رحلة القهوة من مجالس الصوفية إلى صباحات ستاربكس
يستهلك العالم اكثر من ملياري فنجان من القهوة يوميا
بمجرد أن تستيقظ في الصباح وتعمل على إشباع حاجة مُخّك الغامضة إلى القهوة، عليك أن تدرك يا عزيزي أنكَ سقطتَ فريسةً بريئةً لجعل القهوة جزءاً أساسياً من تفاصيل الحياة اليومية.
وليس عليك أن تتعجَّب من ذلك، لا سيما أنك مستمتع -حالنا جميعاً- في هذا الفخ المنصوب لنا منذ قرنٍ كامل.
فكلُّ استغرابٍ سيزول حين تعلم أن كل فنجانٍ ترتشفه (مثل المثقفين تماماً)، فأنت تربط نفسك بعلاقةٍ غير مرئية مع الشركات التي توظف خبراء تسويق على أعلى مستوى، وتضخ ملايين الدولارات في الدعاية للقهوة، كي تُضفي هالةً من البهاء على الفنجان الذي تشعر معه بعلاقة عاطفية مضمرة الدوافع.
وبالطبع كل حديث عن تسخير ملايين المزارعين في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، لإنتاج المشروب الذي تستهلكه، قد يكون مملاً. فقد تعتبر أن طبيعة الأشياء تمضي هكذا، ثم تسأل نفسك: أيُّ شيءٍ جميل وثمين في العالم لم يكن وراءه تاريخٌ دامٍ ورهيب؟
رغم استهلاكها بشكلٍ متفاوت بين الدول، إلا أن القهوة تحظى بشعبيةٍ كبيرة وتُصنّف على أنها أحد أكثر أنواع المشروبات انتشاراً في العالم، إذا لم نقل الأكثر انتشاراً. ولعلّ بعضنا يكاد لا يتصوّر حياته خالية منها، ويسأل: كيف كان شكل الحياة من دونها؟
يستهلك العالم يومياً أكثر من مليارَي فنجانٍ من القهوة، ليتحوّل هذا المشروب إلى محرّكٍ أساسي لعجلة الاقتصاد في عددٍ من الدول؛ آخرها الصين، التي انضمّت إلى قائمة الدول التي تستهلك كميات كبيرة من القهوة يومياً، ليشقّ هذا المشروب طريقَهُ بقوة وسط ثقافة الشاي السائدة منذ قرون.
إذا كنتَ شغوفاً بالقهوة، وتعتمد على الكافيين لتُنجز أعمالك ومهامك اليومية، فاطمئن: أنت لستَ وحدك. فتأثير القهوة نفسي بالدرجة الأولى، وهو الأكثر شيوعاً عنها، ولكن هناك أدلة دامغة تُشير إلى أنها تعزز التركيز.
شَقّ هذا المشروب الساحر طريقه بصعوبةٍ وغرابة، ووصل إلى كلّ ركن من أركان الكوكب تقريباً. لكن خلف وصول القهوة إلى “ستاربكس” تاريخٌ حافل بالأسرار والأساطير، ونزاعاتُ استعمارية سَقَطَ فيها آلاف الجنود، إضافةً إلى حروب الجواسيس لتهريب “شجرة البن”.
رافق كل ذلك تواريخ جرى ترميمها عن سلعةٍ دائماً ما تُقدَّم معزولةً عن ارتحالاتها، وعن أيدي منتجيها أنفسهم بالطبع.. فهكذا تعمل الرأسمالية كما نعلم، لكن هل يمكن عزل القهوة عن أصلها العربي؟
الإجابة باختصار: سيبقى هذا المشروب الساحر علامة فارقة دالة على حياة تلك الأمة، وستغدو الحياة العربية إطاراً لسرد حياة القهوة. وتلك العلاقة لا يمكن أن يمحوها خبراء التسويق مهما صوّروا مزارعين لاتينيين سعداء (على عكس الواقع) فوق شجرة البن.
انطلاقاً من هنا، دعنا نأخذ من وقتك قليلاً لنطرح ونجيب عن السؤال التالي:
ما هو تاريخ القهوة؟ متى اكتُشفت؟ وهل صحيح أن راهباً يمنياً صاحب الفضل في ذلك؟ كيف وأين بدأ إنتاج البن وتحميصه، قبل تصديره إلى كل العالم، ليتحوّل إلى المشروب الأكثر استهلاكاً بعد المياه، وفقاً لـ”جمعية القهوة الوطنية” (NCA) الأمريكية؟
أصل البن من أصل الإنسان
هل تعلم أن الشفرة الوراثية بين الإنسان والبن متطابقة إلى حدٍّ مثير للذهول، بنسبةٍ قد تصل إلى 60%؟
أقدم جمجمة بشرية عمرها 60 ألف عام وقد وُجدت في إثيوبيا، كذلك الأمر بالنسبة إلى شجرة البن؛ فإن أقدم وجود لهذه الشجرة سُجّل في المناطق التي تقع ما بين جنوب السودان، والحبشة، وكينيا.
لم يكن الناس يعرفون ما هي هذه الشجرة وما إذا كانت صالحة للاستثمار، وما الذي ينتج منها. كانت مجرد شجرة بريّة موجودة في الجبال، من دون أن تكون مزروعة بشكلٍ نظامي.
ولم تكن شعوب هذه البلاد ترى سوى أنه يصدر عن هذه الشجرة أزهار بيضاء قبل أن تُثمر حبوباً حمراء ودائرية الشكل، من دون أن يعرفوا أنه كان بالإمكان استخدام هذه النبتة والاستفادة منها. وحتى عندما قشّروا الحبوب، وجدوا أن بذور البن صلبةٌ وقاسية غير قابلة للأكل.
يُقال إن بعض القبائل الإفريقية كانت تلوك الحبوب الحمراء التي تنتج عن شجرة البن، وكأنها علكة، فقط من باب سدّ الجوع. لكن السؤال الأساسي والأزلي الذي بقيَ من دون إجابة حتى اللحظة هو:
كيف وصلت شجرة البن إلى اليمن، أول البلدان التي عرفت كيف تستفيد منها وحوّلت حبوبها إلى قهوة؟ هل كانت هذه الشجرة موجودة أصلاً في جبال اليمن، أم أنهم استحضروها بعدما عَبَروا المضيق إلى الحبشة؟
هذا غير واضح حتى اللحظة تاريخياً؛ مع العلم أن الجانب الإفريقي المطل على اليمن، مثل إريتريا والصومال وصولاً إلى مدغشقر -ما عدا الحبشة- كان جانباً شبه عربي؛ لأن شعوبه كانت تتكلم العربية وتكتب بالحروف العربية.
أول إشارة حول استخدام شجرة البن وطبخ حبوبها والاستفادة منها تأتي من اليمن. فالتاريخ واضح في هذا الإطار، اليمنيون هم أول من طبخوا البن في القرن الخامس عشر، وهناك إشارة تاريخية إلى أسماءٍ صريحة مثل: الإمام الذبحاني، والإمام العيدروس، والإمام عمر الشاذلي؛ وجميعهم أئمة صوفيون من أئمة اليمن.
لا جدال حول أن العرب أول من عرف القهوة. كل الأدلة التاريخية تُشير إلى أنهم أول من طبخ القهوة وشربها لسنواتٍ طويلة جداً، قبل أن تتناقلها الحضارات الأخرى.
أساطير عن القهوة
لا توجد مراجع كاملة وشاملة عن تاريخ القهوة وبدء استخدامها مشروباً، بالشكل الذي هي عليه اليوم، بل مجرّد أساطير ومقاطع هنا وهناك عن علاقة العرب بالقهوة.
لعلّ كتاب “طبقات الصوفية” لأحمد الشرباصي وعبد الرحمن محمد بن الحسين، والذي نُشر للمرة الأولى عام 1960، كان أول من تتبع تاريخ علاقة العرب بالقهوة، وقد تضمن طرقاً تاريخية أولية عن القهوة في العالم.
لاحقاً انتشرت روايات مختلفة عن تاريخ القهوة كانت أقرب إلى أساطير، روّجتها الإمبراطورية البريطانية، وربطتها بإثيوبيا (الحبشة قديماً).
إحدى هذه الروايات تقول إن راعياً إثيوبياً يُدعى “كالدي” لاحظ سلوكاً غريباً اعترى غنماته في حوالي عام 700. بدت أكثر حيوية ونشاطاً، بل وأكثر مرحاً وسعادة أيضاً. وبعد التحري، اكتشف أن الماعز تناولت حبات صغيرة من نبات البن.
قرر الراعي تناول الحبات مُرَّة المذاق بنفسه، ولاحظ أنَّه صار بدوره أكثر نشاطاً. فهرع إلى أقرب دير حاملاً حفنة من حبات القهوة. وحين أخبر الراهب بتأثيرها، لم يرُقه ما سمع، وسأل الراعي: هل أنت مجنون؟
ثم ألقى بحبات القهوة في النار، وسرعان ما انتشرت رائحة البن المحمص في المكان، التي أغرت رهباناً آخرين بالتجربة. فتناولوا الحبات المحمصة الساخنة وأضافوا إليها القليل من الماء لتبرد، ثم احتسوا السائل الناتج، معلنين ولادة أول فنجان قهوة في العالم.
هذه الرواية الشهيرة عن تاريخ القهوة ما هي إلا أسطورة، نقلها رحالة إيطالي عندما عاد إلى بلاده وكتب عن رحلته في كتاب بعنوان “نقاشات القهوة” باللغة اللاتينية، تلقفه مؤرخون إنجليز عام 1750 بعد نحو 300 سنة من اكتشاف القهوة وطبخها وانتشارها وتجارتها في شبه الجزيرة العربية.
يقول الرحالة الإيطالي إن كبار السن في إثيوبيا أخبروه قصة راعي الغنم، وللمفارقة فإنه كتب عن القهوة اليمنية كذلك في الكتاب نفسه، وكيف تُطبخ وتُشرب، بعدما زار اليمن وعاش فيه لفترة، لكنه نسَبَ نشوءها إلى الأسطورة التي سمعها في إثيوبيا (الحبشة).
أسطورية الرواية متعلقة بالشق الذي يتحدَّث عن الغنمات التي بدت أكثر حيوية ونشاطاً، بعدما تناولت حبات صغيرة من نبات البن. والحقيقة العلمية أن بذور البن لو أعطيت إلى الإنسان أو الحيوان ليأكلها من دون تحميصها، فلن يكون لها أي تأثير، لأن تأثير الكافيين لا يظهر إلا بعد تحميص حبوب البن.
وأساساً، فإن القهوة -كمشروب- وصلت إلى سواحل إفريقيا، مثل إثيوبيا والصومال، بعد وصولها إلى شبه الجزيرة العربية بسنواتٍ كثيرة. ما يعني أن تلك الرواية عن الراعي غير صحيحة تاريخياً أيضاً.
روّج الإنجليز لهذه الرواية التي كتبها الرحالة الإيطالي بعدما أعجبهم “النَّفَس الأسطوري” فيها، ووقتئذٍ كانت الإمبراطورية البريطانية في أوج نفوذها وقوتها، والأهم أن الإنجليز كانوا مسيطرين على كتابة التاريخ.
لكن الحقيقة التاريخية أن الصوفية اليمنية هم من اكتشفوا نبتة البن التي تنتج القهوة، وهم أول من عرف وشرب القهوة بشكلها الحالي، شاء الإنجليز ذلك أم أبوا.
القصة الحقيقية لاكتشاف القهوة
في كتابه “سفر القهوة” الذي صدر للمرة الأولى في أبريل/نيسان 2022، كتب الرحالة الكويتي عبد الكريم الشطي (كما يُحب أن يعرّف عن نفسه) أن أول استخدامٍ تاريخي للفظ “القهوة” بدأ في العام 1400.
وقد كانت الكلمة تُطلق على المشروبات الساخنة بشكلٍ عام. قبل ذلك التاريخ، لم تكن الناس تتناول المشروبات الساخنة إلا للعلاج ومع الدواء. فقارَّات كاملة، مثل أوروبا وإفريقيا، لم تكن تعرف شيئاً عن المشروبات الساخنة آنذاك.
كانت شعوبها تشرب المياه والعصائر أو النبيذ، في حين كان الصينيون واليابانيون والكورويون هم فقط من يتناولون المشروبات الساخنة (الشاي الساخن لنكون أكثر دقة).
بعد العام 1400 انتقلت هذه العادة إلى العالم العربي، وتحديداً إلى بلاد الشام واليمن الذين صاروا يطلقون على المشروبات الساخنة اسم “القهوة”، حتى أن هناك بعض المراجع التي تُشير إلى قهوة القات (نبتة القات)، إذ كانوا يغلون أوراق النبتة ويشربونها.
بعد 50 سنة تقريباً، برز مشروب القهوة ولكن ليس بشكله الحالي، بل كان عبارة عن غلي أوراق شجرة البن وشرب مياهها. وحين لم يحبّه الناس، تحوّلوا إلى قشر القهوة، النبتة الخارجية أو الفاكهة.
كانوا يرمون البذر (الذي نشربه اليوم) ويأخذون الفاكهة ثم يضعونها في مياه مغلية، يصفّونها ويشربونها، وكانوا يسمّونها “قهوة القشر” ويفرّقونها عن قهوة القات أو قهوة النعناع وغيرها. وهذه العبارة موجودة في المراجع الصوفية التي يُشير بعضها إلى أن فلاناً شرب “قهوة القشر”.
ظلوا على هذا المنوال نحو 75 سنة، كانوا يشربون الثمار ويرمون البذر. بعد ذلك، بدأوا يضعون الفاكهة الكاملة مع بذورها في المشروب، فصارت القهوة مخلوطة ومكوّنة من الفاكهة والبذور.
في مرحلة لاحقة، أخذوا البذور فقط وبدأوا يحمّصونها بشكلٍ أو بآخر وشربوها بشكلٍ منفصل، فأطلقوا على هذا المشروب اسم “القهوة البنية”.
قهوة القشر كانت للاستخدام المحلي، لليمنيين أنفسهم، فيما خُصّص إنتاج القهوة البنية للتصدير الخارجي. فبعدما انتعشت تجارة القهوة، تبيّن أن القهوة البنية كانت مربحة تجارياً وعليها إقبالٌ كبير.
أخذت المسألة ما يقارب 200 سنة حتى انتقلت القهوة من مشروبٍ محلي في اليمن إلى السلعة الأكثر تداولاً، بعد النفط، على ظهر البسيطة. لكن لمن يُنسب الفضل في الترويج لهذا المشروب السحري؟
صوفية القهوة
استخدمت الجماعات الصوفية في اليمن القهوة مُنبِّهاً يساعد المريدين على السهر في حلقات الذكر التي كانت تستمر طوال الليل تقريباً، حتى أصبحت جزءاً من طقوس التعبد الصوفي.
رأى المتصوفة في القهوة بديلاً حلالاً للخمر، وأصبغوا عليها كل الدلالات التي سبق أن مُنِحَت للخمر، فتغنّوا بها شعراً ونثراً، وارتقوا بها إلى مقام الرمز.
أقدم مرجعٍ تاريخي عن القهوة يشير إلى الإمام الذبحاني (العلامة المفتي اليمني الصوفي جمال الدين أبي عبدالله محمد بن سعيد) باعتباره أول من اكتشف القهوة التي نعرفها اليوم.
والحقيقة أن لفقهاء القرن التاسع وأوائل القرن العاشر الفضل الأكبر في البحث عن تاريخ القهوة. فقد أسهب الكثيرون منهم ضمن مجموعة فتاوى، أو رسائل، في مدح هذا المشروب، جُمعت كلها في كتاب “عمدة الصفوة في حل القهوة” للشيخ العراقي عبد القادر بن محمد الجزيري.
يرتبط الشرب الجماعي للقهوة بتاريخ “الطريقة الشاذلية” التي أسّسها الشيخ المغربي أبو الحسن الشاذلي (1196 – 1258). ومن المتعارف عليه في الأوساط الصوفية أن الشاذلي هو من أدخل احتساء القهوة في طقوس العبادة آنذاك.
يُقال إن هذا المشروب كان يُعينه على السهر وينشّطه للصلاة وتلاوة القرآن والأوراد الخاصة بطريقته.
وهناك نصّ يُنسب لأبي الحسن الشاذلي، يروي فيه كيف دلّ مريده ووريثه في اليمن، علي بن عمر القرشي الشاذلي، خلال لحظات سكرات الموت، على المكان الذي وجد فيه القهوة وحثّه على لزوم شربها أو لوكها (مضغها).
ويقول الشاذلي: “عند موته أعطى أبو الحسن لمريده كويرة من الخشب وأمره أن يسافر ولا يتوقّف إلّا في الموضع الذي لا تتحرّك فيه الكويرة (والكويرة هي خلية نحل داخل علبة خشبية). سافر المريد حتى بلغ مدينة مخا، الميناء اليمني، وبرح بها”.
يُنسب للشاذلي أنه أول من روّج لمشروب القهوة، وكانت البداية من مدينة المخا، الذي يُعتبر الشاذلي مؤسّسها الروحي.
حينها، كانت المخا مدينةً مهملة، لكن علي بن عمر الشاذلي انتقل للعيش فيها وطلب من الناس زراعة البن. غير أن سلطان المدينة أمر بنفيه إلى الجبال، حيث عاش مع ثلّةٍ من أصحابه على ثمر شجرة القهوة وتحضير المشروب بحبّتها.
وحين بلغ الناسَ خبر قدرة المشروب على مداواة بعض الأمراض، توافدوا عليه. حينها عفا السلطان عن علي بن عمر، الذي نزل من جديد إلى مدينة مخا بالقهوة، التي كانت سبب شهرة المنطقة إلى يومنا هذا.
توسّعت المدينة تدريجياً إلى أن أُنشئ فيها ميناء مخا الشهير، الذي صار مسؤولاً عن تصدير القهوة حتى العام 1800، وإليه تعود تسمية قهوة “الموكا” الشهيرة.
ارتبطت بعض الشعائر عند صوفية اليمن بمشروب القهوة، من بينها مثلاً تلاوة الاسم الإلهي “يا قوي” 116 مرة، لأن لفظ “قوي” في علم الحروف والأرقام (وله أهمية كبرى عند الصوفية) له القيمة الرقمية نفسها لكلمة قهوة.
وبالتالي تُشكّل نفس القوة التي تَنتُجُ عن شرب القهوة، ولها نفس الميزة؛ حيث إن مِن بين معاني كلمة قوي أن تكون المَعِدَة فارغة، وهو كان شرطاً أساسياً للقهوة حينها. كما كانوا يرتّلون سورة “يس” عند شربها، أو يصلّون على النبي.
تأتي أيضاً شخصية صوفية ثالثة لها الفضل في كلّ ذلك، وقبل الجميع، وهو الإمام أبو بكر العيدروس. يرجع في نسبه إلى رسول الله، وكان من أهل حضرموت، لكن والي عدن دعاه إلى مدينته وفتح له مسجداً وداراً ليقيم فيهما، لذلك لُقّب لاحقاً بـ”أبي بكر العدني”.
يُقال إن العيدروس هو من أحضر البن إلى اليمن من إثيوبيا، كما يُقال بأنه أكثر من ساهم بشهرة القهوة نظراً لكونه الشخصية الروحية الأولى في اليمن -لا يزال العدنيون يحتفلون إلى الآن بيوم دخول أبي بكر العدني إلى عدن- ولأنه كان يشرب القهوة صباحاً ومساءً.
ارتبطت القهوة إذاً بالثقافة الصوفية وصارت مرادفاً لها، وكانت جزءاً من جلسات الذكر. وبالصدفةِ والتصادف كانت طقوس شرب القهوة تشبه إلى حدٍّ كبير طقوس شرب الخمر، لأنها كانت تشربُ جماعياً. وهو ما تسبّب أحياناً في تحريمها لدى بعض الفقهاء.
إذ كان يوضع قِدرٌ كبير من القهوة في منتصف الجلسة، بداخله مِغرَافَةٌ وتحته النار، وتُشرب مُيَامَنَةً (من اليمين). يغرف الأول ويشرب، ثم يعطي الدور لمن يجلس إلى يمينه، فيغرف هو الآخر ويشرب قبل أن يأتي دور من يجلس إلى يمينه، وهكذا دواليك.
“مشروب كلّ سفيه”.. فاصلٌ من التحريم
.هاجم بعض الفقهاء القهوة؛ لأن شربها وتداولها مشابِهٌ لطريقة شرب وتداول الخمر. كما أنه، وبعد خروج القهوة من اليمن ووصولها إلى مكة، بدأت ترتبط بـ”مجالس البطَّالين”، الذين كانوا يأخذون معهم قهوتهم.
ومجالس البطالين كانت عبارة عن مجالس الأنس والسمر والغناء، فأطاحت بالبُعد الرمزي للقهوة، لا سيما حين بدأ يتم خلطها بالأفيون والحشيش.. وهو ما استفز بعض الفقهاء، فسعوا حثيثاً إلى تحريمها.
صاحب انتقالَ القهوة من مجالس الصوفية إلى مجالس الطرب تغير في مقاصد تعاطيها، فلم يعد الهدف منها تنشيط البدن من أجل الصلاة، وإيقاظ الذهن من أجل الذكر، بل أصبحت واحدة من جُملةِ جوّ احتفالي رأى فيه بعض الفقهاء انحرافاً يجب ردعه.
وفي هذه الأثناء تحولت بيوت القهوة في مكة وتباعاً في اليمن ومصر والشام إلى أماكن “مشبوهة”، يقصدها الذين لا يعبأون بالأعراف ولا بالقيم المحافظة. ولم يقتصر روادها على الذكور فقط، بل استقبلت النساء أيضاً، حتى قال عنها الشاعر علي جلبي بن هلال الحمصي:
“وما كان تركي شربها لكراهةٍ ** لكنها غدت مشروب كل سفيه”.
وفي كتابه “من التاريخ الثقافي للقهوة والمقاهي”، يروي محمد الأرناؤوط كيف شارك بعض الفقهاء الترفع الذي تمتع به الشاعر الحمصي، ورأوا أن “ما أكب أهل الفجور على تعاطيه ينبغي أن يجتنبه من يخشى الله ويتقيه”، كما قال الشيخ محمد بن محمد المولى أبو السعود، لكن “السلطات” في مكة لم تكتفِ بمجرد الترفع عن مشاركة “السفهاء” مشروبهم.
كانت مكة تعيش وضعاً سياسياً مضطرباً للغاية، بسبب الصراع بين أبناء الشريف محمد بن بركات على خلافته، بعدما توفي هو عام 1497. فتحوّلت إلى ساحةٍ للصراع بين الإخوة الأعداء: محمد، وهزاع، وأحمد، وحميضة.
وفي الوقت نفسه ظلت البلاد فريسةً لهجمات القبائل، وبشق الأنفس استطاع محمد تثبيت حكمه بدعمٍ مملوكيٍّ مصري -كانت مكة تابعة إدارياً للحُكم المصري في ذلك الزمن- فعمد إلى استخدام الشدة ليحافظ على استقرار الأوضاع.
وفي هذه الأجواء المتوترة يمكن تفهم لماذا كانت “بيوت القهوة”، التي يديرها يمنيون، تثير ريبة السلطة. فقد كانت حافلة بالمناقشات السياسية والنميمة على حدٍ سواء، وليست هناك نميمة أمتع من تناول بيوت الحكم بالغمز واللمز، كما هو الحال في كل الأزمنة.
فصدر قرارٌ أمني بحظر بيوت القهوة عام 1511؛ ولأن لغة الصراعات وقتئذٍ كانت دينية، استنفر العلماء لتحريمها بتوجيهٍ من السلطات. فعمدَ “خاير بك العمار” ناظر الحسبة في مكة، إلى عقد مجلسٍ لتداول النظر في أمر القهوة من الناحيتين الفقهية والطبية.
وكما هو متوقع لم يكن المجلس فرصةً لنقاشٍ حقيقي، إذ هيأ المحتسب الأجواء ومهّد الطريق لكي يحصل على فتوى تحريم؛ وهو ما ناله ببساطة وبما يشبه الإجماع، بعدما رفض فقيهٌ واحد تحريم القهوة وجرى “تجريسه” والتقليل من رأيه، ولم يذكره المحضر.
حرص خاير بك على تدوين محضر الجلسة من أجل إرساله إلى سلطان مصر، قنصوة الغوري، وفيه حاجج الفقهاء بأنّ النشوة الناتجة عن القهوة موجبة للتحريم، وأنها لو كانت مباحة فقد جرت إلى معصية (اللهو).
وقال شهود حضروا المجلس إنهم لمسوا أضراراً أصابت أبدانهم، جراء شرب القهوة، لأنها تُسكرهم، فيما أكد طبيبان مشاركان أن القهوة مُفسدة للعقل.
ورغم كل هذا الترتيب المُحكم، لم يفلح المحضر في استصدار مرسومٍ مصري بتحريم القهوة. اكتفى السلطان المملوكي بمنع المجاهرة بشرب القهوة في مكة، أو الدوران بها في الأسواق، لكنه استثنى المشروب نفسه من التحريم.
وبالتالي حقق الوالي غرضين: أولاً، تفهّم الدوافع الأمنية لمرؤوسيه الذين يواجهون وضعاً غير مستقر في البلاد يتطلب فرض سيطرة قصوى، قد تخلخلها التجمعات في بيوت القهوة.
وثانياً، حافظ الوالي بقراره هذا على الضرائب الناتجة عن تجارة البن، وكانت مصر مركزاً أساسياً لتجارة البن في العالم كله خلال ذلك العصر. حيث كانت مصر في العهد المملوكي المركز الرئيسي للتجارة بين الشرق والغرب.
ومع ذلك لم تتجاوز مجموعة من العلماء كراهيتها للقهوة؛ فحين سُئل الشيخ شباب الدين أحمد السنباطي الشافعي -أثناء مجلس وعظه بالأزهر عام 1535- عن حُكم القهوة وأفتى بحرمتها، تعصّب جماعة من الحضور وخرجوا إلى بيوت القهوة فكسروا أوانيها وضربوا صانعيها.
دفع ذلك بقاضي مصر، الشيخ محمد بن إلياس الحنفي، إلى استضافة مجموعة من مستقيمي الحال في بيته. وما حصل أنه أعدَّ لهم القهوة وظلّ يحادثهم طوال اليوم، ليختبر تأثيرها عليهم. وحين لم يلحظ تصرفاً مريباً منهم، أقرّ بحِلّ القهوة.
في حين أن بعض حالات حظر القهوة التاريخية لم تتح لها الفرصة لفترة طويلة، إلا أن جهود الإمبراطورية العثمانية لحظر القهوة استمرت لما يُقارب قرناً كاملاً، وربما كانت من أقوى حملات المنع في التاريخ.
بدأت عام 1633، عندما أصدر السلطان مراد الرابع حظراً على التجمعات في المقاهي في إسطنبول، خوفاً من أن يتجمع الناس فيها لنشر الأفكار المناوئة له وإثارة الفوضى الاجتماعية.
لم تتحسن الحملة عندما وصل خليفة مراد إلى السلطة. ففي ظلّ الحاكم التالي، كان من يشرب القهوة يتعرض للضرب في المخالفة الأولى، ويتم القبض عليه في المرة الثانية، فيما يُعتقد أن بعض المخالفين واجهوا حُكماً بالسجن أو الإعدام.
ورغم ذلك، كان الناس لا يزالون يشربون القهوة. ويشير موقع History إلى أن الحظر على القهوة والمقاهي، في الدولة العثمانية، استمر حتى القرن الثامن عشر. فاستمرّ الناس في شرب القهوة سراً.
بحلول ذلك الوقت، انتشرت القهوة بشكل كبير خارج سيطرة الإمبراطورية. ولم يعد المسلمون وحدهم من يواجه علاقة إشكالية مع القهوة، فبعض رجال الدين المسيحي أيضاً.
مع بداية القرن 17، أطلقت مجموعة من الرهبان الكاثوليك في إيطاليا على القهوة لقب “مشروب إبليس”، بعدما اقترن بحقيقة أنه كان المفضّل لدى المسلمين. ففرضوا حظراً كاملاً عليه. وحين وصل الأمر إلى البابا كليمنت الثامن، قرّر أن يجرب القهوة بنفسه، والمفاجأة أنه أحبّه كثيراً.
ووفقاً لبحثٍ نُشر في أرشيف صحيفة The New York Times الأمريكية، قيل إن البابا أعلن: “هذا المشروب الشيطاني لذيذ للغاية، وعلينا أن نخدع الشيطان بتعميده، ونجعله مشروباً مسيحياً بحق”.
لكن الأمر لم يكن مباراة في الفتوى فحسب؛ فالمقاهي، بخلقها جواً سياسياً متحرراً من سطوة السلطة، مثلت خطراً محيقاً على الحكومات. وخوفاً من ثورة محتملة، أمر تشارلز الثاني بحظر القهوة وإغلاق المقاهي تباعاً عام 1672 ثم 1675، لم يُنفذا بسبب المعارضة الشعبية. فقد سقط الإنجليز في حب القهوة.
من العالم الإسلامي إلى العالمية
على مدار أكثر من 5 قرون، ظلت القهوة مشروباً عربياً إسلامياً لا تشاركهم فيه أي منطقة حضارية أخرى، حتى وقع حصار مالطا العظيم 1565.
خلال الحصار، تمكن فرسان القديس يوحنا (وهو تنظيم منحدر من زمن الحروب الصليبية) من صدّ جيش العثمانيين. وأثناء الاشتباك وقعت مجموعة من المسلمين في الأسر، وتحولت تلقائياً إلى “عبيد”.
وبعد عودة الحياة إلى طبيعتها، استمرّ الأسرى العثمانيون في إعداد القهوة بالزاد القليل الذي احتفظوا به، فلفت هذا المشروب أنظار سكان جزيرة مالطا الذين وقعوا في غرامه.
ويقال إن العثمانيين تركوا كمية كبيرة من البن في مخيمٍ مهجور، جرى استخدامها في مقاهٍ يديرها عثمانيون، وكانت هذه أولى خطوات القهوة خارج الحاضنة الإسلامية.
في نهاية القرن 16، بدأ الرحالة والتجار الأوروبيون بتذوق القهوة في الأقاليم الإسلامية لكنهم لم يكونوا مهتمين بنشرها في بلادهم.
ويُشار إلى أن أول مقهى (Coffee shop) أوروبي تمّ افتتاحه في البندقية عام 1645؛ وفي ظرف عَقدٍ واحد من الزمان، صارت بعض المدن الإيطالية مرتعاً للمشروب العربي الساحر.
لم يتأخر الإنجليز طويلاً عن التمتع بمباهج القهوة. فقد شهدت لندن افتتاح أول مقهى في العام 1652 على يد الشاب اليوناني باسكوا روزي، الذي عاش فترة من عمره في الأناضول حيث تعلم إعداد القهوة.
حقق مقهاه نجاحاً خاطفاً، فقد كان يُعدّ 600 كوب قهوة يومياً، وهو ما حمّس المستثمرين البريطانيين لافتتاح مقاهٍ منافسة.
وبعد أن كان الإنجليز شعباً مخموراً على الدوام، دشَّنت القهوة عصر الصحو الإنجليزي؛ ولم يكد القرن السابع عشر ينتهي، حتى أصبحت القهوة العربية جزءاً أساسياً من الثقافة الأوروبية.
حروب البنّ عبر التاريخ!
كافح العثمانيون من أجل حماية تجارة البن من خلال حظر تصدير أو تهريب شجر البن. فكان على التجار تحميص البذور أو سلقها لتصبح عقيماً، لكن ذلك لم يكن ليدوم أمام المحاولات المستميتة لتهريب هذا الكنز الثمين.
ففي العام 1616 تمكن مغامر هولندي من تهريب شجرة بُنّ من ميناء عدن إلى أمستردام، وفي الأثناء استطاع تهريب بعض النباتات إلى سريلانكا.
وفي عام 1688 غرسوا البن في جزيرة جاوة (وهي تحريف للنطق اليمني لكلمة قهوة)، فأصبح المحصول الرئيسي فيها. ولاحقاً عمد الهولنديون إلى نشر المزارع في سومطرة وتيمور وبالي، ومنها شُحن البن إلى السوق الأوروبي.
أدى هذا الاختراق اللصوصي إلى انهيار الاقتصاد اليمني، الذي كان يعتمد بشكلٍ رئيسي على البن، لكن هولندا لم تهنأ باحتكار مبيعات البن. ففي حادثةٍ طريفة، منح عمدة أمستردام شجرة بُنّ هدية إلى ملك فرنسا لويس الرابع عام 1714، وقد أنتجت عدة شتلات في الحدائق الملكية بباريس.
وفي عام 1723 أخذ الضابط الفرنسي جابرييل ماثيو كليو نبتة قهوة إلى مستعمرة المارتينيك الفرنسية موطن زراعة الكاكاو، وبعد مشكلات بيئية أثرت على الكاكاو شرع السكان الأصليون في زراعة البن. ومن هناك انتقلت زراعة البن إلى هايتي، وفي عام 1788 تجاوز الإنتاج الفرنسي للبن نظيره الهولندي، وفي الخلفية كان البرتغاليون ينظرون بحسدٍ لا يمكن إخفاؤه.
أرسلت الحكومة البرتغالية بعثة إلى غانا، الخاضعة حين ذاك لحكم فرنسا، بهدف تهريب شجرة بُنّ إلى لشبونة تحت غطاء “الدبلوماسية”.
وبعد فترةٍ قضتها البعثة هناك، تمكن أحد أفرادها من رشوة زوجة الحاكم. فأعطته باقة ورد أثناء وداعه، وبداخلها بعض أغصان البن، التي غرسها البرتغاليون في البرازيل أكبر بلدٍ ينتج القهوة حالياً.
لقد كان تاريخ تحوّل القهوة من مشروب عربي إلى عالمي حافلاً باللصوصية والاحتيال والطمع، وأخيراً العبودية.
فزراعة البُنّ تتطلّبُ عملاً كثيفاً، وقد عوّلت القوى الاستعمارية (بعد أن دخلت بريطانيا على الخط بسطوها على المستعمرات الهولندية) على العبيد الذين أحضرتهم من إفريقيا في إنتاج البن جنباً إلى جانب السكر والكاكاو.
وليست إنجلترا وحدها، فقد انضمت إليها كلّ من إسبانيا والبرتغال وفرنسا وهولندا التي تخلّت عن البن الآتي من اليمن وقررت إنتاج قهوتها الخاصة، من خلال إنشاء مزارع شاسعة في مستعمراتها الجديدة بأمريكا اللاتينية وجزر الكاريبي وإندونيسيا.
إلى جانب القطن والتبغ، جعلت هذه الدول الاستعمارية من البن أهم السلع التجارية الرائجة والمربحة لتقوية اقتصادها. ولأجل ذلك، فقد كانت بحاجة إلى اليد العاملة القوية والرخيصة في الوقت نفسه.
لذلك لجأت إلى “سوق العبيد” في غرب إفريقيا، ونقلت مئات آلاف الرجال والنساء إلى العالم الجديد في أمريكا الجنوبية وجزر بحر الكاريبي. وبذلك، ساهمت القهوة في رواج واستمرار العبودية في القرون 17 و18 و19.
نحب القهوة فتربح الشركات
إذاً فالقهوة أيضاً “مسطرة فرز طبقي”، وأداة وسم وتمييز للطبقات الاجتماعية، فهل ترضى عزيزي القارئ بأن تظهر كشخصٍ لا يملك دخلاً يؤهله لشرب القهوة بتواتر في ستاربكس لدرجة أن النادل لا يحفظ نوع قهوتك عن ظهر قلبٍ أو أنك قليل الطموح وغير مميز؟ مؤكد لا.
فستاربكس، بحكم شهرتها، علامة على استهلاك البن العالي الجودة بعد 4 عقود من تقديم الشركات الكبرى (فلودجرز، ماكسويل هاوس، هليز برذرز) بُنّاً بمواصفات موحدة منخفضة الجودة على اعتبار أن المستهلك العادي لن يميز الفارق بين حبّات “أرابيكا” وبين بن “روبوستا” الرخيص، مدفوعة بتراجع مبيعات القهوة في ظل الهزيمة أمام الكوكاكولا.
ومن بين ركام الفشل بدأ بعض المحمصين تجربة طحن حبات ذات جودة عالية مع خلطاتٍ خاصة حققت شعبية متنامية، ومع مجيء عام 1987 حيث جرى افتتاح أول فرع لستاربكس في أمريكا، مدشناً العودة المُظفّرة للقهوة على عرش المشروبات وهو ما أجبر الشركات الكبرى على العودة إلى تقديم أنواع عالية الجودة من البن.
خَطَّط خبراء التسويق جيداً لتوريطنا في حب القهوة، عبر الإعلانات والعروض التلفزيونية والأفلام. وقد ساعدهم في ذلك عولمة ثقافة الاستهلاك والإقبال على الأماكن العامة للاسترخاء، إضافةً إلى شيوع الوظائف الذهنية والعمل من المنزل.
حتى أصبحت القهوة في المرتبة الثانية بعد الماء في قائمة أكثر المشروبات استهلاكاً في العالم، بتقديراتٍ تجاوزت 500 مليون كوب يومياً، هو ما دفع شركة كوكاكولا نفسها للاستثمار في قطاع القهوة!
كما بلغت الإيرادات في قطاع القهوة عالمياً نحو 495 مليار دولار أمريكي في العام 2023 (حتى اليوم)، ومن المتوقع أن تنمو السوق سنوياً بنسبة 4.74٪.
ما يعني أنه، وبمجرد أن نحتسي كوباً من القهوة -صباحاً أو عصراً- فإن الشركات الكبرى تجني أرباحاً إضافية لا يقاسمها فيها أحد. هذه هي الحقيقة الوحيدة بعد ضمور المشاعر المتعلقة بالمنتجات، والبلاغة.
عربي بوست