لخدمة السكان والزوار، حتى باتت كيوتو اليوم مثالاً على كيفية تحقيق توازن بين الأصالة والتطور، إذ يمكن للزائرين الاستمتاع بزيارة المعالم القديمة فيها جنباً إلى جنب مع البنية التحتية الحديثة”.
سكاي نيوز عربيه