يقول علماء إن وجودها لم يستمر فاندثرت قبل أن يتسنى لها الانتشار على مستوى العالم
فيشوام سانكاران
تشير دراسة جديدة إلى أن الحياة المعقدة على الأرض ربما بدأت قبل 1.5 مليار عام مما كان يعتقد سابقاً، مما يغير فهمنا للجدول الزمني لتطور الحياة على الكوكب
أفادت دراسة صدرت نتائجها أخيراً بأن صوراً معقدة من الحياة ربما نشأت في محيطات كوكب الأرض قبل نحو مليار ونصف المليار عام مما كان يعتقد سابقاً.
تذكيراً، تشير دراسات سابقة إلى أن الحياة الحيوانية لم تظهر على سطح الأرض إلا قبل نحو 635 مليون عام مضت، وكان وجودها رهناً بصورة أساس بتوافر عنصر الفوسفور [تتطلب الحياة كما نعرفها عنصر الفوسفور لأنه واحد من ستة عناصر كيماوية رئيسة في الحياة هي الكربون والهيدروجين والنيتروجين والأوكسجين والفوسفور والكبريت].
ثم في “العصر الإدياكاري” Ediacaran era، الذي امتد بين 635 و541 مليون عام مضت تقريباً [استمر 94 مليون عام تقريباً]، ظهرت صور حية شبيهة بالحيوانات ذات أجسام رخوة، في وقت ارتفعت تركيزات الفوسفور الذائب في مياه البحر، وذلك عقب حدوث أنشطة كثيفة حول العالم في حركة الصفائح التكتونية [الصفائح التكتونية تشكل الطبقة الخارجية من سطح الأرض والمسماة الغلاف الصخري “الليثوسفير”].
ولكن البحث الأحدث في هذا المجال، والمنشور في مجلة “بريكامبريان ريسيرش” Precambrian Research، يدعي أنه قد اكتشف علامات محتملة على وجود صور معقدة من حياة حيوانية [الانتقال من كائنات وحيدة الخلية إلى صور حياة متعددة الخلايا] بدأت على سطح الأرض منذ 2.1 مليار عام مضت.
ويظن الباحثون وبعضهم من “جامعة كارديف” البريطانية أن التكوينات الغامضة الموجودة في المستودعات الرسوبية التي تبلغ سماكتها نحو 2.5 كيلومتر والتي اكتشفوها في مدينة فرانسفيل داخل الجمهورية الغابونية، من شأنها أن تحوي حفريات محفوظة لتلك الصور المبكرة من الحياة.
ولكن مع ذلك، يقول الباحثون إن تلك الصور المبهمة من الحياة ربما اندثرت قبل أن يتسنى لها أن تنتشر في أنحاء العالم.
وفي الدراسة، عمل العلماء على تحليل التكوينات الصخرية الغابرة في القدم وغير المألوفة التي عثروا عليها داخل جمهورية الغابون، علهم يعرفون ما إذا كانت احتوت على عناصر كيماوية تعد من علامات الحياة على الأرض، من قبيل الأوكسجين والفوسفور.
وفي النتيجة، اكتشفوا أدلة على دفق شديد ومفاجئ من مياه غنية بالفوسفور تصب في جزء من قاع المحيط، وتشكل خزاناً حيث ربما تكون قد ظهرت صور مبكرة من الحياة المعقدة.
وكتب الباحثون في الدراسة “نرى أن ذلك الدفق المحلي غير المكتشف سابقاً في تركيز الفوسفور الذائب في مياه البحر، يماثل في حجمه مستويات مياه البحر في العصر الإدياكاري”.
ويقولون إنه منذ ما يربو على ملياري عام مضت كانت الرواسب الصخرية المكتشفة في الجمهورية الغابونية جزءاً من قاع البحر منفصل عن المحيط العالمي، الذي حافظ على كميات ثابتة من الفوسفور والأوكسجين.
ويوضح العلماء أن العنصرين الكيماويين المذكورين تركزا على الأرجح في الصخور نتيجة تصادم صفيحتين قاريتين تحت سطح الماء ونشوء نشاط بركاني.
كذلك يعتقد الباحثون أن ظروفاً على هذه الشاكلة من شأنها أن تكون تسببت في ظهور “بحر داخلي ضحل وغني بالمغذيات”، وسمحت بنشوء “مختبر” لتطور صور معقدة من الحياة”.
وكتبوا في الدراسة أن الزيادة المفرطة في المواد المغذية أدت إلى نشوء أحافير استعمارية كبيرة في مناطق معينة”.
ويتوقع العلماء أن هذه الظروف ربما كانت مواتية للكائنات الحية البدائية كي تنمو بصورة أكبر وتكتسب سلوكاً أكثر تعقيداً.
ومع ذلك، يقولون إنه لما كانت الرواسب معزولة عن المحيط ولا منفذ أمامها لتجد طريقها إليه، فربما لم تحتو على عناصر غذائية كافية تسمح لها بدعم وجود شبكة من الغذاء.
© The Independent