عهد ترمب الثاني

يمثل تحولاً جذرياً في المشهد السياسي ويتسم بالتحديات المتزايدة على الساحة الدولية وتوقعات بقرارات مصيرية على مختلف الأصعدة

ذكي بن مدردش كاتب رأي أسبوعي في اندبندنت عربية

أول ما يبرز في عهد ترمب الثاني هو توجهه المستمر نحو سياسة “أميركا أولاً”، حيث يتوقع أن تتعزز نبرته القومية واستراتيجيته المتشددة في مواجهة القوى الكبرى، كالصين وروسيا، وقد يستمر في تبني سياسات جريئة غير مكترث بالانتقادات أو الضغوط، مما سيجعله يظل، كما كان دائماً، موضع جدل واسع ونقاش عميق في الداخل والخارج.

كتبت هذه المقالة عبر “تشات جي بي تي” وأجريت عليها تعديلات لغوية بما يناسب أسلوب “اندبندنت عربية”

مع إعادة انتخاب دونالد ترمب يعود إلى البيت الأبيض رجل أثار الكثير من الجدل بقراراته غير التقليدية وآرائه الصريحة، في مرحلة عرفت بالانقسام الداخلي والسياسة الخارجية الجريئة. يمثل عهد ترمب الجديد فترة تحول جذري في المشهد السياسي الأميركي والعالمي، ويتسم بالتحديات المتزايدة على الساحة الدولية وتوقعات بقرارات مصيرية على مختلف الأصعدة. في هذا المقال، نستعرض أبرز القضايا التي ستواجه عهد ترمب الثاني، مع استعراض للتوقعات والانعكاسات المحتملة على السياسة الخارجية والداخلية في الولايات المتحدة.

تعميق التحالفات وتزايد التوترات

أول ما يبرز في عهد ترمب هو توجهه المستمر نحو سياسة “أميركا أولاً”، حيث يتوقع أن تتعزز نبرته القومية واستراتيجيته المتشددة في مواجهة القوى الكبرى، كالصين وروسيا.

على صعيد التحالفات قد يسعى ترمب إلى تعزيز تحالفات بلاده التقليدية مع الدول الغربية، لكنه قد يضع شروطاً أقسى ويطالب بحصص مالية أكبر من الحلفاء لتقاسم عبء الدفاع المشترك. من جهة أخرى، من المتوقع أن يستمر في فرض العقوبات الاقتصادية على الدول التي تعتبر منافسة للولايات المتحدة، حيث قد يسعى إلى فرض مزيد من الضغط على الصين من خلال قيود تجارية وتكنولوجية بهدف حماية المصالح الأميركية.

الشرق الأوسط سيكون له أيضاً نصيب من السياسات المثيرة للجدل، فمن المحتمل أن يستمر ترمب في نهجه القائم على السلام والتعاون الوثيق مع إسرائيل، إلى جانب محاولات جديدة لحل النزاعات المستعصية، ولو كان ذلك باستخدام استراتيجيات اقتصادية ودبلوماسية مختلفة. في ظل استمرار بعض الأزمات الإقليمية، من المتوقع أن تتخذ الإدارة مواقف أكثر قوة حيال إيران ومحاولات لتقييد نفوذها في المنطقة، سواء من خلال العقوبات أو الدعم المتزايد لحلفاء واشنطن الإقليميين.

أجندة المناخ العالمية

سياسات ترمب تجاه البيئة لطالما كانت محط جدل، إذ انسحب من اتفاقية باريس للمناخ في فترة حكمه الأولى، ومن المرتقب أن يستمر في توجهه الداعم لاستخدام الوقود الأحفوري ودعم الصناعات التقليدية كالنفط والفحم. وسيعتبر ذلك جزءاً من جهوده لخلق فرص عمل وتعزيز الاقتصاد المحلي، لكنه قد يلقى معارضة داخلية ودولية. قد يشهد عهد ترمب الثاني أيضاً محاولات لموازنة سياساته البيئية مع المطالب العالمية بالحد من انبعاثات الكربون، إلا أن هذه التوجهات ستكون على الأرجح أقل شدة بالمقارنة مع الإدارات السابقة.

على صعيد آخر، سيستمر بدفع الولايات المتحدة نحو الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة، مع التوسع في إنتاج النفط والغاز المحليين، وهو ما يتوقع أن يخفف من اعتماد البلاد على واردات الطاقة من الدول الأخرى، ويقلل من النفوذ الدولي في هذا المجال.

الاقتصاد المحلي

يعرف عهد ترمب بسياساته الاقتصادية التي تهدف إلى خفض الضرائب وتخفيف القيود التنظيمية على الأعمال والشركات، ومن المرجح أن يتابع تنفيذ تلك السياسات بهدف تحفيز النمو الاقتصادي وزيادة الوظائف، بخاصة في قطاع التصنيع الذي يلقى اهتمامه الخاص. سيستمر ترمب في توجيه دعم كبير للقطاع الصناعي لتقليل الاعتماد على الواردات الأجنبية، خصوصاً من الصين. ومن المتوقع أيضاً أن يزيد من دعمه للمزارعين وصغار الأعمال، بخاصة في المناطق الريفية التي كانت من أبرز داعميه في الانتخابات.

الهجرة والسياسات الحدودية

من المعروف أن الهجرة كانت محوراً أساسياً في سياسة ترمب، وينتظر أن يتبع نهجاً أكثر صرامة في التعامل مع الهجرة غير الشرعية وحماية الحدود الأميركية. وسيواصل تعزيز تمويل أجهزة الهجرة ووضع قوانين أكثر تشدداً، وربما يسعى لاستكمال بناء الجدار الحدودي مع المكسيك. من جهة أخرى، قد يسعى إلى إقرار سياسات هجرة جديدة تهدف إلى جذب العمالة الماهرة، لكنه سيعمل في الوقت نفسه على تقليل الهجرة غير الشرعية والحد من تأثيراتها في الاقتصاد والمجتمع الأميركيين.

القضاء والحقوق المدنية

بإعادة انتخابه، سيواصل ترمب تأثيره الكبير في المحاكم الفيدرالية والمحكمة العليا، حيث قد يواصل ترشيح قضاة يتميزون بتوجهات محافظة، وهو ما سيؤثر في قرارات عدة قضايا رئيسة، مثل الإجهاض والمثليين وحقوق الأقليات العرقية. هذا التوجه سيحدث انعكاسات كبيرة على المجتمع الأميركي، حيث يتوقع أن تزداد حدة الانقسامات الأيديولوجية حول قضايا الحقوق المدنية، وأن تكون الأحكام القضائية متأثرة بشكل واضح بالتوجهات السياسية المتشددة.

الوحدة والانقسام السياسي

ترمب أمام تحدٍ داخلي كبير، يتمثل في الانقسام السياسي الواضح داخل الولايات المتحدة؛ حيث يقف المجتمع الأميركي على طرفي نقيض بشأن القضايا الاجتماعية والسياسية. من المتوقع أن يشهد عهده الثاني جهوداً حثيثة لمعالجة هذه الانقسامات، لكن التحديات ستظل كبيرة في ظل اختلاف الرؤى بين مختلف الأطراف. ربما يتجه إلى تكثيف التواصل مع الفئات الشعبية التي دعمت سياساته، بخاصة تلك التي تأثرت إيجاباً بالتحسن الاقتصادي، مع السعي لتقليل أثر المعارضين لسياساته عبر إجراءات قد تتسم بالقسوة أحياناً.

خاتمة

يعِد عهد ترمب الثاني بتغيير ديناميكيات السياسة الأميركية محلياً ودولياً. ستكون القرارات المتخذة خلال السنوات المقبلة مؤثرة بشكل كبير من تعزيز العلاقات مع بعض الدول وزيادة الضغط على أخرى إلى التركيز على تقوية الاقتصاد الأميركي ومحاولة تعزيز وحدته الداخلية. في هذا السياق، قد يستمر ترمب في تبني سياسات جريئة، غير مكترث بالانتقادات أو الضغوط، مما سيجعله يظل، كما كان دائماً، موضع جدل واسع ونقاش عميق في الداخل والخارج.

المقاله تعبر عن راي كاتبها