العلم يعيد رسم حدود بداية الشيخوخة فهل تصدق أرقامه؟

صحافي بريطاني يدقق في الأدلة الجينية التي يتناولها أجد البحوث عن التقدم في العمر

ويل غور المحرر التنفيذي

أظهرت دراسة علمية أن قفزتين تحدثان في منتصف الأربعينيات وأوئل الستينيات، تسيران بالجسم إلى الشيخوخة. ومع تصديقه الكامل بالعلم، يرى صحافي بريطاني أن الإرادة والتفكير المتجدد والرياضة تتحدى مسار التقدم في العمر

هناك لقاح ضد مرض مرعب؟، حسناً، سآخذه. الارتفاع في حرارة الأرض ناجم عن نشاط البشر؟، بالطبع، إنه لكذلك. ماذا بالنسبة إلى القائلين بتسطح الأرض؟، لنلقِ بتلك الآراء في سلة المهملات. في معظم الأشياء، سِرتُ خلف العلم بسرور.

في المقابل، أصابني القلق هذا الأسبوع عقب اطلاعي على بحث أنجزه فريق من جامعة ستانفورد بالولايات المتحدة، ووجد أن البشر لا يتقدمون في العمر بطمأنينة وبهامة مرفوعة. لسنا نتحدث عن شيء يحاكي طريقة الممثل ميكي رورك في الشيخوخة، فأنا أرى أن العمليات التجميلية خيار شخصي. [يرى كثيرون أن رورك أفرط في استخدام عمليات التجميل للمحافظة على مظهر شبابي في الوجه، لكنها أحدثت نوعاً من التشوه في ملامحه]. بالأحرى، لقد وجد العلماء أن عملية التقدم في السن لا تسلك مساراً متدرجاً، بل تحدث عبر قفزتين دراماتيكيتين، أولاهما في منتصف الأربعينيات والثانية مع دخول عمر الـ60 سنة.

وبوضوح، وجدت الدراسة أننا نتعرض لتغييرات في الجزيئات الجينية في هذين الوقتين من حياتنا، من شأنها أن تؤثر في صحتنا وحُسن حالتنا. بالتالي، فحينما تصل إلى عمر الـ42 تستطيع الاستمرار في لعب كرة القدم في الباحة العامة للحي، ثم تختم يومك بشرب ثمانية أكواب من البيرة في الحانة. وفي عمر الـ46، قد تستطيع أيضاً الذهاب إلى نادي البولينغ المحلي، قبل أن تعود إلى المنزل في الوقت المناسب لتشاهد برنامج الألعاب التلفزيوني “كاونت داون” Countdown وتأكل طبق الشوفان مع الحليب.

في المقابل، لقد أثار ذلك البحث قلقي لأنه ربما فسَّر لي ما عانيته خلال الـ18 شهراً الماضية التي تلت دخولي سن الـ44، إذ شرع شعري الذي كان حتى حينئذٍ أسود وكثيفاً، في التضاؤل فجأة، وكذلك تكوّنت خطوط رمادية كبيرة فوق أذناي (للأسف، إنها أقل التماعاً من اللون الفضي في فرو الثعلب، وأقرب إلى الوبر الأبيض في حيوانات بادجر الثديية الصغيرة والآكلة للحوم). وحتى ذينك الأذنين، لقد أخذ الشعر يظهر في دواخلهما، ولم يكُن ذلك يحصل قبل ذلك.

وبعد ذلك، هناك مشكلات مفاصلي. وعلى مدى أعوام، كانت ركبتاي ضعيفتين، لكن الآلام في وركي وأصابع قدمي تشكل أموراً جديدة نسبياً. وقد طلبت الطبيبة العامة إجراء صورة أشعة سينية، لكنها لم تظهر أي شيء له دلالة خاصة، بالتالي، أفادت الطبيبة بأنها ترجح حدوث التهاب خفيف في تلك المفاصل.

بالطبع، لم أعُد أخرج قفزاً من السرير في الصباح، لكني بدلاً من ذلك أتلكأ وأتلوى فيما أحاول تمديد جسدي الذي أحنته السنوات. ولا يتعلق أمر الخروج من السرير بالصباحات وحدها، فقد بات هناك الآن أيضاً تكرار الذهاب إلى المرحاض في الليل، فيما يرغمني الأرق على الاستيقاظ عند الثالثة فجراً.

وباختصار، أبدو كحالة دراسية نموذجية بالنسبة إلى أصحاب المعاطف البيضاء الذين نهضوا بدراسة جامعة ستانفورد، إن هم سعوا إلى ذلك أصلاً. لقد وصلت إلى منتصف الأربعينيات من عمري، ثم انهار جسدي فوراً.

وعلى رغم ذلك، وبالضد من الأدلة الصارخة، أرفض تقبّل أنني وصلتُ إلى بداية تدهوري الأول الكبير.

وكمن يسعى إلى إثبات أنه لا يزال في قمة حياته، دخلتُ أخيراً في نظام يومي من التمارين الرياضية للمرة الأولى في حياتي على الإطلاق، ووضعت نصب عيني المشي لمسافة 20 كيلومتراً في الأسبوع. وحينما يقترح ابني لعب التنس أو تنس الريشة أو التنس الرباعي المُصغَّر، في المركز الرياضي، ألتقط الفرصة بسرعة، بدلاً من الامتعاض.

وأخيراً، أدركت أن الطريق المعبدة الموصلة إلى الحديقة، باتت في حاجة إلى إعادة تعبيد وإعادة توجيه. وقبل خمسة أعوام، ربما كنت سألجأ إلى شخص ما كي يسوّي تلك المسألة. أما الآن، مع ما تبقى لي من سلامة وقوة، قررتُ أن أتولى الأمر بنفسي.

وبصورة واضحة، كلما زادت التمارين ارتفعت الفائدة منها، ولعلها بالضبط الإجراء الذي يرجح أن يوصي به العلماء رجلاً يتقدم في السن. في ذلك الصدد، ربما يجب عليّ الترحيب بدراسة جامعة ستانفورد بوصفها نوعاً من التطمين مفاده بأن ما يعانيه جسدي ليس أمراً خارجاً عن المألوف، بالتالي، يجب أن أُحس بشعور إيجابي حيال أنني نهضت بالفعل بأشياء كاستجابة لتلك التغييرات الجسدية.

ولكن، اعتراضي الفعلي على دراسة ستانفورد لا يأتي من خوفي حيال تقدم جسدي في العمر، بقدر ما إنه يتمثل في أنني لا أفكر بنفسي بصورة مختلفة عما فعلته حينما كنت في الـ35، أو في العشرينيات من عمري، أو حتى قبلها. ربما كانت هناك تقلبات جسدية، لكني كثيراً ما تعاملت معها بارتياح لأن نظرتي العامة إلى الحياة، بما في ذلك نظرتي إلى نفسي، لم تعانِ تغييراً كبيراً بصورة فعلية. لا أرغب في أن يأتي عالم في الجزيئات الجينية كي يحطم أوهامي القائلة بأن التقدم (أو عدم حدوث ذلك) في العمر، أمر يتعلق بقوة الإرادة، وأنا بغنىً عن ذلك، مع كل الشكر له.

إذاً، لا، لن أتبع هذا البحث العلمي. وليحاول اللحاق بي إذا رغب في ذلك، لكن سيجب عليه أن يحاول الإمساك بي أولاً، وكذلك أعترف أستطيع الفرار، على رغم أوراكي البائسة.

© The Independent